الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغاء مكاتب المفتشين العموميين خطوة بالاتجاه الصحيح

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2019 / 10 / 20
الفساد الإداري والمالي


الاصل في الانسان البراءة ، رغم ان نفس الانسان تحمل فجورا وتقوى كما الهمها الله ، حيث يقول الله جل وعلا في سورة الشمس " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)" لكن من يقول ان نفس الانسان الذي يعمل في مكتب المفتش العام تحمل تقوى ونفس الموظف في الدوائر والمؤسسات الاخرى تحمل فجورا فهو على خطأ. ولو جمعنا رواتب العاملين في مكاتب المفتشين العموميين في وزارات الدولة كافة ثم ضربناها حسابيا في 12 شهر وفي عدد السنيين ، وقارنا مع ما استرجع من اموال لخزينة الدولة لوجدنا ان تكلفتهم ورواتبهم اكثر . لقد خلقت حلقة المفتشين العموميين طبقة بيروقراطية سلطت سيوفها على رقاب العاملين في مؤسسات الدولة ، أذ توقفت الكثير من المشاريع الاستثمارية والخدمية خوفا من اتهام الجهات المنفذة بالفساد حتى قبل البدء بتنفيذ تلك المشاريع ، يقول الله تعالى في سورة يوسف ۞ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53)، لم نأتي بالعاملين في تلك المكاتب من المدينة الفاضلة ، الفساد يتراكم ولحين حل تلك المكاتب من قبل البرلمان العراقي لا زالت الشكاوى تتصاعد من الفساد في الاداء الوظيفي على كافة الصعد، حتى كان حل تلك المكاتب تحت ضغط المتظاهرين كحلقة من حلقات الفساد في الدولة. فما هو دور المفتشون العموميون يا ترى ؟ لقد خرج الناس متظاهرون الى شوارع العاصمة بغداد وكافة المحافظات الاخرى يشكون تراكم الفساد الذي اتى على رزق العباد ودمر وبدد ثروات وموارد البلاد . نحن لم نتعلم بعد ممارسة الديمقراطية لا بل حتى الادارة والمسؤولية ولم نتعلم مخافة الله ، ونحاول دائما ان نجعل من كرسي الوظيفة تشريف بدلا من التكليف، سيفا نحز به رقاب الناس ، ومصدرا للأثراء على حساب المال العام ، نبني القصور ونشتري الفلل نتلاعب بالمقاولات والعقود، ونخزن الارصدة من الاموال بالعملات الصعبة ، في المصارف والبنوك داخل البلاد وخارجها ، ولا نرضى براتبنا الذي يتجاوز الملايين ، ولا نعتبر بمن يأكلون من القمامة ، سمعنا وناقشنا مقاولين شكو من طلب الرشا ، من موظفين كبار ،وتجاوزهم على لقمة عيشهم ظلما وجورا وعدوانا ، ولم نسمع دورا للمفتش العام في كشف المرتشين ، الله جل وعلا موجود ، في القلوب والضمائر وهو الرقيب ،واذا لم يضع الانسان الله نصب عينيه ، فلا احد يحل محل الله جل وعلا.
لدينا ديوان الرقابة المالية دائرة فنية متخصصة ، وهذه الدائرة مسؤولة عن مراقبة حسابات الدوائر كافة وتدقيق سجلاتها ومصروفاتها ، ولها تشكيلات في كافة الوزارات فلماذا لا نكتفي بها ونوسع عملها ونهيأ لها الامكانيات والصلاحيات اللازمة لتسهيل عملها ولا نترك فراغا في عملية المراقبة والتفتيش المهني و الاداري الصحيح، ومكاتب المفتشين تجربة أمريكية جاءوا بها بعد سقوط النظام البائد . حتى انه في بعض الوزارات مثل وزارة الداخلية توجد بها هيئة للتفتيش اساسا ومنذ الثلاثينات من القرن الماضي ، لكن أضيفت حلقة اخرى باسم المفتش العام بعد سقوط النظام البائد ،( لطالما تداخلات واجباتها مع هيئة التفتيش) ، فأصبحت ثلاث حلقات تفتيش تراقب الموظف وتجثم على رقبته وهي : المفتش العام وهيئة التفتيش والرقابة المالية ، وكل جهة لها راي مما اربك العمل وتوقفت المشاريع واخذ الموظفون ينأون بأنفسهم عن العمل في دوائر العقود او لجان قبول العطاءات او لجان فتحها ، أذ صار امرا طبيعيا ولازما ان كل من يستلم ادارة العقود يحبس، لا بل تشكل بحق مدير العقود عشرات المجالس التحقيقية، والتساؤل؟ هل ان كل هذه الجهات الرقابية من المدينة الفاضلة باستثناء الموظف فهو مشكوك في عمله واداءه ، ربما يرتشي ويسرق ويخون؟ وجميعهم يتحينون له الفرصة من اجل القبض عليه متلبسا" كل يحد عليه خنجره بانتظار سقوطه " . حتى مات الابداع واصبح العمل رهين نصوص قانونية جافة لا تقدر على اطلاق الطاقات الخلاقة للعمل والنهوض به .
لقد كان قرار حل مكاتب المفتشين العموميين خطوة على الطريق الصحيح ولو انها جاءت متأخرة ، وان اصلاح النظام الاداري ، والسير قدما في بحث كل ما يمكن ان يصلحه ويمضي به قدما على سلم الرقي والنجاح امر لا مجال للتراجع عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على