الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول المذكرات الشخصية او السير الذاتية!

سليم نزال

2019 / 9 / 16
سيرة ذاتية




كنت اتحدث الاسبوع الماضى على الهاتف مع صديق و هو كاتب مبدع فى نيويورك حول موضوع المذكرات الشخصيه حيث حثيته ان يبدا بكتابتها بعد ان تعافى من مرض خطير.

منذ ان وعيت على القراءة كانت قراءة المذكرات الشخصية للكتاب او سواهم امر يسحرنى فعلا.السبب ان المرء يطل على الانسان من خلال قلقه الانسانى بعيدا عن ال نحن التى تظهر فى الكتابه.
و انا بالفعل مدين لهؤلاء من قرات سير حياتهم من كتاب عرب و غير عرب لانى تعلمت الكثير منهم .

المذكرات هى عن الانا و الانا بامتياز و هذا ما يميزها عن الكتابات الاخرى. لكنى اعتقد ان الكتاب عادة يبرزون بعض المذكرات الشخصية فى كتاباتهم خاصة الاولى منها و ان بطريقة غير مباشرة.و انا اعتقد انه لو اتيح للكثيرين من الافراد العاديين كتابة مذكراتهم لحصلنا على كنز معرفى ضخم .فالكاتب اولا على الرغم من انه يكتب عن حياته , يظل كم يقول هشام الشرابى يعبر عن عصر و عن جيل .

معظم كتب مارون عبود على سبيل المثال هى نوع من مذكرات تعكس لنا مرحلة الانتقال من عصر المتصرفية فى جبل لبنان الى الحرب الاولى و اهوالها. التى صورها ايضا توفيق يوسف عواد ابلغ تصوير فى قصة الرغيف التى روت عن المجاعة فى جبل لبنان ابان الحرب و عن اعدامات جمال باشا لاحرار البلاد .
طه حسين فى الايام يعتبر انه شخص (اذنى) لانه بسبب فقده للنظر كان يتعرف الى العالم من خلال اذنيه الامر الذى اتاح له الفرصة كما يقول ان يركز على المعرفه و الا ينشغل بامور تافهة ينشغل فيها المبصرون .

كان طه حسين من اواخر الكتاب من عصر التنوير .و كان عليه ان يواجه دواعش عصره ممن وقفوا ضده فى كتابه ( فى الشعر الجاهلى ).و بانتهاء زمنه غاب عصر التنوير ليحل مكانه عصر المارشات العسكرية التى اوصلتنا الى ما وصلنا اليه .

لذا تكمن روعة المذكرات انها تجعل المرء يعيش زمن الكاتب خاصة ان كان هذا الزمن يمثل مرحلة انتقالية فى التاريخ, كما الامر مثلا فى كتاب سبعون لميخائيل نعيمة.يصف نعيمه كيف كات الحياة فى القرية ثم كيف سافر من ميناء بيروت الى ميناء حيفا عام 1902 بهدف الدراسه فى كليه دار المعلمين فى الناصرة فى شمالى فلسطين .ثم الى رحلته الى اوكرانيا حيث درس هناك فى مدرسه السيمينار .

و فى كل هذه الرحلة نرافقه لنتعرف على الحياة و التفكير فى بلادنا و فى روسيا فى مرحلة انتهاء القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين. لفت نظرى مثلا كيف ان الاساتذة الروس فى مدرسة دار المعلمين كانوا يشجعون الطلبة على ارتداء القنباز الزى التقليدى فى بلاد الشام فى المدرسة بدون الداعى لاستبداله بالملابس الغربية .و هو امر يعنى ان الروس لم يتعاملوا مع الظلاب بطريقة تغيير نمط حياتهم كما يفعل الفرنسيون مثلا .كانوا يكتفون ان يعلمونهم بدون ان يفرضوا ثقافتهم على الطلاب .

فى المذكرات الشخصية نتعرف على المكان حيث يواجه المرء ذاته و يبنى جسرا ما بين الماضى و الحاضر و ربما يعطينا خلاصة حياته كما عبر عنها فى رسالته الوصيه الرائعه و المؤثرة غارسيا ماركيز.
فى مذكرات ادوار سعيد نلحظ اشكالية المكان .فهو فلسطينى ولد فى القدس و تربى فى مصر و درس فى امريكا, و كان يتردد على ظهور الشوير فى لبنان حيث قرية زوجته. و قد شطب اسم وطنه من الخارطة. و المرء يلمس الالم العميق الذى يعانيه سعيد فى اشكالية علاقه الفرد بالمكان.
اتذكر ما قاله معارض كينى عاد الى وطنه انه يعود الى مصنع من المشاكل و التحديات فالوطن مكان انتماء وليس فندق خمسة نجوم .
قصة حياة البشر تستحق دوما ان تروى لانها تحتوى حياة انسان باماله و الالامه و احلامه و نجاحه و احباطاته .انها الطريق الاجمل للتعرف على البعد الانسانى الفردى للبشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ