الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع مقدسة وقضية المرأة المضطهدة.

صفاء أمين

2020 / 6 / 22
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


إنها صديقتي الرائعة فاطمة، دائمًا نتبادل الكتب عندما تروق لنا. ها هي كالعادة اقترحت علي قراءة رواية اسمها "دموع مقدسة" للكاتب عبد الرحمن الآنسي. بدأت أقرأ عن الكاتب فوجدته شابًا وهذه هي أولى أعماله كما يبدو. كِدتُ أتنازل عن قراءة الرواية ولا أنكر أني شككتُ بذوق صديقتي هذه المرة؛ فأنا لدي عُقدة من الأعمال الأدبية الذي يكتبها الشباب ما دون سن الثلاثين، لأن كتاباتهم للأسف متخمة بالتفاهات وأعتبر معظمها إن لم تكن كلها تتحدث عن قصص حب فاشلة أو عن صور جنسية لشخصيات مراهقة يعرضونها بطريقة ساذجة، وأنا لا يروق لي هذا النوع من الأدب. كُرمى لصديقتي فاطمة قلت سأطلع على الرواية فربما هناك شيئًا مميزا جعل صديقتي تقترحها علي.

بدأت بقراءة الرواية، وبدأت أقول في نفسي: "لم يكن ظني كاذبًا فها هو الكاتب بدأ يتطرق للمواضيع الجنسية". كدت أتنازل عن القراءة لولا أن لغة الكاتب الحاذقة واستخدامه للكلمات بطريقة مميزة جعلني استمر في القراءة، فقلت في نفسي "هذا إذا دل إنما يدل على أن الكاتب على اطلاع واسع ولن يستمر بهذه الطريقة". كان حدسي صحيحًا، فالموازين انقلبت وبدأت اشعر أن الكاتب بدأ يتوغل في قضايا مهمة جدًا، كان الكاتب يعرض القضايا تترا بطريقة سلسلة، ومعظمها قضايا غفل عنها الكثير من الكتاب.
الرواية بشكل عام، تتحدث عن قضايا المرأة، وعن تهميش المجتمع لها، والمعاناة التي تلقاها ممن هم حولها بطريقةٍ أو بأخرى. في الحقيقة شعرت بالغضب وأنا أقرأ أحداث هذه الرواية، كيف غفلنا عن هذه العادات السيئة والمقيتة! كعادة تحكم الرجل بمستقبل المرأة مهما كان وضعها في المجتمع، وأنه الذي يملي الأوامر وما عليها سوى التنفيذ وانتظار القدر المحتوم.

من عاداتي أني لا أحب أن أرى المرأة ضعيفة ولا أريدها أن تكون ضعيفة أبدًا، لكن ثريا بطلة الرواية وضعفها جعلني أتساءل: "هل هذا الضعف ناتجا من ثريا نفسها أم هو المجتمع من حولها والضروف التي واجهتها هي التي جعلتها تبدو ضعيفة!" من خلال دراستي لحالتها وحالة الشعب اليمني اتضح لي أن هناك سببين لمثل حالتها، السبب الأول خوفها من المستقبل المجهول وهذا أكبر شيء يؤرق أي فتاة في هذا العالم، السؤال الدائم الذي يحوم في عقل أي فتاة شابة "كيف سأكون في المستقبل .. هل سأكون سعيدة مع شريك حياتي؟ كيف سيكون شريك حياتي؟" وأما السؤال الأكثر بؤسًا للفتاة ويجعلها تشعر بالضعف هو "هل سأتزوج أم سيتجاهلني الجميع لأبقى عانسة؟" كل هذه الأسئلة قرأتها في حالة ثريا _بطلة الرواية_، فرأيت أنها تعمل بالحكمة التي تقول: "شيء خير من لا شيء" وهي لا تعلم أن بعض الأشياء هي في الحقيقة لا شيء.
هناك جانب آخر جعل بطلة الرواية ضعيفة وهي الضروف التي لم تتوافق مع أحلامها وطموحاتها، فالمجتمع المنغلق يُملي قوانينه على المرأة بدون قيود ودون أي وازع ثقافي، الجميع يرى المرأة على أنها آلة للمتعة تُنفِّذ الأوامر متى طلب منها الرجل ذلك، كذا يمكنه التخلي عنها متى شاء وشراء آلة أخرى جديدة يمكنه استخدامها بطريقة أكثر أريحية. كذلك التفكير الاستعلائي للرجل فيرى نفسه الأقوى وله الحق في التحكم بالمرأة، وهذا منتشر أكثر في المجتمعات المنغلقة والتي تتحكم بها العادات والتقاليد مثل اليمن.

تطرّق الكاتب في الرواية لحالة الشعب اليمني في ظل الحرب، والذي هو حال الكثير من الشعوب العربية، فتحدث عن آثار الحروب على الشعوب وكيف تصنع الخلافات بالبلدان، فتجلب الخراب على الديار والذل على أهل الدار. ربما كان للكاتب مآرب أخرى من اختياره للشخصيات في الرواية، فقد لاحظت تساؤلات وجودية كالسؤال عن ماهية القدر، هل هذا العالم يديره إله رحيم أم إله لا يأبه بالعباد أم أنه لا يوجد إله بالأصل؟!

لغة الرواية كانت بسيطة وسلسة، ليس فيها تعقيدات كثيرة، فالمبتدئين من القُرّاء يمكنهم قراءتها وفهم الكثير من معانيها بسهولة. قد يقرأها يمنيون فيفسرونها تفاسير مختلفة، ثم يقرأها وجوديون وسياسيون فيفسرونها بتفاسير أخرى أيضًا وهذا يُحسب للكاتب.
لا أُنكر إني ظلمت الرواية في البداية عندما رأيت أنها لا تستحق القراءة، ولكن هذا التصرف الذي بدر مني قد يكون سببه الغثاء الذي نعيشه في هذا الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان