الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائحة وبائية واستغلال سياسي

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2020 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


جائحة وبائية واستغلال سياسي .. من خلال زعامات شعبوية ذات سلوك نزق يعتمد الاكاذيب جهارا نهارا ..فجاءت الطامة اجبرتهم على الاعتراف بالحقيقة المتمثلة بحطورة كورونا على المجتمع والاقتصاد .. ولأنه وباء غير محدد المعالم ولاعلاج له في الوقت الراهن والقريب .. فان الكثير من القيادات السياسية ذهبت في استغلال هذه الازمة لتلميع صورتها من خلال مشاركة خبراء الصحة في مؤتمرات كل يوم تنقل للناس بعض المعلومات الحقيقية والعلمية احيانا ..ترامب ينجو من ازماته مع المعارضة وسخرية المجتمع منه ضمن سلسة فضائح واكاذيب واليوم يريد الظهور بصورة المدافع عن الامريكين ضد وباء قاتل .. مع انه دمر الخدمات الصحية وقلل موزاناتها المالية التي كانت مقرة بقانون مع سلفه اوباما ..
واخرون يظهرون لتلميع صورهم امام الشعب مع العلم ان حكوماتهم لاتزال فاشلة في التعامل مع المرض خاصة في ايطاليا واسبانيا و ايران وغيرها ..وهناك دول فاشلة تعاني من غياب الخدمات او قل محدوديتها وغياب التجهيزات الطبية الحديثة مع نقص كبير في الكوادر مثل الاطباء والفنيين ومساعديهم في حين تذهب الموارد المالية لقيادات وحكومات ونواب لايقدمون اي خدمة نحو البلد ولا الشعب ولا اهمية لها اساسا في مجملها (اكيد عرفتم الاشارة لمن ). الازعر ترامب كان يفاخر بانه جذب مليارات من الخارج للاقتصاد الامريكي وهو يشير الى المصانع العسكرية في حين الازمة الراهنة كشفت توجهاته الخاطئة التي اراد منها ان يكون قريبا من صناع السياسات والرؤسا عبر الكارتل الصناعي العسكري ضد مصالح الفئات الشعبية العريضة في مجتمعه .. قرر الخروج من اتفاقية المناخ التي اقرها سابقه واليوم كل العالم يشير باهمية احترام البيئة ، وان الاوبئة جاءت في اطار اختلال علاقة البشر معها واختلال علاقاتها مع مكوناتها المتعددة والمتنوعة ...على الرأسمالية المعولمة ان تعيد النظر في سياساتها وخططها واستراتيجياتها وان تولى اهمية كبيرة للصحة بكل مكوناتها ومجالاتها .. فهي خط الدفاع الاول عن استمرارية الاقتصاد الرأسمالي والشعوب الغربية وشعوب العالم ..كانت الجيوش في مقدمة الخطوط في الحرب العالمية الاولى والثانية وفي فترات التحرر للدول خارج اوربا رغم ان الحربين العالميتين كانتا ضمن خطط الرأسمالية في السباق نحو الموارد اللامحدودة والسباق على الممرات والاسواق،، وخارج اوربا قامت ثورات لكنها لم تحقق البناء السياسي والانتقال الى الدولة ولهذا فأقل هزة سياسية او اقتصادية تعصف بها ..
وللعلم الرأسمالية المتوحشة والادارات السياسية التي تمثلها تصنع مخاطر متعددة في عالمنا من الاسلحة الفتاكة الى الحروب الاهلية الى تدمير مما يدفنا الى القول باننا نعيش مجتمع المخاطر بكل تعددها وتنوعها ..
اما مع وباء كورونا فكل الدول في العالم الثالث ومنها مجتمعاتنا منتظرة ما سيأتي من الدول المتطورة خصوصا الصين والمانيا وفرنسا وامريكا حيث السباق الكبير على اشده في سرعة الوصول الى مصل او لقاح او علاج ايا كان يخفف ويقلل من الخوف والرعب وانتشار هذه الجائحة .مع العلم ان الصين قد تكون الاكثر تقدما في هذا المضمار وهي ايضا متقدمة في مجالات تكنولوجية متعددة واحيانا تسبق امريكا مما يجعل الريادة لها في السنوات القادمة ..
العالم يعيش وقع ازمة ستغير كثيرا من اسلوب الحياة الذي كان معتادا وربما بدأت تغيره بالفعل ..فلا لقاءات حميمة ولا مقاهي ولاسينما ولاحدائق ولا مسرح وحتى العلاقات الاسرية ضمن العائلات الممتدة والاحتفالات الدينية وغيرها تبقى ضمن التواصل الالكتروني ، اما الطقوس الدينية فمحلها البيت او كما قال مولانا المتصوف " كعبتي في قلبي " ..ونحن نقول المسجد في بيتي وكل الارض صالحة للصلاة بشكل منفرد ..أوربا تعلق امالا كبيرة ومعها العالم على مسار البحث العلمي اختراعا وابتكارا وصناعة ، والدعوة للصلاة في الغرب هي اقرب الى الدعاء وليس باعتبارها مرتكزا للعلاج والوقاية ..فالعلم هنا صاحب الكلمة الأعلى ..
قد يقول احدهم ..الله ..له قدرة تفوق كل البشر ..وهذا صحيح ونحن ايضا نقول بذلك ..ولكنه اوصانا بكل كتبه المقدس بالنظر والتفكر واعمال العقل .. بل لايكون الانسان بماهيته الا عبر استخدامه لعقله ..
ومع كل هذه الازمة وتشعباتها فان رموز الرأسمالية المعولمة تخطط لاكتساب الربح الكبير وفق مدخراتها المالية التي تمكنها من شراء الشركات والمؤسسات التي لاتستطيع الصمود مع الاغلاق ، او شراء حق الابتكار للعلاج وتصنيعه وبيعه .. و مع قدرتها الهائلة عبر منصات الاعلام الكبيرة التابعة لها تتجه نحو خلق رأيا عاما عبر جملة من الاكاذيب يمكنها من استمرار السيطرة على الوعي المجتمعي واصوات الغالبية من الشعب ...
اخيرا يجب ان تتجه الحكومات في العالم - وفي مجتمعاتنا العربية خصوصا - واليمن اكثر خصوصية - نحو اعادة الاعتبار للعلم واولوية الجامعات والمدارس والطب ومعاهده وكوادره ومن ثم منحهم موازنات مالية اكبر ، لان المعارك القادمة قد تكون جولاتها الاكثر مع الطبيعة وما يتخلق منها ومعها من اوبئة تتعدد وتتنوع .. !
ومن هنا اذا لم تكون الدول جاهزة بالمؤهلين والكوادر والمستشفيات فان الاسواء قد يكون هو القادم ..مع اننا في اليمن ودول الربيع الذي صار خريفا نعيش حياة بائسة في كثير من مظاهرها ، لكن هناك بصيص من الامل نخلقه بوعينا وطموحنا واراداتنا تعبيرا عن ممكنات الحياة للانسان ، واليقين بأن ثمرة عقله وعلمه قادرة على اكتشاف اسرار الطبيعة وعجائبها بل والسيطرة عليها ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. إسرائيل تدرس -الأهداف المحتملة- للرد على الهجمات الإيرانية




.. سلاح الجو الأردني ينفذ تحليقًا استطلاعياً في أجواء المملكة م