الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء البعيد عن الحياة

تسنيم مولود

2019 / 9 / 18
المجتمع المدني


قضاء الرطبة بين البعد الجغرافي والظواهر السلبية
.................................................................
بعد تحرير الانبار من نكبتها التي دامت حوالي ثلاث اعوام، عاش فيها الانباريين بوجه الخصوص من ازمات متعددة، ابتداءًا من النزوح وانتهاءًا بتجارة البشر.ولا شك ان المناطق الغربية والحدودية تحررت متأخرة عن الاقضية الاخرى القريبة عن بغداد وذلك بحكم مواقعها الجغرافية اضافة الى التأثيرات اللوجستية والمناطقية، فالاقضية الغربية والحدودية مثل "الرطبة والقائم" هي مدن تحيط بها صحراء المنطقة الغربية الواسعه والمليئة بالوديان والتلال التي تعتبر الى يومنا هذا من المناطق الخطرة وغير الأمنة نوعا ما.

عانت اغلب العوائل في تلك المناطق (العوائل الفقيرة بوجه الخصوص) من استغلال وغسيل للدماغ بشكل كبير، مستغلين بعض الفجوات والتأثيرات على وتر الشخصية والنفسية للأشخاص الذين شكلوا جيش داعش، فالسلطة والمال من اهم العوامل التي ادّت الى وجود عناصر شابة تحت رايات داعش في تلك المنطقة والمناطق الاخرى، ووجود عناصر شابة في صفوف جيوشها احد مطارق القوة التي تمتع بها داعش اضافة الى موارد اخرى، وتشير اغلب التقارير الدولية؛ ان تمويل هذا الجيش (داعش الدولة كما يؤمن عناصرها) كان من تهريب الثروات انتهاءا بتجارة الممنوعات والاعضاء البشرية، نهايك عن المورد الاساسي وهو بيع النفط والاثار المسروقة (التي صادرتها هذة الدولة) من مناطق اثرية مستغلين الدافع الديني والعقيدة التي يؤمن بها ويتبعها.

رغم تحرير هذه المناطق من مطرقة هذة الدولة، وعودة اغلب العوائل النازحة الى سكناهم الاصلي، الا إن اثار ما مرت به هذه المناطق لا زال يمارس طغيانة بشكل او اخر على افراد هذه المناطق؛ فهناك جرائم بحق الانسانسة لازلت تمارس في تلك المناطق وعلى نفس الوتيرة، ولجغرافية المنطقة اثر كبير جدا في توسع او تأطير هذه القضايا، للناشطين تأثير بالغ ايضا في رصد ومتابعة هذه القضايا من خلال اثارتها للرأي العام والسعي لتحقق من حجم تلك القضايا والعمل من خلال دفع السلطات الى التحقيق ووقف اي قضايا من شأنها ان تمس حقوق وامن المواطنين. ومن هذه القضايا التي تم رصدها هي قضية تجارة المخدرات، اضافة للمروجين الذين يشكلون احد الخيوط التي من خلالها يمكن تتبع المنتجين ان ارادت السلطات ذلك.

من خلال لقاءات وتنسيقات بين اعضاء ناشطين من فريق رسالة سلام التطوعي في محافظة الانبار والمجلس المحلي لقضاء الرطبة ومن خلال العديد من الزيارات الميدانية واللقاءات مع اهالي قضاء الرطبة وجد الناشطين خلال الست(6) اشهر الماضية؛ ان عدد القضايا التي تم رصدها في القضاء هي ثمان (8) قضايا، ثلاث من هذه القضايا (3) يضطلع بها نساء: واحدة منهن هي نازحة من مدينة انبارية اخرى ومستقرة في وسط مدينة الرطبة؛ تم تحويل أمرأتان منهن (2) الى القضاء ، وقضية واحدة (1) المتهم بها شخص تحت سن العشرين(20).

وفق لهذة البيانات قام متطوعي الفريق بأشراف الناشط "محمود المشهداني" بأستبيان في وسط مدينة الرطبة، (53%) نسة الذكور المشاركين و (47%) نسبة الأناث ممن شاركوا في هذا الاستبيان. (30%) منهم بين العمر (18-25) عام، و(10%) ممن هم بين (15-18) عام و (60%) هم فوق (25) عام.

(18 %) ممن شاركوا في هذا الاستبيان قالوا انهم يعرفون اشخاص يبحثون عن المخدرات! بينما (11%) يرون التفكك الاسري سببا للضلوع في ترويج اوتعاطي المخدرات و( 33% ) يرون رفاق السوء هو السبب، واتجة رأي الباقين (23%) الى الفراغ وقلة وجود اماكن تدفع الفئات الى ملئ هذا الفراغ، بينما (75 %) من المشاركين في هذا الاستبيان قالوا أن المراهقين هم الاكثر اقبالا على تعاطي المخدرات، بينما اكد (21%) من المشاركين على انتشارها في المدارس.

هذه النسب اثارت قلقي لحد كبير، ويعتبر هذا الاستبيان الاولي وغير الرسمي الاول من نوعه في هذه المنطقة، ورغم تعاون المجلس المحلي للقضاء في التعاطي مع هذه القضية ومناقشتها، الا ان مشكلة المخدرات تعتبر الاكثر رواجا في المنطقة الغربية، ومن خلال سؤال الناس في تلك المنطقة اكد البعض على وجود معمل لأنتاج الحبوب المخدرة في المنطقة الغربية مدعين وجود مافيا مختصة منذ مدة زمنية طويلة في صحراء المحيطة لهذا القضاء، حتى أن هذه المافيا كانت - لا زالت على الاغلب- تعمل بشكل مباشر مع داعش وداعمة له في تلك المنطقة نتيجة لتيسير داعش وتصريف البضاعة وتوزيعها بشكل يومي.

وفقا لقول السيد محمود المشهداني، احد الناشطين المدنين في قضاء الرطبة : "في المنطقة الغربية، والرطبة على وجه الخصوص، تعاني من اهمال شديد من قبل الجانب الحكومي سواء في خدمات البنى التحتية او خدمات الاجتماعية، ولكون المنطقة تبعد اكثر من (360) كم عن مركز المحافظة – متمثلا بقضاء الرمادي- ذلك الاهمال والبعد الجغرافي الذي لا يزال ضمن اطار المشكلة خلق حلقة من الشعور بالتمييز ونوع من العنصرية، اضافة الى مرحلة التعافي من حرب داعش خلقت نوع من الصراع الخفي بين السكان الاصليين والسكان الجدد القادمين من مناطق اخرى للاستقرار" ، اغلب السكان الجدد هم من مناطق القائم وقرى القائم، يمكن اعتبارهم نازحين اذما قرروا العودة الى مناطقهم الاصلية، يتمركز السكان الجدد في منطقة تدعى " السكك" وهي منطقة فقيرة نوعا ما وتتميز بالعشوائيات، يستوطن قرى الرطبة حوالي (19 الف) نسمة، بينما ما يقارب (21 الف) نسمه وسط القضاء، وحسب الاحصائيات المستحصلة من قبل متطوعي فريق رسالة سلام في قضاء الرطبة، هناك اكثر من (18 الف) طالب وطالبة ضمن (62) مدرسة في مجمل القضاء وقراه، اعدادية واحدة (1) للبنات، ومدرستان (2) فقط للبنات للمرحلة المتوسطة، صفر هو عدد الثانويات للبنات، وفقط (3) روضات في مجمل القضاء وقراه، بينما يبلغ عدد الكوادر التدريسية (330) معلم و (170) مدرس فقط، تخيل هذا الكم من الازدحام الطلابي بلا اي وسيلة تعبيرية او ترفيهية تخلق بيئة سليمة لعقل الطلبة، ان التركيز على الدروس الاساسية العلمية والادبية تجعل الطلاب تحت ضغوط نفسية، خصوصا مع هذا الكم القليل من المدرسين مقارنة بعدد الطلاب، كل هذا ادى الى نفور الطلبة وعدم تقبلهم للمواد العلمية بالمستوى المطلوب تحت هذا الضغط من المعلومات، اضافة الى عدم توفر فرص تشاركية لهؤلاء الطلبة تسمح لهم من التعرف على زملائهم ومحاولة تقبل الطلاب الجدد من خارج القضاء او من القرى، اضافة لخلق بيئة خالية تقريبا من الارشاد او اي حلقات نقاش تفتح امام الطلبة لابداء ارائهم او مقترحاتهم او اي فرصة لاشراكهم في بناء عملية تربوية متكاملة ابتداءا من الطالب وانتهاءا بالاساتذه والكادر الاداري.

وحسب التقيم الخاص بالفريق بالتعاون مع المجلس المحلي للقضاء، لا توجد اي منظمة او مؤسسة او اي جهة دولية او محلية عاملة في مجال بناء السلام او التعايش السلمي او التمكين الاجتماعي، وهذا يخلق حاجة لوجود نشاطات تدعم الترابط الاجتماعي اضافة لجلسات توعية بمجالات تدعم عملية بناء السلام والسلم المجتمعي في تلك المنطقة، كل هذه المعطيات تمثل ارض خصبة لتغذية العديد من القضايا والظواهر السلبية في هذه المنطقة.

واخيرا، كما ذكرت ليزا شيرك في كتاب "استراتيجيات بناء السلام" (السلام لا يحدث فجأة، بل يبنى عندما يلتزم الافراد باقصى حرصهم عند اتخاذ قرار التخطيط على المدى البعيد، ويكون بناء السلام استراتيجيا حينما تتعاون جميع المصادر والجهات العاملة والاسباب لتحقيق اهداف عدة والتعامل مع قضايا متعددة على المدى البعيد، وان عملية السلام تتجاوز مجرد انهاء الصراع العنيف فهي تسعى الى ابعد من ذلك، وهو خلق القدرة على ترسيخ ثقافة السلام العادل من خلال بناء القدرات، ويتطلب بناء القدرة لاجل سلام عادل ان يعرف الناس كيف يأخذون على عاتقهم تشكيل ثقاففتهم وكل معالم مجتمعهم متضمنا الهياكل والمؤسسات والمنظمات التي تدعمها، ويتضمن بناء القدرات برامج التدريب والتطوير وتحويل المسار وتغيير شكل المؤسسات العسكرية للتركيز على الأمن الإنساني والبحث والتقويم). كذلك قولها: (تدعم عملية بناء السلام تنمية العلاقات الاجتماعية بمختلف مستوياتهم: اي بين الافراد وضمن نطاق العائلات والمجتمعات المحلية والمنظمات والاعمال التجارية والحكومات ومع الحركات والمؤسسات السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية كذلك، فالعلاقات شكل من اشكال القوة او رأس المال الاجتماعي، وعندما يتواصل الناس يشكلون العلاقات، فأنهم يميلون للتعاون بإيجابية مع النزاع).

تسنيم مولود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة