الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تل حسونة

رستم محمد حسن

2019 / 7 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الموقع والاكتشاف :
يضم ثل حسونة الذي يقع على بعد خمسة وثلاثين كيلومتراً جنوبي غرب الموصل بقايا قرية مبكرة قديمة، ويبلغ ارتفاع التل زهاء سبعة أمتار عن السهل المجاور، وقد شهد هذا الموقع تطورات الثورة الزراعية بشكل أوضح مما حدث في قرية جرمو، كما أن هذه القرية تشير الى انتشار القرى في السهول الشمالية بعد بدء الاستيطان الزراعي في سفوح الجبال .
وقد أجرت التحريات الأثرية فيه المؤسسة العامة للآثار في عام 1943 _ 1944 بالتعاون مع بعثة اجنبية بقيادة سيتون لويد. وبالأضافة إلى موقع حسونة الذي سميت تلك الحضارة بأسمه فقد وجدت بعض المستوطنات التي تشكل جزءا من نفس تلك المرحله المبكرة وهي مستوطنات مطره جنوب كركوك ونينوى وعرباشيه وقد تم عرض هذه الاثار في متحف بغداد وفي المتاحف الفرعية كمتحف السليمانية والموصل وبابل.
وقد كشفت التحريات عن استمرارية الاستيطان في القرية حوالي عشرة أجيال ، وجدت فخارياتها في ستة عشرة طبقة، وتمثل خمسة أدوار حضارية، فالطبقة الأولى من الأسفل تمثل أواخر العصر الحجري الحديث، والطبقات الاولى الى الثالثة تمثل دور حسونة الذي يمتاز بنوع خاص من الفخار المنقوش بحزوز وألوان ، والطبقات الرابعة الى السادسة تمثل دور سامراء ، والطبقات السادسة الى العاشرة دور حلف ، والطبقات الحادي عشر و الثاني عشر تمثل عهد العبيد، و الطبقات العليا من الأدوار المتأخرة، كما وجدت بعثة من جامعة شيكاغو في موضع نقبت فيه يدعى " مطارة " أدواراً تضاهي أدوار حسونة ماعدا بقايا العصر الحجري الحديث.
وعرف زمن هذه القرية باختيار كربون 14 الإشعاعي لمادة عضوية من الطبقة الخامسة ، وكان التاريخ 7251 زائداً أو نقص 206 سنة مضت .،ومن المحتمل أن تكون بدايات هذه القرية أقدم، فقد تكون قد سكنت من قبل الإنسان قبل حوالي 6000 سنة قبل الميلاد، حيث كانت موقع جيد للزراعة وتهطل فيها أمطار كافية لأجل الزراعة، وهذا الموقع هو من أولى المناطق الزراعية في شمال بلاد الرافدين، ، ولم يكن لديهم أي شكل من أشكال الكتابة، لذلك لا يعرف لغتهم ، وكان الحد الاقصى لعدد سكان بلداتهم حوالي 500 نسمة، و تبعد الواحدة عن الأخرى حوالي 2-5 كلم .

المراحل الحضارية :
يظهر من خلال الكشف أن مستوطني الطبقة السفلى كانوا يسكنون الخيام لعدم العثور على بقايا بيوت مشيدة ، بل على كميات من فخار العصر الحجري الحديث، وجاء بعد الفلاحين الذين سكنوا في الخيام ، أحفادهم الذين آثارهم في الطبقات التالية، وكان هؤلاء قد تقدموا على ما يبدو مراحل على أسلافهم ، فقد صاروا يشيدون مساكنهم من الطين ، وكانوا يخبزون خبزهم في تنور من الطين، وصنعوا ألاتهم وأدواتهم المنزلية من الحجارة والطين والخشب كالهواوين ورحى الطحن والفؤوس الحجرية وأقراص المنازل ، وعثر في هذه القرية على مناجل الصوان والمحاريث، ووجدت دلائل على زراعة القمح والشعير ، وكان هؤلاء الفلاحون يعتمدون على أمطار الديمية ، وقد استخدموا مناجل لحصد الحبوب صنعوها من حجر الصوان أو الزجاج البركاني تتألف من شظايا صغيرة مثبتة بالقير في حامل خشبي ، كما استعملوا أطباقاً فخارية ذات نتؤات لجرش الحبوب وفصل قشورها وطحنها برحي حجرية، ويظهر من عظام الحيوانات انهم دجنوا الأغنام والماعز، وظهرت في القرية عدة أنواع من الأواني الفخارية ، القديم منها رديء بسيط الشكل ، ثم ارتقت فزخرفت بنقوش هندسية باللون الأسود ومحزوزة أو محزوزة وملونه بنفس الوقت ، وهناك نوع متطور آخر وحيد اللون وفيه نماذج ملونة ومحزوزة في وقت واحد وزخارفه هندسية ، وبعضها تتواجد فيها الطيور والأسماك والعقارب والأيائل والبقر ، وجميع هذه الأنواع مصنوع باليد، كما عرفوا الحياكة والنسيج ايضا.

النشاط الزراعي :
تدل الأدوات المكتشفة في حسونة أن سكانها كانوا يتبعون ثقافة الفأس والمجرفة في الزراعة، ونظرا لأن تلك العملية تنهك التربة بسرعة مما يجبر السكان على تغيير امكنتهم واقامتهم من وقت لآخر، لهذا فمن المحتمل أن تكون مجتمعات حسونة القديمة مجتمعات بداوة إلى حد ما، وبعد هذا الطور الأول من الاحتلال المؤقت في مواقع حسونة تبع ذلك وقت طويل من الاحتلال المستمر مما يوحي بأن بعض الأساليب الزراعية الفعالة قد بدأت وخصوصا فترة إراحة الأرض وتركها من غير زرع رغبة في إراحتها مما يمنع التخريب السريع لخصوبه الأرض، وبالنسبة لحصاد الذرة فقد وجدت هناك مناجل تتألف من رقائق من الصوان متوضعة في قواعد خشبية وملتصقة بواسطة البيتومين، ولم تظهر في هذه الفترة أي استعمالات للمعادن بعد.

اساليب البناء والأنشطة الحرفية :
تبع التطور في مجال الزراعة تطورات في اساليب بناء البيوت الشرقية النموذجية، فأصبح البيت يتألف من عدد من الغرف المتجمعة حول باحة مركزية، ولا تزال هناك بيوت من هذا النوع موجودة في العراق حتى الآن، وفي هذه الفترة صنعت الأحجار المجنوفة التي كانت الأبواب تدور على محورها. وكذلك فقد وجدت بعض الأفران الصلصاليه (التنور) لصنع الخبز، ولقد ظهرت اصول الفخار المزين في فترة حسونة، فقد ظهرت بعض الأدوات الفخارية التي تحمل اشارات هندسية وصور حيوانات وهذه تدعى فخار سمارة، وقد اخذ هذا الاسم من الموقع الشهير في منتصف نهر دجلة والذي اكتشف عام 1911. هذا وقد وجدت اوان فخارية مشابه لأواني حسونة في سوريا ومرسين على سواحل كليكية مما يدل على ان مستوطنات حسونة ومنذ بدايتها كانت جزءا من تلك المجموعة الثقافية الواسعه الانتشار

المعتقدات الدينية :
تظهر هذه المعتقدات بوجود بعض التماثيل الصلصالية الصغيرة فضلا عن الجرار التي كان يدفن بها الاطفال والتي تدل على عبادة الالهة الام. كما وجدت أواني مرافقة للمدفونين والتي من الممكن أنها كانت تحتوي على بعض الأطعمة والمياه، ربما تشير إلى وجود اعتقاد بالحياة بعد الموت.

الصلات الخارجية :
يستدل من مواد لا وجود لها في المنطقة على صلات خارجية بالغير ، فقطع الزجاج البركاني استوردت من تركيا وأرمينيا لعمل الآلات وخصوصاً المناجل ورؤوس السهام ، واستوردت الأصناف البحرية من منطقة الخليج العربي ، لصنع الحلي ، كما جيء بالقير من منطقة حمام العليل لطلاء أطباق الجرش ومخازن الحبوب، ومما يشير إلى صلاتهم الخارجية المجاورة انتشار أوانيهم الفخارية في كثير من المواقع القروية وفي مواقع أقطار الشرق الأدنى المجاورة، وما عدا ذلك فقد بقيت عبارة عن وحدة اقتصادية منغلقة تعيل نفسها بنفسها.
وفوق ذلك فلا تعتبر ثقافة حسونة من عهد العصر الحجري الحديث فحسب، بل من العهد الحجري الحديث المبكر نظرا لوجود الكتل الصلصالية المستعملة في المقلاع مما يدل على ان الصيد كان لا يزال يلعب دورا رئيسيا في تأمين حاجات الغذاء

المصادر :
موسوعة حضارة العراق الجزء الاول ل تقي الدباغ
مقدمة في تاريخ الحضارات العراقية الجزء الأول ل طه باقر
ويكيبيديا العربية نقلا عن مقالة في موقع britannica.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا