الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرموز

توني جرجس توفيق
(Tony Girgis Tawfik)

2019 / 9 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الرموز (الكيانات الواعية):

تردَّدتُ كثيراً في كتابة هذه الكلمات والتي تعبر عن وجهة نظري في الرموز، لذلك فتلك الأفكار هي مجرد أفكار وآراء لشخص يحب الحكمة ويأمل أن يراها الجميع كما يراها هو.

إن الرموز بسيطة و معقّدة في آنٍ واحد... والأعقد من ذلك الوعي الكوني الذي يظهر في اجتماع أعمالها جميعاً.

مثال ظريف للفهم...

تخيَّل وجود مجموعة من الألواح الممغنطة المتحركة في حيز مكاني ما، ووجود كرة صغيرة من المعدن تتحرك في الفراغ ما بين تلك الألواح... من الطبيعي أن تتحرك تلك الكرة تبعاً لحركة أحد الألواح لتأثرها بالخاصية المغناطيسية،ولكن بوجود أكثر من لوحتظهَر الحركة العشوائية... تلك الحركة التي تُعَبِّر عن حاصل تأثير كل الألواح المغناطيسية... والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل استطاع أيّ من الألواح المغناطيسية توقّع حركة الكرة؟! مع العلم بأن كل لوح فيهم لديه القدرة على تحريك تلك الكرة... في تلك الحركة العشوائية تظهر الإجابة...

إن وجود وعي أوحد كوني لا يمنع وجود كيانات واعية أخرى تستطيع أن تُبدِع. كيانات واعية خرجت من الوعي الأوحد، تستطيع مثله أن تبدع، وأن تفكر، حتى أن ذلك الكيان له سلوك الكائنات... ولكن كيف تظهر كيانات لها قواعد وتسلك مثل سلوك الكائنات ولا تُحسب من الكائنات؟!

لفهم تلك الطبيعة، يمكن اللجوء إلى مثال بسيط...

تخيَّل وجود جهاز يستطيع الرد على الأسئلة الموجهة له عن طريق برمجته بثلاث إجابات فقط: "لا، نعم، شكراً"، وعند عرضه صادف أنْ سأله أحد الأشخاص الأسئلة التالية:
- هل تراني؟ فأجاب الجهاز: نعم...
- هل يمكن أن تأكل؟ فأجاب الجهاز: لا...
- إنك جهاز ذكي!! فأجاب الجهاز: شكرً...
بوجود ثلاث إجابات فقط مع نوع من الصدفة استطاع كيان بسيط إقناعك بوجوده، فما بالك بكيان واعٍ خرج من الوعي الكوني؟! إلا أن الكيان يختلف عن الكائن.. قد يكون أحد هذه الاختلافات هو عدم القدرة على خلق رد فعل جديد، وبالتالي فالكيانات الواعية (الرموز) هي تلك الكيانات التي خرجت من الوعي الكوني لتحيا في مستوى آخر ، نُطلِق على ذلك المستوى اسم "العالم الغير مرئي"، عالم آخر يؤثر فينا ونؤثر فيه، أو كما قال القدماء "كما فوق كما تحت". بعض تلك الرموز تعرف الوعي الكوني الذي خرجت منه، والبعض الآخر لازال يتعلم.

تلك الكياناتلها نفس سلوك الكائنات، تحارب، ترغب، وتتمرد... ولكن مَن يتمرد يقوم بِرَدِّ فعلٍ جديد!... كيف ذلك؟! هذا ما يتعلمه الرمز من تلك التي تُسمى كيانات واعية (الإنسان)... فتمَرُّد الرموز لصنعِ رد فعل أمرٌ نادر، و هو المرادِف لتطور الفكر الإنساني...من ذلك نفهم أن كل ما يقوم به الإنسان بالصدفة ويدفعه نحو الداخل هو ليس من صُنع رمز واحد... حتى أنه أكثر من محصلة تلك الرموز، إنه مِن ذلك الوعي الكوني...إن الصدفة هي أقصى ما يمكن أن يصل إليه التدبير، و الكُرة الحديدية تتحرك في مسار معلوم، وبالتالي فمعرفة الوعي الكوني أكثر تعقيداً من معرفة الرموز لاقتناع الرموز بقوتها و فرديتها.. وفي نفس الوقت تكمن معرفة الوعي الكوني في عمل كل الرموز، لذا فاستسلام الكائن لهم كاستسلام الكرة المعدنية للألواح الممغنطة يَصنع مساراً جديداً لا يتحكّم به أيّ منهم. وبالتالي فاستسلام الكائن للكيانات هو في نفس الوقت تعليم لتلك الكيانات عبر الإتيان بردّ فعل لا يعرفونه لأنه المحصّلة.

"مَن تمرَّد باستسلامه فقط يستطيع الفهم. ومَن صارت له إرادة حرة مثل أبيه فقط يعرفه. ومَن يختاره فقط هو يعرفه... البساطة أكثرهم تعقيداً..."

وبالتالي فالفهم الحقيقي لا يأتي مع مذهب أو نظرية بل يأتي مع لون، نغمة، مع إبتسامة دافئة تظهر فيها السعادة... يأتي مع المحصّلة... يأتي مع الدفء... البساطة هي أكثر صور التعقيد. ومَن فهم أن هناك كيانات واعية غيره، و أنه كائن واعٍ يُعَلِّمهم باستسلامه لهم متمرِّداً عليهم، أو يتعلم منهم، لصارت حياته مختلفة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة