الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيمة القانونية لقرارات اللجان التحقيقية التي تشكلها الحكومة

سالم روضان الموسوي

2019 / 10 / 22
دراسات وابحاث قانونية


القيمة القانونية لقرارات اللجان التحقيقية التي تشكلها الحكومة
بعد موجة الاحتجاجات التي ظهرت في أوائل شهر تشرين الجاري وبعد سقوط ضحايا من المحتجين ومن منتسبي القوات الأمنية وتصاعد الغضب الشعبي تجاه أعداد الضحايا الذي كان بأكثر من مائة حالة وفاة وآلاف المصابين والجرحى وعدة آلاف من المعتقلين، وتصاعد المطالبات الشعبية والمرجعيات الدينية والفعاليات السياسية بما فيها الحكومة، التي هي طرف وجهت له الاتهامات بتسببه بهذا العدد من الضحايا، نرى بان الحكومة وكذلك مجلس النواب اتجه إلى تشكيل اللجان بمسمى لجان تحقيقية ولجان خدمة ومسميات أخرى لكن المعني في هذه الأمر هي اللجان التحقيقية التي تبحث عن الجناة الذين تسببوا بحالات وفاة الضحايا وإصابات الجرحى من جراء التصدي لهم في الاحتجاجات المذكورة والافراط في استعمال القوة والرصاص الحي، وحيث أن جميع المطالب تتمثل في تقديم الجناة إلى العدالة ليناول محاكمة عادلة ويتم محاسبتهم في ضوء ما ارتكبوا من أفعال وبموجب القانون، وحيث أن هذه اللجان ومنها اللجنة الأخيرة التي شكلتها الحكومة برئاسة السيد وزير التخطيط هدفها وغايتها التحقيق في تلك الإحداث وان عملها ذو صبغة جنائية وهذا ما أكده السيد عادل عبدالمهدي عندما قال (استجابة لخطبة المرجعية الدينية العليا ليوم (أمس) الجمعة المصادف واستكمالاً للتحقيقات الجارية قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان للوصول إلى نتائج موضوعية وأكيدة لإحالة المتسببين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل) وحيث ان اللجنة محددة بفترة زمنية كان خطيب الجمعة في كربلاء قد حددها بأسبوعين، فان ما ستقوم به هذه اللجنة والقرارات التي تتخذها ليس بذات قيمة قانونية يمكن الركون إليها في إدانة الجناة الذين اعتدوا على المحتجين ومنتسبي القوات الأمنية للأسباب الآتية :
1. لو توصلت اللجنة إلى قرار بإعلان أسماء المشتبه بهم فإنها تبقى ظنون وشكوك لا يمكن الوثوق بها، إلا إذا تم فحصها بميزان القانون من قبل القضاء لأنه صاحب السلطة الوحيدة والحصرية في توجيه الاتهام وكذلك في الإدانة وحتى فيما يتعلق بحجز الأشخاص المشتبه بهم وعلى وفق ما جاء في البند (ب) من الفقرة (أولا) من المادة (37) من الدستور النافذ التي جاء فيها الآتي (لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرارٍ قضائي) .
2. إذا ما قررت اللجنة إحالة عدد من الضباط والمنتسبين في القوى الأمنية إلى المحاكم العسكرية فإنها لاتعالج موضوع قتل المجنى عليهم من ضحايا الاحتجاجات، لان القضاء العسكري غير مختص بالنظر في القضايا التي يكون فيها طرف مدني لأنه مختص في النظر في الجرائم ذات الطابع العسكري الصرف وعلى وفق ما جاء في المادة (99) من الدستور وكذلك ما جاء في الفقرة (ثالثا) من المادة (25) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي رقم (17) لسنة 2017 التي جاء فيها الآتي (ثالثاً – تختص محاكم الجزاء المدنية بالنظر في جرائم الحالتين الآتيتين : أ‌- إذا كانت الجريمة مرتكبة من رجل شرطة ضد مدني ب‌- إذا ارتكبت الجريمة من مدني ضد رجل شرطة) وكذلك بالنسبة لمنتسبي الجيش وعلى وفق ما جاء في الفقرتين (ثانيا وثالثا) من المادة (4) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم 22 لسنة 2016 التي جاء فيها الآتي (ثانيا- تختص المحكمة المدنية في نظر الجرائم في الحالتين الآتيتين :أ-اذا كانت الجريمة مرتكبة من عسكري ضد مدني ب-اذا قررت السلطة العسكرية إيداع القضية الى محكمة مدنية ان كانت متعلقة بحقوق مدنيين ثالثا – تختص المحاكم المدنية في النظر في الجرائم المرتكبة من قبل مدني ضد عسكري)
3. إن هذه اللجنة ستستهلك الوقت دون أن يكون لقراراتها اثر قانوني، لان قيمتها القانونية لا تعدوا عن كونها بيانات وخطابات ، لذلك فان التحقيق الأصولي الذي يوجه الاتهام ويقرر التوقيف والحجز هو القضاء فقط لا غير واقصد في القضاء هو محاكم الجزاء المدنية التابعة إلى مجلس القضاء الأعلى حصراً لان الضحايا هم من المدنين وكذلك ضحايا منتسبي القوات الامنية فان الشكوك تحوم حول مدنين مندسين قاموا بالاعتداء على القوات الأمنية على وفق رواية الحكومة التي كررتها في أكثر من مناسبة وعلى لسان كبار المسؤولين الأمنيين والتنفيذين.
4. لاحظنا ان القضاء قد اخذ دوره في فتح التحقيق في كل حالة وفاة حصلت لان وجود جثة لقتيل سواء كان من بين الضحايا في الاحتجاجات او غيرهم فان السلطات الصحية لات سلم الجثة الا بقرار قضائي ويكون بالمباشرة بالتحقيق من قاضي التحقيق المختص مكانيا في وقوع الحادثة وهذا وفر الكثير من الجهد والوقت، وفعلاً تم اتخاذ إجراءات قانونية وقضائية بحق بعض الأشخاص وصدرت بحقهم أوامر قضائية ومنها المنتسب الذي اتهم بضرب المحتجين في بابل وكذلك وعضو مجلس المحافظة في الديوانية وغيرها من المحاكم الأخرى.
لذلك فان وجود هذه اللجنة لا يحقق المرتجى من تقديم الجناة إلى العدالة وإنما الأفضل ترك التحقيق للسلطة المختصة حصرا بذلك الممثلة بالقضاء الاتحادي وعلى وفق أحكام الدستور لان القضايا التي فتح التحقيق فيها عن كل جثة لضحية من الضحايا أصبحت قائمة وما على الحكومة إلا تقديم ما لديها من أدلة سواء إفادات او صور كاميرات المراقبة او الفيديوهات وغيرها لغرض تحقيق الانجاز بأسرع وقت ممكن مع الإشارة إلى أن بعض المنتسبين الذي أطلقوا النار من الممكن ان يتعللوا بأسباب الاباحة عندما يثبت صدور الأوامر من جهات أعلى منهم ومن آمريهم وهذه لا يمكن تقديرها الا من قبل القضاء . واخلص إلى القول بان عمل هذه اللجان ليس له قيمة قانونية معتبرة في ما يتعلق بالاتهام أو الإدانة او الإفراج واو تحديد الأسماء والجهات حتى وان كان فيها ممثل عن مجلس القضاء لان العمل القضائي يكون عبر المحاكم حصراً وله اصول قانونية وردت في قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ بالعدد 23 لسنة 1971 المعدل، وانما تبقى مجرد ظنون وشكوك لا تحقق الغرض المنشود بمحاسبة المسؤول عن التعدي على المحتجين السلميين، لان المعول عليه هو القضاء حصراً بما يصدر من قرارات ملزمة للجميع.
القاضي
سالم روضان الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Amnesty Launches Annual Report on the State of Human Rights


.. وكالة -الأونروا- تنشر مشاهد للدمار في غزة في اليوم الـ 200 ل




.. بطلب من الأرجنتين.. الإنتربول يصدر نشرة حمراء لاعتقال وزير د


.. إسرائيل تستبق الاجتياح البري لرفح بإنشاء مناطق إنسانية لاستي




.. إسرائيل.. تزايد احتمال إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات ا