الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الرموز

توني جرجس توفيق
(Tony Girgis Tawfik)

2019 / 9 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


للرموز لغة... نعم للرموز لغة، ولكن الرغبة في التحدُّث أهم من معرفة مرادِفات تلك اللغة. وتلك الرغبة لا تتولد إلا بعد الاقتناع بوجود مَن يتحدَّث بتلك اللغة (الرموز) ووجود رغبة من قِبَل ذلك الكيان بالتحدُّث، وبالتالي الرغبة ثم إتقان اللغة.

إنّ مَن بدأ باللغة قبل تولُّد الرغبة بالتحدث كمن يقول بالصدفة "How are you" (هاو آر يو) دون معرفة معناها أو معرفة بأن هناك مَن يُتقن الإنكليزية يقف بجانبه، وبالتالي سيلتفت إليه كل مَن يتحدث بالإنكليزية ظناً منهم أنه يتحدث إليهم (إلتفات الرموز لمن يتحدث)، وذلك كبدء الرحلة ولكن بدون الرغبة في الإبحار، وهذا ما يأتي بالطاقة دون إدراك نوعها.

لتولد الرغبة، على الإنسان أن يدرك دون أن يدرك... يرغب دون أن يتحدَّث... وعند التحدُّث باللغة يتطابقالأعلى مع الأسفل فيصير الكل واحداً (يصير المستويان واحد)، فيدرك الرمز ذاته و يعي الإنسان حقيقته، حينها يرى الإنسان ما وراء الكون (تقاطُع المستويان).

لكن مَن يحيا حياة الرموز يُنكر وجوده... حتى أنه يتعامل مع ثلاثة: واحد يفعل وواحد لا يفعل، أما الثالث فيتمرد عليهما... تلك هي الخطوة الأولى لتولد الرغبة بالتحدُّث...

لقد خُلِق هذا الكون على الحب والحكمة، لذلك نجد أنه حتى الرموز تقع جميعها في مستويات مختلفة. تحتل الرموز سادة المادة الدرجات الدّنى، أما الرموز الروحية فتحتل درجات أعلى... ترى القِصَّة و تعلم أن في وجودها معنى أعظم... وكل ذلك يرتبط بعلاقتها مع ذلك الكائن الذي يرتدي المرآة (الإنسان).

إن الصادق دائماً خائب الرجاء، ولكنه دائماً يشعر بالراحة... هكذا ترتبط الأمور ببعضها، هكذا ترتبط الرموز ببعضها. للإنسان القدرة على الاختيار (مُخَيَّر)، وذلك باستسلامه الكامل لكل الرموز، فينتج الفعل العشوائي الذي هو إرادة الرب... فِعل لم يتوقعه رمز ولم يصنعه أحد... أما الفهم فليس بالفهم... تلك هي قمة ما قد يصل إليه الفهم... الحكمة سيدة جميلة.

بحق إن كلمة الرب تصنع كوناً... فما بالك بصفاته؟! تلك الصفات وحدها أيضاً تصنع كيانات. ولكن الكل في الواحد والواحد في الكل، لذلك لا يجب فصل تلك الصفات بالتحديد عن الرب وتسميتها بكيانات لا تعي وجوده... إلا أنه في الحقيقة لكلٍّ منها فهم وقوة وقدرة كونية... كالضوء المكوَّن مِن فوتونات لا يمكن إدراك كتلتها إلا عند تحرُّكها، ولكن عند فصل تلك الكتلة لدراستها في حالة سكون الفوتون تصير عدماً... مع الاختلاف العظيم... كل لحظة راقية هناك ما هو أرقى منها، وبكل لحظة حب نرى أكثر.

هل إدراكك لكل ذلك يصنع اختلافاً؟

ليست كل الطيور مثل بعضها، ولكن مَن أدرك الرموز صنع اختلافاً، له و للرموز أيضاً... ولذلك عليه أن ينسى أو يتناسى كل ما قرأ، وأن ينسى أو يتناسى إذا فهِم، لأن الفهم لا يأتي هنا بالإدراك بل بوجود مشاعر ذلك الفهم في الخلفية.

ومَن أراد لِقوَّةٍ أن تعمل فيه ، يجعلها في خلفيته وليس أمامه... الكل في الواحد والواحد في الكل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وتقدير
رولا محارب ( 2019 / 9 / 3 - 20:09 )

فكر مستنير وموضوع الرموز هام جدا نشكرك على هذا الطرح وهذه الاضاءة اللافته

اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا