الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دراسة لآيات الزمن في الاسلام .... هل يؤمن المسلمين بالمدنية والحضارة

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2019 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في دراسة لآيات الزمن في الإسلام ...... هل يؤمن المسلم حقا بالمدينة والحضارة
.
- إن عده الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعه حرم‏ (‏التوبه 36)
- إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (التوبة 37)
هل يلام الملحدين إذا قالوا بأن الله خلقه الانسان، لنقرأ الآية الاولى بأمعان،
يوم خلق الله السماوات والأرض... كتب .... إن عده الشهور عنده ... اثنا عشر شهرا....
اليس هذه الآية وحدها تكفي ليقول الملحد ان القرآن صناعة بشرية
والغريب اننا فهمنا ان الله ليس عنده زمان او مكان وهو حاضر دوما أي لا ماضي ولا مستقبل عنده فكل هذه المعايير لا تنطبق على الذات الإلهية، فكيف يتخذ قرارا لا ينطبق عليه ولا يعنيه،
وكيف نقول ان الله غير محدود بزمان او مكان؟
.
الرقم 12 محور هذه الآية وهو الرقم الذي يحمل طابع مقدس لدى العديد من الشعوب مثل رسل المسيح الاثني عشر وتلاميذ كونفوشيوس الاثني عشر والائمة الاثني عشر عند الشيعة ...الخ.
.
جميع الأديان في العالم سماوية وغير سماوية تقريبا لم تتطرق الى حسابات الزمن وانما استفادت من الزمن لتلبية متطلباتها في مواقيت الصلاة وتقديم الذبائح والصوم والحج والاحتفالات والمناسبات، ومن هنا جاء اهتمام كهنة المعابد بها وساهموا مساهمة كبيرة في تطورها وانتشارها.
.
ان مسألة ان عده الشهور اثنتي عشر شهرا محصورة تماما بالكرة الأرضية وبالعقول التي اخترعت هذا النظام على هذه البقعة من الكون، ولا يمكن ان تنطبق على أي كوكب آخر في الكون، فهي اساسا لا تنطبق على المجموعة الشمسية التي تنتمي اليها كرتنا الأرضية.
وقد أطلق علماء الفلك على فترة دوران الأرض حول نفسها باليوم،
وأطلقوا على فترة دوران الأرض حول الشمس بالسنة،
وقد لوحظ ان عدد دوران الأرض حول الشمس يبلغ 365 يوم وربع اليوم تقريبا، ويعتقد ان الفلكي البابلي كيدينو اوكيديناس في القرن الرابع قبل الميلاد، تمكن من احتساب مقدار السنة الشمسية بدرجة مضبوطة بحيث لا ينقص عن المقدار الفلكي الحقيقي إلا بأربع دقائق ونصف الدقيقة.
.
ومن هذا المنطلق لا يمكن لهذا النظام ان ينطبق على كواكب الكون او حتى على كواكب الشمس، فجميع هذه الكواكب تدور حول الشمس بأوقات مختلفة لأسباب عديدة أهمها كتلة الكوكب وكذلك بعده عن الشمس وقوة جاذبيته.
بالتأكيد في زمن ومكان كتابة القرآن هذا الكلام يمكن تصديقه، لأن كاتبه لم يكن يعلم ان الكرة الأرضية هي مجرد كوكب في مجموعة شمسية واحدة ضمن مليارات الشموس وكل هذه المليارات من الشموس في داخل مجرة واحدة ضمن مليارات المجرات، (مجرة درب التبانة او درب اللبانة) ويقدر العلماء وجود100 مليار مجرة، وأن العلماء أكدوا وجود اختلافات فيزيائية كبيرة جدا بينها، أي أن هذا النظام الذي أقره إله القرآن إذا كان بالإمكان تطبيقه، فهو لا ينطبق إلا على الكرة الأرضية من بين كواكب هذا النوع من النظام الشمسي....
أي انه لو قدر ان يكون للكون نظام واحد، فأن هذه الآية يمكن ان تنطبق عليه.
- فمثلا كوكب عطارد القريب من الشمس، فإن سنته او مدة دورانه حول الشمس لا تتجاوز 88 يوم ارضي، اما يومه او مدة دورانه حول نفسه بطيئة تبلغ 58.6 يوم ارضي.
- وزحل وهو سابع كوكب في بعده عن الشمس، فإن سنته الواحدة او مدة دورانه حول الشمس تبلغ 29.46 سنة أرضية ليدور مرة واحدة حول الشمس، في حين ان يومه او مدة دورانه حول نفسه يبلغ 10 ساعة و33 دقيقة أرضية.
- ويحتاج نبتون ثامن الكواكب الى 165 سنة أرضية ليدور مرة واحدة حول الشمس، بينما تبلغ مدة دورانه حول نفسه 15 ساعة و57 دقيقة.
- اما الزهرة ثاني الكواكب فإنه ينسف هذه الآية من أصلها، فهو يحتاج الى 243 يوم ارضي ليدور مرة واحدة حول نفسه، ويحتاج 224.65 يوم ارضي ليدور حول الشمس، أي أن سنته أصغر من يومه، فهو يحتاج الى سنة و18 يوم ليدور يوم واحد حول نفسه.
.
لا يعرف بالضبط متى تمكن الانسان من احتساب الزمن، إلا انه بالتأكيد وعى الانسان مع الحياة والتي هو جزء منها، فعرف متى تتساقط الامطار والثلوج واوقات التغيرات في درجات الحرارة ومدي تأثيرها على نمو النباتات وتتفتح الازهار وتتكاثر والحيوانات
ودائما الحاجة ام الاختراع.
.
ظهرت الحاجة الى التقويم وحسابات الزمن مع بدء الحضارة والتمدن الإنساني في الكرة الارضية، ولا توجد أدلة على استخدام انسان النيادرتال والانسان القديم عموما لحسابات الزمن لعدم حاجته اليها، وبعد أن تمكن الانسان من الاستقرار وأقيمت المعابد التي كان كهانها يتأملون في السماء والنجوم، وأصبحت الحاجة ملحة للتعلم وامتهان الرعي والصيد والزراعة وتدجين الحيوانات، ثم تبعها التعلم في التصنيع الزراعي، ثم جاءت الحاجة الى التجارة والتنقل كونها الوسيلة الرئيسية للتمدن والاستقرار الحضاري ونموه وقيام المدن والممالك، وكان للنشاط الاقتصادي ولا زال أساس أنتشاره وتطوره وتنوعه.
فبعد ان تمكن الانسان من الاستقرار، نظر الى السماء وراقب النجوم والكواكب وحركاتها وفكر في الاستفادة منها في ضبط تنقلاته سواء في الرعي والغزو، او التجارة التي هي عصب الحياة الاقتصادية المدنية والتي على أساسها توسعت المدن ونشأ ت الامبراطوريات، بل ان من صنع الامبراطوريات هم التجار واللذين بدورهم قاموا بتمويل الغزاة من اجل السيطرة على البلدان وامتلاك ثرواتها وبالتالي تحيق أكبر قدر ممكن من الأرباح والاموال، ومع تطور التجارة والحروب والتي بدورها ومعها مباشرة تطلب وجود قواعد ونظم
وقوانين لإحكام السيطرة على حركة العمليات التجارية والعسكرية.
.
وكان للمعابد تأثيرا كبيرا في تطور حسابات الوقت، ومنها اخذت هذه المهنة قدسيتها فقد ارتبطت ارتباطا وثيقا بالتنجيم والسحر والتنبؤ بالأحداث المستقبلية، وقد كانت لهم كلمتهم الحاسمة احياننا، كما حدث في عهد الامبراطور المصري بطليموس الثالث عندما أراد احداث تغييرات على التقويم المصري سنة 238 ق.م. وهي تغييرات لم ترق للكهنة المصريين، ودخل في صراع معهم (ونحن نعلم الدور التاريخي للمصريين في وضع نظم فلكية دقيقة في حسابات السنة الشمسية)
في العهد البابلي سيطر الكهان الكلدانيين او الكلديين على السلطة لفترة من الزمن، وفي تلك الفترة قام الفلكيين باحتساب سبعة أشهر قمرية في دورة زمنية مقدارها 19 سنة قمرية من اجل معادلتها مع السنة الشمسية، وهذا النظام لازال اليهود يعتمدونه بدقة الى يومنا هذا، وأن البابليين فصلوا الزمان وقسموا السنة إلى أشهر وأسابيع وأيام والايام إلى ساعات والساعات إلى دقائق والدقائق إلى ثواني.
وفي العصر الحديث رأينا في التقويم الغريغوري (نسبة الى بابا روما غريغوريوس الثالث عشر) في فترة سلطة الكنيسة، حيث اضيف 10 أيام الى السنة اليوليانية الشمسية في سنة 1582 ميلادية لمعادلتها مع السنة الغريغورية الشمسية، والتي يجري العمل بها حتى يومنا هذا.

اما في الإسلام فقد اعطى القدسية الإلهية على حسابات الزمن وحددها بأثنا عشر شهرا، إلا ان قرار تحديد السنة الهجرية تم من قبل خليفة المسلمين عمر بن الخطاب كما انه أضاف اليها قرارا الهيا ازليا لم يلتزم المسلمين به وهو الأشهر الاربعة الحرم، والتي نسفها القرآن نفسه عندما قال في سورة البقرة 217 (يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍۢ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) وسأتحدث عنها لاحقا.
.
ولقد أصبح التقويم من الخطورة والاهمية في العالم كله، ومنذ نشوء الحضارات الى يومنا هذا، فهو لم يعد مجرد حساب، فقد تحولت حسابات الزمن الى رمز وطني لا يقل أهمية عن الرموز المقدسة الأخرى كالدين والعملة، لدرجة ان لكل امة اودين كان لها تقويمها الخاص الذي كانت تفرضه على كل البلدان الخاضعة لها تماما مثلما كانت تفرض عملتها وربما دينها كأسلوب لدمج تلك الامم والبلدان في كيانها، فنجد التقويم الفارسي والتقويم الكوري مثلا ونجد التقويم البهائي والتقويم الهندوسي ونجد التقويم الإنساني وهكذا، بل وان التقاويم كالعملات في أحيان كثيرة، فقد كان يجري تغييرها عند تولي الملك السلطة ليضع بصماته عليها.
.
غضبت ابنة الملياردير اليوناني المعروف الوحيدة اوناسيس عندما اهداها في عيد ميلادها (اجندة) وتساءلت ما هذه، اجابها يجب ان تعلمي أن قيمتها تزيد عن المليون دولار!
.
لم تكن شعوب العالم في يوم من الأيام متفقة على نظم معينة لحسابات الزمن فنجد مثلا:
- الرومان كان لهم سنتهم الخاصة المتكونة من عشرة أشهر فقط، أي من الرقم 1 الى الرقم 10 ثم بدأ الرومان يغيرون الأرقام تباعا وتسميتها بأسماء مقدسة وأسماء اباطرة، واضيف اليها لاحقا شهري يناير وفبراير ، وبقيت أربعة اشهر على ارقامها اللاتينية وهي (سبتمبر7 واكتوبر 8 ونوفمبر 9 وديسمبر10) وهو جزء من النظام العشري الذي كان يميز الرومان، وقد عدل عدة مرات الى ان كلف الامبراطور يوليوس قيصر الفلكي اليوناني (سوسيجنيو Sosigenes) في القرن الأول قبل الميلاد، بان يصنع تقويما شمسيا مستندا على حركة دوران الأرض حول الشمس، والذي كان الأساس للسنة الميلادية فيما بعد، وهذا دليل على ان واضع هذه الآية اما انه يجهل الحقائق التاريخية او ان له قصد آخر.
.
- في أمريكا كان هناك العديد من التقاويم منها تقويم شمسي وزراعي موسمي، وهو تقويم المايا. ويعود، على الأرجح، إلى العام 580 قبل الميلاد. كانت السنة الشمسية في ذلك التقويم تتألف من 18 شهراً يتكون كل منها من 20 يوماً (ترقم من 0 ال 19) وكانت السنة تشمل أيضاً فترة مشؤومة أو منحوسة من خمسة أيام، فيكون مجموعها الكلي 365 يوماً.
.
- الرقم 12 في التقويم الصيني أخذ طابع سنوي وليس شهري وكما تقول الأساطير الصينية ــ عندما طلب “بوذا” من جميع الحيوانات ــ وكان عددهم 12 حيواناً ــ مقابلته في ليلة، فحضرت الحيوانات وأطلق بوذا على كل سنةٍ اسم حيوان منهم، ونتجت دورة من 12 سنة، تحمل كل سنةٍ منها اسم حيوان (الفأر – الثور – النمر – الأرنب – التنين – الأفعى – الحصان – الخروف – القرد – الديك – الكلب – الخنزير)، كما يمكن أن تحمل صفة أخرى من صفات الماء أو النار أو المعادن وغيرها، وأصبح كل شخصٍ يولد في أي سنة فهو حسب الأبراج الصينية سيتسم بسمات شخصية الحيوان التي تسمى السنة على اسمه.
- (ويطلق عليه أيضا تقويم شمسي قمري أي انه يعتمد على دورتي الشمس والقمر ولغرض مطابقتها مع السنة الشمسية يكون عدد أشهر السنة 13 شهرا)
(لم يدرج الأسد من بين الحيوانات المهمة لان النمر هو سيد الغابة الهندية والصينية
(وهذا دليل على محدودية ومكانية التسميات - للأيام والاشهر - في جميع تقاويم العالم)
فمنها ما كان رقميا ومنها ما كان بأسماء الشمس وكواكبها ومنها ما كان بأسماء الالهة والاباطرة ومنها ما كان بأسماء أحداث طبيعية أو مناخية أو زراعية أو أسماء قبائل ... الخ).
.
- الكبس والنسئ:
لم يكن ضبط السنة التقويمية سهلا منذ البدء بسبب الاختلافات في دقة حساب دوران الأرض وعدم وجود التوثيق لدى الشعوب، ولهذا اعتمد على القمر كأساس لمعرفة التغيير الشهري نظرا لدوران القمر حول الأرض، ويكتمل الشهر القمري في 29 او 30 يوم (تسعةٍ وعشرين يوماً، واثنتي عشرة ساعة، وأربعةٍ وأربعين دقيقة، بالإضافة إلى ثانيتين وثمانية أجزاء من الثانية) ولمطابقتها مع السنة الشميسة نحتاج الى 11 يوم لتصبح 365 يوم وربع اليوم تقريبا، وبدل ربع اليوم اضيف يوم آخر في كل اربع سنوات، والمسألة لم تكن سهلة، ولهذه الأسباب المعقدة ابتكر علماء الفلك على مر العصور طرق متنوعة فاعتمدوا نظام (الكبس) وكذلك نظام الشهر النسيء او النسيان عند الاقباط وقيل الصغير أو الزيادة أو الإضافة وغيرها من المسميات.
.
والكبس ببساطة هو إضافة شهر كل 3 سنوات لمعادلة فارق السنة الشمسية (365.24 يوم) مع السنة القمرية 345.36 يوم) والبالغ حوالي 11 يوم.
اما النسيئة في فهي نظام لمعادلة أشهر السنة الشمسية او السنة الشمسية القمرية وقد تنوعت الأمم والشعوب فكل حاول الاجتهاد في تأسسي نظام خاص به، فمثلا نرى المصريين القدامى والاقباط فيما بعد وهم المعروفين بدقة حساباتهم الفلكية، جعلوا عدد أيام الشهر 30 يوما ولغرض مطابقتها مع حركة دوران الأرض اعتمدوا إضافة او شهرا آخر اسموه النسئ مدته خمسة أيام او ستته أيام، وهو المعتمد لحد الان لدى الاحباش (اثيوبيا) والفرس في عهد يزدجرد (632م) أيضا اعتمدوا نظاما شبيها له.
.
والعرب كان لهم سنتهم ويعتقد ان اهل قريش وضعوا نظاما لهم قبل قرنين من الهجرة، وحسب المصادر الإسلامية فإن آخر من مارس النسأ لمدة 40 سنة هو القرمس (كما كلن يطلق عليه) أبو ثمامة جنادة بن عوف الى ان جاء الاسلام وحرمها.
.
. إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ:
مورس التكفير في الإسلام بشكل مفرط وبلا حساب، وذهب ولازال ضحية ذلك الالاف وربما الملايين من الأبرياء خاصة إذا علمنا ان هناك من يبرر قتل المرتد دون الرجوع الى الامام، بل وحتى انسحب التكفير داخل المجتمع الإسلامي نفسه ليشمل الطوائف فيما بينها،
إلا انه أغرب ما في الإسلام تكفير الانسان في عمل لا يمس الذات الإلهية
يعرف الكفر لغويا انه الغطاء ويقال غطى الشيء وحجبه، وعرف أيضا بالإنكار، وفي الإنكليزية (Cover)
ويعرف إسلاميا على انه الالحاد بالله وكذلك الارتداد عن الدين
إلا انه يعتبر كفرا قيام الانسان بعمل تنظيمي في مجال الحياة العامة، مسألة في غاية الدهشة،
والأكثر غرابة هو انه أي النسيء زيادة في الكفر، فإذا كان الجحود بالله كفرا، فهل هناك شيء اكبر من الله
والالحاد به وما هذا العمل الذي يكون زيادة في الكفر، ام انه لا يعرف ماذا يقول هو أراد الغائه وكفى، ونحن نعلم ان محمد وصحابته صاموا تسع سنين في المدينة المنورة على النظام القديم، أي انه صاموا رمضان في موعده، ومارسوا الشعائر الأخرى في موعدها ومنها صوم عاشوراء اليهودي الذي يصومونه وفقا لتقويمهم، وفي السنة العاشرة في حجة الوداع يقرر تحريمه لأنه زيادة في الكفر، فهل كان المسلمين يمارسونه خطأ ثم اكتشفوا ذلك لاحقا ام انه استخفاف لمفهوم الكفر الذي أخذ يمارس في غير محله الحقيقي؟
.
كانت أسماء الأشهر العربية ثابتة في مواسمها فكان رمضان ومعناه الحر الشديد يأتي في الصيف في حين تحول بعد الهجرة ليأتي في كل المواسم، وهذا أكبر دليل على ان التقويم العربي القديم كان يستند الى المعقولية على الأقل قياسا بالزمن الذي نشأ فيه، وما ينطبق على رمضان ينطبق على الربيع فهل يعقل ان يأتي شهر ربيع في الشتاء او الصيف، اليس من المفترض ان تتغير أسماء الأشهر أيضا مع الغاء النسيء ليتطابق مع الواقع كأن يسمى شهر رمضان على سبيل المثال شهر الصوم ويسمى شهر ربيع الاول شهر محمد حيث ولد محمد فيه حسب الموروث الاسلامي.
.
رفض المسلمون للنسيئة دليل على كونه مجتمع بدوي لا يعرف شيئا عن النظام، ولا يهمه من الحياة غير الغزو والغنائم والسبي، فنظام بني على مدى الاف السنين لتنظيم الحياة الاجتماعية والتجارية والعسكرية، يرفضه المسلمون بحجة ان (اهل قريش يحرمون سنة ويحللون سنة) هذا حديث لا يتطابق مع المنطق،
فإذا كان الاسلام قد جاء لاحقا لما سبقه لتصحيح الأوضاع، فالمنطق ان يدرس أخطاء غيره ويعدلها للأفضل كما تفعل الشعوب المتحضرة، لا أن ينسفه ويحوله للفوضى.
.
ومحمد النبي رجل دين يهتم بمواقيت الصوم والصلاة إضافة الى مراسيم الحج والعمرة وهي شعائر تحتاج الى تقويم جيد ومواعيد ثابتة ويجب ان تكون معلومة لدي المسلمين في كل مكان لتنظيم أوقات استعداداتهم ليصلوا الى الأماكن المقدسة بالوقت المناسب،
اليس هذا يأخذنا الى فكرة ان محمد لم يكن يتصور ان سلطته ستمتد خارج الجزيرة العربية، والتي أراد ان يغلقها على نفسه بحيث نجد حديث منسوب له يقول اخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، ثم الآية التي تصف غير المسلمين بالنجس ومحرم عليهم دخول مكة؟
.
كان لازدهار التجارة وتطورها دورا بارزا في تطور التقييم ووفقا للتاريخ الإسلامي كان محمد رجل اعمال يدير تجارة خديجة بنت خويلد، وكانت اهل قريش وتجارها خاصة في كل سنة يقومون برحلتي الصيف الى الشام والشتاء الى اليمن، ثم تحول هذا التاجر الى قائد امة بأكملها، فكيف يضرب عرض الحائط أحد مقومات نجاحها؟
وبالفعل ما ان توسعت الدولة الإسلامية وبدأت أموال الغزو تتدفق ظهر الارتباك جليا، وهذا اول الغيث:
كتب أبو موسى الاشعري سنة 16 للهجرة الى عمر بن الخطاب، انه يأتينا من امير المؤمنين كتب لا ندري بأيهما نعمل، وقد قرأنا صكا ورد من امير المؤمنين محله شعبان ولا ندري أي الشعبانين نعمل الماضي ام الاتي؟ وقيل إن عمر قد رفع اليه صك في شعبان فقال أي شعبان هو؟
وقال ان (الأموال كثرت فينا) وما قسمناه غير موقت، وربما يقع في بعض السنين اختلاف فكيف التوصل الى ضبطه، وضعوا للناس تاريخا، ثم اقترح علي بن ابي طالب اعتماد هجرة النبي محمد لتسميته فأحسن عمر ذلك.
.
وكلما تزداد الدولة الإسلامية توسعا ونموا تتفاقم مشاكلها، ففي زمن هشام بن عبد الملك بن مروان حاول كبار تجار الدولة الاموية اقناع الخليفة بتأخير النيروز لكنه رفض خوفا من ان يتعارض عمله مع الآية (إنما النسيء زيادة في الكفر) وفي عهد الخليفة العباسي هرون الرشيد حاول يحي البرمكي تأخيره فأتهم بالمجوسية فتراجع عن قراره غير أن الخليفة العاشر المتوكل في القرن الثالث الهجري كان أكثر شجاعة في قراره تأخير النوروز،
يقول العسكري في كتاب الاوائل:
أول من أخر النيروز (بداية السنة الفارسية) الخليفة المتوكل، بينما كان المتوكل يطوف في متصيد له إذ رأى زرعا قد اخضر، قال قد استأذنني عبيد الله بن يحي في فتح الخراج وأرى ان الزرع قد اخضر، فقيل له ان هذا قد أضر بالناس، فهم يقرضون ويستلفون، فقال هذا شيء حدث ام هو لم يزل كذا؟ فقيل له حادث، ثم عرف ان الشمس تقطع الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم ثم ان الروم تكبس في كل أربع سنين والفرس تكبس، فلما جاء الإسلام عطل ذلك ولم يعمل به.
.
إذن يمكن القول ان المسلمين عندما قرروا الغزو لم يكن في حساباتهم أي تفكير مستقبلي لبناء حضارة او حتى دولة مدنية انما كل همهم الغزوا والسبايا والأموال فمن سينتصر سينال حصته ومن سيقتل سيكون مثواه الجنة تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، فما الحاجة الى دولة ونظام وقانون يعرقل مسيرتهم وطموحاتهم،
ولكيلا يقع المسلمين في ورطة عندما تأتي الأشهر الحرم ويكونون في ساحات القتال، فجاءت الاية 217 من سورة البقرة لتحل المشكلة (يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍۢ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)
وإن اختلف العلماء فيما إذا كان القتال فيها مسموح ام لا ولكن الأرجح هو (جواز القتال إذا كان دفاعاً عن المسلمين، أي أنهم هم الذين بدءوا في القتال، أو إذا كان ذلك امتداداً لقتال سابق على هذه الأشهر)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استادي
أبو ازهر الشامي ( 2019 / 10 / 15 - 14:08 )
ضمن قراءتي لمقالاتك رأيت التدليس الكبير
مما يقتل أي مصداقية لمقالة لك
فعلى سبيل المثال لا الحصر
1 تدعي ان زوجة محمد الأولى كانت مسيحية وساريا ذكرت المصادر التي تؤيد مزاعمهم
ولم تكتفي بما ذكرته بعض المواقع المسيحية كذبا
2 وورقة بن نوفل قس
ويا زيت بحثت لتكتشف ان ورقة لم يذكر أي مصدر ديني او تاريخي انه قس الا حديث ضعيف
3 وتنتقد ان الآه الإسلام يضع غير المسلمين في النار
ونسيت موقف الآه الكتاب المقدس الذي تعبده من غير المسيحين
4 وتنتقد أية
إذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها
وتتهم الله بالأمر بالفسق
والآية انتقل بذلك
وإنما قالت
امرناهم بدون تحديد الأمر وإنما الفسق كان ردة الفعل
او ما ترتب من الأمر
طبعا لا تعلم ان الفسق قد يعني الخروج عن الأمر ورفضه
وغيرها الكثير المثير
من هنا احد ان تصديق احد مقالاتك بدون ادلة امر صعب
لا تعتبر الأمر إساءة وإنما اعتبره نقد يناط
وان كنت كاذبا فرد علي
وأنفي ما قلته أنا
واثبت صحة كلامك
تحياتي

اخر الافلام

.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا


.. #shorts -21- Baqarah




.. #shorts - 22- Baqarah