الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسهم في أرامكو مقابل أراضي الصومال!

خالد حسن يوسف

2019 / 9 / 18
الصناعة والزراعة


# أسهم في أرامكو مقابل أراضي الصومال.

أحدهم دعى إلى أن تستثمر الصومال من خلال شراء أسهم في شركة أرامكو النفطية، وبيع الأراضي الزراعية في الصومال مقابل تلك الأسهم، معادلة أن تمليك الطرف الأول أسهم في الشركة وثملك الآخر أراضي دولة، وأضاف أن يتم بيع مساحة مليون هكتار.

وقد أكد أن في ذلك منفعة اقتصادية للجانب الصومالي، حيث سيستفيد الشباب من العمل في تلك الأراضي الزراعية، وأن الحكومة الصومالية ستجني أرباحا من إرتفاع أسعار النفط وهو ما سيعود بالفائدة الاقتصادية على البلاد.
كما دعى إلى توجه القطاع الخاص الصومالي في إتجاه تملك أسهم أرامكو، وأن ذلك سيشكل إضافة إلى الاقتصاد الصومالي.

وأقترح أن تتم خصخصة مساحة مليون هكتار من الأراضي الزراعية لأجل ذلك الغرض، ورأى أن التوجه لتلك المقايضة، الأرض مقابل الأسهم في شركة أرامكو، يشكل فرصة كبيرة يستحسن الاستفادة منها في التوقيت الراهن وفي ظل إرتفاع أسعار النفط في العالم، وأضاف أن الصومال سيجد من ذلك تغطية احتياجاته النفطية.

المعلوم أن ملكية الشركة أرامكو تعود لسعودية وأن نسبة خصخصة الأسهم التي طرحتها الرياض في عام ٢٠١٨ لم تتجاوز ٥%،
وارتفعت أسعار النفط بفعل العامل الأمني، في حين أن منشآتها أصبحت حاليا هدفا لضربات طائرات الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى حالة التوتر في منطقة الخليج العربي وعوامل دولية أخرى بدورها لعبت دورا في إرتفاع الأسعار، وبالمحصلة فإن الظروف الطارئة لا يعول عليها في إطار إستمرار إرتفاع الأسعار.

في إحدى الدراسات التي قامت بها وزارة الزراعة الصومالية في عقد الثمانينيات، قدرت مساحة الأراضي المزروعة ب٥٠٠ ألف هكتار، وأن الأراضي الصالحة لزراعة تبلغ ٢٠ مليون هكتار، وتمثل المساحة الزراعية الفعلية نسبة صغيرة مقارنة مع الأراضي الصالحة للزراعة، ومبدئيا الصومال في تاريخه الحديث لم يصل إلى طور الاكتفاء الذاتي الغذائي.

وفي المرحلة الراهنة فإن الاستحقاق الأول الذي يجب مواجهته، هو إعادة الأمن إلى البلاد، إذ يشكل تحديا مباشرا أمام تحقيق التنمية والاستقرار، وبالتالي فإن دعوة شراء أسهم شركة أرامكو في مقابل بيع أراضي زراعية، ليست معادلة مجدية في الراهن، وذلك لن يتماشى مع الحاجة الملحة لتحسين الاقتصاد الصومالي والأولويات الاقتصادية، وبالمحصلة إن القيام بذلك حاليا لن يضيف شيئا لشباب الصومالي بفعل ضعف الأمن والذي سيعيق محاولة إستثمار تلك الأراضي أو تنمية الاقتصاد بصورة عامة.

أما إلى أين سينتهي مستقبل النفط؟ فهو سؤال سابق لوقته بالنسبة لصوماليين، وانطلاقا من ذلك فإن بيع أراضي زراعية حاليا يمثل حالة تسرع غير مجدية اقتصاديا، وسترهن البلاد لمزيد من التدخلات الخارجية، الأمر الآخر إن المناطق التي تشكل سلة غذاء الصومال، تسيطر على أجزاء كثيرة منها حركة الشباب، وبالتالي فالحركة تحدي ماثل أمام ذلك التصور النظري.

عموما إن التنمية رهن العامل الأمني، وعند حدوث تقدم لهذا القطاع سيوذي ذلك إلى إنتعاش اقتصادي، أما مسألة بيع مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية فتمثل انتحارا، وهناك إمكانية لتحقيق التنمية الاقتصادية بمعزل عن بيع الأراضي، لاسيما وأن هناك بدائل اقتصادية منها قطاعات الثروة السمكية،الحيوانية،التعدين،المؤانى البحرية،الطاقة الشمسية والرياح،تصدير الأخشاب،تحسين تصدير الموز،زراعة المحصولات الاستراتيجية وغيرها من المحاصيل الزراعية.

وبصدد القضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل لشباب، إذ يعتبر توزيع الأراضي الزراعية عليهم والعمل فيها، أكثر جدوى من أن يصبحوا عمالة لدى شركة أرامكو وعلى أراضي تعود لهم، ثم تباع من قبل القائمين على أمرهم!

خاصة وأن هناك تجارب عديدة للراسمال الأجنبي والذي قام بشراء أراضي شاسعة في أنحاء متفرقة من العالم، ولم يحقق شيئا يذكر لتلك الشعوب، والتي إنتهت إلى واقع عبودية على أراضيها.

كما أنه في ظل محاولة إعادة بناء الدولة الصومالية وضعف مصداقية النخبة السياسية، والتي يطغى عليها الفساد الإداري والمالي، فإن الاستثمار في شركة أرامكو لن يكون طوق نجاة اقتصادي، حيث أن تلك الأموال الافتراضية ستنتهي إلى مصلحة الفاسدين، ولن يصل إلى البلد شيئا منها، فمن أخفقوا في إدارة أموال الدعم الخارجي المقدم وموارد البلاد، لن يفلحوا في إستثمار عائدات صناديق وأسهم في شركات أجنبية.

وإذا تمت المراهنة على النفط، فعلى البعض أن يتخذ العبرة بالتوجه السعودي الذي أراد خصخصة أرامكو حتى يتجنب الاعتماد على مصدر دخل وحيد ويعدد من مصادر الدخل والتنمية الاقتصادية، وهو المنحى الذي على حكومات مقديشو اتباعه، وبالنسبة لصومال فإن بيع ١ مليون هكتار، لن يكون إستثمار بقدر ما أنه سيشكل خسارة لا تعوض، خاصة وأن تلك الأراضي تحتمل أن تشكل مصدر متعدد الإيرادات من خلال الاستخدامات المتعددة والتي من خلالها يمكن الحصول على عوائد عديدة من ورائها.

أما بالنسبة لعائدات النفط المرتفعة في الفترة الراهنة، فإنها طفرة ذات صلة ببعد أمني راهن، وفي حال تجاوز ذلك فإن عودة الأسعار نحو الانخفاض أمر وارد جدا، ناهيك عن أن إستثمار أراضي الصومال في شركة بترولية أجنبية، الأكثر منطقا منه، هو الإستثمار في استخراج الموارد النفطية والمعدنية من التراب الصومالي، وخاصة في ظل تسابق عدد من الشركات على القطاع النفطي في البلد.

أما بيع التراب لأجل تحقيق المنفعة العاجلة، يمثل إنتهاكا لسيادة الصومال ومستقبله، والدول الراسمالية بدورها لا تمنح أراضيها الشاسعة لشركات في مقابل الحصول على عائد مالي كبير، إذ تنظر تأثير ذلك على مستقبل الأجيال القادمة، وحرصا منها لكسر ممارسة الاحتكار الاقتصادي وعدم ضرب استقلاليتها في مقتل، وبالمحصلة فإن هناك العديد من البدائل الاقتصادية لصومال بمعزل أن ينتهي كشركة أجنبية!

خالد حسن يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن