الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكولونيل امحمد بوقرة .

الطيب آيت حمودة

2020 / 4 / 28
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


من بين نتائج مؤتمر الصومام إنشاء ولاية جديدة ( الولاية السادسة ) عين أمر قيادتها ل[علي ملاح ] الذي رافقه في المهمة 1200 مجاهد من الولاية الثالثة ، في نضال على جبهتين ، ضد الجيش الفرنسي من جهة ، و ملاحقة فلول [جيش بلونيس] الفار من الشمال نحو الجنوب من جهة ثانية .

°°فقد أبلى الكولونيل ( علي ملاح ) البلاء الحسن في مهمة توعية ناس المنطقة بأهداف الثورة ومبتغاها ، واستطاع بحسن سلوكه ووقاره وحكمته أن يجلب الكثير من المتعاطفين مع جبهة التحرير في محاولة جادة سحب البساط من أقدام بلونيس ، و جنَّد الكثير من الجنود من تلك الجهات منهم الضابط ( الشريف بن السعيدي ) .
تنامت الظاهرة العروشية والجهوية بين الساكنة وكان التساؤل المطروح أنذاك ( كيف نقبل الخضوع لقيادة يقودها قبائل ..) خاصة أما م أخطاء لا تُغتفر للمستهتر المعروف [ بالروجي ] في وسط شعبي محافظ .
كانت أخطاء [ الروجي ] الشرارة التي فرخت القتل والترويع في صفوف المجاهدين أنفسهم ، فقد كانت أنفة [ الشريف بن السعدي ] لا تُقاوم ، فقد دبر وصحبه من الموالين له مكيدة للتخلص من [ الروجي] و من قائد الولاية على ملاح ، فدبروا خططا نفذوها بكل كبرياء راح ضحيتها الروجي ذبحا ، و الكولونيل على ملاح و مايقارب 1000 مجاهد قبائلي رميا بوابل من الرصاص رحمهم الله .

°°وصل الخبر لقيادة الولاية الرابعة المحاذية ، وكان لزاما عليها أن تبادر بقررات حاسمة تحمى الثورة من الإنزلاق ، فأرسل قائدها سي الصادق وفدا من ثلاثة قيادات ، ( سي امحمد بوقرة )، ونائبه العسكري( لخضر) ، و سي ( عز الدين) قائد كومندوس علي خوجة .

كان الهاجس الأكبر الذي رافق سي امحمد بوقرة هو كيف السبيل لوأد الفتنة قبل استفحالها ، فالمهم هو رأب الصدع بأقل الخسائر الممكنة والحفاظ على تبعية المنطقة للجبهة بدل خسرانها لصالح بلونيس و فرنسا .
فكان التحقيق مرنا مع (الشريف بن السعدي) الذي أصبح زعيم المنطقة ، فقد تعرف القادة الثلاثة المكلفين بالتحقيق بحيثيات الحدث ، وسألوا السعدي من ذبح الروجي ؟ فأجاب بدون أدنى تردد بأنه هو القاتل... مقدما تبريراته ، وهل أنت وجيشك من قتل الكلولونيل على ملاح ؟؟؟ ، فرد قائلا لا... لا ، فهو قد استشهد و اختفى عن الأنظار ولا نعلم حتى أين هي جثته ... ثم عمد الشريف بن السعيدي إلى التظاهر بالإخلاص والنزاهة والصدق بالرغم أن سي امحمد له علم بعلائق الشريف بن السعدي بفرنسا و كان بالإمكان توقيفه لوجود قوة رادعة تحت أوامره هي (كومندوس علي خوجة) . ، لكنه لم يفعل لأنه يدرك بأن لا فائدة من قتله وخسارة كل المنطقة التي تتعاطف معه لأسباب عروشية ، فكان همه الأكبر هو[ إسقاط هالة التقدير التي حظي بها بين أهاليه الذين لا يعلمون ما حدث ] .

°° ترك سي امحمد قضية اغتيال علي ملاح جانبا .....، وراح يستفسر عن الحالة المالية للولاية وسيرها وضبطها ، فأحضر ( الشريف السعدي) كاتبه الشاب الذي لا يفارقه ، وأمره بقراءة محتوى سجل الحسابات بصوت عال مسموع للجميع .

فكان ( سي امحمد ) يُتابع السرد حتى تناهى إلى سمعه [ في جيوبي الرائد الروجي – المقتول - وجدنا كذا قيمة مالية وأشياء خصوصية محددة ] فانفتحت أسارير الحاضرين من المنطقة كعربون تقدير و اعتراف بنزاهة بن السعيدي ! الذي لم يستولي على غنيمة من قتل .... وهو ما يعني أنه إنسان مخلص وأمين... وقد انتبه سي امحمد لذلك ، ,,, وواصل الكاتب السرد ... [ وفي جيوب على ملاح وجدنا .... ] فانتفض سي امحمد قائلا :
( كيف علمتم بأن على ملاح مات ؟ وصاح غاضبا
... ( كيف عرفتم ما في جيوبه ؟ ) ، ( أين شاهدتم جثته ؟ )
فقال الكاتب أنا لا أعلم شيئا ، الرائد سي الشريف بن السعيدي هو الذي أملا عليّ ما كتبت .

كل الأنظار اتجهت واشرأبت نحو( الشريف بن السعيدي) الذي اسود وجهه من أثر الصدمة ، وتظاهر بأنه سيقدم توضيحات بعد تناول العشاء ، وقد أمر سي امحمد الرائد عز الدين بأن يترك لهذا الخبيث المجرم فسحة للفرار ليعرف الناس وأهله مقدار خيانته .

فأثناء العشاء وبعده اختفى ابن السعيدي وجماعته ، ، في ذلك الجو المفجع تقدم أحد أعيان المنطقة إلى سي امحمد قائلا له :

( لقد فهمنا .... ، فالشريف بن السعيدي خائن . خائن ... ، إنه هو الذي قتل البطل علي ملاح ، ... سنضعُ رجالنا تحت تصرفكم ...
عيّنوا القائد ... ) .
وفي الصباح علم الجميع بأنه قصد الثكنة الفرنسية SAS واستسلم هو وعشرين من جنوده المدججين بالأسلحة ومعهم 150 فلاحا مجهزين ببنادق الصيد من أهالي تلك الجهات السهبية ، هذا الإستسلام الذي استغلته فرنسا كدعاية كبرى ضد الثورة .

°°المحصلة في الحادثة أن النزعة الجهوية كانت رائجة ، فلولا حكمة أمثال [سي امحمد بوقرة ] ونضجهم السياسي لما وصلت الثورة إلى بر الأمان فقد أبان في تسيير هذه الحادثة حكمة بليغة لذوي الألباب وهو الذي استشهد في عراك غير متكافيء مع العدو في 5 ماي 1959 بنواحي البرواقية رحمهم الله جميعا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا