الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسوية بين ثلاث مقاربات .

سلام المصطفى

2019 / 10 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


النسوية بين ثلاث مقاربات :
الرأسمالية ألكسندرا كولونتاي
الفلسفة الوجودية سيمون دي بوفوار
السوسيو-تاريخية فاطمة المرنيسي

ألكسندرا كولونتاي مناضلة ثورية و أديبة روسية ، تبلورت قناعتها الايديولوجية و السياسية فانتقلت الى معسكر الماركسية .
تفضح كولونتاي التناقض الرأسمالي في اعترافه بقوة عمل المرأة و بخس أجرها ، و عدم المساواة بين المرأة و الرجل من حيث الأجر وهي تعلل ذلك بقولها :
" إن أسباب بخس قيمة العمل النسوي ، كانت و لا تزال حتى أيامنا هذه إجتماعية لا بيولوجية " ، فدونية المرأة و تبرير استغلالها ، ليس بسبب جنسها كما يدعي البورجوازي ، بل بسبب اجتماعي تاريخي اقتصادي .
تقول كولونتاي : " إن الغياب الحالي لحقوق المرأة و صلاحيتها المحدودة داخل الأسرة و المجتمع ، ما هو بحال من الأحوال صفات فطرية في طبيعة المرأة ، فليس من صحيح أن النساء دون الرجال ذكاء ، ذلك أن تبعية المرأة لا تجد تعليلا لها في سمات طبيعية مزعومة و إنما في طبيعة العمل الموكل إليها في مجتمع محدد " .
وهنا تربط كولونتاي بين وضع المرأة في المجتمع و طبيعة العمل التي تعمله ، فالامر خاضع لقانون اقتصادي هو وضع مشاركتها في إنتاج الثروة ، ذلك أن احتكار الرجل القوي للعمل المنتج ، جعل من المرأة ضعيفة تابعة ماديا للرجل ، ومن هنا يخلق التمايز و التمييز لا بسبب جنسها بل بسبب اجتماعي .


" إن الإنسان لا يولد مرأة ، و إنما يصبح كذلك " الجملة المفتاحية في فلسفة سيمون دي بوفوار الوجودية من كتاب " الجنس الآخر " ، فيلسوفتنا دي بوفوار عشيقة جان بول سارتر و من رواد الفلسفة الوجودية بعد سارتر و مارتن هايدجر ، و تبعا لأنها فيلسوفة وجودية ترى أن كل ما نحن عليه هو نتيجة اختياراتنا و ترى بوفوار أن المجتمع ينظر إلى الرجل فقط على أنه إنسان ، و بناء على هذا الأساس ، تتهم المرأة على إثر أي فعل بشري طبيعي يصدر منها بأنها تقلد الرجل .


إن أحد أهم الإشكالات التي يواجهها الفكر العربي، أن التراث الذي يحدّد عادة ببداية عصر التدوين (213 هجري) إلى سقوط الأندلس، كان في مجمله إنتاجاً ذكوريا، بما في ذلك تفاسير القرآن والسنة، ولم يكن للمرأة أي مساهمة في إنتاج هذا التراث الذي عطل دورها في بناء المجتمع، فظل حضورها تبعا لذلك حضورا هامشيا مؤطرا برؤية الرجل والمجتمع لها.
لقد ظلت الثقافة العربية تجتر ما أنتجته قبل قرون من الزمن وظلت الكتابة لعبة يتقنها الرجل فقط، أما الفكر فقد كانت بينه وبين المرأة أسلاك شائكة.
فاطمة المرنيسي (1940 - 2015) أحد أهم الأسماء التي حملت معولها واتجهت صوب هذا المنجز بهدف معلن هو خوض حرب استرداد كبرى لحضور المرأة وحقوقها ، فاطمة المرنيسي هي عالمة اجتماع و كاتبة نسوية مغربية من مواليد مدينة فاس سنة 1940 ، تهتم كتاباتها بالإسلام والمرأة وتحليل تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة .
ترى فاطمة المرنيسي أن تناول المشاكل الاجتماعية اليومية للنساء يتعذر دون قراءة تفكيكية نقدية للخلفيات الثقافية و السوسيو-تاريخية التي تؤسس لكل مظاهر معاناة المرأة، ومن هنا ضرورة الاشتغال على جبهتي الواقع والتراث. ظهر هذا الوعي عند المرنيسي منذ إنجاز رسالتها للدكتوراه بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1973 تحت عنوان "ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية"، ففي القسم الأول من الكتاب، حاولت بناء نمط مثالي اعتبرته أداة منهجية لقراءة العائلة المسلمة كهندسة اجتماعية، فيما سلطت الضوء في القسم الثاني على مشاكل من صميم الحياة اليومية للنساء المغربيات.
لم يكن ذلك التقسيم المنهجي لفاطمة المرنيسي في أول أعمالها العلمية اعتباطيا أملته شروط البحث الأكاديمية، وإنما رؤية لطبيعة مشكلة المرأة في العالم الإسلامي ، أي إيديولوجيا تاريخية دينية راسخة تسهم في إعادة إنتاج واقع بئيس للمرأة المسلمة ، مهما كتبنا عن المرأة ودعونا إلى تحريرها في الواقع المعاصر ، فلن تكون الكلمات إلا صيحات في واد ، إن لم يواز ذلك تفكيك الخطاطات السوسيو-تاريخية الراسخة وإعادة بناء المفاهيم حول النساء في مخيال المجتمع .

_____________
المراجع :
الجنس الآخر : سيمون دي بوفوار .
ماوراء الحجاب ، الجنس كهندسة اجتماعية : فاطمة المرنيسي .
سلسلة أقدم لك : النسوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان