الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبعوث الملك لويس الرابع عشرإلى تازة المغربية تصورات إمبريالية مصغرة(.....) .

عبد الاله بسكمار

2020 / 6 / 7
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


من المفترض أن يتأسس البحث العلمي في مجال التاريخ على الإحالات وهي الاعتماد أساسا على مصادر الفترة المعنية ثم المراجع بدرجة ثانية والتي لها علاقة بالموضوع، فلا تاريخ بدون وثيقة، وأبرز محددات هذا البحث وما يعزز مصداقيته العلمية مدى التطابقCompatibilité بين المشهد المعماري ونقصد الشواهد المادية مع النص المكتوب أي ما ورد مما له علاقة بمنشأة تاريخية تراثية محددة ذات بعد سياسي أو عسكري أو علمي أو ديني، ومدى توافق أو تعارض أو تقاطع ما نعرف عنها مع ما ورد في المظان أو الوثائق المكتوبة، وكلما كان التطابق كبيرا بين المعلمة المعنية وما ورد في النص التاريخي أو الوثيقة إلا وتعزز الخطاب التاريخي، انطلاقا من صياغة الإشكالية وفرضيات البحث ثم الخلاصات والنتائج التي تشكل إضافة ما أو التي تعيد فقط ما سبق .
أما إذا قل هذا النوع من التطابق أو حتى انعدم، فيمكن أن تضعُف حينئذ حجية الخطاب التاريخي وربما مصداقيته ككل والتي تصبح محل سؤال، خاصة إذا قلَّت الإحالات أو انعدمت بالمرة وهي إشارة ضرورية بل بديهة منهجية عند الباحثين الذين يحترمون أنفسهم وإنتاجاتهم وقراءهم .
في حدود السياقات الحالية التي نكتب عبرها، نقول: مالا يُدرك كله لا يترك جله، الحديث المدقق حول هذا العنصر المنهجي يأخذ شرعيته الكاملة في التعامل مع الأطاريح والكتب والمؤلفات ذات الطابع التحليلي المسهب بالتفاصيل وتشعبات التاريخ والمجال، ومحدِّد التطابق بين الرصيد التراثي المعماري خاصة والنص المكتوب بتازة كنموذج، يتميز تقريبا بذات السمات التي تهم مدنا ومناطق أخرى في نفس الحجم، صحيح أن كتب الأخبار والمظان المغربية عموما وما يعزز الخطاب التاريخي كالظهائروالرسائل السلطانية والشخصية والعقود والدواوين وكتب المناقب والفتاوى والرحلات، تقدم وقائع أو أحداثا أو مواقف، هي تهم بشكل كبيرمجالات المدن السلطانية المعروفة ( مفهوم دار السلطان- دار المخزن التي قد يقصد بها القصر الملكي أو المدينة السلطانية ) كفاس ومراكش ومكناس وبدرجة أقل، تهم مدنا ومناطق أخرى كالشاوية ودكالة والريف والعرائش وتارودانت والشاون وتطوان والشرق وحوض إيناون والصويرة والصحـــراء .
المناطق والمدن السلطانية حظيت بقسط أوفر من الدراسات والأبحاث، لا بل حتى المصادر والمظان التي تحدثنا عنها توفيها حقها وزيادة، وهذا أمرمعروف و طبيعي حجما ومادة ومنهجا، باعتبار الثقل التاريخي والسياسي والبشري والثقافي لتلك الحواضر والمناطق، لكن في المقابل، كان حظ المدن المتوسطة والصغرى ومناطق أخرى من البلاد ضعيفا للغاية، علما بأنها لعبت أدوارا مهمة في تاريخ البلاد، شكلت روافد أو مجالاتِ حمايةٍ أو مواقعَ خلفيةٍ للمحاورالأولى وكانت أحيانا حاسمة، بحيث لا يمكن دراسة الدينامية العامة لتاريخ المغرب، دون التعمق في مونوغرافيات المدن المتوسطة والصغرى والبوادي المحيطة بها، وأيضا من منطلق التطابق الذي تحدثنا عنه كمحورمنهجي في الدرس التاريخي الوطني والمحلي.
وسبق للعلامة المغربي الراحل المختار السوسي أن نبه إلى ضرورة كتابة تاريخ البادية المغربية، ربما لاقتناعه بأن تاريخ المدن والحواضرالكبرى أوالسلطانية لها ما يكفي من الباحثين والعلماء الأجلاء الذين يكتبون أو سيكتبون حولها ويسلطون الأضواء الكافية على تاريخها وتراثها ( توفي محمد المختار السوسي رحمه الله في 17 نونبر 1963) بخلاف مناطق كثيرة من المغرب ذكرنا بعضها سابقا لم تك محظوطة تماما في هذا المجال .
تبعا لموضوع تأسيس الدولة العلوية، ودور المولى الرشيد بارتباط مع طبيعة المرحلة التاريخية والمجالات التي شهدت تحركاته وصراعاته وعلاقاته وامتداد مناطق نفوذه، فقد أورد الأخباريون إشارات تاريخية متعددة حول ارتباط الرشيد عند انطلاقته بمناطق الشمال الشرقي ولا سيما اهتمامه بمدينة تازة التي اتخذها منطقة متقدمة وعاصمة مؤقتة خلافا لأخيه م امحمد الذي انطلق من سجلماسة أي الجنوب الشرقي من البلاد.
الاختيار طبعا لم يكن اعتباطيا، فمن تازة انطلق نحوتأكيد بيعته بسجلماسة، ومن تلك المدينة أيضا توجه نحو الريف ثم فاس، وهو ما يمثل تقاطع المنطقة ككل مع المجالات المذكورة، إضافة إلى هذا البعد الاستراتيجي الصراعي، استقبل الرشيد كما سبق القول " التاجر" و" المفاوض" رولان فريجوس، ورغم ما كُتب عن الرحلة ذاتها وتضارب الآراء حولها، فإن الأمير العلوي الصاعد استطاع أن يسفيد منها " لوجيستيا " على الأقل والدليل تمكنه من فاس، بعد ثلاث محاولات للاقتحام والإخضاع باعتماده على قبائل تازة ومجموعات شراكة وبني يزناسن وعرب أنكاد.
والأساس هو بدء الدينامية التجارية ومعها العلاقات الديبلوماسية بين دار الإسلام المجسدة هنا بمملكة فاس ( ملك تافيلالت حسب فريجوس) ودار " الحرب " أو الآخرالنصراني الأوربي طبعا، لأن مجال أوربا هو الأقرب إلى المغرب، وهنا سُجل لتازة هذا البعد التاريخي في تلك المرحلة، قبل انتقال الثقل السلطاني نحو فاس .
لقد قدَّم فريجوس مدينة تازة عاصمة الرشيد خلال هذه الفترة القلقة من تاريخ البلاد بأنها من أقدم رباطات المغرب وهو ما تؤيده الموسوعة الإسلامية ENCYCLOPÉDIE DE L’ISLAM التي ذهبت إلى أن الرشيد استقر بتازة في أفق تنظيم الهجوم على فاس، كما يصف المبعوث الفرنسي أسوار تازة بأنها سميكة وتسمح بالتنزه، وهذا ينطبق على تلك الأسوار فعلا والممتدة عبر 2850 م، وذلك مما يناسب حجم المدينة المتوسط عموما، وقد شُيدت لتدعيم موقع المدينة والذي هو في الواقع مدعم طبيعيا، إذ تحيط به الأجراف من الناحية الشمالية والغربية، بل تتخلل تلك الأجراف سلسلة مغارات ذات طابع أركيولوجي ضمن ما عرف بالقرية النيوليتيكية Village Néolithique .
تحدث التاجرالملتبس حول حلوله بمدينة تازة، والتي يبدو أنها عرفت أوضاعا غير مستقرة منذ سيطرة الدلائيين عليها، ثم خضوعها للعاهل العلوي م الرشيد، ويقدم هذا النزول بشكل باهر جدا (.....)، فقد توقفت قافلة التاجر الفرنسي على طرف جدول رائق لمدة ساعتين، ويصف فوانو تجمع حشد من " الأهالي "Les Indigènes حول فريجوس وقافلته في ذهول وفضول،.وبما أن الفصل كان ربيعا والعام ممطرا، فإن هذا المشهد المذكوريعد لوحة معتادة بضواحي ومدينة تازة إلى حد الآن، ولما كان اليوم هو للسوق الأسبوعي، فقد تجمهرت الحشود لمشاهدة هذا النصراني القادم من بلاد بعيدة، دينها غير الإسلام ولسانها غيراللسان العربي (....) أو البربري .
ووصف " المبعوث " الفرنسي استقباله من طرف الأهالي في ضواحي تازة بأنه محترَم مشرِّف Fort Honorable ، غير أنه لما اقترب من تازة، لم يعاين سوى خيام أو دور متفرقة متباينة، لاحظ أنها - أي المدينة - تقع على صخرة كبيرة مبرزا بأن المكان صالح أن يكون مقرا للسلطان، مشيرا إلى أن الحاضرة كان يُعين عليها ثاني أبناء ملوك فاس وهذا يفيد باطلاع فريجوس على ما كتبه الحسن بن محمد الوزان المعروف بليون الإفريقي Léon L’Africainحول مدينة تازة خلال العصرين المريني والوطاسي.
وبلغ التجمهر حسب صاحب الرحلة فريجوس إلى درجة أنه وجد صعوبة في اختراق تلك الحشود ( ....) عندما دخل إلى تازة، الشيء الذي اضطر معه عشرون من عبيد السلطان إلى فتح الطريق له بالقوة وسط الزحام وهم يرددون " بلاك ..بلاك" أي اتركوا الطريق .
وصل فريجوس إلى مقر إقامته بتازة وكان لقاء الرشيد معه يوم 28 أبريل 1666على الساعة الخامسة مساء، وجاء محملا بهدايا من طرف ملك فرنسا آنذاك لويس الرابع عشر حملها عبيد مرافقون، وكان مكان الاستقبال على ربوة شاهدها من مدخل مفتوح عبرساحة كبيرة وجميلة، وقف بجانبيها الأيسروالأيمن عساكرقرب ثمانية قطع مدفعية خاصة بالحملات، أربعة مدافع كانت موجهة تجاه الباب الخاص بالإقامة الملكية، واثنان موجهان نحو الشرق.
وفي أوج الضيافة المغربية، وصف طريقة الأكل عند المغاربة والتي تتم بالأيدي خلافا له ولمرافقيه الذين استعملوا السكاكين والملاعق و " الفراشط "، مما أثار استغراب فريجوس وفضوله وكانت الإقامة الملكية، حسب نعت المبعوث الفرنسي تتميز بمدخل فخم وأقواس وفتحات، مما يُحتمل معه أن يكون الأمر متعلقا بدارالمخزن أو بالمشور / وتسمية الحي ما زالت حية متداولة لحد الآن عند ساكنة تازة، إضافة إلى حمله إسم زنقة " سيدي علي ىالدرار" نسبة إلى أحد أعلام تازة المنحدرين من الأندلس، ولا ينس فريجوس أن يضع في يد بواب الإقامة الرئيسي بعض المال حتى لا يرفض له أي شيء (.....).
واضح أن الفضاء الذي شاهده وعاينه فريجوس وبالمواصفات التي قدمها، يعكس فعلا معالم المشور الموجود بالحي الجنوبي لتازة العتيقة، والذي يُنسب إلى المولى الرشيد حسب بعض الوثائق المغربية والأجنبية، وهو مجال مكاني فسيح نسبيا، يبدأ من جهة الجنوب محاذاة مع دار المخزن ببابين تقليديين (مُحليان بقوسين متجاورين من حجم متوسط ) وتتعمق مشور تازة بوابة أخرى من حجم أصغر لينتهي هذا الحي عند بداية القزدارين وسوق العشابين .
يبدومشور تازة أنه قديم بالفعل ويمتد على نحو ما بالقياس لحجم المدينة، وأبرز ما يميزه رواق منسوب إلى الرشيد بجانب المدرسة المرينية الحسنية، وهناك المتحف الإقليمي للمقاومة، الذي يحتمل أنه البيمارستيان المشار إليه في مصادر مرينية وخصوصا ضمن بعض الحولات الحبسية، وعلى عهد قريب دعمت ذلك رواية شفوية باسم " طبيب السلطان الأكحل " نسبة إلى أبي الحسن المريني، ولا يُعرف عن المكان أيضا سوى أنه تحول إلى سجن في عهد الحماية احتضنت أرجاؤه الزعماء الوطنيين برسم العقاب الذي سلطته إدارة الحماية عليهم نتيجة احتجاجات " الظهير البربري " سنة 1930 وكان بينهم كل من علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني، ولم يطلق سراحهم حيث عادوا إلى فاس إلا في أكتوبرمن نفس السنة، إثر زيارة الرئيس الفرنسي آنذاك دوميرك إلى المغرب، وأخيرا تمت تهيئته بشكل مناسب كمتحف إقليمي للمقاومة وجيش التحرير .
كما يشمل هذا المشورسكنيات تقليدية ومرافق وبنايات من أبرزها، مسجد سيدي علي الدرار، ويُعتقد على نطاق واسع أن تسمية المشور بما تعنيه من مرافق وعناصر مخزنية سلطانية، تعود إلى المولى الرشيد العلوي الذي نقل دار المخزن عند إقامته بتازة من الحي الشمالي ( موالين الجامع أو حي الجامع الكبير) إلى الحي الجنوبي، وكثيرا ما تلتبس دار المخزن عند بعض الباحثين بالمشور ذاته، علما بأنهما حيان ومرفقان مختلفان حتى وإن تجاورا، ويَفترض عدد من الباحثين أن النواة الأصلية لمدينة تازة كانت هي الحي الشمالي حول المسجد الأعظم ( العهد الموحدي وخاصة الخليفة عبد المومن ) ثم تحول الثقل العمراني والاقتصادي وحتى السياسي بعد ذلك من هذا الحي والأرجح، انطلاقا من بداية العهد العلوي حين نقل الرشيد إذن دار المخزن إلى الحي الجنوبي من تازة العتيقة .
هناك دليل طوبونيمي يؤسس الافتراض السابق، يضاف إلى ما توفر من رصيد وثائقي وهوارتباط إسم " السلطان " بالحي الشمالي : جنان السلطان – درب السلطان – قصر السلطان مقابل إسم " المخزن " بالحي الجنوبي: دار المخزن – زنقة دار أو دوار المخزن، مسجد دار المخزن وهو نفسه مسجد الأندلس وأيضا ما تعلق بحقله الدلالي كالمشور مثلا.
كثير من الوثائق الفرنسية والمغربية، ترجع بناء دار المخزن إلى فترة المولى الرشيد حينما اتخذها معقلا عسكريا وسياسيا بين 1663 و1667، وهي التي كانت توجد جنوب حي المشور نفسه بشكل جانبي نحو اليمين إذا اتجهنا إلى الشمال ولا زالت تحمل نفس الإسم لحد الآن إذ تحولت إلى حي سكني لكن الأسوار والأطلال وما تبقى من دار المخزن هذه ما زال باديا للعيان، وهي التي كانت تشمل إقامة حاشية م الرشيد وحرسه خلال الفترة التي قضاها بتازة، ثم أصبحت تضم مرافق إدارية لعامل المنطقة، بدءا بفترة م اسماعيل ويفيد البعض أنها بهذا المعني، كانت امتدادا لقصبة تازة التاريخية التي ذكرها الإخباريون ارتباطا بالعهد الإسماعيلي، والتي مازالت توجد أسوارها وأطلالها شرق تازة بمحاذاة البستيون السعدي .
وبات في إمكان الفرنسيين في قافلة فريجوس فضلا عن هذا الأخير التجول بحرية في أزقة ودروب الرباط الموحدي المريني نقصد مدينة تازة، ولاشك أن هؤلاء سجلوا أيضا ملاحظات ومشاهدات شبيهة بتلك التي دونها فريجوس حول الدروب والأزقة والمعالم وسلوك الناس .
طبعا الآثار المتبقية من المولى الرشيد بتازة، تفصلنا عنها أربعة قرون ونيف، وقد أثرت عليها تحولات عمرانية ومجالية جسيمة وهو أمر طبيعي لما تعرضت له المدينة من تخريب وأيضا لما توالى عليها من محن وثورات، فقد بني في قلب المشور بين المتحف ودرب الطبيب، خلال العهد الإسماعيلي صهريج سمي ببيت الجبوب ( جمع جب وهو البئر) قصد حفظ المياه العذبة خدمة لساكنة المدينة، خاصة وأنها كانت تعاني مشاكل عويصة في هذا المجال، وهذا الصهريج لم يعد له أثر رغم وروده في الوثائق التاريخية .
كما اتخذ الدعي الجيلالي اليوسفي الزرهوني المشور مقرا لحكمه ولحاشيته، منتحلا شخصية ولي العهد المفترض وهو مولاي امحمد الإبن البكر للحسن الأول بدءا من نهاية سنة 1902، ولما دخلت القوات الفرنسية إلى تازة في ماي 1914 عثرت فيما عثرت على " كرسي الملك " في دار المخزن ومدفع ميداني من نوع كروب بالمشوروبعض الأشياء الأخرى التي كان الدعي يستعملها، ولذا وعلى مستوى التسمية فكلمة المشورأقدم من سنة 1902 بكثير، قياسا على أقدمية الأسماء الأخرى نفسها ك " المخزن " و" السلطان " و" الأندلس " وهي المعالم الطوبونيمية التي توجد بكثافة في تازة وأغلبها ضارب في القدم وتم التعرف عليه انطلاقا من الروايات الشفوية وبعض الإشارات المكتوبة والمعالم معا .
أما نسبة مأوى الطلبة قرب الجامع الكبير إلى المولى الرشيد، فهو احتمال وارد أو على الأقل، يفترض أن يكون العاهل العلوي قد وضع لبناته الأولى وأتمه ورممه المولى محمد بن عبد الله فيما بعد وإن لم تشر إلى ذلك المظان والوثائق بوضوح، فالمولى الرشيد، رغم قصر مدة حكمه والتي شهدت في أغلبها صراعات ومعارك ضد الخصوم في الشمال والجنوب والغرب والصحراء، فإنه اهتم بالفقهاء وأعلام الفكر والتصوف كاستقدام الفقيه اليوسي إلى فاس وتعيينه للفقيه القاضي المفتي محمد بن الحسن المجاصي الغياثي التازي خطيبا بجامع القرويين ومشرفا عليه في دجنبر 1668، وإلى ذلك فإذا كان الرشيد العلوي قد بنى مدرسة الشراطين بالعاصمة الإدريسية وقصبة الشراردة لتوطين قبائل شراكة في فاس وبعض الجسور فلِمَ لا يكون قد بنى أيضا ملجأ الطلبة ذاك، خاصة وأن تازة عُرفت منذ حقبة الموحدين بالمسجد الأعظم وبحلقات الدرس التي كانت تابعة أحيانا لجامع القرويين ومستقلة بذاتها أحيانا أخرى .
ومن الإشارات ذات الدلالة على أهمية موقع تازة في فترة الرشيد، ( علاوة على ما ذكرنا في رحلة فريجوس) أنه وظف برج تازة أو ما يسمى بالبستيون لحجز وسجن المعارضين كما ورد ذلك في المصادر، ولعل المهمة العسكرية لهذا الحصن قد تراجعت لحساب وظائف سياسية وأمنية بالدرجة الأولى، الشيء الذي انتبه له الرشيد بذكاء كبير، نظرا لعامل تاريخي آخر وهوتراجع التهديد العثماني من الشرق وصولا إلى تازة ، واستمرارحالة الشد والجذب بين قبائل المنطقة وساكنة المدينة خاصة حول الماء، فضلا عن الفتن والثورات التي تميزت بها سواء عند ظهور الحركات الدينية والسياسية التي تحولت إلى دول قائمة الذات أو في فترات الضعف وتمرد تلك القبائل على الدول نفسها .
( انتهى )
* رئيس مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث
مصادر ومراجع ( تخص المقالات الثلاث) :
- " نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي" – الصغير محمد اليفراني / تحق، عبد اللطيف الشاذلي، مط النجاح ج الدار البيضاء 1998 .
- " تاريخ الضُّعَيِّف الرباطي "– تحق أحمد العماري، دار المأثورات الرباط، 1986 .
- " إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار مدينة مكناس"، بن زيدان عبد الرحمان ج 3 ، تحق علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة 2008 .
-" نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني-" القادري محمد بن الطيب، تحق، محمد حجي، احمد التوفيق، مكتبة الطالب ، الرباط، 1986.
-" الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى"، الناصري أحمد بن خالد، ج 7، تحق محمد الناصري، جعفر الناصري، دار الكتاب الدار البيضاء، 1956.
- الزاوية الدلائية، حجي محمد، دار النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1988.
-" البوادي المغربية قبل الاستعمار، قبائل حوض إيناون والمخزنبين القرنين السادس عشر والسابع عشر"، المودن عبد الرحمان، منشو كلية الآداب، الرباط، 1995.
-HENRI TRERRASSE- "HISTOIRE du MAROC ",EDITION ATALANTIQUE ,CASABLANCA ,1950 .
- L. Voinot . " TAZA ET LES RIATA"-Bulletin de la société de géographie et d archéologie d Oran, T.XL,fasc. LVI,sept-dec. 1920.
- L. Voinot . " OUJDA ET L’Amalat"-IMPRIMERIE TYPOGRAPHIQUE , L FOUQUE , ORAN ,1912 .
-EUGENE FUMEY "La légende de My Rachid "Chronique de la Dynastie Alaouite Du Maroc ,Arcives Marocainnes.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير