الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل المقال فيما بين واجب التعزية و المسؤولية الحكومية من الانفصال!

مولاي الشريف طاهيري

2019 / 9 / 10
الادارة و الاقتصاد


معالي الوزير، السيد عبد القادر اعمارة،
حصيلة فاجعة الدرمشان لحدود الساعة 17 قتيلا! و هي مرشحة للارتفاع.. و أنتم على علم طبعاً أنه عند سقوط ضحايا بهذا العدد لا يتردد المسؤول الوصي على القطاع موضوع الكارثة بتقديم استقالته -الحديث هنا طبعا عن الأقطار التي لا يظلم فيها أحد-.
بداية، أطمئنكم إلى أن الأمر لا يتعلق بمحاكمة علنية فى الساحة العمومية وليس الأمر مزايدة سياسوية ضيقة.
هو فقط تفاعل مع واجب العزاء الذي لم تتأخروا عن تقديمه عبر صفحتكم على الفايسبوك لأسر ضحايا انقلاب الحافلة بخنگ الرشيدية و تنقُّلكم، في زيارة تفقُّدية، إلى عين المكان و الوقوف على عملية انتشال الجثث و زيارة الجرحى و المصابين.
كل ما قمتم به لغاية الآن جميل و نبيل يُظهر في جنابكم "الوزير الإنسان"، لكن أين هو من كل هذا "الوزير المسؤول" عن التجهيز والنقل واللوجيستيك و الماء ؟!
معالي الوزير،
فاجعة واد الدرمشان بالمدخل الشمالي لمدينة الرشيدية على الطريق الوطنية رقم 13 تعيد طرح نقط استفهام قديمة جديدة.
تساؤلات روافدها معاناة ساكنة "أفقر" جهة بالمملكة و مصبّها وزارتكم المكلفة بالتجهيز و النقل و اللوجيستيك و الماء.
معالي الوزير،
لقد تداولت المواقع الإجتماعية ما يفيد أن السبب الوحيد في ما وقع هو سائق الحافلة. و الحال أن السائق غرّر به من طرف وزارتكم -و هو يسلّم أنه يسير على طرقات و قناطر بمعايير علمية مضبوطة- (قد نتفق أن للسائق نصيب من المسؤولية بشكل أو بآخر في وقوع الكارثة، لكن هذا لا يخلي مسؤوليتكم و لا يعفيكم من المسائلة).
معالي الوزير،
المنطق البسيط يفيد أن الطرقات و القناطر و السدود ليست بمعطيات طبيعية أو إرادة إلهية لا مردّ لقضائها.
تعلمون جيدا، معالي الوزير، أن للقنطرة معايير و مقومات، لكن الساكنة (تجاوزا) تلقّب مكان الحادث كذلك حفاظاً منها لهبة الواد و الدولة معا!
معالي الوزير،
تحدثت وسائل الاعلام عن "قنطرة" واد الدرمشان، في حين أنها مجرد طريق تخترق مجرى واد يصب مباشرة في سد الحسن الداخل.
معالي الوزير،
علمت عبر صفحتكم بالفايسبوك أنكم قبيل الحادث حللتم بسويسرا في إطار ما أسميتموه عبثا "شراكة" بين سويسرا و المغرب، و علمت أنكم وقفتم على نهاية أشغال نفقين عملاقين للسكك الحديدية بمدينة "بلينوزا" أحدهما بطول 15 كيلومتر و الآخر بطول 45 كيلومتر.
لكن، هل يعلم جنابكم أنه على مقربة من مكان الحادث الأليم يتواجد نفق وحيد بطول 60 مترا "جاد" به الإستعمار الفرنسي على المنطقة أواخر عشرينيات القرن الماضي.
معالي الوزير،
نفق "زعبل" الكولونيالي هو حبل السّرة الوحيد الذي يصل إقليم الرشيدية ب "المغرب النافع" (و هنا أترك لمعاليكم تخيل حجم المعاناة و العزلة التي قد تعيش مرارتها الساكنة في حال اختفى النفق جراء ظروف طبيعية أو غيرها).
معالي الوزير،
قبل أسبوعين عشنا حدادا على أرواح جرفتها السيول بملعب تزيرت، و مثل سائق الحافلة فساكنة إمي نتيارت هي المذنبة بتراميها على الملك العام المائي و التعمير العشوائي (على الأقل كما عبّرت كاتبة الدولة المكلفة بالماء السيدة شرافات أفيلال).
معالي الوزير،
لقد تقدم، على غراركم، كاتب الدولة المكلف بالنقل السيد محمد نجيب بوليف، و صاحب مؤلَّف "الإقتصاد الإسلامي و مساهمته في الإقتصاد السياسي المعاصر" (تقدم) بواجب العزاء لأسر ضحايا الحافلة، و كذلك فعل رئيس الحكومة شارذ الذهن.
الأكيد أن عائلات الضحايا تقبل تعازي أعضاء الحكومة و تردّ: لا أراكم الله مكروها فيمن تحبون.
معالي الوزير،
جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب قوله: "ويلك يا عمر، لو أن بغلة تعثرت في العراق لسُئل عنها عمر لِمَ لَمْ تمهّد لها الطريق؟".
معالي الوزير،
لا شك أنكم على إلمام بالحديث الشريف القائل: "خير الأسماء ما عبّد و حمّد".
لكن، هل تعلمون أنه في صحيح الأحاديث الاقتصادية والإجتماعية و التنموية يروج حديث شبيه: "خير الطرقات ما عبّد و خير المداشر ما بلّط و خير السدود و القناطر ما شيّد".
معالي الوزير،
لا شك أن البنيات التحتية في عالم الإقتصاد تعد المدخل الفعلي للتنمية، و طبعا بتوفر بعض من الإرادة السياسية.
و إنه لمن الحكمة، بل و من العدل، أن تعبّد طرقات الجنوب الشرقي بما يفكّ العزلة التي تعيشها، مع كل موسم ماطر، دواوير جماعات السيفا و آيت هاني و أغبالو نكردوس و غيرها..
معالي الوزير،
مع كل موسم انتخابي يكثر الحديث عند دراسات معمَّقة و أغلفة مالية مرصودة لربط طريق سيار بين الرشيدية و مكناس. متى يرى هذا الوعد النور إن كنتم صادقين؟
معالي الوزير،
لا يفصلنا عن موسم الثلوج سوى أشهر قليلة، فماذا أنتم لساكنة الأطلس فاعلون؟ اللوجيستيك المتوفَّر عبارة عن بعض المعدات التقليدية و بعض جرافات الثلوج القديمة.
معالي الوزير،
ستصلكم أنباء عن قطع المحاور الطرقية بمرتفعات الأطلس و ستغلق الطريق الوطنية رقم 13 في وجه المرور.
قد يبيت بعض المسافرين وسط الثلوج و قد يغير البعض الآخر وجهتهم.
قد تُعلن الدواوير الجبلية مناطق معزولة و منكوبة،
قد تسوء الأوضاع.
قد يتكرر السيناريو نفسه.
و قد يستمر الحداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة