الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الصورة وصورة الواقع

عبد الوافي العزوزي

2019 / 9 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الصورة هي نسخة حقيقية للواقع إذا لم نكذب ، لقد صدق من قال "الصورة بالف كلمة " .
اي ان الصورة الكاذبة تساوي الف كذبة والصورة الصادقة تساوي الحقيقة ، والحقيقة غير متناهية بما اننا يمكن أن نكذبها في اي لحظة.
كلنا نتفق على أن الصورة لا تكذب والصورة هي انعكاس مباشر للواقع وللمكان الذي أخذت له صورة معينة. هنا لم أقل أخذت كل الصور للمكان بل صورة واحدة معينة من لا محدود من الصور لنفس المكان وربما في نفس الزمان أو في أزمنة مختلفة ناخذ هذه الصور حسب ذوقنا وحسب الغاية التي نريد اصالها للعالم الذي سيشاهد هذه الصورة التي نقلنا من خلالها حقيقة معينة. لكن هذه الحقيقة تبقى دائما مرتبطة بمصالحنا باحزاننا وسعادتنا لهذا الصورة تعبر عن الواقع من خلال ذواتنا ، تعبر عن شعورنا واحاسيسنا تعبر عن ما نريد أن نعبر عنه نحن في الف كلمة وبالتالي هي اختصار الكلام الذي نريد أن نوصله للعالم وهنا لم تعد الصورة لا تكذب بل هي قادرة على أن توصل الف كذبة يمكن أن نصدقها بنسبة أكبر من تصديق كلام غير كاذب بلا صورة. ومنا نحن من يؤكد هذه الفرضية حيث يقال انه" من يرى أفضل من من يسمع" وهنا الصورة ترى والكلام مسموع وبالتالي الصورة تعتبر دليلا قاطع عن الحقيقة عكس الكلام حتى وإن كان حقيقة نشكك فيه ونحمله احتمالات الكذب.
الشيء الذي أدى إلى انتشار الإشاعات المصورة عبر أحدث التقنيات الإليكترونية . حتى أصبحت كل الصورة بالف كذبة وحتى أصبح العالم ايضا يشكك في هذه الصور ويبحث عن بديل لها .
وما يؤكد شكوك العالم في صوره ، نحن أيضا أصبحنا نشكك في صورنا التي التقطناها لأنفسنا بأنفسنا. فمن منا اليوم صور نفسه وقام بمسح صورته لأنه بكل بساطة وجدها لا تشبهه لا تعبر حقيقة عن كينونته وكم واحد منا يرى أن صورته أفضل منه وحافظ عليها في هاتفه وكلما دعت الضرورة يحاول اظهارها لاصدقائه حتى يبرهن لهم انه جميل وليس بتلك البشاعة التي يرونه بها في الواقع. من هنا يتبين بالملموس أن الصورة خداعة للحواس فإما ترى الصورة جميلة أو العكس. وعلى اليقين أن صورتي لا تشبهني فإما هي الأفضل أو انا الأفضل ونحن دائما في صراع بين صور الواقع وواقع الصور . هذا شعور الأفراد وهكذا هو نفس الشعور عند الدول والمنظمات والكيانات السياسية والجماعات .....
كل دولة تريد أن توري لصديقاتها الصورة الأجمل فيها أما الصور البشعة تتخلص منها بأقصى سرعة وتتهم صاحبها بمزوز الحقائق حتى وإن كانت الصورة حقيقية وفي بعض الأحيان تتابعه قضائيا ويعاقب المصور بغرامات تأديبية حتى لا يعيد مرة أخرى أن يصور صورة بشعة عن مكان ما داخل دولته .
فالدول هم أكثر حرصا على ألا تشوه سمعتهم بصور من الأشخاص فمن أراد أن ينقل صورة حقيقية لدولة ما لا ينبغي أن يكون داخلها بل ينبغي أن يصورها من الخارج والذي يوجد في الداخل عليه أن يصور الصورة الأجمل و يشارك في تلميع صورته أمام مصوري الخارج حتى لا يبدو هو الآخر بشعا في أعين العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة


.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة




.. النجاح في الأعمال ليس للجميع!


.. نشرة إيجاز – القسام تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بما وصفه




.. انفجارات بمصفاة للنفط في روسيا إثر هجوم بمسيرات أوكرانية