الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيُّوا -النضال المستمر-.. والصيد في الماء العكر!

مصطفى بنصالح

2019 / 7 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حيّوا "النضال المستمر".. والصيد في الماء العكر!

كثيرا ما ينجرف المرء خلال نقده لبعض الممارسات المتهورة والخاطئة في مجال النضال الجماهيري، لأسهل الطرق وأبسطها.. خلالها يلتجأ الانتهازيون لاستغلال الفرصة لتصفية حساباتهم وخلافاتهم الفكرية والسياسية مع خصومهم، للنيل منهم عبر أبشع الأشكال وأحطّها، إذ لا غرابة أن تتكالب على الحركة الطلابية المغربية خلال هذه المرحلة، مختلف الحراب الصدئة التي لا تتوانى عن الطعن من الخلف والتحالف مع أعتى الأعداء وجميع المعادين للوجود التقدمي اليساري وسط الجامعة.
هي الأساليب العاجزة التي لن تنجح في النيل من جسم الحركة الطلابية المترنح، ولا في هزم الفكر التقدمي المناضل رغم تكالب الطروف ورغم الخلافات والتوترات التي تعيشها الساحة الطلابية.. فبوادر الصمود والاستماتة في الدفاع عن هذا الإرث النضالي التاريخي ما زالت قائمة.. حيث تتطلب الأوضاع التي تعيشها الجامعة وفي القلب منها الحركة الطلابية التقدمية، الجهد الكبير والصادق، لمعالجة إشكالاتها العويصة والمعقدة.. فليس من شيم المناضلين الديمقراطيين الحريصين، نظريا، على وحدة الحركة الطلابية، الميل للتشفي في جراح الجسم الطلابي والانتشاء بحاله العليل، عبر إعلان موت أوطم واستحالة بعثه وإحياءه من جديد..
فمثل هذه الصيحات تشبه بشكل كبير تعليقات الصحافة الصفراء المنفلتة من عقالها، والتي لا تترك مناسبة أو حدثا يمر، إلاّ ونالت باللوم لحدّ السعر على بقايا الماركسيين داخل الجامعة واستمرارهم في تنظيم وتأطير نضالات الحركة الطلابية، رغم الأخطاء والانزلاقات.. إذ لا زالت الجدوى قائمة من وجود هذه التيارات المناضلة والمقاومة فعلا.
فأوضاع الحركة الطلابية التقدمية لا تبشر بالخير، ويمكن أن تتدهور أكثر بسبب من ميل أغلب تياراتها للهيمنة والإقصاء في حق المخالفين والمنافسين.. وبالرغم من هذا الوضع التنظيمي المريض، فلا يمكننا كتقدميين إلاّ زرع الأمل داخل الأوساط الطلابية وتعزيز وحدتها النضالية، عبر الإشادة بتجارب التنسيقيات الميدانية، والتي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تصبح بديلا لاتحاد الطلبة إوطم، لأن الاتحاد مبادئ ومواقف وتصور وبرنامج نضالي..الخ وليس معركة نضالية محددة في الزمان والمكان، تروم لتحقيق مطالب مادية محضة ومؤقتة.. فالاتحاد أو المدرسة الأوطمية أكبر من هذا بكثير، ومن ادعى غير هذا متماديا في هوايته المفضلة ألا وهي الصيد داخل المياه العكرة، فتلك مشكلته..
فالمطلوب من الحركة الطلابية الآن ومن فصائلها التقدمية الضاربة، أن تعزز وحدتها النضالية، وأن تؤسس لجسور التواصل والنقاش الديمقراطي الحر، الذي يسمح لجميع الفاعلين والنشطاء بالمساهمة والمشاركة وتقديم الاقتراحات والحلول.. وخدمة لبرنامج نضالي موحد يكون أساسه مجموع المطالب المادية والمعنوية الخاصة بالطلبة، إضافة للمطالب الديمقراطية المرتبطة بالحريات وبحرمة الجامعة وإطلاق سراح كافة المعتقلين الطلبة.. تسهيلا لاسترجاع الحركة الطلابية لمكانتها الطبيعية جنبا إلى جنب الحركة الديمقراطية والتقدمية في نضالها التحرري الشامل وفي سعيها لإقامة تعليم ديمقراطي شعبي.. إذ لا سبيل أمام هذه القوى الطلابية المتصارعة، بل والمتناحرة أحيانا، سوى تكثيف الجهود لصياغة هذا البرنامج ضمن منظور وحدوي توافقي، لا يعدم النقاش والصراع الديمقراطي الرفاقي حول مختلف القضايا الفكرية والسياسية والثقافية والتعليمية، الراهنة.. يحافظ على مبادئ إوطم ويعمقها باقتراح الأشكال التنظيمية الملائمة والقادرة على سد الفراغ التنظيمي والقضاء النهائي على جميع مظاهر التسيب والعنف والإقصاء.. مما سيعيد النشاط الطلابي للساحة الجامعية، ويوسع من قاعدة المنظمة إوطم، ويسمح بالتالي للقيادات الطلابية تسطير الملفات المطلبية الملائمة، وخوض المعارك النضالية من أجل تحقيقها، ونهج السبل الواقعية لتحقيقها على الأرض، في إطار تقدير موضوعي للظرفية السياسية ولموازين القوى ولقدرات الجماهير الطلابية واستعداداتها الحقيقية والملموسة.
فما حصل مؤخرا في بعض المواقع الجامعية من اصطدامات دموية بين بعض الفرق والفصائل التقدمية المناضلة، ليس بالجديد على الساحة الطلابية وإن كانت جميع المكونات والفعاليات الديمقراطية ترفضه وتنبذه كأسلوب للنقاش ولحسم الخلافات.. فمثل هذه السلوكات والانزلاقات لا تخص فقط يسار الحركة الطلابية، بل إن هذه الممارسات الخاطئة، والتي لا يجب تشجيعها بأي شكل من الأشكال، تجدها منتشرة ومكرّسة داخل أغلب المنظمات الجماهيرية والهيئات السياسية والنقابية والجمعوية، التقدمية منها والرجعية، سواء بسواء.. بل إن الأمر يمتد حتى لوسط الجمعيات ذات الاختصاص "الحقوق – إنساني" التي لا تسلم اجتماعاتها وتجمعاتها الانتخابية من العنف والقذف والتشهير والإقصاء..الخ
لقد سقطت "بقرة" إوطم منذ سنين ولا داعي لحشد السكاكين من أجل نحرها، لأنها ببساطة "بقرة" قادرة على الصمود والمقاومة والنهوض من جديد، رغم حقد الحاقدين الفاشلين على جميع الجبهات.. فهي "بقرة" وُلدت وعاشت مقاومة وشجاعة لا ترهبها المعتقلات ولا السواطير أو الزبارات.. ولا حتى الشكايات الكيدية والبلاغات المقدمة مجانا لأجهزة القمع الاستخباراتية..الخ إذ لا يشرف المناضلين الشرفاء اتخاذ هكذا مسالك.
فالواجب على كافة المناضلين الديمقراطيين الغيورين على أوضاع ومستقبل الحركة الطلابية، هو دعم المسار الوحدوي الطلابي والإسراع لوضع الحد لهذه السلوكيات ولتداعياتها الهدّامة، عوض الزعيق وإطلاق أحكام مسبقة متسرعة وطائشة، لا خلفية حقيقية لها سوى صب الزيت على النار في انتظار المزيد من الكوارث.
فنحن ملزمون دوما كمناضلين ديمقراطيين وتقدميين، بالدفاع عن الخيار الطلابي الوحدوي، وعن إعادة الروح لاتحاد الطلبة إوطم، باعتباره السبيل الوحيد لاسترجاع مكاسب وحقوق الطلبة، وباعتباره كذلك الأداة الناجعة والمثلى لاسترجاع الحركة الطلابية لمكانتها الطبيعية داخل الساحة التقدمية المغربية.. عكس ما خلص له التافهون المتسرعون المحتفلون "بجثة" إوطم الجريحة.
فليس من السهل إطلاق العنان لأحكام قيمة مشبوهة، تضع كل مناضلي الحركة الطلابية التقدميين في سلة واحدة، بل أصبحوا في تقدير هؤلاء الأتقياء مجرد "مسخرين لا مخيرين، لا مبادئ لهم ولا حس نضالي لديهم..".. فكم كانت الفرصة ملائمة بالنسبة لهؤلاء القديسين المزيفين، حتى يتسنى لهم الانتقاص عليها عبر لعب دور الحكماء العاقلين والمتعقلين، الذين استنتجوا فجأة أن "جثة إوطم" لم تعد صالحة للإغراء، ولاستقطاب الطلبة وتنظيم نضالاتهم كما في السابق، بدعوى أن هناك من تربصوا بإوطم المنظمة وقتلوها مفضوحين ومسخرين.! في تلميح ساذج ومشبوه لتنسيقيات طلبة كليات الطب والصيدلة، كبديل عملي للمنظمة إوطم.
فنحن نعتبر هذا الرأي يندرج في إطار البحث عن الحلول الذاتية المرتبطة بوجود بعض التيارات السياسية التي انمحى وجودها من فعاليات الحركة الطلابية التقدمية، والتي ما زالت تعاند بحثا لها عن موطئ قدم لها ولحلفائها الظلاميين داخل الساحة الطلابية، ووسط الصف التقدمي بدرجة أولى.. فلم يكن من سبيل لها سوى هذا المنحى الانتهازي التبريري، والبعيد كل البعد عن إشكالات الحركة الطلابية وعن همومها التي لا تقتصر بتاتا على التنظيم وفقط، وإن كان له دوره البارز والهام في تطوير الثقافة الديمقراطية وتدبير العمل الطلابي الجماعي، إلا أنه غير كافي إذا لم تصاحبه خطة عمل بعيدة النظر تؤسس لخارطة طريق قويمة، تنطلق من عملية مصالحة وحدوية بين جميع الفصائل التقدمية، تضع أولا حدّا للعنف، لتنتهي بالضرورة بفرز أشكال تنظيمية انتقالية على شكل مجالس للمناضلين ثم مجالس للطلبة، يكون الهدف منها الحوار والنقاش والصراع الديمقراطي من أجل التدبير الأحسن لعموم الأنشطة الطلابية والمعارك الجماهيرية.. ليتوج العمل بصياغة برنامج حد أدنى نضالي متوافق عليه يشمل جميع الجوانب المتعثرة، أي التنظيمية والمطلبية والديمقراطية والجماهيرية الطلابية..الخ عكس هذا يكون الاستخفاف بما ينتظر الجامعة والتعليم الجامعي من مخططات جهنمية لإقبارها..
إنه الاستخفاف الصادم حين يتكلف أشباه المناضلين بمثل هذه المهام الوسخة، التي تحاول جاهدة محو المنظمة إوطم من الوجود.. وهي مهمة استعصت لعشرات السنين على النظام الاستبدادي القائم وأجهزته المخابراتية، بالرغم من توظيفه للعديد من التيارات الظلامية والإرهابية وجزء لا يستهان به من الأصوات الأمازيغية غير الديمقراطية وغير الوحدوية، وكذا بعض الأصوات الصحراوية المطالبة بالاستقلال.. بهدف واحد مبيّت له في الليل، وهو إضعاف الاتحاد وكسر شوكته وإبعاد الطلبة عن فضاءاته وأنشطته لكنسه نهائيا من الساحة، تحت مبررات شتى، أولها العنف والصراعات الدموية وغياب الديمقراطية..الخ
فالوضع داخل الجامعة سيء للغاية، ويتطلب مجهودا خرافيا لمعالجته وتصحيحه.. هذا المجهود الذي يجب أن يتمتع أصحابه بالصدق والمبدئية والديمقراطية، البعيدة عن العجرفة والتجريح والمزايدات النظرية الفارغة من أي مضمون والخارجة عن السياق.. إذ لا مجال للهروب من الموضوع لفتح الحرب على البرجوازية الصغرى وتعبيراتها الفوضوية، وعن إستراتيجية التغيير وتنظيم الحركات الجماهيرية.. فمن لا قدرة له على المساهمة في تنظيم الطلبة ونشر الديمقراطية في صفوفهم على أسس سليمة تدعو للحوار والنقاش الديمقراطي، لن يفلح بتاتا في تنظيم العمال والكادحين والرفع من وعيهم الفكري والسياسي والتنظيمي، رغم جميع الادعاءات والتلميحات.. إذ من السهل على الجميع انتحال صفة الزعيم والقائد البروليتاري الفذ الذي لا يشق له غبار.. لكن العبرة تكون دائما بالخواتم والنتائج، وليس بالكاريكاتور.

مصطفى بنصالح
بداية يوليوز 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان