الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب السيطرة على الإعلام

ندى أسامة ملكاني

2019 / 7 / 26
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


2003
مكتبة الشروق الدولية

هذا الكتاب، لمؤلفه نعوم تشومسكي، عالم اللغويات والمنطق، والمختص في مجال الحرب والسياسة والإعلام، يشرح للناس دور الإعلام الأمريكي في التأثير على الجمهور. مع العلم أن كلمة تأثير في علم الاجتماع السياسي وعلم النفس الجماهيري وبالتالي في الدبلوماسية والسياسة الخارجية لا تشير فقط إلى الفعل الإيجابي لجهة مؤثرة على طرف ما، بل قد يعني تأثير هذا الفعل سواء كان سلبا أم إيجابا.
من مقتطفات هذا الكتاب قول المؤلف: " صورة العالم التي تقدم الجمهور أبعد ما تكون عن الحقيقة وحقيقة الأمر عادة ما يتم إخفاؤها تحت طبقة ثم أخرى من الأكاذيب"
ليبين الباحث في معرض حديثه أن دور الإعلام الأمريكي في اختلاق الحقائق وتزييف التاريخ والتحيز السياسي الواضح ليس وليد سياسة المحافظين الجدد وإن كانوا قد أبدعوا في هذا المجال إنما يعود إلى عقود سابقة ...
إن السيطرة على الإعلام بدأت خلال الحرب العالمية الأولى..فعقب بيان ودرو ويلسون وقف الشعب الأمريكي على الحياد إلى أن أنشئت لجنة كريل والتي ضمت العديد من الشخصيات المؤثرة ...فقامت خلال ستة أشهر فقط بتحويل الرأي العام الأمريكي من مناهض الحرب إلى نوع من الهستيريا بهدف تدمير العدو النازي.
وقد تم ذلك باستخدام إحدى أهم أساليب السيطرة وهيوحشنة العدو أي تخويف الجماهير بشكل مستمر من عدو خارجي بغية إلهائه عن قضايا داخلية او خارجية أخرى قد تكون لها الأهمية ذاتها.
صحيح أن تغليف الحقائق بالأكاذيب ووحشنة العدو حقق نجاحا باهرا إلا إن جماعات الضغط والحركات المناهضة لهذه المنظومة الإعلامية بدأت بالظهور على الساحة الأمريكية بعد حرب فيتنام بغية تحرير المعلومات من هيمنة وسيطرة هذه السبل في تدفقها .
تكمن أهمية الكتاب في أنه ينبه الرأي العام العالمي عموما والأمريكي خصوصا إلى مقدار السم الموجود في المادة الإعلامية الأمريكية والتي هي أبعد ماتكون عن الموضوعية والحياد وإنما معدة وبعناية لخدمة أهداف السياسة الأمريكية سواء من خلال اختيار الخبر والمعلومة والمشهد أو من خلال إخراجه والتعليق عليه وربما من خلال اختلافه أساسا.
فالنظام الديمقراطي الأمريكي، بحكم خلفيته التاريخية، منقسم إلى طبقات من حيث التأثير، فهناك طبقة النخبة المتحكمة في الفكر، وطبقة أخرى هي طبقة السياسيين وأصحاب النفوذ، ثم طبقة العامة الذين وحسب رأي المؤلف لا يراد لهم أن يكون لهم صوت فاعل في الحياة السياسية.
إن وسائل الإعلام تقوم بتضليل هذه الطبقة الأخيرة أي الجماهير أو ماسماه الكاتب " القطيع الضال" ..هؤلاء لا يراد لهم أن يكونوا سوى مشاهدين. وبهذا الاتجاه، يقدم تشومسكي تعريفا للديمقراطية قد يكون
صادما البعض لأنه يختلف عن المفهوم الشائع. بينما يتلخص التعريف الشائع عن الديمقراطية بامتلاك المواطن زمام المبادرة سواء في المشاركة بصندوق الاقتراع أو الحياة المدنية والمؤسسات التطوعية أو في شفافية المعلومة وحرية الوصول لوسائل الإعلام، يقدم الباحث تعريفا للديمقراطية انطلاقا من واقع الإعلام الأمريكي فيقول إن الديمقراطية الأمريكية تقيد العامة اي القطيع الضال وتمنعهم من الوصول لوسائل الإعلام.
يقدم نعوم تشومسكي تحليلا لمفهوم القوة وعلاقته بالإعلام الأمريكي.
فمفهوم القوة من أكثر المفاهيم الخلافية معياريا وعلميا في العلوم السياسية من حيث تعريفها وأساليب تطبيقها. القوة الأمريكية كما يشرح تشومسكي هي القوة المبررة المستخدمة لفرض نمط الديمقراطية الأمريكية .وماتراه الولايات المتحدة الأمريكية قوة مبررة حسنة يتحول إلى قوة غاشمة في صناعة الإرهاب وانعدام شفافية المعلومات
ويعود ذلك إلى غياب مفهوم دولي واضح للإرهاب.
مع كل ذلك ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص وسائل الإعلام تختلف عن تعامل الدولة الشمولية مع وسائل الإعلام الخاصة بها.
فصحيح تتم وحشنة العدو وإخفاء الحقيقة تحت طبقة من الأكاذيب إلا أن ذلك يتم في إطار من الحرية بينما في الدول الشمولية تغيب الحرية بمختلف مستوياتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير