الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان الوضع جيد قبل نتنياهو

جدعون ليفي

2019 / 9 / 10
القضية الفلسطينية



إن كراهية بنيامين نتنياهو، التي تكون احيانا مبررة، وفي احيان اخرى مبالغ فيها، تبعث في الحياة المزاج القديم والمحبوب في اسرائيل: الاشتياق لما كان، وأكثر من ذلك، الاشتياق لما لم يكن موجود في أي يوم. هذا موسم الولادة المتعسرة: من يقوم بتخويف الآخر أكثر بوصف الكوارث التي تقف امام اسرائيل. دولة شريعة، نهاية الديمقراطية، نهاية الدولة، نهاية العالم.
يوم القيامة الآن، وما هو الاكثر طبيعية من تجميل الماضي، الاشتياق لما كان، تعظيم ما لم يكن. اسرائيل الجميلة والعادلة، قبل صعود النذل الى السلطة؛ خرابها بعد 13 سنة من حكمه. ولكن الحقيقة هي أن الوضع هنا كان أفضل قبل مجيء نتنياهو. ولكنه كان أقل جودة مما يصفونه، اليوم اسوأ لكنه أقل مما يبكون عليه.
اسرائيل دائما اشتاقت الى الماضي وزينته. في العام 1960 نشرت "هيد آرتسي" تسجيلات (التي كانت بملكيتها)، عشية اغاني اليشوف الذي عقد في قصر الثقافة في تل ابيب. كان عمر الدولة حينها 12 سنة. الدولة في حينه اشتاقت الى ماضيها. "ارفعوا صهيون واحملوا المعجزة والعلم، انظروا كم هو عظيم هذا اليوم".
هذه كانت التسجيلات الاولى التي توجد في كل بيت تقريبا. لقد سمعناها عشرات المرات بانفعال حميمي مبكر ومبالغ فيه. هكذا علمونا بأن نشتاق لما يجب وعدم معرفة ما لا يجب معرفته. بعد ذلك بستين سنة، مرة اخرى تتكرر اللازمة: يقولون إن الوضع كان هنا اكثر سعادة قبل ولادتي.
الحنين للماضي يتركز الآن على الديمقراطية المثالية، وعلى الاعلام الحر، وعلى العلمانية المجيدة التي كانت موجودة ولم تعد موجودة الآن، بسبب نتنياهو بالطبع. في سنة واحدة فقط من بين الـ 71 سنة من حياتها، في 1966 – 1967، لم يتواجد في اسرائيل حكم عسكري في جزء من المناطق الخاضعة لسيطرتنا. هل يمكن تصديق ذلك؟ في الـ 18 سنة الاولى تواجد الحكم العسكري داخل الحدود السيادية وكان ساريا على عدد من مواطنيها، ولكن فقط حسب الانتماء القومي.
ديمقراطية؟ حتى بدون ضحك، إن التقدم المهني للكثيرين كان مرهون ببطاقة الحزب، قبل وقت طويل من الحديث عن التسييس. المحكمة العليا تملصت بخوف طوال سنوات من الحسم بشأن الاحتلال، قبل وقت طويل من المس الشديد بحراس العتبة. اليسار الراديكالي والعرب كانوا خاضعين لملاحقات واضطهاد لم يتجرأ أحد على تطبيقها اليوم. اسرائيل كانت في حينه كانت دولة شباك أكثر مما هي الآن. الجيش ايضا كان اكثر تقديسا.
هذا كان قبل وقت طويل من نتنياهو، قبل وقت طويل من هجوم رئيس الحكومة "الشائن" على القناة 12 كان يوجد هنا اعلام ليس هناك وسيلة لوصفه كأعلام حر. معظم الصحف كانت صحف ناطقة بلسان الاحزاب. مؤسسة غير ديمقراطية بصورة واضحة، لجنة المحررين سيطرت على المعلومات التي نقلت الى الجمهور بتعاون مخجل مع السلطات. وايضا الرقابة العسكرية مسحت وأسكتت أكثر مما تفعل الآن.
الاعلام كان كله تقريبا مجمد. مدير عام مكتب رئيس الحكومة عمل كمحرر رئيس في اذاعة الحكومة الوحيدة في حينه. معظم الصحف خدمت نوايا واحدة ووحيدة، قومية ووطنية، حتى أكثر مما هو الوضع الآن. المذبحة في كفر قاسم والقتل الجماعي الاجرامي في قبية اخفيت عن الجمهور لزمن طويل، بموافقة ذليلة لما يسمى الصحف الحرة، كما يبدو، قبل نتنياهو.
قبل نتنياهو لم تكن توجد هنا العلمانية التي يخافون على وجودها كثيرا الآن. المدارس العلمانية في طفولتنا كانت متدينة أكثر من الموجودة الآن. آيات التوراة اليوم في طابور الصباح، قبعة منسوجة في كل درس للتوراة، تقبيل كتاب التوراة اذا سقط على الارض، لا سمح الله. "عيد نزول الكتاب" في الصف الثاني، هو عيد "نزول التوراة"، كل ذلك في معاقل العلمانية في تل ابيب.
مدينة كانت مغلقة ومنغلقة تماما في ايام السبت اكثر مما هي اليوم. سينما في يوم السبت؟ محلات؟ بصعوبة صيدلية مناوبة في طرف المدينة. هذا كان قبل وقت طويل من التهويد.
قبل وقت طويل من التهويد وتخريب الديمقراطية كان الوضع هنا ربما أكثر سعادة، لكن ليس كما يصفونه الآن. نتنياهو تسبب بالضرر والتخريب. ولكن كان هناك من سبقوه في ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصحفي الاسرائيلي المعادي للصهيونية
طلال الربيعي ( 2019 / 9 / 10 - 16:52 )
مقالة مهمة وممتعة للصحفي الاسرائيلي اليساري الشجاع والمعادي للصهيونية, جدعون ليفي

اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل