الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة المسلحة بتازة : تصويبات وتصحيحات

عبد الإله بسكمار

2020 / 6 / 21
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


كما عودتنا مجلة زمان على مغالطاتها المضحكة المبكية حول تازة : التاريخ والمجال والإنسان، دخل الشبكة هذه الأيام مقال مختزل، لم يتجاوز ثلاث فقرات حول عملية احتلال تازة من طرف الجيش الفرنسي وجيش إفريقيا مابين 10 و17 ماي 1914 ويبدو أنه مقال إشهاري إعلاني فقط من أجل اقتناء أعداد من المجلة إياها واستقطاب قراء المجلة الورقيين، الشيء الذي جعل صاحبه الباحث المجهول يغرق نفسه في مغالطات مفاهيمية وتاريخية فادحة، الإعلان في حد ذاته مشروع وقانوني وهو من حق المجلة ولكن ما ليس من حقها هو الافتراء على تاريخ تازة .
طبعا يهمنا كل ما يُكتب عن المنطقة، تاريخيا ومجاليا ورمزيا، ليس فقط بسبب عنصر القرب والانتماء وهذا حق طبيعي أيضا ، ولكن لأن الأخطاء والأغاليط كانت كثيرة إلى درجة الظلم في حق تازة والمنطقة وما نعتقد أن جهة معينة من مغربنا الحبيب تَسَلَّط عليها مثل ما تَسَلَّط على تازة من مغالطات وأكاذيب، أحيانا عن حماسة وغير قصد وأحيانا كثيرة عن عمد وسابق إصرار، مما يستوجب الرد العلمي ووضع الأمور في نصابها بكل صرامة ودون أي محاباة لأي كان.
في البداية هناك عنوان براق تازة " أرض الميعاد " وهو ما يلتبس بمفهوم " الأرض الموعودة " Terre promise الذي تبناه الفكر الصهيوني وأغرى به اليهود أو كثيرا منهم والمقصود بها فلسطين المحتلة ، الشيء الذي لا يمت بصلة إلى تازة ولا إلى استراتيجية احتلالها باسم السلطان والتهدئة، فالضابط الفرنسي الذي أطلق عن ابتهاج هذا النعت حول تازة إنما قصد نجاح استراتيجية جيشه لاحتلال هذا الموقع الاستراتيجي الذي كان العسكريون الفرنسيون يحلمون بالسيطرة عليه، لأنه يؤمِّن لأول مرة الطريق بين المحيط الأطلسي غربا وتونس شرقا، أي توحيد ما يسمونه "Empire nord Africain Français" فالقصد هنا هو بوضوح Terre au rendez- vous أرض الميعاد أو موعد اللقاء بمعناه العسكري أي jonction وهو اللقاء بين القوات الفرنسية والكوم القادمة من مسون بقيادة الجنرال بومكارتن Baumagarten وقوات المغرب الغربي الزاحفة من تيسة عبر الزرارقة والتسول فمكناسة بقيادة الجنرال غورو Goureaud ليكون اللقاء يوم 16 ماي بباب حمامة الكائنة بمكناسة التحتية، وكانت طلائع قوات بومغارتن قد دخلت إلى تازة يوم 10 ورفع العلم الفرنسي فوق قوس المشور.
كانت الخطة الفرنسية هي وضع مدينة تازة بين فكي كماشة étau وتحت رحمة قوتين كبيرتين زاحفتين في نفس الوقت من الشرق والغرب وحتى لا يتركوا فرصة للقبائل قصد الجهاد والمقاومة، وهو شيء فريد من نوعه على صعيد احتلال المناطق والمدن المغربية، إذ جميعها تم احتلالها إما بدخول مباشر للجيوش، أو عن طريق خطة بقعة الزيت Tache d huile وتعني ببساطة استغلال صراعات القبائل والجاسوسية وفتح الأسواق، بينما في تازة وحدها تم تطبيق خطة الكماشة والتوسع الأفقي بدل بقعة الزيت .
التقت القوتان إذن في مكناسة التحتية، ثم دخلت تلك القوات مجتمعة ورسميا إلى تازة في استعراض عسكري ترأسه هوبير ليوطي شخصيا يوم 17 ماي 1914، وقد ابتهجت فرنسا الاستعمارية باحتلال تازة إلى درجة الاحتفال وكأن الأمر يتعلق بعيد وطني .
وكان ليوطي نفسه قد اعترف بضراوة معركة تازة والتي اعتبرها أخطر معركة خاضها في المغرب وعد غياثة " عدونا اللذوذ الذي يسيطر على الضفة اليمنى لنهر إيناون ".
من مغالطات مقال مجلة زمان رد فعل قبائل المنطقة : غياثة - التسول - البرانس - بني وراين وهوارة وجزناية، حيث ادعى ما وصفها بمقاومة ضعيفة وهو غير صحيح طبعا ولم ينتبه صاحب المقال الملخبط للتناقض الفظيع، حينما يصف تلك القبائل بالشراسة وشدة البأس في نفس مقاله ، يجب أن يعرف الجميع ان مدينة تازة وخاصة أحوازها القريبة عرفت مقاومة مستميتة ولا سيما بني وجان ومتركات وقرية جبلة، عند زحف القوات الاستعمارية واحتلالها لمدينة تازة وأفضل دليل على ذلك سقوط 17 جنديا ومجندا فرنسيا، بين قتيل وجريح، الشيء الذي لم يسجل في أي مدينة أخرى من مدن المغرب، فلماذا تحكمون يازمان على مقاومة تازة بهذا الشكل الجاهز المؤسف والمغالِط معا؟، هل غاب عنكم أن مقاومة منطقة تازة استمرت 16 سنة اعتبارا من مغامرة الجنرال طوطي غرب حوض ملوية ثم قصف مناطق مرادة وجرسيف بشكل وحشي قبل احتلال هذه الأخيرة؟، نقصد مغامرة ابريل 1911 حيث مني بالهزيمة أمام تكتل قبائل منطقة تازة بقيادة بني وراين، وغربا بدأت مقاومة قبائل تازة مباشرة بعد اندلاع مقاومة الشريف الحجامي في نفس سنة توقيع عقد الحماية سنة 1912 واستمرت تلك المقاومة متأثرة بسير الحرب العالمية الأولى ثم بمعركة الهري وحرب الريف وإلى حدود بداية 1927
وكانت من أبرزمنازلات تلك المقاومة معارك : بولجراف -الطواهر - سيدي احمد زروق- تازكة – جامع الخمسين – التسول – بوهدلي وغيرها، أما أبرز شيوخ المقاومة بتازة وزعمائها فنذكر عبد المالك والشنجيطي والشريف الحجامي وسيدي رحو .
علما بأن كل مصادر المقاومة المسلحة خلال هذه الفترة كانت فرنسية منحازة طبعا .
إذا كنتم يازمان الوصل ههههههه تعلمون كل هذا وكتبتم في مجلتكم تلك الترهات، فتلك مصيبة وإذا كنتم تجهلون فالمصيبة أعظم، وليست هذه هي المرة الأولى التي سجلنا عليكم فيها مغالطات رهيبة حول منطقة تازة.
تنبهوا رعاكم الله.
من يريد ان يكتب عن تاريخ تازة،إما يتلزم الموضوعية والنهج العلمي أو يترك الأمر لأهله ولمن هو أهل له .

* رئيس مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام