الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير عن ا ألاوضاع الراهنة في الكويت والتطورات الجارية في النصف ا ألخير من العام 2019 وبداية العام 2020

الحركة التقدمية الكويتية

2020 / 2 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


مستلة من تقرير عن ا ألوضاع الراهنة في الكويت والتطورات الجارية في النصف ا ألخير من العام 2019 وبداية العام 2020 وسياسة الحركة التقدمية الكويتية ومهماتها المباشر ة

في هذه المستلة من التقرير حول الأوضاع الراهنة في الكويت سنتوقف أمام أبرز ما شهدته البلاد من اتجاهات لتطور الأوضاع ومسارات الأحداث فيها ضمن محاولة لتحليلها وتفسير أسبابها وما يعتمل داخلها من تناقضات وترابط وتأثيرات متبادلة وذلك خلال الفترة الفاصلة بين إصدار التقرير السابق في 10 ي ونيو 2019 وإصدار هذا التقرير في 1 فبراير 2020، بحيث يتم في هذا السياق توضيح سياسة الحركة التقدمية الكويتية وتحديد مهماتها المباشرة، بالاستناد إلى منهجنا العلمي المادي الجدلي، الذي لا يكتفي بتفسير الأوضاع وإنما يطرح مهمات العمل على تغييرها... حيث يمكننا أن نلخص ذلك كله في العناوين التالية:

أولاً: اشتداد أزمة السلطة:
على الرغم من التماسك الظاهر ي للسلطة إلا أنها في واقع الأمر تعاني من أزمة عميقة تمثلت في تفاقم الصراعات بين مراكز القوى داخلها على نحو دراماتيكي عندما قدم النائب الأول وزير الدفاع ناصر الصباح في نوفمبر الماضي بلاغه غير المسبوق إلى النيابة العامة ونشر وثائق ومكاتبات تتهم رئيس مجلس الو زراء ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بالفساد وما تبع ذلك من تداعيات كان أبرزها استقالة الحكومة وإعفاء نائبي رئيس الوزراء من منصبيهما.
ويمكننا هنا أن نلاحظ أن الصراع بين مراكز القو ى داخل السلطة لم يعد منحصاًر في الحروب بالوكالة عبر الأدوات التابعة لهذا المركز أو ذاك، مثلما كان في السابق، وإنما أخذ هذا الصراع يدور في قاعات المحاكم وعبر القنوات والأجهزة الرسمية وفي وسائل الإعلام وحروب البيانات.
وفي ظل الأزمة الأخيرة نلاحظ أن السلطة قد اعتمدت في المدى القصير خيار إطالة أمد الوضع القائم واستمراره على ما هو عليه ما أمكن ذلك، عبر التعايش مع الضغوط وتقطيع الوقت والاستجابات الجزئية والمراوغات، وهذا ما اتضح في تشكيل الحكومة الحالية، التي هي أقرب ما يكو ن إلى الحكومة المؤقتة ،حيث أن عمرها لن يتجاوز بضعة أشهر إلى حين موعد الاستحقاق الانتخابي في شهر نوفمبر من العام الحالي على أبعد تقدير، وهي حكومة تضم مجموعة من وكلاء الوزارات وكبار الموظفين، وليس بينهم شخصيات سياسية، كما أنها مثلما يبدو من تصريحات رئيس مجلس الأمة حول التحفظ على بعض أسماء الوزراء، لا تحظى بغطاء نيابي كافٍ، وهذا ما برز في الاستجواب المقدم لوزيرة الشؤون الذيأدى إلى استقالتها في الأسابيع الأولى من تشكيل الحكومة، ما يثير التساؤل حول قدرتها على الاستمرار.
إن الخط العام لحركتنا في التعامل مع أزمة السلطة يقوم على:
1- إعادة الاعتبار إلى الحركة الشعبية بحيث تكون عنصراً مؤثراً في الحياة السياسية، بالتأكيد على مطالب محاربة الفساد والانفراج السياسي، والحكومة الإصلاحية ، وتحقيق لإصلاح الديمقراطي للنظام الانتخابي، وإشهار الأحزاب.
2- تجنب الانجرار وراء أجندات الأطراف السلطوية ومراكز النفوذ، ولكن هذا لا يعني اتباع ما يسمى سياسة النأي بالنفس عما يجري، بل يجب التصدي للاتجاهات الخطرة والضارة وعدم اتخاذ موقف الحياد السلبي، إذ من الخطأ التعامل مع أزمة السلطة وفق النظرة العبثية "فخار يكسّر بعضه." 3- التنبيه إلى مخاطر تفاقم أزمة السلطة والإبقاء عليها كالجرح المفتوح، واليقظة تجاه أي محاولة للانقلاب على الدستور أو تشديد القبضة الأمنية تحت أي ذريعة، والعمل على قطع الطريق على مثل هذا الاحتمال وخلق موازين قوى تساعد على منع تحققه، ورفض أي محاولات خارجية للتدخل لدعم موقف أي طرف من الأطراف.
4- أما على المدى البعيد فلابد من التأكيد على أن المخرج الأساسي من أزمة السلطة مرتبط بإقامة نظام برلماني ديمقراطي مكتمل الأركان عبر حياة حزبية سليمة ونظام انتخابي ديمقراطي وتعديلات دستورية تكرس الطابع البرلماني الديمقراطي وحكومة برلمانية.

ثانياً: استشراء الفساد:
لم يكن مفاجئاً لأحد ما جرى الإعلان عنه بشأن تراجع درجات الكويت في مؤشر مدركات الفساد العالمي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عن العام 2019 إلى 40 درجة من مئة درجة وتراجع ترتيبها إلى المرتبة 85 من بين دول العالم، مع أن هذا المؤشر لم يتناول ما جرى كشفه في الأشهر الأخيرة لبعض وقائع الفساد في صندوق الجيش وصفقة يو ر وفايتر، وهذا ما يؤكد بالملموس مدى تحكّم مافيات الفساد ومقدار سطوتها وتغلغلها في معظم المؤسسات ومفاصل القارر، وذلك بالاستفادة المباشرة من النهج السلطوي في التضييق على الحريات، وملاحقة العناصر الإصلاحية، وتمييع رقابة المؤسسات النيابية والمحاسبية والمعنية بمكافحة الفساد وتحويلها إلى واجهات فارغة.
وأصبح واضحاً أن غالبية من يتولو ن المسؤوليات التنفيذية الكبر ى في الدولة لم يكونوا مجرد عناصرضعيفة في أدائها، وإنما الأخطر من ذلك أن غالبيتهم هي عناصر فاسدة منشغلة في عمليات النهب والاختلاسات وليس لديها أدنى اهتمام في القيام بمسؤوليات إدارة الدولة.
وبعيداً عن إشاعة أية أوهام حول مصير ما تم كشفه مؤخر اً لبعض وقائع الفساد فإنّ التجارب التاريخية وموازين القوى المختلة ترجح لفلفة هذه القضايا وحماية المتورطين فيها والتغطية عليهم.
ومن هنا فإننا ندعو المواطنين والقوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية وتوحيد جهودهم من أجل كشف قضايا الفساد وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنياً ومحاسبتهم جزائياً، أياً كانت اسماؤهم ومواقعهم، ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة، وتطهير مختلف أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة.
ويفترض أن هذا المطلب مطروح مع مطلب آخر هو تشكيل حكومة تكون محل ثقة الشعب واطمئنانه لنظافة أيدي رئيسها وأعضائها وجديتهم في محاربتهم لقوى الفساد.
أما في التحليل الأخير فإن المعركة ضد الفساد والإفساد إنما هي بالأساس معركة سياسية وطبقية كبرى، يجب أن تكون من أولويات النضال من أجل التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي... ولعلنا لا نبالغ عندما نرى إن المعركة ضد الفساد والإفساد يجب أن تكون نقطة ارتكاز هامة لتحشيد أوسع القوى الشعبية المتضررة، ومن المهم في نضالنا السياسي والجماهيري أن نربط قضية مكافحة الفساد بقضية الديمقراطية وبقضية الصراع الطبقي وألا نختزلها في محاربة شخص أو أشخاص، من دون تقليل لأهمية محاسبة الأشخاص الفاسدين والمفسدين.

ثالثا: تنامي عجز الميزانية جراء سوء الإدارة المالية للدولة والفساد المستشر ي:
جاء الإعلان عن مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021 مصحوباً بتصريحات رسمية وحملات إعلامية عن "أضخم عجز مالي في تاريخ الكويت وصل إلى 9.2 مليارات دينار"،... وأن "الإيرادات لا تكفي للرواتب والدعومات"، حيث بلغت نسبتها 71 في المئة من الموازنة...و"تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة الذي سيتم السحب منه لتغطية عجز الميزانية ..."والتأكيد الحكومي على "الإسراع في إقرار قانون الدين العام لاستدانة الحكومة بدلاً من السحب المستمر من الصناديق السيادية."
وليس هناك من ينكر وجود عجز في الميزانية العامة للدولة ،كما أنه لا يمكن التقليل من خطورة هذهالمشكلة، ولكن لابد من توضيح مجموعة من الحقائق:
أولها: أنّ عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي المالي العام للدولة يكشفان مدى سوء الإدارة المالية للدولة، وهما نتاج طبيعي للتضخيم المبالغ فيه سنة بعد أخرى لمصروفات الدولة في بنود ليست أساسية ضمن الميزانيات المتعاقبة، التي ارتفعت من 18.892 مليار دينار في ميزانية السنة المالية 2016/2017، إلى 22.500 مليار دينار في ميزانية السنة المالية 2019/2020، أما عن تآكل الاحتياطي فيكفي أن نذكر أنه قد جرى سحب نحو 43 مليار دينار خلال خمس سنوات من الاحتياطي العام للدولة الذي كان يبلغ في السنة المالية 2015/2016 أكثر من 63 مليار دينار.
ثانيهما: أنّ عجز الميزانية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن النهج الحكومي في الهدر والتنفيع وعدم الجدية في مكافحة الفساد، بل التغاضي عنه ورعايته وشبهات الفساد الشخصي لبعض كبار المسؤولين في الحكومات المتعاقبة، ويكفي أن نستذكر المبالغة في تسعير المناقصات الحكومية، والتوسع في الأوامر التغييرية في المشروعات الحكومية، بالإضافة إلى ما كشفه تقرير حكومي صدر في أبريل من العام 2018 عن مقدار اختلاسات المال العام المعروضة أمام المحاكم حينذاك التي بلغت 2.4 مليار دينار، ما يوضح مقدار النهب المنظم الذي تعرضت له مقدرات الدولة وأموالها.
ثالثاً: إن عجز الميزانية وتآكل الاحتياطي هما جزء من النتائج المتوقعة للنمط الاقتصادي السائد المتمثل في الاعتماد على مورد وحيد متذبذب الأسعار، والفشل الذريع في الادعاءات الحكومية بشأن التنمية؛ وعدم الجدية في تنويع مصادر الدخل، وغض الطرف تماماً عما يفترض أن يتحمّله القطاع الخاص من مسؤوليات اجتماعية في تمويل الميزانية عبر الضرائب وتشغيل العمالة الوطنية.
وفي تقديرنا فإنّه في ظل استمرار هذا النهج الحكومي من دون تغير فإنّ عجز الميزانية سيزداد مع مرور السنوات ولن يتقلص، وأنّ الأمر لن يتوقف عند تآكل الاحتياطي المالي العام للدولة، وإنما سيمتد إلى السحب من احتياطي الأجيال القادمة، ناهيك عن تحميل الدولة أعباء إضافية عبر القروض وفوائد خدمتها التي ستزيد الأمر سوءاً على سوء.
وفي الوقت نفسه فإنّ الحكومة ستستغل عجز الميزانية للتمهيد إلى تقبل الرأي العام الشعبي لوصفة صندوق النقد الدولي وتطبيق نهجه الاقتصادي النيوليبرالي الذي يستهدف تخفيض بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية المتصلة بحياة الناس البسطاء عبر خفض الدعوم أو إلغاء بعضها وتقليص الإنفاق على خدمات أساسية تحت ذريعة ترشيد الإنفاق، مع تحميل الفئات الشعبية أعباء إضافية عبر زيادة الرسوم على الخدمات واستحداث رسوم جديدة أو ضرائب غير عادلة اجتماعياً مثل ضريبة القيمةالمضافة على المبيعات، وهذا ما يجب التصدي له شعبياً وعبر الحركة النقابية العمالية.
وبالنسبة للحركة التقدمية الكويتية الكويتية فإنها توجه الأنظار نحو بديلين مهمين يفترض اتباعهما على المدى القريب لسد العجز في الميزانية:
أولهما: توفير شركات القطاع الخاص فرص عمل للشباب الكويتي، بدلاً من قصر فرص العمل فيها على العمالة الوافدة، و زيادة النسب المقررة للعمالة الوطنية في هذه الشركات إلى نسب مؤثرة وليست رمزية ،وذلك كخطوة باتجاه خفض الإنفاق على الباب الأول من الميزانية العامة للدولة وللتخفيف من تضخم الجهاز الوظيفي الإداري للدولة.
وثانيهما: شمول مختلف الشركات الكبرى ضمن قانون ضريبة الدخل، التي يفترض أن تكون تصاعدية لتمويل الميازنية العامة للدولة، وذلك انطلاقاً مما قرره الدستور من وظيفة اجتماعية لرأس المال.
وأما على المستوى البعيد فإنّ لابديل عن ضرورة تغيير النمط الاقتصادي الريعي الاستهلاكي الفاشل والتوجه نحو خيارات تنموية وطنية تحقق تنمية إنسانية عادلة اجتماعياً ومستدامة، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق في ظل تكريس نهج الانفراد بالقرار وتعطيل المشاركة الشعبية والانحياز الحكومي لمصالح قلة من كبار الأرسماليين.

رابع اً: مواصلة السلطة نهجها في التضييق على الحريات وعدم الاستجابة للمطالبات المتكررة بإحداث انفراج سياسي جدي:
لئن كانت إندفاعة الهجمة السلطوية على الحريات قد خفت قليلاً عما كانت عليه في منتصف العام 2014، بإعادة الجنسية الكويتية لعدد من المواطنين المسحوبة منهم لأسباب سياسية وإصدار مارسيم أخرى بالعفو الخاص عن بعض المحبوسين في قضايا الرأي والتجمعات بعد اعتذارهم، إلا أنّ النهج السلطوي المتعنت في قضية الحريات لم يطرأ عليه تبديل جدي، حيث لا تزال السلطة تتجاهل مطلب العفو عن المحكومين في قضايا الأري والتجمعات، بل تفرض عليهم صيغة اعتذار مذلة، وهي لا تزال تبقي على القرار الجائر بسحب الجنسية من المواطن أحمد الجبر وأسرته، فيما يتواصل صدور الأحكام بالسجن في قضايا الأري حتى قدرتها بعض الأوساط الحقوقية في نهاية العام 2019 بنحو 750 سنة على عدد من المغردين والمدونين في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن هناك قرابة 15 مواطناً كويتياً طلبوا اللجوء السياسي إلى دول أخرى بسبب الأحكام القاسية الصادرة ضدهم في قضايا الرأي، واستمرار حبس 13 من الناشطين الكويتيين البدون على ذمة التحقيق في قضية تجمعات وذلك منذ شهر يوليومن العام الماضي، قبل أن يصدر الحكم الأخير في شأن قضيتهم، الذي تضمن أحكاماً قاسية ضد عددمنهم.
إنّ النضال الديمقراطي، وتحديداً من أجل إطلاق الحريات، يمثل حلقة مركزية في نضالنا ...ونحن نركّز الآن في ظل ميزان القوى الراهن على أولوية تحقيق حالة انفراج سياسي عبر:
- إصدار عفو عن المحكومين في قضايا الأري والتجمعات.
- إطلاق الحريات وإلغاء القوانين والإجراءات المقيدة لها.
- إلغاء القرار الجائر بسحب جنسية المواطن أحمد الجبر وأسرته.
- المطالبة بتغيير النظام الانتخابي للصوت الواحد المجزوء.
إنّ هذه هي المطالب والاستحقاقات هي المطالب الآنية المباشرة، التي تحتل الأولوية، أما المطالب والاستحقاقات المتصلة بتحقيق الإصلاح الديمقراطي والدستوري باتجاه إقامة نظام ديمق راطي برلماني مكتمل الأركان، فإنها تمثّل هدفاً رئيسي اً لنضالنا يتطلب تحقيقه حدوث حالة انفراج سياسي علينا أن نحشد القوى من أجل المطالبة بتحقيقها.
ولابد من التأكيد على أننا نتمسك في نضالنا الديمقراطي بمبادئ الدولة المدنية والمواطنة الدستورية المتساوية والدفاع عن الحريات الخاصة، بالقدر نفسه الذي ندافع فيه عن الحريات الديمقراطية العامة ،وهذا ما يميّز حركتنا بوصفها حركة سياسية مدنية تقدمية ديمقارطية لا تفصل في نضالها ضد السلطة وحلفها الطبقي عن نضالها ضد مشروع الأحزاب الدينية.

خامساً: تعثّر المشروع التنمو ي الحكومي:
برزت بوضوح إشارات إلى تعثر المشروع التنموي الحكومي، حيث أعادت الحكومة السابقة خلال شهر سبتمبر الماضي تقديم مشروع قانو ن المنطقة الشمالية الاقتصادية إلى مجلس الأمة، وهو المشروع الذي سبق أن استردته منه، حيث غيرت اسمه من مشروع قانو ن تطوير الجزر ومدينة الحرير إلى مشروع قانون المنطقة الشمالية الاقتصادية، وأجرت عليه تعديلات شاملة غيّرت من العديد من توجهاته السابقة، وبعد ذلك وفي خطوة غير مسبوقة تعكس عدم الانسجام الحكومي حول المشروع قدم النائب الأول السابق لرئيس مجلس الوزراء في بداية أكت وبر الماضي أربعة تعديلات أخرى على مشروع قانون الحكومة المعدّل... وحتى الآن لم يتم إعداد تقرير من اللجنة النيابية المختصة حول مشروع القانونالجديد، مع أنه معروض على مجلس الأمة بصفة الاستعجال، ما يعني عدم جدية الحكومة في متابعةإقراره تشريعياً.
ولما كان مشروع المنطقة الشمالية الاقتصادية مرتبطاً بشكل وثيق بشخص الشيخ ناصر الصباح، أكثر مما هو مشروع حكومي، فإنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان إعادة تعيينه عضواً في المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بعد خروجه من الحكومة وتسميته نائباً لرئيس المجلس خطوة تعبر عن الاهتمام بمتابعة هذا المشروع، أم أنها مجرد ترضية سياسية.
إنّ تعثر هذا المشروع يكشف جانباً من التأثيارت السلبية لصراعات مراكز القوى في السلطة وحلفها الطبقي، كما يكشف عدم جدية السلطة والقوى الاجتماعية المتنفذة في تبني خيارات تنموية.
ومن جانبنا ستواصل حركتنا الدفاع عن مقترحاتها التنموية العشرة التي قدمتها إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وهي المقترحات التي تتبنى مفهوم التنمية الإنسانية وليس التنمية الاقتصادية فحسب، وتعنى بدور القطاع العام والقطاع المشترك بدلاً من التركيز الحكومي على الخصخصة وتولي القطاع الخاص قيادة عملية التنمية، مع ضرورة تحميل هذا القطاع مسؤولياته الاجتماعية.

سادساً: اتساع الاستياء الشعبي وضعف المعارضة:
اتسع على نحو ملحوظ الاستياء الشعبي تجاه تردي الأ وضاع العامة في البلاد بما في ذلك الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد وسوء الإدارة الحكومية ونهج التضييق على الحريات، وهذا ما برز خلال التجمع الشعبي العفوي الواسع والناجح في ساحة الإرادة مساء يوم الأربعاء 6 نوفمبر الماضي.
ولعل الدلالة المهمة لذلك تتمثل في إعادة الاعتبار إلى العامل الشعبي فى المعادلة السياسية.
ولكن هذا يجب ألا يدفعنا إلى تجاهل حقيقة أنّ القوى السياسية عموماً وقوى المعارضة خصوصاً تفتقد القدرة على تحويل الاستياء الشعبي إلى حركة شعبية ضاغطة باتجاه إحداث انفراج أو تحقيق شيء من الإصلاح، وذلك بحكم الطبيعة الطبقية البرجوازية والمصالح المتشابكة لكثير من رموزها مع السلطة وحلفها الطبقي، وبحكم ضعف مكوناتها التنظيمية وغياب تقاليدها النضالية واقتصارها على العمل البرلماني وحده، وبسبب التكوين والاستقطاب الفئوي والطائفي والقبلي لمعظم القوى السياسية بما فيها بعض قوى المعارضة.
وفي هذا السياق برزت على السطح بعض التكوينات وجماعات الضغط، وأما فيما يتصل بحركتنا التقدميةفإنها ستواصل دورها كحركة سياسية معارضة ذات وجهة مدنية تقدمية وطنية ديمقراطية تربط بينالنضال الوطني والنضال الاجتماعي والنضال الديمقراطي، وتتمسك بأساليب النضال الجماهيري، بما فيها النضال البرلماني، من خلال رفع مستوى الوعي السياسي للجماهير الشعبية وتعبئتها وتنظيم حركتها وتشكيل أري عام شعبي ضاغط، وترفض حركتنا الغوغائية والمعارضة من أجل المعارضة، كما ستحرص على أن تركز معارضتها ضد النهج والسياسات وليس ضد الأشخاص.

سابعاً: استمرار الضغط على الكويتيين البدون والتمهيد لتشريع قانون عنصري ضاغط تحت غطاء حل القضية:
تفاقمت المعاناة الإنسانية للكويتيين البدون خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي وبداية هذا العام، وهذا ما اتضح في تكارر فواجع انتحار بعض الكويتيين البدون بسبب الحرمان والتهميش وانعدام الأمل في الوصول إلى حل عادل لقضيتهم، ومع بداية العام الدارسي عادت إلى البروز مشكلة حرمان أعداد من التلاميذ الكويتيين البدون من الدراسة بسبب عدم القدرة على دفع تكاليف الدراسة في المدارس الخاصة، فيما شهد شهر يوليو الماضي عودة للاعتصامات الاحتجاجية السلمية في مناطق سكن الكويتيين البدون، التي جوبهت بحملة اعتقالات شملت نحو 13 ناشطاً منهم استمروا قيد الاحتجاز على ذمة التحقيق في قضية مخالفة قانون التجمعات لأكثر من نصف عام، ثم صدرت أحكام قاسية ضد اثنين منهم، فيما حصل بعضهم على البراءة أو جرى إطلاق سراحه لعدم النطق بالحكم.
أما على مستوى السلطة فجرى الترويج لتشريع قانون جديد، لم تتضح معالمه بعد، ولكن هناك ما يرجح أنه ينطوي على تقنين للضغوط غير الإنسانية التي يمارسها الجهاز المركزي ضد الكويتيين البدون لإجبارهم على تعديل أوضاعهم، وكان يفترض تقديم مشروع القانون خلال الصيف مثلما جرى الإعلان عن ذلك، ولكنه لما يقدم بعد.
ويتمثل موقف الحركة التقدمية الكويتية تجاه قضية الكويتيين البدون في المطالب الثلاثة التالية:
1- التخلي عن النظرة العنصرية والإجراءات التعسفية والمعالجات الترقيعية الوقتية الجزئية.
2- ضمان فوري لحقوق التعليم والتطبيب والعمل وبقية الحقوق الإنسانية والمدنية الأساسية للكويتيين البدون.
3- تبني حل إنساني وطني عادل ونهائي لقضية الكويتيين البدون يتمثّل في دمجهم بالمجتمع الكويتيواكتسابهم الجنسية، مع منح أولوية خاصة للإسراع في معالجة أوضاع أبناء المواطنات الكويتيات وأسرالشهداء والأسرى.

ثامن اً: تسوية مشكلة وقف الانتاج في المنطقة المقسومة مع السعودية واشتداد التوتر في المنطقة:
جاء توقيع وزيري الخارجية والنفط الكويتيين ووزير الطاقة السعودي على مذكرة التفاهم والاتفاقية الملحقة بشأن تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في 24 ديسمبر 2019 ليفتح الباب أمام إنهاء الخلاف بين البلدين حول وقف انتاج في المنطقة المقسومة بقرار سعودي منفرد منذ نهاية 2014 ما أدى إلى حرمان الكويت من نحو 10 في المئة من إجمالي انتاجها النفطي لنحو خمس سنوات.
والمؤمل أن يضع الاتفاق أساساً لتسوية الخلاف بين البلدين حول انتهاء فترة استغلال السعودية لميناء الزور في الأراضي الكويتية التي كان يفترض أن تنتهي في العام 2009، بالإضافة إلى تنظيم بعض الأمور المتصلة بالمناطق المغمورة بين البلدين المحاذية للمنطقة المقسومة.
وسبق للحركة التقدمية الكويتية أن رحبت من حيث المبدأ بهذا الاتفاق بالرعم من الملاحظات المثارة حوله، وذلك انطلاقاً من الاعتباارت السياسية؛ ومن حسابات المصلحة الوطنية؛ وحرصاً على علاقات حسن الجوار والتعاون متبادل المنفعة بين البلدين، وتفهماً منها لموازين القوى التي ج رى الاتفاق في ظلها ،وترى الحركة أن الاتفاق تضمّن انجازين لا يمكن التقليل من أهميتهما، وهما:
1- اعتماد خطي الحدود البري والبحري بمحاذاة النويصيب كحدود دولية رسمية للبلدين.
2- طيّ صفحة مشكلة سيادية وحدودية واقتصادية شائكة وذلك بدلاً من تركها معلقة بحيث قد يصعب الاتفاق عليها في ظروف أخر ى.
إلا أنّ الحركة أثارت عدداً من الملاحظات الأساسية وأبرزها:
1- عدم حصول الكويت على تعويض عن خسائرها الناجمة عن القرار السعودي المنفرد بوقف الانتاج في المنطقة المقسومة منذ 2014، بينما هناك التازم كويتي بالتعويض عن مساكن ومباني شيفرون الحالية في الزور بدفع قيمة إنشاء المباني البديلة مستقبلاً في الخفجي.
2- عدم أيلولة ملكية ميناء الزور ورصيف التصدير وخزانات النفط وخطي الأنابيب من الوفرة إلىالزور إلى الكويت بعد استعادته ميناء الزور، حيث أصبحت ملكيتها مناصفة بين الكويت وشركةشيفرون العربية السعودية.
3- عدم وضوح امتداد خط أنابيب نقل الغاز من حقل الدرة مستقبلاً، وما إذا كان سيكون من الحقل إلى الكويت مباشرة؟ أم إلى السعودية ومنها بعد ذلك إلى الكويت؟
4- عدم تطرق الاتفاق إلى الخسائر الكويتية الناجمة عن هجرة النفط من حقل الخفجي إلى حقل السفانية السعودي.
وشهدت الأسابيع الأخيرة توتاًر متازيداً في المنطقة، خصوصاً بعد اغتيال قاسم سليماني وما أعقبه من ضربة صاروخية إيرانية محدودة للقواعد العسكرية الأميركية في العارق، والخطير في الأمر هو الإدعاء الإيراني بانطلاق الطائرات الأميركية المسيرة المشاركة في اغتيال سليماني من قاعدة علي السالم في الكويت، وهو الأمر الذي نفته السلطات الكويتية، ومع أنّ الاتجاه العام للتوتر الأخير يتجه نحو التهدئة إلا أنه من الخطأ تجاهل المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذا التوتر واحتمالات تصاعده، خصوصاً مع تزايد تدفق القوات العسكرية الأميركية إلى الكويت.
ولعل الأمر الذي يحتاج إلى انتباه جدي في المستقبل هو بحث التأثيرات السلبية على الأمن الوطني الكويتي لوجود القواعد والقوات الأميركية في الكويت وما يجب اتخاذه من خطوات لعدم تعريض بلادنا إلى مخاطر أن تكون ساحة مواجهة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
وكذلك لا يمكن التقليل من مخاطر الإثارة الطائفية التي راجت في أعقاب اغتيال قاسم سليماني .
ولا يزال موقف الحركة التقدمية الكويتية متفهماً لخط الاستقلالية النسبية والتوازن في السياسة الخارجية الكويتية ولكن مع التأكيد في المقابل على أنّ حماية البلاد واستقلالها ومواجهة الضغوط الخارجية تتطلب وجود جبهة داخلية متماسكة تقوم على قاعدة المشاركة الشعبية والحريات، ولا يمكن أن تتحقق عبر الانفراد السلطوي بالقرار.

تاسعاً: تأثيرات الانتفاضات الشعبية في المنطقة على الوضع في الكويت:
عندما انطلقت الموجة الأولى من الانتفاضات الشعبية والثورات العربية في العام 2011 فقد كانت الكويت تشهد قبلها ومعها حراكاً شعبياً واسعاً ضد الفساد السياسي امتد منذ نهاية العام 2010 إلى نهاية العام 2012 وذلك قبل أن يتراجع لأسباب عديدة ليس هذا هو مجال بحثها، ناهيك عن التناقضات والمصاعب والتعقيدات التي أدت إلى انكسار الموجة الأولى من تلك الانتفاضات والثورات الشعبيةالعربية.
وهاهي الموجة الثانية من الانتفاضات والثورات الشعبية العربية قد انطلقت منذ أكثر من سنة وامتدت من السودان إلى الجزائر، واتخذت هذه الانتفاضات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة أبعاداً جديدة من الاستمرارية والمواجهة والتبلور في العراق ولبنان، وجرى ذلك كله تحت ضغط ما تعانيه الجماهير الشعبية في معظم البلدان العربية من إفقار وتهميش وإذلال على أيدي أنظمة أرسمالية طفيلية فاسدة نهبت هذه البلدان وفرضت أنواعاً بائسة من الحكم الاستبدادي ونظم المحاصصة الطائفية على شعوبها وسدّت أمام مجتمعاتها أي أفق تنموي، بحث لم يعد بالإمكان إصلاح هذه الأنظمة، بل أصبح لابد من اقتلاعها... ولقد توافرت في معظم البلدان التي شهدت تلك الانتفاضات والثورات في موجتيها الأولى والثانية العناصر الأساسية للوضع الثوري، ولكن كان أخطر نواقص تلك الانتفاضات والثوارت هو طابعها العفوي وغياب القيادة الثورية المنظمة أو ضعفها، وإن كان الأمر مختلفاً نسبياً في الموجة الثانية من الثورات العربية، وتحديداً في السودان والعراق ولبنان.
وفي تقديرنا فإنّ الواقع الطبقي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بكل تناقضاته في العديد من البلدان العربية مرشح لاندلاع المزيد من الانتفاضات الشعبية والثورات.
وبالنسبة لنا في الكويت فإننا لسنا معزولين عما تشهده المنطقة من أحداث ومتغيرات وما يتفاقم في المجتمعات العربية من تناقضات وصراعات، وما يعتمل داخلها من احتمالات للتغيير، بل لقد كانت الكويت تاريخياً شديدة التأثر بمجريات الواقع العربي، وربما كان هذا واضحاً على نحو أبرز من أي بلد خليجي آخر.
والمهم أن الانتفاضات الشعبية والثورات ستشكّل بالضرورة واقعاً عربياً جديداً مغاياًر عما هو قائم وبموازين قوى مختلفة عما هي عليه الآن أو ما كانت عليه هذه الموازين قبل اندلاع الانتفاضات والثورات، وذلك بغض النظر عن نجاح بعضها أو تعثر البعض الآخر أو حتى فشله.
وسينعكس هذا على الحياة السياسية والصراعات الاجتماعية والتطورات الفكرية في بلداننا العربية ،وستتأثر بها الأنظمة الحاكمة وأساليب حكمها حتى في البلدان التي لم تندلع بها انتفاضات، كما ستمتد تأثيراتها إلى الحركات الشعبية في مختلف البلدان العربية وتوجهاتها وأساليب نضالها، وهو ما يجب أن نأخذه في الحسبان بوعي ودقة.

عاش ارً: النشاط الانتخابي للحركة:
أعلنت الحركة التقدمية الكويتية في شهر سبتمبر الماضي بوضوح أنها بصدد المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وذلك بعد بحث وتحليل معمقين.
ولا تنطلق مشاركة الحركة في الانتخابات من الأوهام حول القدرة على تحقيق إصلاحات وإحداث تغيير من داخل المجلس بمعزل عن دور الناس وضغط الرأي العام الشعبي، وإنما من كون الانتخابات والعمل البرلماني يمثلان منبراً لمخاطبة الجماهير ولتعبئة الرأي العام الشعبي للتصدي للهجوم على الحريات والحقوق الديمقراطية والمكتسبات الاجتماعية الشعبية ورفض المساس بها وفضح النهب المنظم لخيرات البلاد ومقداراتها وكشف قوى الفساد، وبالتالي لابد من ربط العمل الانتخابي والعمل البرلماني بالعمل السياسي وتشكيل الرأي العام الشعبي الضاغط.
خصوصاً أن الانتخابات النيابية والعمل البرلماني لا يزالان يمثلان بالنسبة لغالبية الشعب الكويتي مجالاً مهماً للعمل السياسي، على الرغم من كل القيود والضغوط والنواقص والسلبيات التي يعانيها العملان الانتخابي والبرلماني.
وستقوم مشاركة الحركة التقدمية في الانتخابات على أسلوب مختلف عن الأسلوب السائد في العملين الانتخابي والبرلماني، وذلك بالاستناد إلى تقاليد الحركة الوطنية الكويتية والاستفادة من تجارب المعارضة الديمقارطية في مجالس الأمة الأولى خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي عندما كان يتم الجمع والربط بين العملين الانتخابي والبرلماني من جهة والعمل السياسي الجماهيري من جهة أخرى، لتحريك الأري العام الشعبي وتعبئته للضغط على الحكومة والمجلس من أجل مواجهة السياسات والقوانين السيئة والدفع باعتماد سياسات وتشريعات متوازنة نسبياً، وهو الخط الذي ستعتمده الحركة التقدمية الكويتية في نشاطيها الانتخابي والبرلماني وستحرص على الالتازم به، وذلك ليس لخلق معارضة نيابية تحصر نشاطها وتعزل نفسها في أروقة مجلس الأمة فحسب، وإنما لخلق معارضة شعبية وأري عام شعبي مستنير يسند المعارضة النيابية، مهما كانت أقلية، ويسهم في تصحيح ميزان القوى المختل، ويعيد الاعتبار إلى دور الناس في الدفع نحو الإصلاح والتغيير.

1 فبراير 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر