الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بدأ الانفجار الشعبي ؟؟

مهند البراك

2019 / 10 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اندلعت انتفاضة " الصدور العارية " بعد مرور ستة عشر عاماً من الانفلات الأمني و من التراجع المريع في : الخدمات، الصحة و التعليم و فرص العمل . . في ظل حكم تفاقم النهب و الفساد وسوء الادارة فيه على اساس المحاصصة الطائفية، حتى هُدرت مئات مليارات الدولارات من واردات العراق، دون دلائل تُذكر لرعاية اجيال البلاد و تأهيلهم و تشغيلهم بدلاً من تشغيل الاجانب، او دلائل لحفاظ على معالم دولة عصرية كان عليها العراق، حتى صارت الملايين من اوسع الاوساط و خاصة الكادحة و الفقيرة تئنّ من التردي و بؤس المعيشة و الجوع والتخلف و العيش في مخيمات النزوح التي تنقطع سرقة مسؤولين للاعانات الدولية لعودتهم الى حياتهم الطبيعية وفق وكالات انباء دولية و غير منحازة . .
في وقت تشاد فيه اكبر و اجمل الفيللات و العمارات و المصالح، لمتنفذين في الحكم كانوا قبله من المتسكعين و الحفاة عقولاً و اقداماً وفق مئات آلاف البيانات الوثائقية العالمية و الإقليمية . . الأمر الذي جعل الحياة بائسة بلا أمل و خاصة لأجيال الشباب الذين درسوا و اجتهدوا و تخرّجوا بعرق الجبين، ليُرموا الى الشوارع و لتتلقّفهم انواع الآفات، من المخدرات (الوافدة اساساً من ايران على ايدي متنفذين) الى السرقات و الى الميليشيات و السلاح و الثارات و غيره . .
و يسألون من هم هؤلاء ؟؟ . . . هم الأجيال التي سحقتها الحروب و الاحتلال العسكري و الامني الاجنبي و القاعدة و جيش النقشبندية و داعش الارهابية الاجرامية، و سحقتهم (ديمقراطية الطوائف التحاصصية)، هم الذين بدونهم لم تتحطم دولة داعش و سُجل النصر للدولة العميقة (اللادولة) التي بدأت بمعاقبة ابطال ذلك النصر و لم يُحاكم الى الآن من تسبب بسقوط الموصل، رغم ادلّة و بيانات و قرارات برلمان . .
انهم ليسوا عملاء ياسادة، و لم يُحرّكوا من الخارج كما اتُّهم محتجو البصرة في انتفاضتهم الجريئة التي ووجهت بالرصاص و بالحديد و النار قبل عام و فشل اتهامهم، بل هم شباب عراقنا اليوم الذين راكموا من الخِبَرْ كثيراً و صاروا يحذرون ممن يحاول ركوب موجتهم او يجيّر خططه الطائفية و الميليشياتية برؤوسهم، الشباب الذين سئموا من الوعود و من محاولات شراء الضمائر و لم تنفع معهم السجون و التهديدات بالإغتيال و لابسقوط الشهداء و انواع الضحايا، بعد ان سئموا حياة الذل . .
انهم ورثة انفجارات غضب شباب البلاد نساء و رجالاً و من كلّ مكونات الطيف العراقي، منذ عام 2011 ، و لم تخلُ مدينة او شهر دون احتجاجات متنوعة الطابع متحدية استخدام العصي و الرصاص الحي و الغازات المسيلة للدموع و رشاشات الماء الحار و الملوث و سقوط اعداد الشهداء و الجرحى و مطاردة الناشطين فيها و ضياع اخبار اعداد كبيرة منهم . . بسبب انواع الاوامر الحكومية الصادرة بشتى الذرائع ـ كعدم التزام الهدوء، عدم ضبط المواعيد، و الى ضرورة الهدوء في مواجهة الرصاص الحي و الغازات السامة ؟!! ـ للتضييق عليها او لخنقها، حين وصل الامر عام 2015 الى انتفاض عامة الشعب في مدن البلاد من اقصاها الى اقصاها و الى اقتحام مراكز الأحزاب الحاكمة و المقار الحكومية و حتى البرلمان، التي لم تعد تعني بعيون جماهير الشباب الاّ قلاع للاضطهاد . . بشعار " باسم الدين باكونا الحرامية ! ".
انها وريثة مواجهات الشعب مع الحكومات التحاصصية، التي اوصلت الحياة مراحل لا تطاق بانقطاع الماء الصالح للاستهلاك البشري و انقطاع الكهرباء و الانترنت، بل و انقطاع الانهار التأريخية للبلاد بفعل المصالح الضيّقة للجارات تركيا و ايران دون رادع او جهد حكومي للوقوف بوجهها . . و بفعل المواجهات مع مسؤولين لايصدقون مايجري او يسخرون منه !!
تنفجر الإحتجاجات اليوم بتحدي اكبر بعد ان انسدت بوجوههم كل الابواب . . و لن يؤدي فتح النيران الحكومية عليهم و سقوط قتلى و جرحى منهم بلا اسباب موجبة، الاّ بهيجان اعلى و بانفجارات اقوى لتتوسع التظاهرات و تتصاعد . . و اذا اتُّهمت احتجاجات سابقة بالطائفية فانها تشمل الان العاصمة و محافظات الجنوب بغالبيته الشيعية الذي تعتبره الاوساط الحاكمة قلعتها الثابتة . .
انطلق الغضب الهائل بعد تفاقم اليأس من العملية السياسية التي انحرفت، و من كتلها و احزابها التي لم تستطع ان تقدّم اي حلّ للحياة المرّة التي يعيشها ابناء البلاد برجالهم و نسائهم و عوائلهم، انه بداية لطوفان من الغضب و الحقد على مايجري، الذي تعيشه البلاد برمتّها و يئنّ منه ابنائها . . طوفان يهدد بشمول لهيبه البلاد باجمعها . طوفان الغضب و اليأس من حلول الدولة المخادعة و مؤسساتها التي لم يتسبب بها الاّ حكم المحاصصة الطائفية و فساده و انانية حكّامه . .الذين اضاعوا حتى استقلال البلاد التي صارت تُحكم من اعلى مستوياتها، من حكام ايران و اميركا و تركيا و حلفائهم، الأمر الذي صار يتسبب برعب اكبر لأوساط واسعة من انجرار البلاد الى حرب ايرانية ـ اميركية تكون بلادنا مسرحاً لها و ابنائها وقودا لها، رعب يصعّد من نقمتها على حكّامها.
و ترى اوسع الاوساط الشعبية ان ردّ المتظاهرين على عنف الاجهزة الامنية و رصاصها و غازاتها و استهتارها و سخريتها من الجماهير المحتجة، بالعنف دفاعا عن النفس و الحق بالحياة . . لهو امر متوقع مع الاسف بضوء مايجري، رغم تداخل كل الصراعات و الميليشيات و مشاريع التقسيم عليه، و الجهات الحاكمة مشغولة بالاغراءات و التهديدات و بانقلاب نواب على قوائمهم ليس بوجهة تدمير اسس المحاصصة و انما ركضاً وراء مصالحهم الضيّقة و كراسيهم المهترئة . .
و بعيداً في ابراج الحكم العالية القصية عن حال الشعب . . لايبالون بان هناك كارثة وطنية قد تجتاح البلاد باسرها ان لم يسارع الجميع لإنقاذ الاوضاع بكل السبل الواقعية و العملية من استقالة الحكومة القائمة و تشكيل مجلس انقاذ عراقي بصلاحيات كاملة يضم ممثلين عن الاحتجاجات، يعمل على ايجاد حلول عاجلة بانهاء المحاصصة و الاعتماد على الكفاءة و النزاهة على اساس المواطنة . . لقد تحرر الشباب من خوف آبائهم و هم مستعدون للمواجهة التي فرضتها السلطات الحاكمة بظلمها و باهمالها لحياة شباب البلاد و اكتفت بمواجهتهم بالرصاص و بالغازات السامة و بالاختطافات . . و يتساءل كثيرون عن اي التزام بالهدوء يتحدثون ؟؟ الم يكونوا يوماً في النضال ضد الدكتاتورية و ضد حكومات القمع كما يدّعون ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس