الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاسيس اسره من وجهه نظر مسيحيه

محمد برازي
(Mohamed Brazi)

2019 / 9 / 22
التربية والتعليم والبحث العلمي


منذ أن جاءت وصية الله لأبوينا الأولين ليثمرا وليكثرا، ومن ثم استمرار الوصية على مدى آلاف السنين بتعليم ثابت لم يتغي، فقد تب ّين أن الزواج والإنجاب ليسا من تعاليم الله الاِختيارية، وإنما مرآة تعكس طبيعة الله الجوهرية التي هي حب معطاء للحياة
«من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا»
من الواضح على جميع الجبهات أن الأسرة بقوامها التقليدي التي هي الوحدة الأساسية لبناء المجتمع في طريقها إلى الزوال بحيث بدأت حتى الحكومات بتحذيرنا من مغبة الأمر. فالأسرة التي عرفناها لقرون طويلة آخذة بالتفكك،
ثم إن ظاهرة تربية الأولاد من قبل أجدادهم أو إخوانهم بدلا من ّ آبائهم آخذة بالتزايد هي الأخرى. كما نستدل من معدلات الطلاق المرتفعة والضغوط المتنامية في أماكن العمل على أن الآباء يسلمون مسؤوليات رعاية أولادهم أثناء النهار إلى الأقارب.
أما التقنيات الطبية الحديثة مثل بنوك المني والإخصاب الاصطناعي فيمكن أن يكون لها عواقب مأساوية. فالكثي من الأطفال لا يعرفون من هم آباءهم الحقيقيون، أو ما هي قرابتهم مع الأولاد الآخرين في البيت. فنحن على ما يبدو، قد نسينا أن صحة المجتمع تعتمد على صحة عائلاته.
وينبغي للآباء وللأمهات أن يكونوا دائما القدوة الرئيسية في حياة طفلهم. هذا ويشتاق جميع الأطفال إلى أن يعرفوا الشخصين اللذين جاؤوا بهم إلى الدنيا لكي يحبوهما، ولكي يكونوا محبوبين من قبلهما. إلا أن الشيء المؤسف هو أن هذين الشخصين غائبان في حالات كثية جدا. غي أن هناك لحد الآن، والحمد لله، ناسا يؤمنون بأن التعريف التقليدي للأسرة هو ليس مجرد تعريفا ناجحا عمليّا فحسب بل أيضا مهما لنجاة الأسرة. ولا يحدث هذا ما لم نلتفت إلى تعاليم يسوع المسيح البسيطة، التي تُعلمنا على محبة الله ومحبة أخينا الإنسان مثل نفسنا.
وليست هناك طريقة لوضع تعاليم السيد المسيح في حيز التطبيق أفضل من تأسيس أسرة على مخافة الله. وقد علمنا يسوع المسيح أن نحكم على الشجرة من ثمارها. فالشجرة الطيبة لا تحمل ثمارا سيئة، والسيئة لا تحمل ثمارا طيبة. وعلى الغرار نفسه، فالزواج السليم له تأثي كبي مثل التأثي الواسع الانتشار للموجات المائية فهو يقوي عزيمة آلاف الناس الآخرين، في حين يخلف الزواج العفن وراءه آثار الخراب والدمار.
ولكي يدوم الزواج، فمن الضروري أن يكون الله هو الذي يجمع الزوج والزوجة معا ويرشد أحدهما إلى الآخر، ويجب على الزوجين أن تشتهي نفسيهما الله ليحفظهما معا. ويجب عليهما أيضا أن يشتهيا نظامه الإلهي في حياتهما، حيث يترتب على الزوج فيه أن ّ يخدم زوجته كرب روحي للأسرة، وعلى الزوجة أن تخدم زوجها بالمقابل كرفيقة مساعدة له. وبغض النظر عما يرتئيه الناس، فلا يتضمن معنى هذه العلاقة الصرامة أو التقييد؛ بل بالعكس، التحرر. إلا أنها غي ممكنة إلا إذا أرشد السيد المسيح بنفسه كلا الزوجين. ولو كان دور الزوج هو إرشاد زوجته إلى الله لوجب عليه احترامها ومحبتها وليس التسلّط عليها بأسلوب الهيمنة. فيجب أن يدع نفسه الاسترشاد بالروح القدس وأن يتذكر أن القيادة الأسرية ّ الحقة تعني الخدمة. ويحذرنا القديس بطرس الرسول من أن صلواتنا قد لا تُستجاب لو لم نقدر زوجاتنا ونكرمهن، فيقول:
كذلكم أيها الرجال، كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف، معطين إياهن كرامة، كالوارثات أيضا معكم نعمة الحياة، لكي لا تعاق صلواتكم رسالة. بطرس الرسول الأولى 3 الايه السابع
وكذلك، وعلى الغرار نفسه، يجب أن تحب الزوجة زوجها وتحترمه. وتلعب الصلاة دورا حاسما في الحفاظ على سلامة الزواج: «الأسرة التي تصلي معا، تبقى معا». ولابد للزوج وللزوجة أن يصليا معا يوميا – من أجل أولادهما، ومن أجلهما شخصيا، ومن أجل الذين من حولهم. ونظرا لإيقاع الحياة الفوضوي، فقد يساعدك أن تخصص أوقاتا محددة للصلاة: كل صباح قبل الفطور على سبيل المثال، وكل مساء قبل الذهاب إلى النوم. بالتأكيد، يمكن للمرء أن يصلي في أوقات ُّ أخرى أيضا، وأينما يكون. أما التحجج بكثرة الانشغال أو بالتعب فهو ليس عذرا مقبولا لإهمال الصلاة. فكم واحد منا يصرف وقته في قراءة الجريدة، وإرسال رسائل نصيّة إلى أصدقائه، أو مشاهدة التلفزيون كل مساء – ولكن ليس عندنا وقت نخصصه لأزواجنا (أو زوجاتنا) أو لله؟
لقد بيّنت الدراسات الاجتماعية باستمرار أن الأسرة المتألفة من والدين اثنين هي أحسن تربة خصبة يجري فيها تربية الأطفال، ومع ذلك، نرى أن العالم مليء بوالدين وحيدين (منفصلين) يجب أن يذكرهم الناس أيضا في صلواتهم ويساعدونهم ويشجعونهم ُ على تخطي الأزمات. فقد عملت مع الكثي منهم على مدى السنين، وأحببتهم وأحببت أولادهم حبا متميزا. ولم أتأسف مطلقا على ما
بذلته لأكسب ثقتهم، ولأبين لهم أن الله يحبهم هم أيضا، وأن حياتهم مهمة وعزيزة، وأن باستطاعتهم أن يكون لهم تأثيا في العالم. ثم أن الأولاد يستجيبون دائما للبالغين الذين يبدون لهم المحبة والاحترام بغض النظر عن تربية عائلاتهم.
وبالرغم من هذا، فالزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة والملتزم بالوفاء المؤبد هو أحسن أساس للصحة النفسية للطفل واستقراره النفسي. أما العلاقات الأسرية المفككة سواء كانت بسبب ِّ الإلحاد أو الطلاق أو الإدمان فهي مدمرة للطفل ويمكن لها أن تترك آثارا نفسية تدوم طول العمر
نرى أن العديد من الناس يصلون من أجل مشيئة الله، لكنهم لا يعملون بها إلا عندما تتطابق مع مشيئتهم. فلو أحببنا الله حقا ّ لسعينا في اتباعه مهما كانت النتائج؛ وسوف نحس بأن فرحة الفؤاد وبأعظم اطمئنان لنا يكمنان في الإخلاص لله مهما كان الثمن باهضا. وبالتفاتنا لله عندما تتعثر علاقاتنا الزوجية، سنلقى الحكمة والقوة التي تعيننا على تقويم الأوضاع. فهو الأساس المضمون الوحيد الجدير بتأسيس الأسرة عليه وبتربية الأولاد في ظلّه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية