الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف (1)

أسماء غريب

2019 / 7 / 23
مقابلات و حوارات


كلمة صبري يوسف
*

لو كانَ منهج البشر في العالم العربي من طينة الأديبة والمترجمة والنّاقدة المبدعة، التَّنويريّة الصّوفيّة المغربيّة د. أسماء غريب، لكُنّا بألف ألف خير، ولما نشبت حربٌ أو صراع ولا تمَّ إطلاق رصاصة واحدة في الشَّرق أو الغرب أو في أيّةِ رقعة جغرافيّة في العالم، فهي مبدعة صوفيّة ولها قلب عفيف رهباني وئامي ومتنوِّر بالمحبّة والعطاء الخلّاق، وروحها صافية صفاء المطر ومبلَّلة بخيرات نعيم السّماء. كم نحن البشر نحتاج هكذا إنسانة بهذا الصَّفاء الرُّوحي والإنساني والعطاء الصُّوفي الرّاقي، كم يحتاج العالم العربي والغربي إلى التَّشبُّع بهذه الثَّقافة الرّوحيّة الرّاقية باستلهام وترسيخ رحيق جوهر الأديان، فقد تمعّنَت المبدعة الخلّاقة أسماء غريب بالأديان السّماويّة، واصطفَتْ من هذه الأديان أرقى ما فيها من تجلّيات السَّلام والوئام والمحبّة بين البشر، وتستشهد بكتاباتها وتطلُّعات آفاقها بما قاله الرُّسل والأنبياء والقدِّيسون من سائر الأديان حتّى يخّيل لمتابعيها أنّها متشرّبة من كلِّ الأديان وكأنّها (يهوديّة مسيحيّة مسلمة) مستنيرة بروحانيّة منقطعة النّظير، إنسانة صافية صفاء نور الصَّباح المنبعث من الشّمس والَّذي يضيء العالم، قرأتِ الأديان السّماويّة والأديان الأرضيّة والآداب العربيّة والعالميّة والفلسفة الشَّرقيّة والغربيّة، ووصلت إلى مرحلة الصّفاء الرّوحي والفكري الخلّاق فيما يخصُّ علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقته بربِّ الأرضِ والسّماء، تدهشني شفافيّة روحها ونقاء قلبها وصفاء فكرها وروعة انفتاحها على كلِّ ما هوَ خيِّر وسلام ومحبّة في الحياة، وتبدو لي كأنّها رسولة المحبّة والكلمة الطّيّبة والسَّلام والوئام بين البشر كلّ البشر، ورأيت فيها مؤمنة كونيّة بكلِّ ما هو إبداعي جميل وروحي وسماوي بطريقة هادئة شفيفة رحيمة حنونة مضيئة مثل شمعة للبشر كلّ البشر، فلا يشعر من يتابع كتاباتها وقراءة أفكارها ومقالاتها وأشعارها وقصصها ونصوصها، إلّا وأنّه أمام طاقة روحيّة فكريّة إبداعيّة صافية ومشبّعة لفعل الخير والفضيلة والمحبّة والتَّواصل مع الخالق ربّ السّماوات بكلِّ صفاء، وجلّ اهتمامها منصبّ على ترسيخ قيم السَّلام بين البشر.
إنّي أتوسَّمُ بالمبدعة الرَّاقية أسماء غريب كأنموذجٍ راقٍ عن تآخي الأديان، إنسانة منفتحة بروحانيّة عالية على رحابة آفاق الأديان وتستشرف منها رحيقها الأسمى وجوهرها الأنقى وتسير بموجب ما يقنعها من رؤية روحيّة وئاميّة خلّاقة، كأنّها تنتمي إلى دين الإنسان ودين الأديان السَّماويّة المتناغمة مع آفاق ربِّ السّماء، فكم نحتاج إلى تكريس وترويج ثقافة السَّلام بهذه الشّفافيّة والرُّوحانيّة الرّاقية، بعيداً عن تعصّبات دينيّة ورؤية أحاديّة، لأنَّها مبدعة مجبولة بروح العفاف والسَّلام والمحبّة إلى درجة تبدو وكأنّها تبشِّر بدين الأديان والمحبّة والصَّفاء الرّوحي من خلالِ تبنّيها أسمى ما جاء في الأديان، وهي الطّريقة الأرقى في تعامل البشر مع بعضهم بعضاً بتناغم الآفاق الدِّينيّة، بعيداً عن أيِّ صراعٍ أو خلافٍ، متوقِّفةً عند كلِّ ما هو روحيّ وإنساني ووئامي لتعميق ثقافة السَّلام والمحبّة بين البشر كلّ البشر على مدى كلِّ الأزمان!
***
تكتب الأديبة المبدعة د. أسماء غريب، حرفها بماء الذّهب الصّافي، بالنَّدى، بالماء الزُّلال، بهفهفات هبوب النّسيم، بإشراقة الشَّمس، بانبعاثات أحلام الطُّفولة، بصفاء زرقة السّماء، ببسمة النّجوم وهي تضيء حنين الرّوح إلى البيت العتيق، تكتب وكأنّها في حالة حلمٍ مفتوحٍ على فراديس النَّعيم، رحلات حرفها تموج بغبطة الرُّوح وهي في أرقى تجلِّياتها، تموسق حرفها على إيقاع المحبّة والسَّلام والفرح المنبعث من نور الأزل، تنسج حبورها بحرفٍ مكتنز بماء الحياة، لأنّها تجسّد عبر غوصها في دنيا الحرف الحياة بعينها، بكلِّ جوهرها وصفائها، أشعر وكأنّني عثرتُ على جوهرة نادرة في هذا الزّمان، جوهرة متلألئة بأزاهير الوئام بين البشر، ترفرفُ مثل يمامة بيضاء فوق وجنة الحياة، مفروشة الجناحين وهي تعبر البحار بحثاً عن ضياء الرُّوح المبرعمة في كينونتها منذ الأزل، أسماء غريب رسالة فرحٍ وحبٍّ وعشقٍ للحياة، للحرف، للسماء، للكون، لأجيالٍ قادمة على مدى الأزمان، روحها ترفرفُ فوق قبّة الحياة مثل شجرة وارفة الأغصان، تظلِّلُ أحزان الدُّنيا، تناجي حزانى هذا العالم كي ترسمَ بسمة الحياة فوق وجوههم التَّائهة في تلافيف الغمام، يرتشفُ حرفها حبره من نسغ المحبّة المتهاطلة من لدنِ السَّماء، تكتبُ حلماً ساطعاً فوقَ خدودِ اللّيل، أسماء غريب قصيدة مفتوحة على أجنحة الكون، مجنّحة نحو أقاصي حنين السّماء، رسالة مبرعمة من هدوء اللّيل ومن شهقة الصَّباح ومن زخّات المطر، مطرٌ منساب فوق طين الحياة، تكتب حرفها وهي في أوج شموخها مع ضياء السَّماء، كأنّها في حالة حبورٍ مفتوح على جنان الخلد، تشبه أشجار الجنّة، يتناثرُ حرفها مثلَ ينبوعٍ صافٍ فوق خدود الأطفال، طفلةٌ من لون السَّوسن والياسمين الدِّمشقي، أسماء غريب غابة فرحٍ مسكونة بأزاهير مهجة الرُّوح وهي تتصاعد نحو بركات الأعالي، هي بركة السّماء عبر حبر القصيدة، لونُ المحبّة الصَّافي صفاء الحلم المنساب من مآقي السّماء، تنسجُ حرفها من طين السَّلام وهي في أوجِ صفائها الرّوحي، يرقص قلبها ألقاً وضياءً كلّما تبرعمَ حرفها فوقَ خميلة اللَّيل في صباحٍ باكر، تناجي الكائنات بلغةِ أريجِ الزُّهور، وخيوط الشّمس وهدهدات المطر عبر اخضرار القلب، وتجسِّدُ حرفاً من لون الحلم الغافي فوق أهازيج الرّوح الملأى ببخور المحبّة المنبعثة من جفونِ الأعالي، أسماء غريب مبدعة نادرة من لونِ المحار المزهرة في أعماق البحار، هديّة من نورِ الشَّمس إلى زمنٍ يزدادُ انشراخاً، كأنّها جاءت كي تخفِّفَ من حدَّةِ الانشراخ، وترسمَ في أوج تجلِّياتها طريقَ القصيدة المنساب نحو أبهى مرامي الوئام بين البشر!
***
رحلة موفّقة حافلة بالتّجلِّيات الإبداعيّة في تدفُّقات رؤاك الصَّافية صفاء المطر المتهاطل من مآقي زرقة السّماء، أتمناها لكِ في غوصكِ العميق في التَّعبير عن آفاقكِ الشَّاهقة المجنّحة نحو أبهى يراعِ الصّفاء والسُّموِّ والرّقي ودقّة التّحليل والولوج إلى أعماق ما يجول في خاطرك من أفكار ورؤى وتحاليل تصبُّ في آفاق السَّلام والمحبّة والفرح والوئام بين البشر كلّ البشر، لعلّنا عبر هذا الحوار نحقِّق الأهداف المنشودة في أدب الحوار ونقدِّم معاً الفائدة المرجوّة للقارئ والقارئة، ونعمِّم فكرة أدب الحوار، لأنّنا الآن أحوج ما نكون للحوار مع ذواتنا ومع بعضنا ومع الكون، لأنّني أرى أنَّ البشريّة غائبة كليّاً عن أدب الحوار مع الذَّات ومع الآخر، فهي أي البشريّة والبشر في معظم الأحوال منغلقين على ذواتهم ولا يعبِّرون عمّا في دواخلهم، بحثاً عمّا يفيد الإنسان والإنسانيّة وعمَّا يفيدهم أفراداً وجماعات، ممّا أدى هذا التَّجاهل إلى كل هذا التَّداخل والتَّناحر بين الشّعوب والمذاهب والأقوام والقارّات، فولدت الصِّراعات وتنامت الحروب بين البشر، لعدم تفهُّم البشر لذواتهم أولاً ولذوات الآخرين ثانياً، ونحن كبشر برأيي ذاتٌ واحدة منشطرة ومبرعمة إلى ملايين ملايين الذَّوات، لهذا عندما نتواصل مع الآخر كأنّنا نتواصل مع ذواتنا المنشطرة والمبرعمة عنَّا أو عن البشر أنفسهم عبر ملايين السّنين، ونَحُنُّ لهذه الذّات مثل حنين الطّفل إلى صدر أمه وطفولته وحياته في كنف محبِّيه.
هذا الحوار حول السَّلام العالمي، حوار مع الذَّات ذاتي، لأنّني أشعر وأرى وأقرأ إجاباتكِ، كأنّكِ تحلِّلين ما في أعماقي في الكثير من الأحيان، وأعماق ملايين البشر ممَّن لا يستطيعوا بطريقة أو بأخرى أن يعبِّروا عن أنفسهم، لهذا أشعر بغطبة وفرحٍ وسعادة عميقة، كلّما أقرأ لكِ ردّاً على كلِّ سؤال أسألك إيّاه، حتّى أنّني أشعر في قرارة نفسي أنّ هناك عشرات بل مئات الأسئلة ممكن أن أسألها إيّاك من خلال إجاباتك، وما ينسحب علي ممكن أن ينسحب على الكثير من المتابعين والمتابعات، فيراودهم عشرات الأسئلة أيضاً، وهكذا نكون عبر حوارنا قد خلقنا تفاعلنا مع أنفسنا ومع الآخر ومع الكون المحيط بنا، لأنّنا الآن وغداً وفي كلِّ حين، أحوج ما نكون لهكذا حوار، لأنّه يفتح آفاقنا على ما كان غائباً عنّا على مدى قرون من الزَّمان! فلماذا لا نغوص في أعماقنا الرّهيفة ونقدِّم تساؤلاتنا وإجاباتنا على طبق من فرح ومحبّة وسلام للبشر كلّ البشر وبطريقة وئاميّة، لعلّنا نحقِّق الأهداف المنشودة لإنسانيّة الإنسان، ونترك بصمةً على وجه الدُّنيا تليق بنا كبشر بطريقة إبداعيّة وخلّاقة قبل أن نحلِّقَ عبر أرواحنا في زرقة السّماء؟!
*
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
رئيس تحرير مجلّة السَّلام الدَّوليّة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا