الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في احدى مشافي بغداد

عبدالله عطية

2019 / 8 / 23
الصحافة والاعلام


كان ولا يزال وسوف يبقى موضوع ملف الصحة في العراق الأسوء على الإطلاق ويزداد سوءاً يوماً بعد الاخر، عافاكم وشافاكم الله ويبعدكم عنها، لكن انا شخصياً لديه علاقة طويلة عريضة مع المشافي، فمنذ اربع الى خمس سنوات وانا اراجع مشافي بغداد بمختلف تخصصاتها وأماكنها، وعرفت ما فيها من خبايا وفساد، وكمقال لابد ان أكتبه لا أعرف من أين ابدأ، والى اين أصل وأتوقف، فالفساد موجود الى درجة أصبح واقع حال والمواطن حتى الشريف يُجبر على السير مع الموجة، لأنه لا احد يسمع، ومن يسمع لا يستجيب، والحال هو الحال يعود الى الخلف وبسرعة مخيفة جداً، ولا نعرف ماذا بعد في القادم، فالاوساخ منشرة في كل مكان، مقاعد الإنتظار قليلة مقابل عدد المراجعين الهائل، واجهزة التبريد شبه موجودة، بالإضافة الى الصيدلية الفقيرة للمشفى التخصصي، وعدم توفر ادواة إجراء العملية القابلة للتغيير، وإنتشار عناصر الإستعلامات حتى في ردهات المرضى، والصراخ على المرافقين بالخروج بدون ذوق او احترام لهم وللمرضى، اضف الى ان الردهات في الجناح العام هي مختلطة، اي إنها تحوي الرجال والنساء في مكان واحد ومن دون فواصل حتى، لذا انا ارُحب بكم في مشفى أبن البيطار لأمراض القلب والقسطرة.
البداية من الباب الخارجي الكبير المغلق، يستخدم فقط للسيارات، اما باب دخول المرضى والمراجعين فهو باب صغير الحجم لشخص واحد، يبدأ من بداية شارع المشفى بكرفان وبسقيقة تمتد من بدايته الى نهايته وصولا الى باب الدخول، حيث الازدحام هناك يقتل الشخص الناصح لا المريض، من التدافع والتداخل والصراخ من أجل السماح للمريض بالدخول، ولا اتكلم عن كون هذا الباب للرجال والنساء على حد سواء، او طريقة تعامل موظفي الاستعلامات مع المواطنين، ما أن تنجح في الدخول سوف تلاحظ عدة طوابير لا تنتهي من المراجعين الا بأنتهاء الدوام الرسمي، هذا في مدخل المشفى الداخلي، والطابور يعيق دخول وخروج المراجعين، علماً ان هذا الطابور من أجل قطع التذاكر (الباصات)، ويعمل به موظفين اثنين بدل الاربع، وما ان تسأل عن السبب فالاجابة تكون هو نقص الكادر الإداري، ما ان تصل الى داخل المشفى حيث قاعة شبه دائرية مكتضه بالمراجعين الذين لا حصر لهم، بعضهم جالس على مقاعد شبه مكسورة والبعض الاخر يجلس في الارض وجزء منهم يقف، بأنتظار العلاج او الدخول الى الطبيب، او الحصول على موعد لعملية القسطرة.
طبعاً صيدلية المشفى خاوية حسب ما لاحظت، فقد حدثتني إمرأة في الخمسينيات من عمرها عن قضية مهمه في موضوع العلاج، فالعلاج يعطى مجاناً بشكل دوري كل شهر على وفق دفتر يحمل المواعيد، وكل مرة يُسلم العلاج على المراجع اخذ تذكرة، مبلغ التذكرة خمسة الاف دينار، وبما ان الصيدلية خاوية ولا يوجد بها اي من مجموعة ادوية القلب، فقط الاسبرين، وعلاج الاسبرين يباع في الصيدليات بسعر لا يتجاوز الالفان دينار للعلبة الواحدة، اما اذا حصل وتواجدت هذه العلاجات فهي توزع للمقربون من الموجودين في الصيدلية، حسب ما قالت المرأة.
موضوع اخر مهم جداً في هذه المشفى وهو مواعيد اجراء العمليات، فأمرض القلب خطيرة جداً وفي بعض الاحيان لا تحتاج الى تأخير من أجل إجراء العملية لها، الا انك اذا اردت الحصول على موعد قريب ينبغي عليكَ الانتظار على الاقل ثلاث أشهر، وهنا الواسطة تلعب دور في تأخير وتقديم الموعد، وهناك ايضاً طابور طويل لا ينتهي على شباك المواعيد، وأعداد المرضى يزيد ولا ينقص، لا تصل الى موعد العملية حتى يموت المريض مئة مرة او اكثر، للأمانة ردهة المرضى وعلى الرغم من كونها لا ترقى لتكون ردهة الا انها نظيفة نسبياً مقارنة مع بقية الاماكن في المشفى او المشافي الاخرى مثل مدينة الطب.
يوم اجراء العملية حافل جداً كون ينبغي الحضور مبكراً من اجل الحصول على موعد مبكر لدخول صالة العمليات، ولا بد لك ايضاً جلب ادوات العملية معك، وهي الصبغة التي تضاف الى الدم من اجل كشف مكان الواير الذي هو داخل الشريان، وكل علبة بسعر 40 الف، يُطلب إثنين، مع قرص سي دي عدد اثنين من اجل تسجيل العملية، اما ما يخص الانتظار فهو قاتل في الردهة، لان هناك اربع أجهزة تقريباً وعليها ما يقارب ال70 مريض تخيل ذلك عزيزي القارىء، وفي بعض الاحيان تؤجل العمليات لبعض الاشخاص بسبب عدم توفر السلك الذي يدخل الشريان، وتعليمات المشفى هذا السلك او الواير لا يشتريه المريض، المشفى هي من تتحمل مبلغه، اي هناك تناقض فالصبغة يشتريها المريض وهي اداة من ادواة اجراء العمليه، بينما السلك لا، ما ان تنتهي من اجراء العملية لا بد للمريض ان يبقى تحت المعاينة لمدة خمس ساعات حتى يؤذن له للخروج، وبالتأكيد لا بد ان تكون هناك وجبة طعام، ما ان ترى الطعام سوف تدرك انكَ في حالة يرثى لها فكل نوع وصنف ممنوع عليه على مريض القلب تجده في الوجبة، الباردة، مع الرز الذي لا يقدم للحيوانات وبالتأكيد مليء بالزيت مع الدجاج الذي تفوح منه رائحة البهارات ويطفوا في سوب عبارة عن زيت جامد، بسبب برودة الوجبة، مع علبتين من الماء الحار الذي لا تستطيع شربه.
هذا ما يحدث لكَ عند دخولك المشفى، مشفى امراض القلب المتخصص، هذا بغض النظر عن تعامل الكادر، والضوضاء التي تسيطر على المكان، والتلاعب في المواعيد اليومية لاجراء العمليات، وغيرها من الامور حسب مزاجيات كادر الردهة، اكتب هذا المقال فقط من أجل تلاحظوا حجم المأساة التي يعانيها المريض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا