الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمراة لليلة واحدة

انوار صابر حميد

2019 / 10 / 19
الادب والفن


استيقظت بثقل ينوء في معدتي - بعد يوم طويل من المشاحنات مع زوجي – على صوت جلبة وزمجرة في المطبخ , لم تكن تلك الأصوات السبب لأزعاجي , انما كان مرضي , مرضي الذي قلب حياتي رأسا على عقب , أن تشيخ وتنطفئ قبل أوانك لهو أمر يشعرك بقصر روحك وضخامة عبثية الحياة , تلك العبثية التي كنت سابقا مؤمنة بها بقوة أيمان الأخرين بالإله الا أني الأن تجاوزتها إلى ما بعد برزخ تستغلق بها جميع حواسي . أحسست بالغثيان يشكل كتلا حرارية في صدري ويهرش برائحته لساني , اتكأت بمرفقي على الوسادة لأسد مجرى السائل المتخثر الخارج من معدتي ألا أني شعرت بنفضة بسبب دفعة من الحرارة , فقمت مهرولة نحو الحمام وذراعي تحوط بطني محاولة سد الطريق على القيء . من حسن حظي ,كان الحمام في الطابق العلوي قريب من غرفتي . رفعت رأسي الى المرآة بعد أن أفرغت ما في جسمي من تقرحات , كانت عيناي تشحذان الدموع من فرط جفافهما . كنت شاردة اللب عندما أعادتني صوت الطرقعات في المطبخ الى اللحظة الأنية , هل يتعمد أزعاجي في منتصف الليل ؟ تساءلت وأنا استرجع شريط ذكرياتي الآليم معه , أتذكر وجوم وجهه وتذمره مني لأتفه الأسباب , في الحقيقة لم يكن ليقدر أن يحتوي مثاليتي الدراماتيكية المتطلبة حد العمق " والطفولية " كما كان يحلو له أن ينعتها , حتى وان تنازلت عن خيالاتي ومشاريعي المتمردة ,لم يكن ليرضيني في حين أنه يعاملني كقطعة خشب في البيت , لم يكن بمقدوري أن اشعر بحبه لي وهو يفعلها بطريقة ذكورية بحته , لم أكن لأحب طبقة صوته العالية , مشيته المنفرجة , يداه القاسيتان , عيناه الباردة, حديثه المقطر وحذائه الغالي. ازدادت الأصوات الصادرة من المطبخ فقررت النزول لأرى ماذا يفعل , دفعت نفسي ببطيء نحو الطابق الأرضي . كانت الردهة المقلمة التي تفصل بين غرفة الصالون والمطبخ واسعة ومظلمة , في جهة اليمين يقع الصالون غير المضاء حيث يتسلل ضوء القمر بخفوت من خلال الستار الذي يغطي ردفتي نافذته الكبيرة . أشعلت الضوء ,لم يكن زوجي الذي أفترش المقعد الكبير موجود في منامه والغطاء مرمي بإهمال على الأرضية . فتوجهت الى المطبخ معتقدة بأني سأجده هناك يرتشف القهوة كعادته ورأسه منغمس في الهاتف . لم يكن المطبخ كباقي الغرف ,واسع , انما ضيق واللون الأبيض يقدح من رفوف خزانته , والجدران ,الجدران فقط كانت كئيبة . هدوء الغرفة لا يوحي بوجود احد يعبث فيه كما أن الغرفة كانت غير مضاءة , فأشعلت الضوء ويا للصدمة , تجمدت مكاني , فقد كانت الطاولة مجهزة ببعض الأكلات الخفيفة والمعلبات مثل البيض المقلي والتونة . توجست من المنظر ,تقدمت بخطى ثابتة لأتحسس أبريق الشاي الموضوع على الغاز ,ما زال ساخنا مما يعني أنه تم أطفاء شعلة النار من تحته الأن . ناديت بصوت عالي دون أن استدير فقد كنت خائفة وشعرت بظهري عاري ويلسعني من البرد , كما خيل لي أن صوتي يصطدم بجدران المطبخ ويتردد صداه في الفراغ . استدرت لأنادي مرة أخرى الا ان يدًا متعرقة كانت سباقة فكتم فمي ودفعني بقبضته أتجاه الغاز فشعرت ان المقابض تنغرس في ظهري . كان أمامي مباشرة ,عيناي الناتئة تحط برجاء على وجهه , أحمرت ملامحي وهي تجأر من الخوف , ظللت التملص من ذراعه بجسدي المتعب , رفسته , ركلته برأسي وحاولت دفعه بعيدًا عني ألا أنه كان يقابلني بكل دفعة تصلب أقسى من جسده . قررت أخيرًا أن أسكن ليس لشيء , انما لأني أحسست بالغثيان يعتري أعضائي , اردت استفراغ كل ما في جسمي دفعة واحدة , اصبح وجهي محتقنا وملامحي توحي بالأنفجار . لم يرد الرجل رفع يده خوفًا من ردة فعلي .. قد أكون خائفة ولكن ما يحدث داخلي حرب تشتت أية أشارة قاهرة تأتي من الخارج . في بعض الأحيان نشعر أننا وحدة عالم مرصوصة في مصفوفة مثخنة بثنايا الألم ولكن ما يؤلم حقا أحيانا هو ما يجري داخلك بين تصدعات روحك . جل ما أردته هو الاستفراغ والتبريد على معدتي , لم يأبه فمي لذلك الكف الذي يسد فتحته فأندفع القيء من خلاله ليتسرب من بين أصابعه , أصبحت يده مليئة بالسائل الأبيض المتكتل , فأبعدها بسرعة لأسقط على ركبتي الا انها كانت حركة متأخرة ,فقميصه أخذ حقه من بزقي وكذلك أرضية المطبخ تعفنت بمخلفات معدتي ذات الرائحة العفنة . لم أكن لأنتظر أن يرفعني احد من فوضوية سقوطي ويشد جسدي نحو الضوء , كنت أشعر بالتضوع والنشوة في غمرة ضعفي وكأني أغذي انعكاسي الضعيف على سطح بحيرتي المتشظية , لذلك عندما غادر الغريب خارج المطبخ لم أكنز له خيفة أو آبه له واعتقدت في داخلي أنه هرب من منظري المرعب , ولكنها كانت لحظات معدودة حتى عاد ممسكا ممسحة يداهم فيها القيء لتمتصه .تفرست بقطعة القماش كما لو كانت تمثل كل شيء مزيف ثقيل في قبضة سني , تلك القطعة التي شوهت مشهد ألمي الحقيقي . أطلقت ابتسامة مريرة حينما شعرت بوجود ظلا فوقي وذراع تلف خصري , كان قد حوطني ويده تتأبط ذراعي . شعرت بهسيس يرتجف داخلي ورغبة بدفعه بعيدا عني الا أنه لم تكن لدي القوة الكافية لفعل ذلك فتركته يقودني نحو الحوض حيث كان يقصد أن يرطب وجهي , لم أكن لأتحمل يده على وجهي فأبعدته عن قائلة له بأني سأتدبر أمري . غسلت وجهي في حين كان هو بالحمام الأرضي يعتني بنفسه . لا أتذكر الوقت الذي قضيته أمام الحوض فما اردته حقا في تلك اللحظة أن يخرج الرجل من منزلي , عندما عاد الى المطبخ ,لم تبدو عليه أي نية للرحيل فقد كان عاري الصدر يتقدم بخطوات ثابته ودودة نحو الطاولة متطلعًا الي
" هل أنت بخير ؟" سألني بصوت منخفض
لم أومئ له انما فقط بادلته النظر , كانت ملامحه طفولية , تظهر عليه تجاعيد تلف عينيه شاقة وجنتيه رغم صغر سنه , أنفه المتوسط يتدلى مثل عنقود العنب وشفتاه باهتة ضبابية باللون البمبي , يتوزع النمش على وجهه كأثار المطر الخفيفة , عيناه زرقاوين كزجاج الماء وشعره البني يتموج مثل سنابل القمح ..... في الحقيقة يوجد بينه وبين الممثل اـيدي ريدمان شبه كبير هذا إن لم يكن هو بشحمه ولحمه.
سبب أعجابي الأول بذلك الممثل قد يكون غريب قليل ومتعلق أكثر بكيفية نظري للحياة , أيدي ريدمان بالنسبة لي كان يقبع في منتصف المعايير الأجتماعية , كيف علي أن أشرح ذلك ؟ حسنًا , منظره لا يوحي بجنسه كما كان باستطاعته تحديد ما يراه مناسب له , ولم يكن شكله يدعم أي تحيز او تحزبات لتصنيف الذكورة والأنوثة حسب معايير باهتة . دائما ما كنت أؤمن بوجوب عدم وضع أطار أو قالب متجمد للذات الإنسانية لأني لم أكن لأتحمل أن أحيا هكذا وهذا الأيمان غالبا ما كان يسبب لي تشنجات في دماغي ودفعات من انسلاخ أعصابي المرهقة, رؤية هذا الرجل امامي تعتبر جزء من فوضى مختمرة فيّ لأني ما عدت أرهبه بسبب شكله الودود المطمئن واللطيف .
أضاف بوضوح " أعتذر لأقتحامي منزلك بهذا الشكل وأخافتي لك "
"لا عليك , استمتع بوجبتك "
" ألن تأكلي معي ؟ أنت تحتاجين الى الطعام من أجل استرداد صحتك "
أردت أخباره بفقدان صحتي منذ زمن بعيد لا أتذكره ولكني عدلت عن هذه الفكرة بقولي بغمغمة متعبة " ان أكلت , سأتقيأ على الطاولة , الأفضل أن تأكل لوحدك حتى تهدأ معدتي "
" اذا ألا يجب أن تجلسي لتريحي قدميك؟"
تقدمت نحو الطاولة وجلست قبالته وبدأ هو بالأكل , كان يلتهم الطعام بشراهة كبيرة ويحدثني بأمور جانبية عن البيض والطبخ , هو يحرك شفاه وأنا أراقبه وأقارنه بزوجي , الرجل الجالس أمامي يتصرف بعفوية وبكل أريحية , يحدثني كما لو كان قد قابلني في عالم سابق , هو يفتح فمه وانا ارفع حاجبي, هو يحرك بؤبؤتي عينه وانا أحرك تباعا لهم ويهز جسده مع حباله الصوتية وأنا لأول مرة ادفع كتفي للأمام . لم يكن زوجي ليحدثني بهذا الشكل , فقد كان يتصرف كالملوك , كالملوك في قصورهم , وكالعادة يجب علي مسبقا أن أعلم ماذا يحب أن يأكل وما الذي يزعجه اذ لا بد أن أفترض لوحدي ما يتوجب عليه أخباري أياه .....يقال لنا دائما بأننا يجب أن نشعر كما لو كنا أميرات في القصر , أردت الشعور بذلك ,فعلت أقصى ما لدي لأصدق هذه الكذبة وفي النهاية أفشل لأن الواقع يضرب , يضرب بعنف في داخلي .
" هل تستمتعين بمراقبتي؟" أعادني صوته المباغت الى اللحظة الآنية فأجبت متصنعة الضجر " هل لدي خيار أخر؟" أردفت أسأل " الا تريد ان تخبرني كيف دخلت الى هنا ؟"
" حسنا, لم أكن لأفكر مرتين وأنا جائع ......أعتذر , لم يكن يحق لي الدخول هكذا ولكني رأيت باب البيت مفتوح وقد كنت جائع جدا فاعتقدت بأنه لا ضير أن أدخل وأصنع لنفسي ساندويش , لم أكن أنوي السرقة صدقيني وأعلم أني أخفتك بأقتحامي منزلك دون استئذان ... أعتذر مرة أخرى".
رفعت يدي لأشير الى الغرفة الأخرى ( الصالون) ولكني أخفضتها متراجعة عن قولي .... " لكن ..... حسنًا لا يهم , معك حق لا خطأ بذلك بيتي مفتوح لكل الجائعين" أعتقد أني تفوهت بكلمة الجائعين كما لو كنت ادعو لنوع من التضامن والتعاطف في حفلة صوفية .
" أسف ... فكما تلاحظين لم اصنع ساندويش انما فقط صنعت فوضى وقلبت لك المطبخ ولكن ما عساي أن أفعل عندما أجد ثلاجتك فارغة ولا يوجد فيها غير البيض .... لا تقلقي سأنظف المطبخ خلفي "
يا ترى ألم يلاحظ عدد الاعتذارات التي قدمها في وقت قصير؟ سمعت مرة أن الأعتذار يقصد به عدم أعادة الفعل المسيء ولكن ماذا بشأن الاعتذارات المتكررة , الا تبدو غير جدية ؟ الأفعال المؤذية التي ما تفتأ تعيد نفسها وترقع قماش كرامتنا , تلك اللحظات التي تتحمل اكثر مما يجب من الوعود والتسويف فتتبرأ الجدية من تهريج الوقت وتتنصل المسؤولية من خلال زيف الأعتذارات المتكررة التي ندين بها لأنفسنا لنجعل من مشاعرنا لعبة ثقيلة تتسلى بها كل يد, فنعود بوعد جديد يحيينا لنغرق بعد ذلك بأساءة أخرى لا تأخذنا على محمل الجد.
" ألم يخبرك أحد مسبقا بأنك تشبه أيدي ريدمان؟"
" من؟.... من يكون هذا يا ترى؟"
" ممثل ...ذلك الشاب في فيلم the Danish girl..... ألم تشاهد الفيلم ؟"
" لا لم أشاهده" ثم أضاف مازحًا " ما أدراك قد أكون أنا , ألا تؤمنين بالتقمص الأرواح؟"
" لا أؤمن ولكني أعتقد بأنها فكرة مثيرة "
" تخيلي أنه سيكون بمقدورك أن تعيشي حياة تلو حياة ... لا بد أنك ستصابين بالتخمة في النهاية " استطرد ضاحكا من فكرة عاجلته " النهاية! "
" سيكون من الرائع العيش مرة أخرى , سأنتهز كل تلك الفرص التي فوتها وأحاول أن أعيش بخفة أكبر " يبدو أني أتقن الكذب باحترافية رغم نوبة الفراغ التي اجتاحتني في منتصف حديثي المزيف.
" للأسف , في بعض الأحيان الأفضل هو ما نحن عليه "
فأجبت ساخرة " تذكرني بهؤلاءك الأشخاص التقليديون الذين يتكلمون عن النعمة عندما يبدأ الأخرون بالتذمر, لا أدري .. ولكن لا يبدو من اللياقة بشيء أن تقارن الألم بألم آخر فعندما يلم الوجع بالأنسان يصبح وجعه وحزنه الخاص الذي لا ينفع أن تقارنه بوجع أنسان أخر.. الحزن يمتلك لون لا درجات لتقارن بينها ".
" وفي الحياة الأخرى هناك لون أخر "
" ببساطة , كل الطرق تؤدي الى روما .."
سأل مترددًا " وهل ... هل تعنين بروما حياتك الزوجية "
أتذكر كيف شحب وجهي وتقرح من درجة حرارته العالية , وكأنما ركل أحد ما العالم بحجمه الكبير في قلبي فأنبعث فيّ صورة لحياة لا تمت لي بصلة.
أجبت متحاشية أخباره عن حياتي الزوجية " أليست روما جزء من حياة كل شخص فينا ؟"
قال منبه لي وهو يزدرد ريقه " روما جميلة جدًا "
"ولكنها متأخرة "
"هراء , ليس علينا اللحاق بشيء"
" أتعلم قد تعيش المرأة مع الرجل ثلاثين سنة و ولا تحبه خلال هذه السنين أبدًا , لا أريد التواجد في تلك البؤرة التي تستنزفني من سأم الأنتظار أن يأتي غدًا بحلة أخرى لأكتشف أخيرًا تأخري عما كنت يجب أن أكونه ..... هناك محطات في الحياة تتحول الى طرق متعثرة خلال سعينا للعيش ... لا أعرف كيف أوصل لك فكرتي ... دعني أقول هكذا ... أعرف أمراة تزوجت قاصر وحظيت بزوج شرير عنيف ومستهتر بمشاعرها وأنجبت منه أربع أطفال وبعد ثماني سنوات من العذاب تطلقت ليذهب هو باحثا له عن زوجة جديدة بينما هي قد تكون خرجت لوهلة خرجت من مرحلة مؤلمة ... ولكن أنظر بحق الله كيف ستعتني لوحدها بأربعة أطفال ؟..... لست كئيبة ...ولكني أعلم أن تكون متأخر يعني أن لا تصل أبدًا في هذه الحياة".
قمت نحو نافذة المطبخ , أفتح جزء منه ليدخل الهواء ,فقد شعرت برئتاي متشنجة ببلورات مالحة . نظرت الى الشارع وسألت شاردة الذهن " ألا تخاف أن يأتي زوجي فجأة؟"
"هل علي أن أفكر بذلك؟" ثم أضاف دون سماع إجابتي " لا أريد". رغم وجوده خلف ظهري ألا أني شعرت بصوته يأتي من الشارع الذي ينعكس عليه أضاءة خافتة منبعثة من المصابيح المعلقة فوقه . لا أدري كم من الوقت استغرق شرودي وسفري مع أفكاري التي تتقافز أمامي كومضات تلمع من خلال زجاج النافذة , ولم أكن متأكدة إن كان يسألني أو يتفوه بأمر ما , ولكني أجبت كمن يربط حبال الزمن في منتصف الفوضى , تحدثت من داخل رغبة للانفجار.
" انا طوال الوقت أخسر " توقفت أبتلع غصة مالحة تكورت في فمي ثم أضفت " فقط أخسر أشياءً لا أستطيع تحديدها ,في بعض الأحيان أكاد أن أفقد عقلي من جلبة الهرج والمرج داخلي ... حياتي سقيمة .. لا انا فقط أكرهها , قطار تلو قطار يدوس علي ... أحتاج لأن أقبض على شيئ واحد حقيقي يستحق ان أحيا من اجله فلا أجده .... ليس هناك مبرر لحياتي .. الأمر الوحيد الذي فاق طاقتي هو شعوري بكوني مدفوعة ....مدفوعة للأستمرار في حياة لا أريدها .. أنا فقط لا أرى جدوى من نفسي , لا أعلم لما حتى خلقت .. أكان هناك طين زائد ولم يعرف الأله ماذا يفعل به؟ فخلقني "
لم أستطع إكمال حديثي فهويت على الحوض أبكي ,وبيدي المرتجفة أحاول رفع صنبور , ولكن يده كانت أسرع فانزله سامحًا لي البكاء كما تبكي الأنهار وحيدة في منتصف الغابة .
" تستطيعين استعارة كتفي لهذه الليلة إن أردت؟"
لم أستدر , لم يكن في مقدوري توجيه جسدي بعد أن فقدت السيطرة علىه , فشعرت به يضع رأسه على ظهري المهتز محاولا التربيت شعوريًا على قلبي بحرارة جسده. أنعكست أضواء سيارة قادمة على جدران المطبخ مخترقة غيمة المطر المتجمعة في عينيّ..فقلت هامسة:
" زوجي وصل .. يجب أن تغادر".
" لا , لن أغادر... لن أتركك بهذه الحالة ".
فأطلقت ابتسامة مريرة " أذا يجب علي تعريفك الى زوجي؟"
"سأنتظر فوق .. في غرفتك"
" ماذا؟"
" كما سمعت ... سأذهب الأن".
راقبته وهو يصعد ,ثم سمعت صفقة باب السيارة , خطى تدب مسرعة وبابا يفتح . لم أرد رؤيته لذلك التصقت بجدار المطبخ مطفئة الأنوار ومصلية في قلبي أن يذهب مباشرة نحو الفراش وبالفعل فقد توجه زوجي نحو الفراش دون أن يكلف نفسه الصعود لغرفتي للاطمئنان علي , عادة يكون الأمر مؤلم لي ولكن الليلة علمت بأني لا أحتاجه ولم أكن أبدًا في حاجته الى جانبي. انتهزت الفرصة لأخرج بسرعة من المطبخ على أطراف أصابعي مصدرة صوت دبيب نملة ,لوهلة بدوت كمن يسرق تفاحة من الجنة ويركض بها نحو الجحيم , كامرأة تذنب ذنب عادل أو بالأحرى تقوم بما تمليه عليها رغبة الجسد الذي يكفر عندما يتعلق الأمر بالنساء . قد تكون خطواتي بطيئة الا ان قلبي رقص أمامي نحو الغرفة . أدركت أني سأضاجع ذاك الرجل الغريب في سرير زوجي البارد , ولكن أليس ذلك السرير لي فهناك قبر الشغف المزروع في طيات روحي ؟ أليس ذلك السرير شاهد على تقلباتي وخيباتي ودموعي التي بللت وسائده؟ كيف تكون الخيانة الزوجية جريمة في حين أن الخيانة الكبرى هي خيانة النفس لرغباتها وكيانها؟ .
فتحت الباب , وجدته أمامي جالس على مقدمة السرير, تقدمت بساقين واهنتين مفعمتين بهيجانا صارخ من الرغبة , حملت وجنتيه بذراعيّ مشرعة بتقبيله ,كنت أغوص في جسدي من خلال جسده , شدني أليه مطوقًا خصري ينافسني بعدد وشدة القبلات . لا أتذكر من فينا طرح الآخر على السرير ,رفع شعري لفوق وأخذ بتقبيل وتمسيد كل سنتيمتر من عنقي بينما أنا كنت أقبل عينه , انفه , شفاه وأعض أذنه .
همس في أذني " بالمناسبة ما هو أسمك؟"
"ليلى"
رفع أنفه يداعب ارنبة أنفي " ألن تسأليني عن أسمي ؟"
فهمست في فمه" اسمك هو أيدي" ..وأكملنا من حيث توقفنا.
في تلك الأثناء وفي غمرة ظلام الغرفة فتح الباب وأشعلت الأضواء ,لم يكن غير زوجي فاستدرت أليه , رأيت قميص أيدي المتسخ في يده ,فعدت ألتفت الى أيدي لأرى المفاجأة والخوف مزروعتان في عينيه ...ولكن ما شأني أنا بكل هذا؟ ألم اقل مسبقا لنفسي بأني لن اتحمل تشويه لحظاتي بسبب الخوف ؟ تورطت كثيرًا في مواقف آلمتني بسبب الخوف وتجمدت أمام فرص تسللت من بين أصابعي فقط لكي لا أخسر ما أود فعلا خسرانه على الدوام , ولكن الان لن توقفني نظرات زوجي عن ما أردته الأن بكل جوارحي , هل سيقتلني زوجي ؟ فليفعلها ... لن يكون هناك اسوء من ان لا أقبل ايدي الان .... لذلك وأمام مرأى عيني زوجي أكملت في تقبيل وقضم شفاه أيدي ...................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما