الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا وإنعدام الخيارات

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2019 / 9 / 9
القضية الكردية


إن الرئيس التركي وعلى الرغم من كذبه الدائم مؤخراً وذلك كأي سياسي فشل في الحفاظ على ما حققه سابقاً من خلال الاعتماد على فريق عمل ناجح، إلا إنه أحياناً يصرح بما لا يريد أن يصبح واقعاً وحقيقة تؤرقه بحيث تسبب له المزيد من الأزمات السياسية ونقصد هنا ما صرح به مؤخراً؛ "أن امريكا تضعهم في كفة واحدة من حيث التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية"، فربما تكون هذه المقولة واحدة من نوادر الصدق لدى أردوغان خلال هذه المرحلة من تجربته السياسية وقد قالها بمزيج من الحنق والغضب واليأس من الحليف الأمريكي الذي جعله يرتمي في الأحضان الروسية انتقاماً منه ومن سياساته بالمنطقة وكذلك لحثه -أي الأمريكان- في إعادة النظر في إستراتيجياتهم بخصوص العلاقة بحيث تعود الترجيح لصالح تركيا بخنق الطموح الكردي بالمنطقة، لكن تناسى أردوغان بأن الإستراتيجيات الأمريكية قد تغيرت بالمنطقة بعد 11 أيلول 2001 وذلك بتحول تلك الاستراتيجية من التعاون مع الإسلام السياسي وبالأخص الاعتماد على حزبه والإخوان عموماً إلى القضاء على الجماعات الإسلامية الراديكالية حيث وعندما تم الاعتماد على حكومته كان المأمول أن تقدم تركيا مع فريق حزب العدالة والتنمية نموذجاً إسلامياً ليبرالياً وقد كانت رؤية الأوربيين والأمريكيين للتجربة التركية كذلك فعلاً وذلك لغاية كشف الأوراق مع دعم أردوغان لجماعات "الإخوان المسلمين" التي بدأت تسيطر على المشهد العربي من خلال ما عرف ب"ربيع الثورات العربية" وهنا شعر الغرب عموماً بخطر السياسات التركية فكانت تغيير البوصلة والبحث عن شركاء وبدائل جديدة فكانت السعودية كمؤسسة رسمية -أو ما يمكن القول؛ ب"فاتيكان المسلمين"- بدل الجماعات الإسلامية التي تضخ خطاب العنف والكراهية وكان على الأرض، الاعتماد على قوات عسكرية كردية والتي أصبحت نواة قوات سوريا الديمقراطية وذلك لمحاربة العنف والإرهاب.

وبالتالي فإن الكرد وقواتهم باتوا جزء من الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بالمنطقة ولذلك وضعهم في كفة الميزان مع دولة حليفة كتركيا ربما تكون غريبة وغير مألوفة لدى الكثيرين غير أردوغان، بل حتى الكثير من أبناء شعبنا وكذلك المهتمين بشؤون المنطقة وإستراتيجياتها، لكن وبقناعتي هذه واحدة من أهم التغييرات المفصلية في السياسات الأمريكية وبالتالي فلا خوف على شرق الفرات والإدارة الذاتية وعموم المسألة الكردية، بل ربما نشهد خلال المراحل التاريخية المقبلة زيادةً في تحقيق النجاحات السياسية للقضية الكردية ليس فقط على مستوى روجآفا، بل وفي داخل تركيا نفسها؛ أي شمال كردستان وهنا الخوف الحقيقي لتركيا وأردوغان والذي يحاول بشتى السبل تأجيل العاصفة القادمة عليه وعلى حكومته التي فشلت بكل جدارة في إدارة الملفات السياسية الداخلية والخارجية ولذلك فإن كل تهديداته ضد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لن تكون أكثر من فرقعات كلامية وإن تهديده بالقول: (إذا لم نبدأ بتشكيل “منطقة آمنة” مع جنودنا في شرق الفرات قبل نهاية سبتمبر فلن يكون لدينا خيار سوى تنفيذ خططنا الخاصة) لن يتعدى المنابر الإعلامية، كونه يدرك بأن أي إجتياح دون غطاء جوي لا تسمح له أمريكا بأن تحلق طائراته في سماء شرق الفرات سوف يعني إنتحاراً سياسياً وذلك قبل أن يكون إنتحاراً عسكرياً لقواته وذلك ما لدى الطرف الآخر؛ قوات سوريا الديمقراطية من عتاد عسكري أمريكي متطور ولذلك فليس من خيار له -إنعدام الخيارات- إلا القبول والرضوخ للأمر الواقع والقبول بالإدارة الذاتية في شرق الفرات وبالتالي إعادة تجربة تركيا في علاقتها مع إقليم كردستان من الرفض والمحاربة إلى القبول والتعاون المشترك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان


.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي




.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ


.. تونس.. ناشطون يدعون إلى محاكمة المعتقلين السياسيين وهم طلقاء




.. كلمة مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة |#عاجل