الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أسباب انتفاضة العراق تشرين / أكتوبر 2019م.

خطاب عمران الضامن
باحث وكاتب.

(Khattab Imran Al Thamin)

2019 / 12 / 5
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


بعد مرور شهرين على انطلاق انتفاضة الأول من أكتوبر في العراق عام 2019م، حققت هذه الانتفاضة السلمية أولى مطالبها، وهو استقالة حكومة عبد المهدي التي تعد من أفسد الحكومات التي حكمت العراق منذ عام 2004م، حيث شهدت عمليات بيع وشراء واسعة النطاق للمناصب العليا في الدولة، وسرقة للأموال العامة المخصصة لإعمار المحافظات وتوفير الخدمات فيها، وتدخل دولي واقليمي سافر في الشؤون السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية للعراق.
تحقق هذا المطلب بفضل صمود الشباب وتنظيمهم العالي في ساحات الاحتجاج والاعتصام، وتصميمهم على استمرار الانتفاضة حتى تحقيق مطالبها الكاملة، هذا بالرغم من سقوط 442 شهيد، وحوالي 19500 جريح، قُتل معظمهم وجرح على يد الجماعات المسلحة التابعة لأحزاب السلطة.
تتعدد العوامل التي أدت الى اندلاع الانتفاضة، بتنوع الفئات العمرية والثقافية والفكرية والاقتصادية التي شاركت فيها، حيث لاحظنا وجود لافت للطبقات المتعلمة والمثقفة في الانتفاضة، فوجدنا الطبيب والأستاذ الجامعي والأديب والشاعر، كما لاحظنا حضور واسع للشباب تحت سن الـ 18 ممن لم يكمل الثانوية بعد، وكانت مشاركة الشابة العراقية واسعة ومثيرةً للانتباه، مما يدل على وجود مجموعة من العوامل المتنوعة والمتشابكة، دفعت بكل هذه الطبقات الاجتماعية والعمرية والثقافية المختلفة للخروج الى ساحة التحرير في بغداد، وساحات الاحتجاج في محافظات وسط وجنوب العراق، للمطالبة برحيل الأحزاب الحاكمة، ويمكن تلخيص العوامل التي أدت الى اندلاع الانتفاضة على الوجه الآتي:


أولاً: العوامل الاقتصادية.
يمكن اعتبار تفشي ظاهرة البطالة العامل الأشد تأثيراً في اثارة نقمة الشباب على الحكومات المتعاقبة، ودفعهُ نحو الانتفاض والثورة، فقد تفشت البطالة بين الشباب المتعلم وبنسب قياسية في تاريخ العراق تجاوزت الـ50% عام 2018م، إضافة الى ارتفاع معدلات الفقر، حيث تجاوزت نسبة المواطنين الواقعين تحت مستوى خط الفقر الـ22.5% عام 2018م، يقابل ذلك فشل حكومي ذريع في تنمية الاقتصاد، وعجز عن خلق فرص عمل للتقليل من نسب البطالة وخفض معدلات الفقر، بالإضافة الى فشل الحكومة في توفير الخدمات الأساسية، لاسيما الصحة والكهرباء والبنى التحتية، بالرغم من وفرة الموارد المالية المخصصة لها، الأمر الذي أدى الى انخفاض مستويات الاستهلاك والصحة العامة والتعليم لدى الطبقات الفقيرة، وساهم في تصاعد نقمة الشباب والمثقفين على الأحزاب الحاكمة، التي انغمست في صفقات بيع المناصب الحكومية ونهب الأموال العامة، وتعطيل عجلة الإنتاج الوطني في القطاعين الصناعي والزراعي، لضمان تدفق السلع من دول الجوار، والحصول على كومشنات وحصص من المصدرين والمستوردين.
ثانياً: العوامل السياسية.
كان للعوامل السياسية دور كبير في تصاعد الرفض الشعبي والكراهية للأحزاب الحاكمة، وتحديداً الأحزاب الإسلامية، منها ما يتصل بالسياسة الخارجية، ويتعلق بهيمنة الجارة إيران على القرار السياسي العراقي، بسبب تبعية الأحزاب السياسية الإسلامية العراقية وخضوعها للقيادة الايرانية، وهو ما جاء واضحاً في تصريحات أطلقها قادة ومراجع إيرانيون كبار، فحواها ان العراق تابع لإيران، مما أدى الى تصاعد الرفض الشعبي للوجود الإيراني. ومن العوامل السياسية ما يتعلق بالسياسة الداخلية، ويتركز بهيمنة الأحزاب على مقدرات الوزارات والمديريات العامة ومجالس المحافظات، واحتكار الوظائف والمنافع لمناصريها، عن طريق قانون الانتخابات الذي فصلته الأحزاب على نفسها لمنع دخول الكتل الصغيرة، والتي يشكل الشباب المستقل والمثقف جمهورها، اضف الى ذلك سياسة فرض ايديلوجية الأحزاب الإسلامية على المجتمع، والتي مارستها الأحزاب الدينية في وسط وجنوب العراق، حيث صادرت حقوق الشباب والمثقفين وحرياتهم في مجالات التعبير عن الرأي، وارتداء الملابس وانماط الحياة الحرة، وقد تعرض المخالفين لعمليات قتل واختطاف راح ضحيتها المئات من المثقفين والادباء والمدونين والفنانين.
ثالثاً: العوامل الاجتماعية والنفسية.
يمكن اعتبار تأريخ تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش في تموز/ يوليو 2017م نهاية فعلية لمرحلة الصراع الطائفي في العراق، الذي جاء نتيجةً للاحتلال الأمريكي، وانتشار الجماعات الإرهابية التكفيرية، والميليشيات منذ عام 2004م، كما يمكن اعتبار هذا التاريخ بداية مرحلة جديدة شهدت تنامي الشعور الوطني العراقي، وإعادة تشكيل الهوية الوطنية العراقية، فقد ادرك العراقيون ولا سيما الشباب بعد تجربة قاسية ومكلفة، أنهم كانوا هدفاً للإرهاب التكفيري بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية والطائفية، فالإرهابيون لم يفرقوا في تفجيراتهم واعداماتهم بين العراقيين في بغداد والبصرة واربيل والموصل وكركوك، وغيرها من مدن العراق التي تعرضت لإرهاب داعش والعصابات التكفيرية، لقد أدرك الشباب العراقي الواعي والمثقف أن بلدهم تأخر كثيراً، وتخلف عن ركب بلدان وشعوب العالم، بسبب تفشي الفساد والطائفية والمحاصصة بين الأحزاب الحاكمة، فكان أن خرجوا في الأول من أكتوبر عام 2019م يرددون عبارتهم الشهيرة ( نريد وطن)، وهي دعوة شعبية صارخة بوجه الأحزاب الحاكمة، فحواها أن اتركوا لنا وطننا الذي عملتم على تدمير حاضره ومستقبله منذ 16 عاماً.
جدوى استقالة عبد المهدي.
لا يمكن ان تكون استقالة حكومة عبد المهدي ذات جدوى، ما لم يتم تكليف رئيس وزراء من خارج منظومة الأحزاب الحاكمة، وما اشيع عن نية الأحزاب تكليف ابراهيم بحر العلوم لتشكيل الحكومة هو مسرحية هزلية بائسة، هدفها الالتفاف على مطالب الانتفاضة في القضاء على الفساد والمحاصصة، ولا حاجة لنا للحديث عن أداء بحر العلوم اثناء توليه منصب وزير النفط عام 2005م فهي معروفة للشعب العراقي، خلاصة القول ان تشكيل حكومة من خارج منظومة الأحزاب هو الخطوة الأولى الحقيقية للإصلاح، على ان تعقبها خطوات رصينة تتضمن تشريع قوانين تلغي قانون مجالس المحافظات، وتعدل قانون الانتخابات، وتعدل نظام الحكم من برلماني الى رئاسي، ليستعيد العراق مكانته السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين دول المنطقة والعالم، وليعيش ابناءه بعز وسلام ورخاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل