الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللواء باقي زكي يوسف… كاسر أنف صهيون

فاطمة ناعوت

2019 / 10 / 13
المجتمع المدني



في مثل هذه الأيام من كل عام، نتذكّر اليوم الخالد الذي رفعت فيه مصرُ رأسَها أمام العالم، مُعلنةً انتصارَها على عدوٍّ رسمَ لنفسه صورة أسطورية، وصدَّر للعالم فكرة أنه لا يُهزَم. ونتذكّر رجالاً ذوي بأس وقدرات عسكرية وقتالية فائقة، صنعوا لنا ولأولادنا سنوات الأمن التي عشناها منذ حربنا الأخيرة مع العدو الصهيوني في أكتوبر 1973.
نتذكّر بكل احترام: الفريق طيار/ محمد حسني مبارك، قائد القوات الجوية، الذي قادر نسورنا المصرية في الحرب وكان صاحب الضربة الجوية الأولى التي زلزلت عديد النقاط الحيوية لدى قوات العدو الإسرائيلي في سيناء، ما سمح لقواتنا البريّة بالتقدّم للعبور والسيطرة على الضفّة الشرقية للقناة في أولى أيام الحرب الشريفة، تحت غطاء وحماية نسور مصر في القوات الجوية. نتذكّر بكل احترام الفريق/ سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في الحرب، وواضع خطة العبور والرأس المدبِّر لاجتياح جيشنا المصري خطّ الدفاع الأسرائيلي في خط بارليف. نتذكَّر بكل احترام المشير/ محمد عبد العني الجمسي، المُصنّف في الموسوعات العالمية ضمن أبرع 50 قائدًا عسكريًّا في التاريخ، وآخر مَن حمل لقب "وزير الحربية" في مصر، قبل أن يتغيّر اللقبُ إلى "وزير الدفاع"، لأن مصرَ دولة سِلمٍ لا تبادر بحرب، بل تحارب دفاعًا عن أرضِها وشرفِها وكرامة شعبها. وبعد النصر ترأس الوفد العسكري المصري في المفاوضات مع إسرائيل وكان من أشرس القادة الذين جلسوا على مائدة المفاوضات مع العدو الصهيوني. نتذكّر بكل احترام المشير/ أحمد إسماعيل الذي قاد الجيش في مرحلة من أدقّ مراحل ملحمة التحرير الشريفة. وفي دفتر العظماء نتذكّر بكل احترام أول شهيدين في حرب أكتوبر: العميد/ شفيق متري سدراك، والرقيب/ محمد حسين محمود. وشاءت حكمة الله أن ترتوي أرضُ مصرَ، في أولى ساعات الحرب، بدماء رجلين نبيلين تنوّعا في العقيدة، واختلفا في الرتب العسكرية، واتفقا في حب مصر. شهيدان كريمان، ينظران إلى الله الواحد الأحد من زوايا مختلفة، وينظران إلى الوطن العزيز من زاوية مشتركة.
والقائمة تطول لعظماء مصر الذين نَدينُ لهم بأرواحنا وأرواح آبائنا وأبنائنا، ولا تنتهي عند رجل عظيم رحل العام الماضي، وتشرّفتُ بحضور مراسم جنازته وتقديم واجب العزاء لأسرته الكريمة. اللواء "باقي زكي يوسف". المهندس الشابّ الذي ابتكر فكرةَ هدم الساتر الترابي لخط برليف في حربنا الماجدة. ومازلتُ أطلبُ بإدراج اسمه في مناهج التعليم ليتعرف النشءُ الصغير على رموز مضيئة من رجالات مصر العظماء. وهنا أشكر الرئيس السيسي على إطلاق اسم ذلك العظيم على نفق جميل يربط بين شارعي: التسعين الشمالي، والتسعين الجنوبي في التجمع الخامس. وتحت اسمه نبذة عن الرجل تُخلّد ابتكاره الهندسي الذي يسّر على قواتنا المسلحة الباسلة تحطيم خط برليف، الذي زعمت إسرائيل أنه خط لا يُهدم. فكان عبورُ القناة، وكان النصرُ الكريم على العدو. ذلك هو الرجل الذي منح مصرَ مفتاحَ كسر شوكة العدو، فحُفِرَ اسمُه في سجّل نبلاء مصر.
وأتشرّف بشكل شخصي بأن ذلك المهندس العبقري هو ابن الكلية الجميلة، التي أتشرّف بالتخرج فيها: هندسة عين شمس. عاش في هدوء وخدم وطنه في هدوء وركن إلى مرحلة تقاعده في هدوء، بعيدًا عن الأضواء، ثم رحل في هدوء تاركًا مصرَ وقد حطّمت أسطورةً نسجها صهيونُ أمام العالم عن حصن منيع لا يسقط، فأسقطته فكرةٌ نيّرة أشرقت في عقل ذلك المهندس اللامع. تصدَّع الساترُ الترابيّ أمام شلالات المياه الهادرة من المضخّات، كما تتصدّع ورقةُ شجر يابسة تحت أقدام الفرسان، وعبر جيشُنا الباسل إلى حيث ثكنات العدو، ودحرناه، ليرتفع علمُ مصر زاهيًا، وتصدح أغنياتُ العبور من مذاييع البيوت في كل أرجاء الوطن.
لابد أن يتعلّم أبناؤنا صحيحَ تاريخ بلادهم، ليعرفوا مَن جاءهم بالنصر ومَن منح وطنَهم مفتاحَ العزّة والكرامة. فذلك من شأنه، ليس وحسب إضاءة مناطقَ مشرقةٍ من تاريخنا المصري المشرّف أمام عيون النشء المصري الصغير، بل أيضًا تعليمهم درسًا مهمًّا في "المواطَنة" بمفهومها الصحيح. كونها علاقةً بين مواطن شريف، ووطن يحتضن الجميع، من دون أن يسألهم الوطنُ عن عقائدهم. ذاك أن العقيدةَ شأنٌ فرديٌّ بين الإنسان وبين السماء، بينما الهُويةُ المجتمعية والمواطَنهُ شأنٌ جمعيّ يتوّجُ الجميعََ بهالة من نور تقول بصوتٍ عال وفخور: "هذا المواطنُ، مصريٌّ."
تحيةَ احترام لرموز بلادي الشرفاء الأحياء منهم والخالدين العابرين الزمانَ ممن لا ينساهم التاريخ. وتحيةَ احترام لمن يذكرون تلك الرموزَ ثم يُذكّرون الناس بها. ودائمًا "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني