الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغات  مشتركة بين انتفاضتي شعبان وايلول ) الشذوذ بين النظرية والتطبيق والمفهوم !!

علي حسن عزيز

2019 / 10 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


اذا كانت التظاهرات حق شرعي مكتسب يكفله الدستور في الانظمة الديمقراطية ، فلم التعامل مع مظاهرات الشبان العزل بسلوك الانظمة الاستبدادية ؟؟؟
               -----------------------------------
ليست مصادفة ، ان تقوم جماهير  مدن الوسط والجنوب بانتفاضة للمحرومين والجياع والبؤساء والبسطاء في نظام ديمقراطي على ما يبدو ويشاع ، وينظر اليه من خلال بعض ممارساته وطريقة نقل السلطة فيه . بمظاهرات ايلول الجاري والتي تشبه الى حد كبير ، بأسبابها ومبررات قيامها بالانتفاضة الشعبانية التي قامت في اول تسعينيات القرن المنصرم ؟؟؟ ضد النظام السابق ، والتي لا زال الكثير منا يذكرها بالفخر والاعتزاز ،  على الرغم من ان احزاب النظام السياسي واغلب افراده اليوم ، هو من كان قابعا خلف الحدود ناظرا يترقب ما ستؤول اليه الاحداث من نتائج تلك الانتفاضة الشعبية الدموية المباركة ، وهم من انزل بحقها صفة التبريك لإستحقاقها آنذاك ولا زال ،  وان كانتا برأيي كلا الانتفاضتين ، شعبان وتشرين يستحقان التبريك والثناء وديمومة ذكراهما !!!!

انها حكمة التاريخ والمجتمعات الحية ، ان تقوم كلا الانتفاضتين دون اصدار فتوى لرجل دين او دعوى لحزب سياسي او اي تأثير لدعوات اخرى تقوم عادة عليها الثورات او المظاهرات ، فقد قامت الانتفاضتين جراء أستجابات نفسية عفوية لا شعورية في غالبيتها .

وكشاهد على الحدثين  من خلال المشاركة الفعالة بالاولى قبل ثلاثين عاما تقريبا برفقة أخي الاكبر ، وللعمر احكامه كمشاركين ومحفزين ومحققين بالثانية ، فأسباب ومبررات اليوم تشبه الامس الى حد كبير  ، وأذا كانت مبررات الجوع والالم والشعور الطاغي بالظلم ومشاعر اليأس المقيد بالقنوط والاحباط الملازم للفشل هي واحدة في نشوء كل الثورات ضد انظمة الاستبداد ، فأن  سبل مواجهتها لا زال بنفس عقلية المستبد بل واكثر ، فالمنهج القمعي العنيف على الرغم من جدلية وعلى فرض الاختلاف الكبير والنوعي ما بين النظامين ومؤسساتهما !!! والوقوف ضدها جملة وتفصيلا ، من خلال الاعلام الموجه بتخوينها وتسييسها لصالح حزب او مذهب ايديولوجي او ديني معين ، او في محاولات اسقاطها من خلال رمي تبعيتها لدول اقليمية ،  وهو ما تم رمي المتظاهرين به اليوم ، في اسلوب تقليدي تعبوي شرق اوسطي عربي خالص وعتيد ورخيص بأمتياز  ، لا يختلف عليه انظمة الاستبداد علمانية كانت او دينية ، يعبأ له اغلب القائمين على النظام والذي تقع عليهم مسؤولية الادارة فيه ، كل هذا الكم من العنف المرصود والاعلام الموجه ، وهو اساس التناقض السلطوي والانشطار النفسي والمعنوي والتحول المبدأي في معركة توظيف الدين بالسياسة .
ان ألاسلوب القمعي والعنيف الذي تمت فيه مواجهة تظاهرات ايلول الجاري والذي قلما يواجه مثل هكذا تظاهرات في العالم ،  بهكذا عنف غير مبرر ( خاصة وان هناك تظاهرات كثيرة مرت علينا بالحقبة القليلة المنصرمة ومنها ما جاس خلال الديار ، ووصل الى قبة البرلمان دون رمي اطلاقة واحدة في مواجهته ) !!!! وفي هذه النقطة بالذات ما يعبر عن جدلية واكثرها اثارة للحساسية جراء التقسيم الحكومي والحزبي كمنظمات ومؤسسات تابعة ، ناهيك عن الية عسكرة الاحزاب الاساسية لمجموعات تابعة لها خارج نطاق الدولة .
صورة دموية متوحشة تعيد للاذهان صور النظام الديكتاتوري السابق ، مع الفارق الكبير بين المواجهتين ، فقد كانت انتفاضة شعبان مسلحة وسبقت تظاهرات الربيع العربي الفاشل ، على العكس تماما من تظاهرات ايلول الجاري التي كانت لصبيان وشباب بعمر الورد غالبيتهم من الفقراء والمعوزين ، عارين الصدور ، وكانها رسالة قام بها المتظاهرون العزل من خلال تعرّيِهم كشعار على سلميتها وهم يتواجهون امام اجهزة السلطة العسكرية الديمقراطية المختلفة بصدور عارية ، يخترق اضلاعها كل هذا الرصاص الحاقد والجبان . 
لا عجب ان تُرمى الثورات بكيل التهم من تلك الانظمة المستبدة وهذا ديدن التاريخ ، ولكن العجب ان ترمى هذه الثورات العفوية والمبررة للغاية ، في نظام يدعي ديمقراطيته ،  وفي دستوره حق التظاهر مكفول !!!

■ فتوزيع حقوق الشعب بهذه الكيفية والكمية والنوعية وفق تقسيم طبقي حزبي جهوي فئوي على كينونات معينة لاحزاب السلطة ومنظمات ومؤسسات وتيارات وعسكرة لقوى مسلحة خاصة تابعة لهم خارجة عن القانون في غالبيتها ، لتحقيق اعلى نسبة مغانم لهذه الفئات ( ومعتقلي رفحاء ليس اخرها ) دون النظر للفئات الكبيرة للشعب من المحرومين والفقراء والمحتاجين وسط بطالة مقنعة واقتصاد رث ومنخور وقطاع خاص وصناعي بائس للغاية ، ستجعل سلسلة التظاهرات لن تتوقف الى الحد الذي وقفت عليه اليوم بجملة اجراءات حكومية متأخرة .

■ يجب ان يتعلم مبادئ النظام ، القائمين عليه ، قبل ان يتم تصديره الى الجماهير بتلك الصورة الرثة الذليلة والمشوهة ، على ان جمهور المتظاهرين الشباب كان اكثر تحضرا ونبلا ومنهجا من النظام والقائمين عليه وهذا ما رأيناه ولمسناه قولا وفعلا ، وهذا ان دل على شيء ، فانه يدل على سلميتها وتوافر ادوات التحضر الديمقراطي المبرمج فيها ، ومبادئ مفاهيم المواطنة بكل عفوية ، من خلال رفع شعاراتها اولا والتي كانت تُذكر عناصرها ومؤيديها بحبهم العراق  وديمومة سلميتها ثانيا ، والمطالبة بالحقوق ثالثا .

■ اعلموا انكم حينما تطلقون رصاصة الرحمة على صبيان عراة الصدور بائسين ومحرومين بدعوى تهورههم او تخوينهم ، فاعلموا بانكم تقتلون جيلا وترسخون في ذاكرته طغيانكم الاعمى وتجسدون تهوركم انتم ، واعلموا ان النظام وصل الى حد الاسراف والطغيان المتهور ، بكل القيم والاعراف وقدسية الدماء الطاهرة ، نتيجة للغرق ببحر النفاق والفساد العميق الذي يعكس نظرة القائمين عليه بأن الجميع قد غرق ، فيجعلهم بعيدين عن الحساب ، ولكن بنظرة سريعة للتاريخ السياسي والاجتماعي لوطننا وشعبنا الاصيل ، لا يجعل منكم استثناء ً ابداً ، وبمراجعة خاطفة لاعوامكم المريرة والدموية السبعة عشر تجعلكم ترصدون اعوام فسادكم واستخفافكم بالسلطة والشعب والوطن ومن قبلها الدين  .

■ ثورة تشرين اسست لثقافة مانعة لظهور الطغاة وحامية للمستقبل ضد من تسول له نفسه نشر تجربته القمعية وصور استبداده ( فبذور انظمة الطغاة لا زالت قوية والارض لا زالت خصبة طرية كذلك اذا ما توفرت لها ظروف الإنبات ، فالمجتمع الذي تتمخض معاناته من رحم الاستبداد ، يكون عرضة لإنتاج المستبدين والطغاة دوما وواقعنا اليوم يحتفي بوجود الف قائد ضرورة واكثر )   .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي