الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأسمالية المراقبة وآفاق حضارة رقيق المعلومات

جودت شاكر محمود
()

2019 / 9 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في عام 1998، نشر مؤلف الخيال العلمي (David Brin) كتابا قديما رائعا عن الخيال، بعنوان "المجتمع الشفاف: هل ستجبرنا التكنولوجيا على الاختيار بين الخصوصية والحرية؟" وتوقع الكاتب أن تكنولوجيا المعلومات ستؤدي إلى موت الخصوصية، واستكشف بعض الآثار الجيدة والسيئة المحتملة للتغيير. كانت إحدى تنبؤات (Brin) أن المواطنين سيكونون قادرين على كشف الأسرار عظيمة، وهو مفهوم يسمى "المراقبة"(sousveillance). يبدو أن هذا التوقع قد تحقق. في السنوات القليلة الماضية فقط، استولت كاميرات الهواتف المحمولة على وحشية الشرطة وغيرها من أفعال الحكومة، وكشفت وسائل الإعلام الاجتماعية عن شخصيات شهيرة كمتحرشين جنسيين وما إلى ذلك. قد تبدو المراقبة كما لو أنها تسوي أرض الملعب الاجتماعي. لكن الأغنياء والأقوياء ليسوا وحدهم الذين لديهم أسرار قيمة. على الرغم من أن الحشود القوية مع الكاميرات قد تكون، فإن المنظمات الكبرى مثل الحكومات والشركات لديها تحت تصرفها الكثير من الموارد والتكنولوجيا الأفضل والتخطيط الشيطاني أكثر من الشخص العادي. ولكن علاوة على ذلك، هناك ظاهرة تطلق عليها (Shoshana Zuboff)(1)، عالمة الاجتماع بجامعة هارفارد، "رأسمالية المراقبة" (surveillance capitalism). فقد مكّن انتشار الهواتف المحمولة ووسائل الإعلام الاجتماعية في كل مكان الشركات من مراقبة ما يفعله الناس تقريبا، سواء كان ذلك عند الشراء أو الخروج لتناول الطعام أو التحدث إلى الأصدقاء أو إرسال الرسائل النصية إليهم.
توضح هذه المقالة منطقا ناشئا للتراكم في المجال المتصل بشبكة الانترنيت، وهو "رأسمالية المراقبة"، والنظر في آثارها على "حضارة المعلومات". لذلك فإن هذ ممارسات تضفي الطابع المؤسسي والافتراضات التشغيلية على تكنولوجيا المعلومات. أن التكنولوجيا الاتصالات والمعلومات هي العدسة الأساسية التي تستخدم إلقاء الضوء على المنطق الضمني لرأسمالية المراقبة والهندسة العالمية للوساطة الحاسوبية التي تعتمد عليها. لذا فأن "التكنولوجيا هي دمية متحركة (أراجوز أو القراقوز)، لكن رأسمالية المراقبة (surveillance capitalism) هي سيدة الدمى المتحركة".
ولكن أولا، ماهي رسمالية المراقبة؟
رأسمالية المراقبة مصطلح حديث يستخدم لوصف عملية شاملة من المراقبة والتحكم في السلوك البشري بهدف الربح من سلعنة الواقع، "من خلال التحليل التنبؤي للكثير من البيانات التي تصف حياة وسلوك مئات الملايين من الناس، ما يسمح بتحديد الروابط والأنماط السلوكية، والاستدلال على المعلومات المتعلقة بالأفراد، والتنبؤ بسلوكهم المستقبلي". صاغت المصطلح بالإنجليزية في (2015) العالمة( Shoshana Zuboff) أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة هارفارد. تشتمل رأسمالية المراقبة بعد الحصول على المعلومات وتحليلها، "محاولات للتأثير على هذا السلوك المستقبلي من خلال إعلانات موجهة خصيصا للأفراد، وذات فعالية عالية في التأثير فيهم". ويتم تطوير هذا المنهج في "الإعلانات القصدية" عبر "اختبار العديد من الإعلانات المتنوعة على نطاقات ديموجرافية (تجمعات سكانية) مختلفة، لمعرفة ما هو الأسلوب الأكثر نجاحا. وبذلك يمكن وصف رأسمالية المراقبة، بأنها:
(1) نظام اقتصادي جديد يطالب بالتجربة البشرية كمواد خام مجانية للممارسات التجارية الخفية المتمثلة في الاستخراج والتنبؤ والمبيعات، (2) المنطق الاقتصادي الطفيلي الذي يخضع فيه إنتاج السلع والخدمات لهيكل عالمي جديد من تعديل السلوك، (3) طفرة مارقة في الرأسمالية تتميز بتركيزات للثروة والمعرفة والسلطة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، (4) الإطار التأسيسي لاقتصاد المراقبة، (5) تهديد كبير للطبيعة البشرية في القرن الحادي والعشرين مثلما كانت الرأسمالية الصناعية للعالم الطبيعي في القرنين التاسع عشر والعشرين، (6) أصل القوة الذرائعية الجديدة التي تؤكد الهيمنة على المجتمع وتطرح تحديات مذهلة على ديمقراطية السوق، (7) حركة تهدف إلى فرض نظام جماعي جديد قائم على اليقين التام، (8) نزع ملكية حقوق الإنسان الأساسية والتي تُفهم على أنها أفضل شكل للانقلاب من الأعلى بهدف: الإطاحة بسيادة الشعب.
فإذا نظرنا في التصوير الفوتغرافي: في صور غيتي (Getty Images)(2) فأننا نكتشف نحن نعيش في أعمق تحول في بيئة معلوماتنا منذ اختراع (Johannes Gutenberg) للطباعة في حوالي عام (1439). والمشكلة العيش في أحضان هذه ثورة، جعل من المستحيل أن نلقي نظرة طويلة على ما يحدث.
الطباعة شكلت وحولت على مدى القرون الماضية المجتمعات، ولكن لم يكن أحد في مدينة (Mainz) (موطن Gutenberg) في عام (1495) مثلاً أن يعرف أن تقنيته ستعمل (من بين أشياء أخرى) على تأجيج الإصلاح وتقويض سلطة الكنيسة الكاثوليكية العظيمة. كل ذلك مكن ما يعرف الآن بعلم حديث، خلق مهن وصناعات لم نسمع بها من قبل، حتى أدى لإعادة تقويم مفاهيمنا عن الطفولة. ورغم ذلك الطباعة عملت كل هذا وأكثر.
نظرا لأننا على مسافة واحدة تقريبا من كل ما يحدث منذ أن بدأت الثورة التكنولوجية والشبكات الرقمية. وعلى الرغم من أنه أصبح الآن يتضح لنا تدريجيا أن هذه مشكلة كبيرة بالفعل وأن هناك تغييرات اجتماعية واقتصادية جارية، إلا أننا لسنا جاهلين بالمكان الذي نتجه إليه وما الذي سوف ندفعه ثمن لذلك.
هذا ليس لعدم الرغبة في المحاولة. أن رفوف المكتبات تتأرجح تحت وطأة الكتب حول ما تفعله التكنولوجيا الرقمية لنا ولعالمنا. وهناك الكثير من العلماء يفكرون ويبحثون ويكتبون عن هذه الأشياء. لكنهم مثل الرهبان المكفوفين(3) الذين يحاولون وصف الفيل في حكاية(زن)(4) القديمة. كل شخص لديه رؤية جزئية فقط، ولا أحد لديه الصورة كاملة. لذا فإن حالتنا المعاصرة للوعي، هي كما قال (Manuel Castells)، عالم الفضاء السيبراني ذات مرة: هي واحدة من "ارتباك العارف".
ما كشفت عنه (Shoshana Zuboff) هو أنها توصلت إلى عدسة جديدة لعرض ما تفعله Google، وFacebook والمواقع الأخرى: لا شيء أقل من أنها تبيضُ شكلا جديدا من الرأسمالية. ولذلك وضعت المحاولة الأكثر طموحاً حتى الآن لرسم الصورة الأكبر وشرح كيف نشأت آثار الرقمنة التي نشهدها الآن كأفراد ومواطنين.
في أواخر القرن العشرين، شهد اقتصادنا الابتعاد عن خطوط الإنتاج الضخم في المصانع ليصبح تدريجيا أكثر اعتمادا على المعرفة. من ناحية أخرى، تستخدم رأسمالية المراقبة نموذج أعمال يعتمد على العالم الرقمي، وتعتمد على "البيانات الضخمة" لكسب المال. غالبا ما يتم جمع البيانات المستخدمة في هذه العملية من نفس مجموعات الأشخاص الذين سيكونون أهدافها في النهاية. على سبيل المثال، تجمع Google البيانات الشخصية عبر الإنترنت لاستهدافنا من خلال الإعلانات، ومن المحتمل أن يقوم Facebook ببيع بياناتنا إلى المنظمات التي تريد منا التصويت لصالحها أو لتطعيم أطفالنا. كما يقوم وسطاء البيانات من الجهات الخارجية، على عكس الشركات التي تملك البيانات مثل Google أو Facebook، ببيع بياناتنا أيضا. وتقوم هذه الشركات بشراء البيانات من مجموعة متنوعة من المصادر، وجمع المعلومات حول الأفراد أو مجموعات الأفراد، ثم بيعها.
ولكن، من أين جاءت رأسمالية المراقبة؟
لقد جاءت من عملية دمج ممارسات رأسمالية المراقبة لأول مرة علىGoogle . واستخدموا إجراءات استخراج البيانات وبيانات المستخدمين المعبأة لإنشاء أسواق جديدة لهذه السلعة. حاليا، أكبر ممثلين عن (الأخ الأكبر) هم Google وAmazon وFacebook وApple. حيث يجمعون معا ويتحكمون في كميات لا مثيل لها من البيانات حول سلوكياتنا، والتي تتحول إلى منتجات وخدمات. وقد أدى ذلك إلى نمو سوق أعمال مذهل لهذه الشركات. في الواقع، أصبحت كلا من: Amazon و MicrosoftوAlphabet (Google) و Apple و Facebookفي المرتبة الآن بين أفضل ستة شركات في العالم من حيث القيمة السوقية.
أن أحد الأسباب الكبيرة التي أعاقت قدرتنا على إدراكها واستيعاب معناها وتبعاتها، هي الجودة الجريئة وغير المسبوقة لأساليب رأسمالية المراقبة وعملياتها. إلى جانب أسباب أخرى، هو أنها نشأت في عصر الإجماع النيوليبرالي(neoliberal) حول تفوق الشركات والأسواق ذاتية التنظيم. واعتبر التنظيم الذي تفرضه الدولة عقبة على المشاريع الحرة. والمفاجأة التاريخية الثانية هي أن رأسمالية المراقبة تم اختراعها في عام (2001)، عام (11) سبتمبر. في الأيام التي سبقت تلك المأساة، كانت هناك مبادرات تشريعية جديدة تجري مناقشتها في الكونغرس حول الخصوصية، والتي ربما يكون بعضها قد حظر الممارسات التي أصبحت عمليات روتينية لرأسمالية المراقبة. بعد ساعات قليلة من إصابة أبراج مركز التجارة العالمي، تغيرت المحادثة في واشنطن من الاهتمام بالخصوصية إلى الانشغال بـ "الوعي الكامل بالمعلومات". والسبب الثالث هو أن هذه المنهجيات مصممة لإبقائنا جاهلين. لقد كان خطاب أصحاب رأسمالية المراقبة الرواد، وكل من تبعهم بالذات، كان كتابا مدرسيا للتضليل، وحسن التعبير، والتشويش. كان أحد مظاهر الخطأ في البيع هو بيع الناس لفكرة أن الممارسات الاقتصادية الجديدة هي نتيجة حتمية للتكنولوجيا الرقمية. في أمريكا وفي جميع أنحاء الغرب، يعتقد أنه من الخطأ إعاقة التقدم التكنولوجي. لذا فإن الفكرة هي أنه إذا كانت هذه الممارسات المزعجة هي النتيجة الحتمية للتكنولوجيات الجديدة، فربما يتعين علينا التعايش معها. هذا خطأ خطير في هذه المقولة. من المستحيل أن نتخيل رأسمالية المراقبة بدون الرقمية، لكن من السهل تخيل الرقمية دون رأسمالية المراقبة. التفسير الرابع ينطوي على التبعية والاستئثار بالبدائل. نحن نعتمد الآن على الإنترنت فقط للمشاركة بفعالية في حياتنا اليومية. سواء أكان ذلك يتفاعل مع مصلحة الضرائب أو مقدم الرعاية الصحية الخاص بنا، فإن كل ما نقوم به الآن فقط لتلبية متطلبات المشاركة الاجتماعية الأصغر يسير بنا عبر نفس القنوات التي تمثل سلاسل التوريد لرأسمالية المراقبة.
القصة الرئيسية هي أنه لا يتعلق بطبيعة التكنولوجيا الرقمية بقدر ما يتعلق بشكل جديد متحول من الرأسمالية التي وجدت وسيلة لاستخدام التكنولوجيا لأغراضها. الاسم الذي أطلقته (Zuboff) على المتغير الجديد هو "رأسمالية المراقبة"( surveillance capitalism). إنه يعمل من خلال توفير خدمات مجانية يستخدمها مليارات الأشخاص بمرح، مما يتيح لمقدمي تلك الخدمات مراقبة سلوك هؤلاء المستخدمين بتفاصيل مذهلة، والتي تتم غالبا دون موافقتهم الصريحة.
الفكرة وراء رأسمالية المراقبة هي أن البيانات الخاصة لها قيمة. تكتسب هذه الفكرة قوة مع ظهور منصات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي التي تستوعب كميات كبيرة من البيانات الخام والرؤى التنبؤية حول التجارة. لذا تتنافس الشركات الآن للحصول على هذه الأفكار من خلال توفير البيانات الأولية التي تحتاجها البرامج من خلال أشكال رأسمالية المراقبة. على سبيل المثال، قد تحتفظ شركة ما بموقع على الانترنيت (website) حيث تتبع مسارات استخدام العميل وصولا إلى حركة الماوس المفصلة وإحصاء معدل الارتداد. كما يمكنهم أيضا استخدام تطبيقات الأجهزة المحمولة التي قد تتعقب مواقع العملاء وماذا يفعلون، حتى عندما لا يكونون في متجر أو في موقع ويب للشركة.
فقد وصفت رأسمالية المراقبة عملية تحريكها للسوق حيث تكون السلعة للبيع هي بياناتنا الشخصية، ويعتمد التقاط هذه البيانات وإنتاجها على المراقبة الجماعية للإنترنت. غالبا ما يتم تنفيذ هذا النشاط من قبل الشركات التي توفر لنا خدمات مجانية عبر الإنترنت، مثل محركات البحث (Google) ومنصات الوسائط الاجتماعية (Facebook). حيث تقوم هذه الشركات بجمع وفحص سلوكياتنا عبر الإنترنت (مثل، الأشياء التي لا تحبها، عمليات البحث، الشبكات الاجتماعية، عمليات الشراء) لإنتاج بيانات يمكن استخدامها أكثر لأغراض تجارية. وغالبا ما يتم ذلك دون أن نفهم المدى الكامل للمراقبة.
وقد أشارت(Zuboff) إلى أن "رأسمالية المراقبة، تدعو من جانب واحد إلى ترجمة التجربة البشرية كمواد خام مجانية إلى بيانات سلوكية. على الرغم من أن بعض هذه البيانات يتم تطبيقها على تحسين الخدمة، إلا أن الباقي يُعلن أنه فائض سلوكي مملوك، يتم إدخاله في عمليات التصنيع المتقدمة المعروفة باسم" ذكاء اصطناعي"(5)، ويتم تصنيعها في منتجات تنبؤيه تتوقع ما ستفعله الآن، أو قريبا، أو فيما بعد. وأخيرا، يتم تداول منتجات التنبؤ هذه في نوع جديد من الأسواق أسمها أسواق العقود السلوكية الآجلة(المستقبلية). لقد نما ثراء أصحاب رأسمالية المراقبة من هذه العمليات التجارية، واستنادا إلى ذلك، العديد من الشركات ترغب في وضع رهانات على سلوكنا في المستقبل.
في حين أن طريقة العمل العامة لـ(Google) و(Facebook) والآخرين معروفة ومفهمة (على الأقل من قبل بعض الناس) لبعض الوقت، ما هو مفقود، وما توفره (Zuboff) هو البصيرة والمعرفة لوضعهما في سياق أوسع. وهي تشير إلى أنه بينما يعتقد معظمنا أننا نتعامل فقط مع غموض الخوارزميات، فإن ما يواجهنا هو في الواقع المرحلة الأخيرة من التطور الطويل للرأسمالية، من صنع المنتجات، إلى الإنتاج الضخم، إلى الرأسمالية الإدارية، إلى الخدمات، إلى الرأسمالية المالية، والآن استغلال التنبؤات السلوكية المستمدة سرا من مراقبة المستخدمين. بهذا المعنى، ما تكتبه هو استمرار لتقليد يشمل (Adam Smith)(6)، (Max Weber)(7)، (Karl Polany)(8)، ويمكن القول (Karl Marx) أيضا.
إذا نظرنا إليه من هذا المنظور، يبدو سلوك العمالقة الرقميين مختلفا إلى حد ما عن الهلوسة الوردية لمجلة Wired(9). ما يراه المرء قسوة استعمارية بدلاً من ذلك كان (John D Rockefeller) يفتخر به. بادئ ذي بدء، كان هناك استيلاء متغطرس على بيانات المستخدمين السلوكية، حيث يُنظر إليها على أنها موارد مجانية، موجودة هناك لأخاذها. ثم استخدام الأساليب الحاصلة على براءة اختراع لاستخراج البيانات أو الاستدلال عليها حتى عندما يكون المستخدمون قد رفضوا الإذن صراحة، تليها استخدام التقنيات التي كانت مبهمة من خلال التصميم وتعزيز جهل المستخدم.
وبالطبع، هناك أيضا حقيقة أن المشروع بأكمله قد تم إجراؤه في منطقة كانت خارجة عن القانون (أو خالية من القانون) فعليا. لذلك قررت Google أن تقوم برقمنة وتخزين كل كتاب مطبوع على الإطلاق، بغض النظر عن مشكلات حقوق النشر. أو أنه سوف يصور كل شارع ومنزل على هذا الكوكب دون طلب إذن من أي شخص. وأطلق Facebook"إشاراته" السيئة السمعة، والتي أبلغت عن أنشطة المستخدم عبر الإنترنت ونشرتها على قنوات أخبار الآخرين دون علم المستخدم. وما إلى ذلك، وفقا للشعار المفسد "أنه من الأسهل طلب المغفرة بدلا من الإذن". ما تم إلغاؤه هنا هو حقنا في زمن المستقبل، هو جوهر الإرادة الحرة.
وبذلك خلقت الديناميات التنافسية للرأسمالية المراقبة بعض الضرورات الاقتصادية القوية التي تدفع هذه الشركات لإنتاج منتجات أفضل مع أفضل تنبؤ سلوكي. في النهاية، اكتشفوا أن هذا لا يتطلب فقط تجميع كميات هائلة من البيانات، ولكن في الواقع التدخل في سلوكنا. التحول من المراقبة إلى ما يسميه علماء البيانات "تشغيل". يطور الرأسماليون القائمون على المراقبة الآن "اقتصاديات العمل"، حيث يتعلمون ضبط وتنسيق وتوصيف سلوكنا من خلال إشارات ومكافآت وعقوبات خفية ورائعة تنبهنا نحو نتائجهم الأكثر ربحية.
عندما كتب خبير الأمن (Bruce Schneier) أن "المراقبة هي نموذج الأعمال التجارية على الإنترنت"، كان يلمح فقط إلى حقيقة قد أضاءتها(Zuboff) الآن. مزيج من مراقبة الدولة ونظيرتها الرأسمالية يعني أن التكنولوجيا الرقمية تقسم المواطنين في جميع المجتمعات إلى مجموعتين: المراقبون (غير المرئي والمجهول وغير القابل للمساءلة) والمرصودين. وهذا له عواقب وخيمة على الديمقراطية لأن عدم تماثل المعرفة يترجم إلى عدم تماثل في القوة. لكن في حين أن معظم المجتمعات الديمقراطية لديها على الأقل درجة ما من الرقابة على مراقبة الدولة، لا يوجد لدينا حاليا أي إشراف تنظيمي على نظيرها المخصخص.
ولن يكون من السهل إصلاحه لأنه يتطلب منا معالجة جوهر المشكلة، منطق التراكم الضمني في رأسمالية المراقبة. وهذا يعني أن التنظيم الذاتي هو غير ثابت. تقول(Zuboff): "المطالبة بالخصوصية من أصحاب رأس المال الرقابي"، أو الضغط من أجل وضع حد للمراقبة التجارية على الإنترنت يشبه مطالبة (Henry Ford) بصنع كل نموذج (T)(10) القديم باليد. يشبه طلب الزرافة تقصير عنقها، أو البقرة للتخلي عن المضغ. هذه المطالب تهديدات وجودية تنتهك الآليات الأساسية لبقاء الكينونه".
تشير (Shoshana Zuboff) إلى ان رأسمالية المراقبة هي إبداع بشري. إنها تعيش في التاريخ، وليس في الحتمية التكنولوجية. لقد كانت رائدة وموضحة من خلال التجربة والخطأ في Google بنفس الطريقة التي اكتشفت بها شركة فورد موتور اقتصاديات الإنتاج الضخم الجديدة أو اكتشفت جنرال موتورز منطق الرأسمالية الإدارية. لقد تم اختراع رأسمالية المراقبة في عام (2001) كحل للطوارئ المالية لأثر انهيار (dot-com company)(11) عندما واجهت الشركة الناشئة فقدان ثقة المستثمر. مع تصاعد ضغط المستثمرين، تخلى قادة Google عن كراهيتهم المعلنة تجاه صناعة الإعلان. بدلا من ذلك، قرروا زيادة إيرادات الإعلانات عن طريق استخدام وصولهم الحصري إلى سجلات بيانات المستخدم (المعروفة باسم "استنفاد البيانات") بالاقتران مع قدراتهم التحليلية الكبيرة بالفعل وقدرتهم الحاسوبية، على توليد تنبؤات بنسب النقر إلى الظهور من قبل المستخدم، والتي يتم اعتبارها بمثابة إشارة إلى أهمية الإعلان.
من الناحية التشغيلية، كان هذا يعني أن (Google) سوف تعيد تعيين ذاكرة التخزين المؤقت المتزايدة للبيانات السلوكية، وتضعها الآن في صورة فائض في البيانات السلوكية، وتطور وبقوة أساليب البحث عن مصادر جديدة لهذا الفائض. ولذلك طورت الشركة أساليب جديدة لالتقاط الفائض السري الذي يمكن أن يكشف عن البيانات التي اختارها المستخدمون عن قصد للحفاظ على خصوصياتهم، بالإضافة إلى استنتاج معلومات شخصية شاملة لم يقدمها المستخدمون أو لن يقدموها. وسيتم بعد ذلك تحليل هذا الفائض لمعرفة المعاني الخفية التي يمكن أن تتنبأ بالسلوك من خلال نسبة النقر إلى الظهور(click-through)(12). وبذلك، أصبح فائض البيانات الأساس لتوقعات الأسواق الجديدة التي تسمى صناعة الإعلان المستهدف.
هنا كان أصل رأسمالية المراقبة في تشكيل غير مسبوق ومربح: للفائض السلوكي، وعلوم البيانات، والبنية التحتية المادية، والطاقة الحاسوبية، وأنظمة الخوارزميات، والمنصات الآلية. مع ارتفاع معدلات النقر إلى الظهور، سرعان ما أصبح الإعلان مهما مثل البحث. في نهاية المطاف، أصبح حجر الأساس لنوع جديد من التجارة يعتمد على المراقبة الإلكترونية وعلى نطاق واسع. وأصبح نجاح هذه الآليات الجديدة فقط عندما أصبح(Google) مرئيا عاما في (2004). وكذلك، عندما كشفت أخيرا أنه خلال الفترة من عام (2001) إلى عام (2004)، زادت الإيرادات بنسبة (3.59%).
ولكن، لا تقتصر رأسمالية المراقبة على الإعلانات أكثر من الإنتاج الضخم الذي يقتصر على تصنيع سيارات فورد طراز (T). والذي سرعان ما أصبح النموذج الافتراضي لتراكم رأس المال في وادي السيليكون (Silicon Valley)(13)، والذي أحتضن كل شيء من بدء التشغيل والتطبيق تقريبا. وكانت (Sheryl Sandberg)(14) المديرة التنفيذية لـ(Google) هي التي لعبت دور (Typhoid Mary)(15)، حيث جلبت رأسمالية المراقبة من جوجل إلى(Facebook)، عندما وقعت لتكون عضوا في الفيسبوك عام2008. الآن لم يعد الأمر يقتصر على الشركات الفردية أو حتى على قطاع الإنترنت. لقد امتدت عبر مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات والقطاعات الاقتصادية، بما في ذلك التأمين، وتجارة التجزئة، والرعاية الصحية، والتمويل، والترفيه، والتعليم، والنقل، وأكثر من ذلك، ولادة أنظمة بيئية جديدة كاملة من الموردين والمنتجين والعملاء وصانعي السوق ولاعبين في السوق. إن كل منتج أو خدمة تقريبا تبدأ بكلمة "ذكية" أو "مخصصة"، وكل جهاز يدعم الإنترنت، وكل "مساعد رقمي"، هو مجرد واجهة لسلسلة الأمداد لتدفق البيانات السلوكية دون عائق في طريقه للتنبؤ بالعقود الآجلة (الخاصة بمستقبلنا) في اقتصاد المراقبة.
أن مصطلح "المواطنون الرقميون" أو الانسان الرقمي(16) عبارة ساخرة بشكل مأساوي. نحن مفتونون بالفتوحات الاستعمارية، والتي اعتمدت على توجيهات خاطئة وتمويه خطابي، بإعلانات سرية لا يمكننا فهمها أو التنافس عليها أو رفضها. كشفت تلك الفتوحات الاستعمارية عن ثلاث مراحل: تدابير قانونية وشرعية لتبرير الغزو، إعلانات بادعاءات بمطالبات إقليمية (مكانية أو بشرية)، وتأسيس مدن أو مقومات حضارية لإضفاء الشرعية على الإعلان، وتبرير حالة الغزو.
لم يكن من الممكن أن يتخيل كل أولئك أنهم كانوا يكتبون المسودة الأولى لنمط من شأنه أن يتردد عبر الفضاء والزمن الرقمي إلى القرن الحادي والعشرين. فقد بدأ رسماليو المراقبة غزوهم بالإعلان. لقد صرحوا ببساطة أن خبراتنا الخاصة أصبحت لهم وعليهم أخذها، من أجل ترجمتها إلى بيانات لتكون ملكيتهم الخاصة ومعرفتهم الشخصية.
بدأت Google بإعلانها من جانب واحد أن شبكة الويب العالمية هي محرك البحث الخاص بها. نشأت رأسمالية المراقبة في إعلان ثان تطالب بإيراداتها من تجربتنا الخاصة والتي تنبع من الإفادات والتي هي ملكنا الخاص(ثرواتنا) وبيعها لشركات أخرى. في كلتا الحالتين، تم الأخذ دون سؤال. توقع (Larry Page) المؤسس المشارك لـ Google))، أن يتجاوز فائض العمليات نطاق البيئة على الإنترنت إلى العالم الحقيقي، حيث ستكون البيانات المتعلقة بالتجربة البشرية مجانية. كما اتضح أن رؤيته تعكس تماما تاريخ الرأسمالية، التي تتميز بأخذ الأشياء التي تعيش خارج مجال السوق وإعلان حياتهم الجديدة كسلع السوق. لقد أخذتنا رسمالية المراقبة على حين غرة بسبب عدم وجود طريقة يمكن أن نتخيل بها عملها، أكثر مما توقعت الشعوب التي تم احتلالها وعلى مر التاريخ. ولكن الآن، بمجرد قيامنا بالبحث في Google، فأننا ندعو Google بالبحث فينا. كذلك ما إن نفكر في الخدمات الرقمية الآن على أنها مجانية، فأن رأسماليون المراقبة يفكرون فينا على أننا مجانيين.
في عملها الميداني المبكر في مكاتب ومصانع حوسبة أواخر السبعينيات والثمانينيات، اكتشفت (Shoshana Zuboff) ازدواجية تكنولوجيا المعلومات: قدرتها على التشغيل الآلي ولكن أيضا على "الإبلاغ"( informate)(17)، وهو ما يستخدم في ترجمة الأشياء والعمليات والسلوكيات وما إلى ذلك إلى معلومات. وفقا لتعريف(Zuboff)، والأمثلة الواردة في كتابها للإحاطة بالمفهوم، تضفي الفكرة الأساسية على أن أي نشاط، مثل صديقين يستخدمان Facebook، يتواصلان مع الآخرين بما يفكرون فيه. يمكن القول أيضا أنهم يقومون بإبلاغهم، حيث يستخدمون أداة تكنولوجية مثل Facebook، حيث يقوم الصديقان بتحويل نشاط تفكيرهم أو في حد ذاته إلى شيء خاص بسياقهم المتبادل، إلى معلومات. جعل نشاطهم مرئيا للصديق أو للأصدقاء.
تميز ازدواجية تكنولوجيا المعلومات هذه عن الأجيال السابقة من التكنولوجيا: حيث تنتج تكنولوجيا المعلومات مناطق معرفة جديدة بحكم قدرتها على الإبلاغ، وتحول العالم دائما إلى معلومات. والنتيجة هي أن مناطق المعرفة الجديدة أصبحت موضوع صراع سياسي. الصراع الأول يدور حول توزيع المعرفة: "من يعرف؟" والثاني هو حول السلطة: "من يقرر من يعرف؟" والثالث يتعلق بالقوة: من يحسم من يقرر من يعرف؟
وبذلك، ارتفعت المعضلات ذاتها المتمثلة في المعرفة والسلطة والقوة فوق جدران مكاتبنا ومتاجرنا ومصانعنا لإغراق كل منا، ومجتمعاتنا. كان رأسماليو المراقبة أول من تحرك في هذا العالم الجديد. فأعلنوا حقهم في المعرفة، ومن يقرر من يعرف، ومن يقرر ذلك. وبهذه الطريقة، أصبحوا يسيطرون على ما يمكن تسميته بـ"تقسيم التعلم في المجتمع"، والذي أصبح الآن المبدأ التنظيمي المركزي للنظام الاجتماعي في القرن الحادي والعشرين، تماما كما كان تقسيم العمل هو المبدأ التنظيمي الرئيسي للمجتمع في الحقبة الصناعية.
فالقضية لا تتمحور حول الحقيقة التكنولوجيا في حد ذاتها، ولكن الحقيقة أنها ولدت متغير جديد من الرأسمالية التي يتم تمكينها من قبل التكنولوجيا. فقد أدرك (Larry Page) أن التجربة الإنسانية يمكن أن تكون خشبا بكرا(مواد خام) من Google، وأنه يمكن استخراجه بدون تكلفة إضافية عبر الإنترنت وبتكلفة منخفضة جدا في العالم الحقيقي. بالنسبة لأصحاب رأس المال الحالي للمراقبة، فإن الحقائق التجريبية للأجسام والأفكار والمشاعر هي عذراء وبريئة مثل مروج الطبيعة والأنهار والمحيطات والغابات التي كانت ذات يوم وفيرة قبل أن تقع في ديناميكية السوق. ليس لدينا سيطرة رسمية على هذه العمليات لأننا لسنا أساسيين في حركة السوق الجديدة. بدلا من ذلك، نحن مغتربون عن سلوكنا الخاص، ممنوعون من الوصول أو السيطرة على المعرفة المستمدة من انتزاع ملكيتها من الآخرين وبواسطة الآخرين. إن المعرفة والسلطة والقوة ترتكز على رأس مال المراقبة، حيث أننا مجرد "موارد طبيعية بشرية". نحن الشعوب الأصلية التي اختفت الآن مطالباتها بتقرير المصير من خرائط خبراتنا الخاصة.
في حين أنه من المستحيل أن نتخيل رأسمالية المراقبة بدون الرقمية، إلا أنه من السهل تخيل الرقمية دون رأسمالية المراقبة. لا يمكن التأكيد على هذه النقطة بما فيه الكفاية: رأسمالية المراقبة ليست هي التكنولوجيا. يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تتخذ أشكالا متعددة وأن يكون لها العديد من التأثيرات، اعتمادا على المنطق الاجتماعي والاقتصادي الذي يبعثها في الحياة. تعتمد رأسمالية المراقبة على الخوارزميات وأجهزة الاستشعار، والذكاء الآلي والمنصات، لكنها ليست هي نفسها مثل أي من هؤلاء.
ولكن، كيف تتحرك رأسمالية المراقبة؟ إنها تنتقل من التركيز على المستخدمين الفرديين إلى التركيز على عدد من السكان، مثل المدن، وفي النهاية على المجتمع بل العالم ككل. لنفكر في رأس المال الذي يمكن جذبه إلى أسواق العقود المستقبلية(الآجلة) التي تتطور فيها التنبؤات السكانية لتقارب اليقين. لقد كان هذا منحنى تعليمي لرأسماليي المراقبة، مدفوعين بالمنافسة على المنتجات التنبؤية. أولا، علموا أنه كلما زاد الفائض كان التنبؤ أفضل، مما أدى إلى توفير بشأن الوزن في جهود العرض. ثم علموا أنه كلما زاد تنوع الفائض كلما ارتفعت قيمته التنبؤية. هذا الدافع الجديد وجههم إلى أرسال مجال الاقتصاد من سطح المكتب(الكومبيوتر) إلى الجوّال، والخروج إلى العالم.
التطور لم يتوقف عند هذا الحد. في النهاية فهموا أن معظم البيانات السلوكية التنبؤية تأتي من ما يمكن تسميته "الفعل الاقتصادي"، لأن هذه الأنظمة مصممة للتدخل في حالة اللعب وتعديل السلوك فعليا وتشكيله نحو النتائج التجارية المرغوبة. ومع ذلك، لم يعد يكفي أتمتة تدفق المعلومات التي عنا. وإنما الهدف الآن هو أتمتنا. تم تصميم هذه العمليات بدقة لإنتاج التجهيل من خلال التحايل على الوعي الفردي وبالتالي القضاء على أي إمكانية لتقرير المصير. يقول أحد علماء البيانات، "يمكننا هندسة السياق حول سلوك معين ونجبره أن يتغير بهذه الطريقة ... نحن نتعلم كيفية كتابة الموسيقى، ثم ندع الموسيقى تجعلهم يرقصون".
هذه القدرة على تشكيل السلوك من أجل فائدة الآخرين أو قوتهم هي بمثابة تفويض ذاتي. والقائم بها ليس له أي أساس في الشرعية الديمقراطية أو الأخلاقية، لأنه يغتصب حقوق اتخاذ القرار ويقوض عمليات الاستقلال الذاتي للفرد والتي تعد ضرورية لعمل المجتمع الديمقراطي. الرسالة هنا بسيطة: مرة أنا كنت ملكي. الآن أنا ملكهم.
خلال العقدين الماضيين، كان للرأسماليين رقابة مطلقة إلى حد كبير، بالكاد مع أي تدخل من القوانين واللوائح. لقد نمت الديمقراطية بينما جمع الرأسماليون في مجال المراقبة تجمعات غير مسبوقة من المعرفة والقوة. يتم إضفاء الطابع المؤسسي على أوجه التباين الخطيرة هذه في احتكاراتهم لعلم البيانات، وهيمنتهم على ذكاء الآلة، وهي "وسائل الإنتاج" التي تتبعها الرأسمالية، ونظمها الإيكولوجية للموردين والعملاء، وأسواق تنبؤهم المربحة، وقدرتهم على تشكيل سلوك الأفراد والمجتمع. وسيطرتهم وملكيتهم لقنواتنا في المشاركة الاجتماعية، واحتياطيات رأس المال الهائلة. تعيش في القرن الحادي والعشرين الذي يتميز بعدم المساواة الصارخ في تقسيم التعلم: فهم يعرفون عنا أكثر مما نعرفه عن أنفسنا أو مما نعرفه عنهم. هذه الأشكال الجديدة من عدم المساواة الاجتماعية بطبيعتها غير ديمقراطية.
أن "وسائل التعديل السلوكي" لرأسمالية المراقبة على نطاق واسع تؤدي إلى تآكل الديمقراطية من الداخل لأنه بدون استقلالية في العمل وفي الفكر، لدينا القليل من القدرة على الحكم الأخلاقي والتفكير النقدي الضروري لمجتمع ديمقراطي. وأيضا تآكل الديمقراطية من الخارج، حيث تمثل رأسمالية المراقبة تركيزا غير مسبوق للمعرفة والقوة التي تكتسب هذه المعرفة. إنهم يعرفون كل شيء عنا، لكننا لا نعرف الكثير عنهم. إنهم يتوقعون مستقبلنا، ولكن من أجل مكاسب الآخرين. تمتد معرفتهم إلى ما هو أبعد من تجميع المعلومات التي قدمناها لهم. إنها المعرفة التي أنتجوها من تلك المعلومات التي تشكل ميزتهم التنافسية، ولن يتخلوا عنها أبدا. هذه التباينات في المعرفة تقدم محاور جديدة بالكامل من عدم المساواة والظلم الاجتماعي.
في الوقت نفسه، تختلف رأسمالية المراقبة عن تاريخ رأسمالية السوق بطرق أساسية، مما كبح آليات الاستجابة الطبيعية للديمقراطية. أحد هذه الأسباب هو أن رأسمالية المراقبة تتخلى عن المعاملة بالمثل مع أشخاص ساعدوا في الماضي على دمج الرأسمالية بالمجتمع، ولكن بشكل ناقص، وتقيدها بمصالح المجتمع. أولا، لم يعد رأسماليو المراقبة يعتمدون على الناس كمستهلكين. بدلا من ذلك، فإن العرض والطلب يوجهان الشركة الرأسمالية للمراقبة إلى الشركات التي تنوي توقع سلوك السكان والجماعات والأفراد. ثانيا، وفقا للمعايير التاريخية، فإن الرأسماليين الكبار في مجال المراقبة يوظفون عددا قليلا نسبيا من الأشخاص مقارنة بمواردهم الحسابية غير المسبوقة. قامت شركة جنرال موتورز بتوظيف عدد أكبر من الأشخاص خلال ذروة الكساد الكبير مقارنة بشركة جوجل أو فيسبوك التي توظف أعلى مستوياتها في القيمة السوقية. أخيرا، تعتمد رأسمالية المراقبة على تقويض حق الفرد في تقرير المصير والاستقلال وحقوق اتخاذ القرار من أجل التدفق غير المعاق للبيانات السلوكية لإطعام الأسواق التي هي عنا ولكن ليس لنا.
أفضل ما يوصف به هذا الطاغوت المناهض للديمقراطية وللمساواة هو الانقلاب الذي يحركه السوق من الأعلى، الذي أخفى الإطاحة بالناس كحصان طروادة التكنولوجي للتكنولوجيا الرقمية. بناء على إلْحاق هذه قوة بالخبرة الإنسانية، يحقق هذا الانقلاب تجمعات حصرية من المعرفة والقوة التي تحافظ على تأثير متميز على تقسيم التعلم في المجتمع. إنه شكل من أشكال الطغيان يتغذى على الناس ولكنه ليس من الناس. من المفارقات، يتم الاحتفال بهذا الانقلاب باعتباره "التخصيص" (personalisation)(18)، على الرغم من أنه يشوه، يرفض، يتجاهل، ويزيح عنك وعني كل ما هو شخصي.
على الرغم من هيمنة رأسمالية المراقبة على الوسط الرقمي وقوتها غير المشروعة على التجربة الخاصة وتشكيل السلوك الإنساني، فإن معظم الناس يجدون صعوبة في الانسحاب، والكثيرون يفكرون ما إذا كان ذلك ممكنا. مع ذلك، هذا لا يعني، أننا حمقى أو كسولين أو غير سعيدين. على العكس من ذلك، أنها تبقينا مشلولين، مثل الأرانب مشلولة في المصابيح الأمامية للسيارة القادمة. فهناك العديد من الظروف التاريخية والسياسية والاقتصادية التي سمحت لهم بالنجاح. إلى جانب الأسباب والتي تتمثل بطبيعة الغزو غير المسبوق، الخاضع للإعلان. هناك أسباب مهمة أخرى هي الحاجة إلى الإدماج، والتواصل مع قادة التكنولوجيا ومشاريعهم، وديناميكيات الإقناع الاجتماعي، والشعور بالحتمية والعجز والاستسلام.
نحن محاصرون في اندماج لا إرادي بين الضرورة الشخصية والاستخراج الاقتصادي، مثل نفس القنوات التي نعتمد عليها في الخدمات اللوجستية اليومية، والتفاعل الاجتماعي، والعمل، والتعليم، والرعاية الصحية، والوصول إلى المنتجات والخدمات، وأكثر من ذلك بكثير. والآن أصبحنا نضاعف سلسلة عمليات التوريد لتدفق فائض رأسمالية المراقبة. والنتيجة هي أن آليات الاختيار التي ربطناها تقليديا بالمجال الخاص قد تآكلت أو أفسدت. لا يمكن أن يكون هناك خروج عن العمليات المصممة بشكل متعمد لتجاوز الوعي الفردي وإنتاج التجهيل، خاصة عندما تكون هذه هي نفس العمليات التي يجب أن نعتمد عليها في الحياة اليومية الفاعلة. لذلك يتم شرح مشاركتنا بشكل أفضل من حيث الضرورة والتبعية وتعويق البدائل والتجهيل القسري.
قادة التكنولوجيا يريدون بشدة أن نعتقد أن التكنولوجيا هي القوة الحتمية هنا، وأيديهم مقيدة. لكن هناك تاريخا غنيا بالتطبيقات الرقمية قبل رأسمالية المراقبة التي كانت حقا تمكينية ومتسقة مع القيم الديمقراطية. إن رأسمالية المراقبة هي ظاهرة من صنع الإنسان وفي عالم السياسة يجب مواجهتها. يجب تعبئة موارد مؤسساتنا الديمقراطية، بما في ذلك مسؤولينا المنتخبين. قامت العديد من مجتمعاتنا بترويض التجاوزات الخطيرة للرأسمالية الخام من قبل، ويجب علينا أن نفعل ذلك مرة أخرى. على الرغم من نماذج العمل الاقتصادي والقانوني والجماعي القائمة، مثل مكافحة الاحتكار وقوانين الخصوصية ونقابات العمال، فإن رأسمالية المراقبة واجهت عقدين نسبياً دون عوائق في الوصول إلى التجذر والازدهار. نحن بحاجة إلى نماذج جديدة ولدت من فهم وثيق لضرورات الرأسمالية الاقتصادية والآليات التأسيسية للمراقبة.
على سبيل المثال، غالبا ما يتم دعم فكرة "ملكية البيانات" كحل. ولكن ما الهدف من امتلاك البيانات التي لا ينبغي أن توجد في المقام الأول؟ كل ما يفعله هو مزيد من إضفاء الطابع المؤسسي والتقاط البيانات المشروعة. أنها أشبه بالتفاوض على كم من الساعات اليومية يجب ان يسمح لعمل طفل بعمر سبعة سنوات، بدلا من التفاوض أساسا على مدى شرعية هذا الفعل. كذلك تفشل ملكية البيانات أيضا في حساب حقائق الفائض السلوكي. يستخرج أصحاب رأسمالية المراقبة القيمة التنبؤية من علامات التعجب في رسالتك، وليس فقط محتوى ما تكتبه، أو من طريقة المشي وليس فقط المكان الذي تمشي فيه. قد يحصل المستخدمون على "ملكية" البيانات التي يقدمونها للرأسماليي المراقبة في المقام الأول، لكنهم لن يحصلوا على ملكية الفائض أو التنبؤات المستقاة منها، وليس بدون مفاهيم قانونية جديدة مبنية على فهم هذه العمليات.
مثال آخر: قد تكون هناك أسباب قوية لمنع احتكار التفكيك لأكبر شركات التكنولوجيا، ولكن هذا وحده لن يلغي رأسمالية المراقبة. بدلا من ذلك، ستنتج شركات رأسمالية مراقبة أصغر وتفتح المجال أمام المزيد من المنافسين الرأسماليين للمراقبة. حيث تتطلب المراقبة تحكم أكبر من قبل الشركات العملاقة (behemoths)(19) ولموازنة ذلك، يجب على الحكومات في البلدان الحرة أن تضع قيودا على حجم وأنواع شركات البيانات المسموح لها بجمعها على المواطنين، والطرق المسموح لهم بنقلها، وطول المدة المسموح لهم بالاحتفاظ بها، وقسوة العواقب المترتبة عليها. يمكن أن تفرض على الناس بسبب ذلك. كما هو الحال في العصور الماضية، فإن الحفاظ على الحريات الفردية يتطلب يد الحكومة القوية لمنع الشركات من انتزاعها.
لكن، التطبيق الأكثر إثارة للقلق هو التمييز في الأسعار. إذا استخدمت الشركات البيانات الشخصية للتنبؤ بمدى استعداد المستهلكين للدفع مقابل شيء ما، فيمكنهم فرض أسعار أعلى على الراغبين أو القادرين على دفع المزيد. وبالتالي، فإن رأسمالية المراقبة قد تساعد الشركات على تجنب المزيد من القيمة التي تقدمها الأسواق للمستهلكين.
قد يكون الأمر الأكثر أهمية هو قدرة الشركات على حرمان الأفراد من الخدمات الأساسية القائمة على أفعالهم السابقة. لذا تهدد رأسمالية المراقبة بتدعيم الفروق الطبقية عن طريق أخذ الأشخاص الذين يرتكبون أخطاء، أو الذين يعانون من التمييز، وتقييد وصولهم إلى جميع أنواع جوانب الاقتصاد. وهذا يمكن أن يكون له في النهاية تأثير على إنشاء ما يسمى نظام الائتمان الاجتماعي مثل النظام الذي يتم تجربته في الصين. بموجب هذا النظام، يمكن منع الأشخاص الذين يفشلون في إعادة التدوير أو الوقوف في المكان الخطأ أو تشغيل الموسيقى الصاخبة من ركوب القطارات أو الحصول على الائتمان أو المشاركة بطريقة أخرى في أجزاء أخرى من الحياة الاقتصادية.
إذا كان هذا يبدو وكأنه استبداد، فهذا لأنه كذلك. عندما تنظم الحكومة كل سلوك للحياة اليومية، فإن المواطنين ليسوا أحرارا. حتى الآن، لم تزود الشركات الأمريكية الأشخاص بطرق لفرض عقوبات دائمة على جيرانهم لعدم إعادة تدويرهم أو لتشغيل الموسيقى الصاخبة. ولكن من حيث المبدأ، الهواتف الذكية في كل مكان، وعشرات الائتمان والتطبيقات ذات الأهمية القصوى مع قوة الاحتكار تعني أن هذا النوع من نظام الائتمان الاجتماعي المختلط ممكن تماما.
يبقى السؤال: كيف يمكننا ترجمة غضبنا إلى أنواع الأطر المؤسسية والقانونية التي تضمن المبادئ الديمقراطية والقيم الإنسانية في عالم متصل بالشبكة؟ ما الذي يجب عمله؟ في أي مواجهة مع ما لم يسبق له مثيل. تشير (Shoshana Zuboff) إلى أن هناك ثلاث ساحات يجب معالجتها إذا أردنا إنهاء عصر رأسمالية المراقبة.
أولاً، نحن بحاجة إلى تغيير جذري في الرأي العام. هذا يبدأ بقوة التسمية. وهذا يعني الاستيقاظ من شعور السخط والغضب. لنقول، "لا". لنقول، "هذا ليس جيدا".. باعتباره التسمية هي الخطوة الأولى الضرورية نحو الترويض. على آمل أن توفر التسمية الدقيقة لنا جميعا فهما أفضل للطبيعة الحقيقية لهذه الطفرة المارقة في الرأسمالية وأن تسهم في حدوث تغيير جذري في الرأي العام، خاصة بين الشباب.
ثانياً، نحتاج إلى حشد موارد مؤسساتنا الديمقراطية في شكل قانون وتنظيم. وتشمل هذه، تجاوز قوانين الخصوصية ومكافحة الاحتكار. كما نحتاج أيضا إلى تطوير قوانين ومؤسسات تنظيمية جديدة تعالج على وجه التحديد آليات وضوابط رأسمالية المراقبة.
تتعلق الساحة الثالثة بفرصة الحلول التنافسية. لقد أظهر كل مسح لمستخدمي الإنترنت أنه بمجرد أن يصبح الناس على دراية بالممارسات وراء الكواليس التي يمارسها الرأسماليون، فإنهم يرفضونها. يشير ذلك إلى الانفصال بين العرض والطلب: فشل السوق. لذلك نرى مرة أخرى فرصة تاريخية لتحالف الشركات لإقامة نظام بيئي بديل، نظام يعيدنا إلى الوعد السابق للعصر الرقمي كحقبة للتمكين وإضفاء الطابع الديمقراطي على المعرفة.
ولكن هل يمكن ان يتحقق ذلك؟ اليوم قد زادت مصادر البيانات المتاحة حديثا بشكل كبير من كمية البيانات المتاحة وتنوعها. والتي تشمل مجتمعنا المتوسع القائم على أجهزة الاستشعار. فهناك الآن أجهزة يمكن ارتداؤها وأجهزة منزلية ذكية وطائرات بدون طيار وألعاب متصلة والسفر الآلي. تضيف أجهزة الاستشعار مثل الميكروفونات والكاميرات وأجهزة التسارع وأجهزة استشعار درجة الحرارة والحركة إلى قائمة متزايدة باستمرار من أنشطتنا (البيانات) التي يمكن جمعها وسلعها. كما أصبحت الأجهزة القابلة للارتداء الشائعة مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية، على سبيل المثال، جزءا من ممارسات الرعاية الصحية اليومية. يمكن تخزين أنشطتنا والبيانات الحيوية واستخدامها لتفسير وضعنا الصحي واللياقة البدنية.
كذلك تعتبر الألعاب المتصلة هي ساحة أخرى سريعة النمو في السوق مرتبطة برأسمالية المراقبة. هناك فوائد تعليمية من الأطفال الذين يلعبون بهذه الألعاب، بالإضافة إلى إمكانية سحب الأطفال من الشاشات نحو اللعب الجسدي والتفاعلي والاجتماعي. ولكن حدثت خروقات كبيرة في البيانات حول هذه الألعاب، مما يشير إلى أن بيانات الأطفال تعتبر سلعة ثمينة أخرى.
أذن أين نقف نحن اليوم من هذا الطوفان المدمر للذات الإنسانية وجوهرها بالتحرر من كل قيود وسلاسل العبودية القديمة والحديثة، والمتمثلة بالعبودية الرقمية، وانتشار رقيق المعلومات. السؤال الكبير الذي يبرز هنا هو: هل الواقع للبيع؟


الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) Shoshana Zuboff: مؤلفة وباحثة أمريكية. وهي مؤلفة الكتب في عصر الآلة الذكية: مستقبل العمل والقوة والاقتصاد الداعم: لماذا تفشل الشركات في الأفراد والحلقة التالية من الرأسمالية، تشاركت في تأليفها مع جيمس ماكسمين.
2) Getty Images: هو موقع صوري تأسس سنة 1995 وهو عبارة عن شركة وسائط مرئية، مقرها في سياتل في واشنطن شمال غرب الولايات المتحدة. والموقع يضم صور ومقاطع فيديو بأرشيف يزيد 200 مليون ملف. وهو يستهدف ثلاثة مستويات، الأول احترافي ابداعي، ووسائل الإعلام، والشركات. صور غيتي على مواقع التواصل الاجتماعي صور غيتي على تويتر.
3) الرهبان المكفوفون والفيلة خرافة هندية قديمة يرجع تاريخها إلى آلاف السنين (النسخة الأولى من القصة يمكن عزوها إلى النص البوذي (Udana)، الذي يرجع تاريخه إلى 500 قبل الميلاد أو حتى قبل ذلك في نص Rig-Veda) ) بين (1500 و2000 قبل الميلاد). تتحدث القصة عن مجموعة من الرهبان المكفوفين تصادف فيل لأول مرة. كل واحد منهم يلمس أجزاء مختلفة من الفيل. عدم معرفة شكل الفيل، تؤدي إلى أن يتوصل كل منهم إلى استنتاج مختلف بناءً على تجربته الخاصة. أول أعمى يمس جانب الفيل ويدعي أن الفيل يشبه الجدار. الأعمى الآخر يمس ساقه ويصرخ بأن الفيل يشبه الشجرة. يلامس الرهبان العميات الآخرون الأنياب والجذع والأذن والذيل ويعتقدون أن الفيل يشبه الرمح والأفعى والمروحة والحبل على التوالي. يتجادلون حول شكل الفيل، بناءً على تجربتهم مع الحيوان. لم يلمس كل رهبان أعمى سوى جزء من الفيل، ويعتقد أنه الفيل بأكمله. لقد استندوا إلى رأيهم حول كيفية كون الفيل، بناءً على معرفتهم بالحيوان، والتي لم تكن كاملة. هذا يعني أن الناس يعتقدون أن شيئا ما حقيقيا، استنادًا إلى تجاربهم الشخصية، ونادراً ما يستمر في رؤية الصورة كاملة قبل الوصول إلى النهاية. يشكل الناس آراء بناءً على المعرفة غير الكاملة. في بعض إصدارات القصة، لا يتم حل الحجة أبدا. في إصدارات مختلفة، يختلف عدد الرجال وهناك اختلافات طفيفة في ما يفكرون به حول الفيل.
4) زِنْ هي طائفة من الماهايانا البوذية يابانية، تفرعت عن فرقة "تشان" البوذية الصينية، يطلق اللفظ أيضا على مذهب هذه الطائفة. يتميز أتباع هذا المذهب بممارسة التأمل في وضعية الجلوس -زازن- كما يشتهرون بكثرة تداولهم للأقوال المأثورة والعِبر.
5) الذكاء الاصطناعي هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. من أهم هذه الخاصيات القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة. إلا أنَّ هذا المصطلح جدلي نظراً لعدم توفر تعريف محدد للذكاء. الذكاء الاصطناعي فرع من علم الحاسوب.
6) Adam Smith: فيلسوف أخلاقي وعالم اقتصاد اسكتلندي. يُعدّ مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي ومن رواد الاقتصاد السياسي. اشتهر بكتابيه الكلاسيكيين: "نظرية المشاعر الأخلاقية"، وكتاب "بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها". وهو رائعة آدم سميث ومن أهم آثاره، وهو أول عمل يتناول الاقتصاد الحديث وقد اشتهر اختصارا، باسم "ثروة الأمم".
7) Maximilian Karl Emil Weber: كان عالما ألمانيا في الاقتصاد والسياسة، وأحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث ودراسة الإدارة العامة في مؤسسات الدولة، وهو من أتى بتعريف البيروقراطية، وعمله الأكثر شهرة هو كتاب الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية حيث أن هذا أهم أعماله المؤسسة في علم الاجتماع الديني وأشار فيه إلى أن الدين هو عامل غير حصري في تطور الثقافة في المجتمعات الغربية والشرقية، وفي عمله الشهير أيضا "السياسة كمهنة" عرف الدولة: بأنها الكيان الذي يحتكر الاستعمال الشرعي للقوة الطبيعية, وأصبح هذا التعريف محورياً في دراسة علم السياسة.
8) Karl Paul Polanyi: كان مؤرخا اقتصاديا نمساويا وهنغاريا وعالما نوسيولوجيا وسياسيا وفيلسوفا. وهو معروف بمعارضته للفكر الاقتصادي التقليدي وكتابه "التحول الكبير"، الذي جادل بأن ظهور مجتمعات قائمة على السوق في أوروبا الحديثة لم يكن أمراً محتوماً ولكنه كان تاريخياً. يُذكر بولاني اليوم بأنه المنشئ للإثبات، وهو نهج ثقافي في الاقتصاد، والذي أكد على الطريقة التي يتم بها دمج الاقتصادات في المجتمع والثقافة. يتعارض هذا الرأي مع الاقتصاد السائد ولكنه يحظى بشعبية في الأنثروبولوجيا والتاريخ الاقتصادي وعلم الاجتماع الاقتصادي والعلوم السياسية. تم تطبيق مقاربة بولاني للاقتصادات القديمة على مجموعة متنوعة من الحالات، مثل أمريكا ما قبل كولومبوس وبلاد ما بين النهرين القديمة، على الرغم من أن فائدتها في دراسة المجتمعات القديمة بشكل عام قد تم التشكيك فيها.
9) مجلة Wired هي مجلة أمريكية تأسست عام 1993، تهتم بتجارة وأعمال وتقنية وحياة يومية واجتماعية. صدر العدد الأول منها في يناير 1993. يقع مقرها في سان فرانسيسكو. تصدر المجلة كل شهر. وهي باللغة الإنجليزية. تباع منها 853823 نسخة.
10) سيارة صُنعت من قبل شركة فورد للسيارات من عام 1908 حتى عام 1927.
11)) شركة dot-com، أو ببساطة dot-com، هي شركة تقوم بمعظم أعمالها على الإنترنت، عادةً من خلال موقع على شبكة الإنترنت العالمية يستخدم مجال المستوى الأعلى الشهير"com" تشير لاحقة .com في عنوان URL عادة إلى كيان تجاري أو ربحي، بدلا من كيان غير تجاري أو منظمة غير ربحية، تستخدم عادةorg..
12) نسبة النقر هي نسبة المستخدمين الذين ينقرون على رابط معين إلى العدد الإجمالي من المستخدمين الذين يطلعون على الصفحة أو البريد الإلكتروني أو الإعلان.
13) Silicon Valley: هي المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية. هذه المنطقة أصبحت مشهورة بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي الشرائح أو الرقاقات السيليكونية، وحالياً تضم جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية.
14) سيدة أعمال أمريكية. شغلت بأغسطس 2013 منصب كبيرة مسؤولي التشغيل في الفيسبوك. كما انتخبت في يونيو 2012 لمجلس الإدارة من قبل أعضاء المجلس القائم، لتصبح أول امرأة تعمل في مجلس إدارة الفيس بوك. قبل الفيسبوك، كانت ساندبرج نائبة الرئيس المبيعات العالمية عبر الإنترنت والعمليات في جوجل. كما شاركت في إطلاق الذراع الخيرية لغوغل والذي سمي غوغل أورغ. قبل جوجل، خدمت ساندبرج مديرة الموظفين في وزارة الخزانة الأمريكية. في عام 2012، كانت في قائمة مجلة تايمز لأكثر مئة شخصية مؤثرة في العالم. وبحلول أغسطس 2013 قُدرت ثروتها بحوالي 1 بليون -$- ويُعود ذلك إلى امتلاكها أسهم في الفيس بوك وشركات أخرى.
15) Typhoid Mary: هي (Mary Mallon) الشهيرة بماري تيفوئيد أول امرأة عُرف أنها ناقلة لمرض التيفوئيد في الولايات المتحدة. كانت ماري قد شفيت من المرض، لكنها بصفتها ناقلة للمرض استمرت في نشر جرثومة التيفويد إلى الآخرين، ونقلت العدوى لنحو 53 شخصا على الأقل في الفترة 1900-1915م، مات منهم ثلاثة.
16) الإنسان الرقمي هو الشخص الذي ولد خلال طفرة التكنولوجيا أو بعدها وتفاعل مع التكنولوجيا الرقمية منذ سن مبكرة، ولديه قدر كبير من الإلمام بهذه المفاهيم. بديلاً عن ذلك قد يطلق هذا المصطلح على الأشخاص الذين ولدوا خلال الستينيات أو بعدها، حيث بدأت التكنولوجيا بالظهور في ذلك الوقت.
17) informate: وهو مصطلح صاغته Zuboff في كتابها في عصر الآلة الذكية (1988). إنه العملية التي تترجم أوصاف وقياسات الأنشطة والأحداث والكائنات إلى معلومات. من خلال القيام بذلك، تصبح هذه الأنشطة مرئية للمنظمة.
18) personalization: يتمثل التخصيص في تخصيص خدمة أو منتج لاستيعاب أفراد محددين، يرتبط في بعض الأحيان بمجموعات أو شرائح من الأفراد. تستخدم مجموعة واسعة من المؤسسات التخصيص لتحسين رضا العملاء وتحويل المبيعات الرقمية ونتائج التسويق والعلامات التجارية ومقاييس موقع الويب المحسنة وكذلك للإعلان. أي يشير إلى العملية التي يمكن للناس من تلقي الدعم التي تتناسب والاحتياجات والرغبات الفردية.
19) behemoths: البهيموث هو وحش ذُكر في سفر أيوب 24-40:15 تتراوح الهويات المقترحة له من مخلوق أسطوري إلى فيل أو فرس النهر أو وحيد القرن أو جاموس. مجازا، أصبح الاسم مستخدما لأي كيان كبير جدا أو قوي للغاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر