الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأ ثار الناتجة عن الأخطاء الطبية

أماني عبد المطلب إبراهيم الصعيدي

2020 / 6 / 23
الصحافة والاعلام


مقدمة
تعتبر مهنة الطب من أهم المهن الإنسانية، والتي يتوجب على من يمارسها احترام جسم الإنسان في جميع الظروف والأحوال؛ حيث يتحتم على الطبيب أن يحافظ على أرواح الناس وسلامتهم، عندما يقوم بواجباته، لأن مهنة الطب تفرض عليه واجب أخلاقي، وذلك ببذل أقصى الجهود عندما يقوم بمعالجة مرضاه. للمزيد : https://elmaarifa.info/

واستنادًا على ذلك إعطاء الطبيب المجال الكافي لمعالجة مرضاه في جو من الثقة والاطمئنان ودون خشية أو تردد، فقد كان قديمًا لا يسأل الأطباء عن أخطائهم التي ترتكب أثناء ممارسة مهنتهم، وإلقاء ما يصابون به من أضرار ناجمة عن عمل الفريق الطبي المعالج، بقولهم أنها ترجع إلى القضاء والقدر، ولكن بمرور الزمن وتزايد عدد الأطباء وتنوع أعمالهم وتخصصاتهم من الطب الباطني وطب الأطفال والأمراض النسائية وأمراض القلب والجراحة.... وغيرها من التخصصات الأخرى، لهذا أدى إلى تعدد وتنوع الأخطاء الطبية تبعًا للتخصصات الطبية المختلفة.

إضافةً إلى ذلك نجد أن الزيادة في استعمال الآلات والأجهزة الطبية، الأمر الذي أدى إلى كثرة المخاطر الناجمة عن الأعمال الطبية، وذلك بسبب هذا التطور والوعي، وكانت مسؤولية الطبيب تترتب إذا ارتكب أخطاء عمدية، ثم ما لبثت أن تطورت فأصبح الأطباء لا يسألون فقط عن الأخطاء العمدية، وإنما أيضًا عن الإهمال والخطأ البسيط والجسيم.

وانطلاقًا من ذلك فنتيجة التطور العلمي في طرق العلاج الطبي، وفي إطار ما عرض نجد أن أهم ما يبرر مسائلة الطبيب هو حدوث الخطأ الطبي الذي يصدر منه أثناء ممارسة المهنة، وهذا الخطأ يختلف عن الخطأ الذي يرتكبه الإنسان العادي أثناء ممارسة عمله، وذلك بالنظر للطبيعة الفنية والعلمية التي تتصف بها الأعمال الطبية ومحاولة التعرف على المعوقات والتوصل لاقتراحات لتجنب حدوث الأخطاء الطبية، وهو ما يتبين لنا عرضه في هذا الفصل.


أولًا: مدخل عن حقيقة الأخطاء الطبية:

مفهوم الأخطاء بوجه عام:
يعرف الخطأ في اللغة: بأنه ضد الصواب وضد العمد وضد الواجب كما أنه يقال أخطأ إذا سلك سبيلًا مخالفًا للمسلك الصحيح عامدًا أو غير عمد (1).

مفهوم الخطأ المهني: هو سوء التصرف فهو تقصير متعمد أو غير متعمد في أداء الواجب المهني وينشأ عنه خسارة أو ضرر ويكون مخالف لأخلاقيات المهنة. (2)

وفي مجال الخدمة الاجتماعية فإن الخطأ المهني:

هو الإهمال الوظيفي أو المهني أو سوء التصرف؛ حيث يتهم الأخصائي الاجتماعي بالفشل في تحقيق درجة العناية المطلوبة أو رعاية معينة، كما أنه السلوك الصادر من الأخصائي الاجتماعي في إطار الميثاق الأخلاقي للمهنة تسبب في ألم للعميل لعدم تحقيق الرعاية. (3)

ومن الأخطاء المهنية للأخصائي الاجتماعي:

إفشاء أسرار العميل.
الاستغلال المالي للعميل.
إنهاء الخدمة المقدمة للعميل دون تحقيق نتيجة بشكل غير ملائم مهنيًا. (4)
يقصد بالأخطاء الطبية:
يقصد بالأخطاء الطبية بأنها كل مخالفة أو خروج الطبيب عن السلوك والقواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم، أو المتعارف عليها نظريًا أو علميًا وقت تنفيذه للعمل الطبي، وعدم مراعاة النظم والقوانين. (5)

تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن الخطأ الطبي يعتبر اعتداء على الحق والواجب وكلها ألفاظ لا تحدد معنى الخطأ بل بحاجة إلى تحديد الخطأ كنتيجة، ومدى الصعوبة في تحديد تجسيم الخطأ ويرجع سبب حدوثها نتيجة عدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية، وإغفال بذل العناية التي كان باستطاعة الطبيب فعلها.

فيقسم الفقهاء القانونيين الأخطاء الطبية إلى قسمين:

خطأ عادي: وهو الذي ارتكبه الطبيب عند مزاولة مهنته دون أن يكون له علاقة بالأصول الفنية لمهنة الطب.
خطأ فني: وهو خروج الطبيب عن القواعد العلمية والأصول الفنية التي تحكم مهنة الطب.
بينما يقسم الفقهاء في الشريعة الإسلامية الأخطاء الطبية إلى قسمين:

خطأ في التقدير: ويجمع الفقهاء على أن الطبيب يسأل عن هذا الخطأ طالما ثبت كفايته وكان مأذونًا بمباشرة مهنته.
خطأ الفعل: وقد أجمع الفقهاء على إعفائه من المسؤولية في هذه الصورة أيضًا بشرط أن يكون مأذونًا له بمزاولة مهنة الطب وأن يبذل أقصى الجهد ويتخذ الاحتياط اللازم. (6)
عناصر الأخطاء الطبية:
الطبيب بكافة تخصصاته (طبيب النساء والتوليد أو الأشعة أو التحاليل أو الأسنان.... وغيرها.
الصيدلي- التمريض- المريض- حجرة العمليات (الكشف)- توفر الأجهزة- توفر الأدوية- جهاز المستشفى.
أسباب حدوث الأخطاء الطبية. (7):
قد تنجم واقعة الأخطاء الطبية ويمكن حصر مسبباتها فيما يلي:

الإيمان الضعيف وعدم وجود الدافع الديني.
انتفاض العلم والتدريب للطبيب وانعدام مواكبة الأجهزة الطبية، والإهمال في إنجاز العمل، وتأخر وصول نتائج التحاليل، مما يتسبب في اتخاذ القرارات الصحية الخاطئة.
عدم الاستعانة بالمتخصصين وطول ساعات العمل في المستشفيات؛ كما أن التقدير من قبل الجهات المسئولة عن توظيف الأطباء وضعف في الرواتب والحوافز.
معايبر تقدير الأخطاء الطبية: تتحدد الأخطاء الطبية على أساس معيارين، يمكن توضيحهم فيما يلي:
المعيار الشخصي في تقدير الخطأ الطبي: وهي العوامل الخارجية والداخلية التي دفعت الطبيب لذلك.
المعيار الموضوعي في تقدير الخطأ الطبي: بمقارنة سلوك طبيب بسلوك طبيب أخر.
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن عرض المعيارين ينبغي دراسة شخصية الطبيب مرتكب الخطأ، وظروفه الخاصة وحالته العقلية والاجتماعية والصحية، وبالتالي في ظل المعيارين يمكن مقارنة سلوك الطبيب بطبيب أخر فيجب لكي نأخذ بالمعيار الموضوعي والذي على أساسه لا يسأل الطبيب إلا إذا أخل بالاهتمام والحذر التي تقتضيها أصول وقواعد المهنة.

ثالثًا: أنواع الأخطاء الطبية وأشكالها. (8):

أنواع الأخطاء الطبية:
تختلف الأخطاء الطبية في كل زمان أو مكان لأن الشخص الذي يمارس العمل الطبي ينصب على مكان واحد وهو جسم الإنسان والأمر متعلق بأعضائه، فنجد أن تلك الأخطاء، متمثلة فيما يلي:

ينقسم الخطأ الطبي من حيث درجة الجسامة إلى خطأ يسير وخطأ جسيم وخطأ فاحش:
الخطأ اليسير: هو الخطأ غير محتمل الحدوث ولكن يحدث الخطأ بصورة بسيطة.
الخطأ الجسيم: وهو الخطأ الذي يحتمل حدوثه ضرر، أي كلما قل هذا الاحتمال قلت جسامة الخطر.
الخطأ الفاحش: وهو عدم بذل العناية الكافية في معالجة المريض، ويقع عن تقصير ويؤدي إلى الوفاة.
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن بناءً على ذلك التقسيم أن الطبيب لا يسأل عن الخطأ الصادر منه إلا إذا كان خطأ جسيمًا بسبب العجز، مما يقتضي معرفة أن العمل الطبي ذو طبيعة احتمالية، تقتضي عدم مسألة الطبيب عن أخطائه اليسيرة التي تؤدي إلى تقييد حرية الطبيب عن مسايرة التطور العلمي، كما يمكن إضافة خطا قد يقع فيه الطبيب، وقد يسبب القتل وهو الخطأ الفاحش.

ينقسم الخطأ من حيث العمد إلى خطا عمدي وخطأ غير عمدي (9):
الخطأ العمدي: وهو فعل يصدر عن الطبيب مخالفًا لما عليه عن قصد وتعمد، وهي جريمة جنائية.
الخطأ غير العمدي: وهو كل فعل يصدر من الطبيب ووقع على غير قصد منه.
تعقيب:

ومن ثم ترى الباحثة أن أنواع الأخطاء الطبية من الجسيم واليسير والفاحش والعمدية وغير العمدية يستوي في ارتكابها الطبيب وغير الطبيب، وبالتالي ينبغي عند تحديد مسؤوليات الطبيب لمنع حدوث أنواع الخطأ المتعددة ومراعاة الآتي:

يتطلب مراعاة تقدير خطأ الطبيب العام ومقارنته بالطبيب المتخصص من حيث أصول مهنة الطب.
مراعاة الظروف الخارجية التي تحيط بالعمل الطبي بتوفير الإمكانيات من عدمه.
أشكال الأخطاء الطبية:
رفض الطبيب علاج المريض: في حالة تستدعى التدخل السريع والفوري من قبل الطبيب المختص.
تخلف رضاء المريض: يلزم لقيام الطبيب بالعلاج أن يحصل على رضاء المريض بذلك. (10)
الخطأ في التشخيص: يتعين عند تقدير خطأ أن ينظر فيه من حيث مستواه وتخصصه.
الخطأ في وصف العلاج ومباشرته: وإعطاء المريض جرعة زيادة أو عدم الإشارة بإجراء التحاليل.
خطأ إجراء العلاج لهدف غير الشفاء: كهدف البحث العلمي، أو اختيار وسيلة العلاج الأكثر ربحًا
خطأ إفشاء سر المريض: في الصحف والمجلات العلمية.
الخطأ في الجراحة التجميلية: بإزالة تشويه في الجسم ظاهر أو خفي لغرض علاجي أو تجميلي.
الخطأ الطبي في العمليات الجراحية: فينبغي أولًا استشارة الطبيب المعالج للمريض قبل الجراحة.
أخطاء الأشعة: فيجب على الطبيب أن يراقب تأثير الأشعة على جسم المريض بمنتهى اليقظة.
أخطاء التخدير: فيجب على الطبيب مراعاة الاحتياطات قبل التخدير، ومراقبة حالته أثناء التخدير.
خطأ مزاولة المهنة دون ترخيص: إذا لم يستوف إجراءات القيد في وزارة الصحة ونقابة الأطباء.
خطأ انتحال الألقاب الطبية: يعتبر انتحال الألقاب الطبية جريمة مستقلة بذاتها غير مشروعة للمهنة.
قصد الشفاء مما تسبب الخطأ: فالغرض من الطبيب شفاء مريض من مرض أليم فتسبب الخطأ.
خطأ بيع الأدوية: يعتبر الطبيب ممنوع من بيع الأدوية، ويعتبر مخالف لقوانين ترخيص الصيدلية.
خطأ نقل الدم: مما يتطلب إجراء فحوصات للتأكد من سلامة الشخص المتبرع بالدم للمريض.
الخطأ في زراعة الأعضاء: مما يتطلب توافر شروط الرضا المسبق من المتبرع، والمريض المتلقي.
خطأ الإجهاض الطبي: يحدث لغرض علاجي إما لإنقاذ الأم من خطر محقق كما في حالات النزيف الرحمي الشديد.
خطأ أدى إلى العجز: وهو خطأ غير مميت ينتج عنه عجز جسماني أو عاهة مستديمة.
خطأ عدم تقديم الرعاية لمرضى الأمراض المعدية: وذلك لمنع إصابة أشخاص آخرين.
خطأ قتل المرضى غير القابلين للشفاء: كالمصابين بمرض السرطان فلا يجوز إباحة هذا القتل (11).

تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن هناك عوامل قد ترجع إلى تعدد أنواع وأشكال الأخطاء الطبية، مما تسبب مخاطر عظيمة على صحة المريض، كما أن ضعف الإمكانات المادية داخل المؤسسة وضعف المبادرة بابتكارهم أساليب حديثة تساعد في تحسين الأداء بشكل أفضل.

ثالثًا: أضرار الأخطاء الطبية (12):

الضرر الجسدي: وهو الأذى الذي يقع على جسم الإنسان، وينتج عنه نوعين من الضرر:
ضرر جسدي مميت: يوقف جميع أعضاء الجسم عن العمل ويؤدي إلى الوفاة.
ضرر جسدي غير مميت: يؤدي إلى تعطيل بعض أعضاء الجسم عن العمل، وينتج عنه عجز.
الضرر المادي: هو الضرر الذي يصيب الإنسان في ماله.
الضرر الأدبي أو المعنوي: هو الضرر الذي يصيب المتضرر في كرامته أو مكانته الاجتماعية
الضرر العقدي: هو الضرر الذي لم يحقق النتيجة المطلوبة، مما أدى إلى عدم التنفيذ العقدي.
ولمنع حدوث الخطأ والضرر فهناك نوعين من الالتزامات هما التزام ببذل عناية أو بتحقيق نتيجة، متمثلًا فيما يلي:

الالتزام ببذل عناية: هو ما يجب على الطبيب من الالتزام بالقواعد المهنية.
الالتزام بتحقيق نتيجة: لأن عدم الوصول إلى النتيجة يعتبر مخطئًا، ويكون مسؤول عن تقصيره.
تعقيب:

ومن واقع الطرح السابق ترى الباحثة بأنه ينبغي على الطبيب أن يمارس المهنة بكل إتقان وإخلاص، وسلوكه وتصرفاته والخلق الديني القويم، وأن تتوافر في الطبيب الأمور التي ينبغي أن يحققها لتحقيق العناية بالمريض وتحقيق النتيجة في علاجه، ولكي يتجنب حدوث أضرار الخطأ الطبي فعليه-تحديد سبب حدوث المرض أو العلة وسن المريض والنظر في قوة الدواء ودرجته والتوسع في عملية الرقابة والمتابعة لأعمال الأطباء ووجود سجلات للحالات المرضية.

رابعًا: مسئوليات الفريق الطبي عن الأخطاء الطبية في المستشفيات:

تعتبر المستشفيات العام، وتقصد الباحثة في إطار دراستها وهي مستشفى القصر العيني القديم بجامعة القاهرة الممثلة في المستشفى الحكومي التي لها قواعد خاصة بها تراعيها وزارة الصحة وهيئاتها، وتقدم الخدمات الصحية المجانية للمواطنين، واستنادًا على ذلك فإن إدارة المستشفى العام توقع الجزاءات على الأطباء بمقتضى الأنظمة واللوائح، ولذلك فإن المستشفى العام تسأل عن أخطاء الطبيب الذي يقع أثناء تأدية عمله الفني باعتباره تابعًا لها. (13)

أما بالنسبة للمستشفيات الخاصة وتقصد الباحثة في إطار دراستها بأنها مستشفى القصر العيني الفرنسي الجديد وهي تلك المستشفى التي تتبع في ملكياتها القطاع الخاص؛ حيث يتم إدارة وتمويل هذه المستشفيات من قبل القطاع الخاص، وتكون ملك للفرد أو المؤسسة أو جمعيات خيرية، ومن الجدير بالذكر هناك علاقة بين المستشفى العام والخاص والطبيب والمريض وهي علاقة تعاقدية بهدف تقديم الخدمات الطبية لإشباع الحاجات العامة للأفراد. (14)

وتجدر الإشارة هنا أن الباحثة أثناء التوجه إلى مكتبة الخدمة الاجتماعية بمستشفى القصر العيني الفرنسي فوجئت برفض إدارة المستشفى أن تفرغ استمارة دراسة تقدير الموقف كشكل مبدئي على الرغم أن الباحثة موجهة من جهة علمية ومن حقها التطبيق، واعتبرت المستشفى أنه لا يوجد لديها أخطاء طبية، مع أن الباحثة أوضحت فكرة موضوع دراستها برنامج مقترح من منظور طريقة تنظيم المجتمع لموجهة الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية.

ويضاف إلى ذلك أن المسؤولية التي تتحملها المستشفى العام والخاص هي المسؤولية الناتجة عن الأخطاء التي تقع من الأطباء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، فالطبيب الذي يعمل في مستشفى عام إذا أخطأ في تشخيص وعلاج مريض يكون قد ارتكب الخطأ وهو يؤدي عملًا من أعمال وظيفته فتكون المستشفى مسؤولة عنه. (15)

ومن ثم فإذا كان الطبيب يعمل في إحدى المستشفيات الخاصة فنجد مسؤولية الطبيب المعالج عن أخطاء مساعديه تتحقق عندما يتم اختيارهم من قبله، فلا شك أن الطبيب المعالج يسأل باعتباره هو المتعاقد الوحيد مع المريض، لذلك فهو المسؤول عن كل من استعان بهم الطبيب المعالج في العلاقة العقدية. (16)

تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن اشتراك الفريق الطبي من الأطباء أو الممرضين في علاج مريض واحد بنفس الوقت، حين ذلك يسأل الطبيب المعالج في حالة حدوث خطأ بصفته يعد رئيسًا للفريق الطبي، كما أنه إذا اتضح أن الطبيب ومن يشاركوه من الفريق المعالج قد قصر في تحقيق العناية، فيعد خطأ يتطلب المسألة فيه.

بناءً على ما تقدم هناك تساؤل في ذهن الباحثة هل الأخطاء الطبية ناتجة عن تقصير الطبيب أم أن هناك أشخاص آخرون متصلون بالعمل الطبي قد يكون لهم دور في ارتكاب الأخطاء الطبية، وهنا يمكننا الحديث عن الأشخاص الذين يمارسون العمل الطبي وقد يرتكبوا الأخطاء الطبية من خلالهم، وعلى ذلك فيتطلب تدعيم مسئولياتهم، ويمكن توضيحهم فيما يلي:

(أ)- مسئوليات الطبيب المهني لتفادي حدوث الأخطاء في المستشفيات:

مسؤولية الطبيب الإنسانية والسلوكية والأدبية والأخلاقية وإخلاصه في العمل.
مسؤولية التزام الطبيب بتبصير المريض بمدى خطورة مرضه: في حالة الجراحة الخطيرة. (17)
مسؤولية التزام الطبيب بالحصول على رضاء المريض: في الحالات التي تستدعي التدخل الطبي السريع فيعتد برضاء ذويه وأقاربه ومن يمثله قانونًا.
مسؤولية التزام الطبيب بعدم إفشاء سر المهنة: فينقسم إفشاء السر في الحالات الآتية:
رضاء صاحب السر بإفشائه: يتمكن المريض أن يذيع هذا السر بنفسه أو أن ينيب غيره. (18)
أداء الشهادة أمام القضاء.
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن السبب الذي يجوز فيه الطبيب بإفشاء سر المهنة أن يكون قد عرض للمسائلة أمام القضاء لإفشاء سر المريض نفسه لما يتعلق به من مرضه أو مستقبله، وأن هذا الإفشاء له فائدة في المعالجة وحالته تستدعى ذلك، وإضافة إلى ذلك الطبيب أثناء تأدية شهادته كخبير طبي والتبليغ في حالات العدوى والوفيات، وحين ذلك تقتضي الضرورة حفاظًا على أمن المجتمع المحلي.

مسؤولية التزام الطبيب عند استعمال الأدوات والأجهزة الطبية بالمستشفيات: بمراعاة القواعد التي تخضع لها مسؤوليته عن الأعمال التي تنشأ نتيجة لتقصيره وعدم بذله للعناية الكافية. (19)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن يسأل الطبيب عن الأضرار أو الإصابات التي تلحق بالمريض، والتي قد ترجع إلى وجود عيب في الأجهزة أو الأدوات المستخدمة في علاج المريض، وذلك لضمان التبليغ عن أي عيب من العيوب الخفية التي يصعب على الطبيب اكتشافها بالفحص العادي.

مسؤولية الأطباء في كافة التخصصات عند وقوع الأخطاء الطبية:
مسؤولية طبيب التحاليل: ببذل عناية واليقظة الواجبة، بالإضافة إلى تحقيق نتيجة.
مسؤولية طبيب الأشعة: ويلتزم طبيب الأشعة دوره بتحقيق نتيجة وهي تقديم صورة أشعة واضحة تبين خفايا الجزء من الجسم.
مسؤولية طبيب النساء والتوليد: يسأل الطبيب إذا حدث الإجهاض الدوائي بحيث يكون العلاج لمرض ليس له علاقة بالحمل.
مسؤولية جراحة الأسنان: في حالة خطأه عند قيامه بخلع ضرس بأن انفصل الفك عند خلعه الضرس ومسئوليته في ذلك.
مسؤولية الطبيب الجراح: ينبغي على الطبيب الجراح إجراء العملية والحصول على رضاء المريض بعد إعلانه بحقيقة وضعه. (20)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن وجود اللافتة على مدخل عيادة الطبيب من حيث درجته العلمية وعضويته في النقابة تدل على دعوة المريض للتعاقد والعلاج في إطار التخصصات المختلفة، وفي الاتجاه المعاكس يحتاج الأمر إلى وقفة في حالة مسؤولية طبيب الأشعة أو التحاليل فيتطلب من المريض إجراء أشعة أو تحليل في معمل أخر للتأكد من نتيجة المعمل الأول.

مسئوليات الصيدلي "Solutehypertonique" عند الخطأ في المستشفيات:
تعد الأضرار التي تلحق المريض قد يشترك فيها الطبيب والصيدلي وذلك بسبب الأدوية التي يتعاطاها قد تثير مسئولية الصيدلي أو الصانع وإلزامه بنتيجة وهو مدين بالتزام محدد يتمثل في تقديم أو بيع أدوية صالحة (21)، وتتمثل مسئوليات الصيدلي، فيما يلي:

مسؤولية الصيدلي ببذل عناية عند قيامه بعلاج الحالات المرضية المستعجلة.
مسؤولية الصيدلي مع مساعديه في الصيدلية: وهي مسؤولية الرقابة والتوجيه. (22)
مسؤولية الصيدلي في تحضير وتعبئة الدواء: وتجهيز الآلات والمعدات وتحضير الدواء.
مسؤولية الصيدلي في بيع الأدوية تحت إشراف الطبيب للجمهور.
مسؤولية الصيدلي في بيع الأدوية دون أشراف الطبيب.
مسؤولية الصيدلي في عدم صلاحية الأدوية المباعة للاستعمال.
مسؤولية الصيدلي في تسليم الدواء بعد سحب أو إيقاف ترخيص بالتسويق أو التسجيل.
مسؤولية الصيدلي في حالة بيع الدواء بغير السعر المحدد والامتناع عن بيع الدواء للمستهلك.
مسؤولية خطأ الطبيب في إدانة الصيدلي وإصابة المريض مما يتطلب القيام بالفحص الأولي لجسم المريض للتأكد من مدى قابليته لتعاطي هذا النوع من الدواء مما يسبب الخطأ.
مسؤولية الصيدلي بعدم ممارسة عمل الطبيب: لا يجوز للصيدلي أن يمارس عمل جراحي وتنظيفه وتطهيره لمريض، لأن شهادة الصيدلي لا تؤهله لممارسة هذا الحق. (23)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن التزامات الصيدلي تتعدى مجرد الالتزام بضمان سلامة الدواء لتشمل الالتزام بالرقابة والمراجعة على الأدوية وفحص الروشته الطبية والتأكد من نوع الدواء وطريقة الاستعمال، قد تكون للأطفال وللكبار وللذكور والإناث أي مراعاة كمية الجرعات، مما ينبغي تحقيق حماية للصحة العامة.

(ج)- مسؤولية الممرضة عند الخطأ في المستشفيات:

ويسأل الطبيب عن خطأ الممرضة إذا طلب من الممرضة أن تناوله نوعًا معينًا من الحقن فقدمت له غيره، ولم تتحقق من أنه المطلوب وحقت به المريض، فإنه يعد مسئولًا غير أن القضاء قد استقر على قبول وجود قدر ضروري من المخاطر مرتبط بطبيعة التدخل الجراحي ذاته. (24)


تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة ضرورة الاهتمام بتوجيه الممرضة لأهمية تهيئة المريض المتضرر بالشكل المطلوب لاستقبال الطبيب، إضافةً إلى ذلك زيادة عدد الدورات التدريبية لكادر الممرضات بهدف تنمية مهاراتهم وقدرتهم لمساعدة الطاقم الطبي في المستشفيات.

خامسا: الأثار والمشكلات الناتجة عن الأخطاء الطبية:

تتفاوت مضاعفات الأخطاء الطبية بين البسيط منها والكبير، فالبسيطة منها قد يتسبب في معاناة المريض، وأما الكبيرة فقد تؤدي بحياة الإنسان أو تتسبب في مضاعفات وعاهات مستديمة. (25)

ومن هنا يمكن عرض أهم الآثار والمشكلات الناتجة عن الأخطاء الطبية فيما يلي:

أثار خاصة بالنسق الفردي للمتضرر: وأبرز هذه الآثار، يمكن توضيحها فيما يلي:
صعوبة متابعة العلاج للمتضرر بسبب التكلفة، مما يؤثر على ميزانية الأسرة نتيجة فقدان العمل.
الشعور بالخوف والنقص، وضعف الثقة في الفريق المعالج مرة أخرى، مما يسبب الانفعال للمريض.
قلة وعي المتضرر من وجود جهات مختصة لتقديم الشكاوى والحصول على حقوقه من أثار الخطأ.
قلق الطبيب أدى إلى صعوبة تقديم الخدمات المناسبة للمتضرر في المستشفى عند وقوع الخطأ.
أثار خاصة بالنسق الأسري المتضرر: وأبرز هذه الآثار، يمكن توضيحها فيما يلي:
انعزال أسرة المتضرر عن الوسط الاجتماعي، وخوف المتضرر من وفاة أحد القائمين على رعايته.
عدم اقتناع أسرة المتضرر بما يقدمه الأطباء المختصون مرة أخرى بسبب ضعف الثقة.
نقص المهارات وانعدام التجارب الشخصية والعائلية، وعدم المعرفة بالجهات المختصة للبت.
جـ- أثار خاصة بالنسق المجتمعي المتضرر:

ترى الباحثة من خلال واقع الاطلاع والقراءات وجمع البيانات والمقابلات من عينة الدراسة أثناء تطبيق استمارة دراسة تقدير الموقف تبين أن الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية على المستوى المجتمعي، يمكن توضيحها في الآتي:

ضعف ثقة المجتمع بالفريق المعالج نتيجة زيادة القضايا والشكاوى ضده، مما يؤدي إلى اضطرار الكثيرين للسفر للخارج لتعديل الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية.
حدوث مشكلات في العلاقات الأسرية ومشكلات العلاقات مع المجتمع المحيط.
ضعف ثقة المجتمع في جهود مكتب الخدمة الاجتماعية بالمستشفيات في حل المشكلات. (26)
تعقيب

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة بضرورة قيام الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات لمراقبة مدى تقبل المتضرر لحدوث الخطأ على اعتبار أنه فرد لا يتجزأ عن الأسرة وأن يبدأ بالتعامل مع النسق الفردي المتضرر وأسرته، بإرشادهم إلى مؤسسات وجمعيات أهلية وحكومية لتحصيل حقوق المتضرر.

سادسًا: الخدمات المقدمة لمواجهة الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية:

يعتبر الاهتمام بضرورة فهم الأوضاع الناتجة عن أثار الأخطاء الطبية وتحديد التوتر الذي يحدث ومحاولة التخفيف من حدة الآثار الناتجة السلبية، وانطلاقًا من ذلك ينتج عنها مساعدتهم على تحقيق التكيف مع هذه الظروف في المجتمع بتحسين الخدمات المقدمة لهم وتلبية كافة الاحتياجات المطلوبة، فيمكن توضيحها فيما يلي:

خدمات اجتماعية:
تعد الأخطاء الطبية، وما ينتج عنها من أثار سلبية تحتاج إلى تقديم الدعم لهم، ولكي تتحقق المساعدة فعلى الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات تقديم الخدمات الاجتماعية، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

إجراء بحث اجتماعي بعمل تقرير خاص للمتضرر وأسرته للتخفيف من حدة المشاعر السلبية.
تنظيم برامج اجتماعية لتوعية الأهل للاهتمام بزيادة المتضرر في المستشفيات.
محاولة البحث عن مكان تسكن فيه الأسرة، وذلك إذا كانت تسكن بمكان بعيد عن المستشفى.
توفير نوع الدم المناسب لكل مريض على اعتبار أنها من المشكلات التي تواجهه. (27)
خدمات اقتصادية:
وتعد الأخطاء الطبية، وما ينتج عنها من أثار سلبية تحتاج إلى تقديم الدعم لهم، ولكي تتحقق المساعدة فعلى الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات تقديم الخدمات الاقتصادية، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

يجب إعادة النظر في المبلغ التعويضي للمتضرر وزيادته، ويكون مفتوح كما تقرره المحكمة.
صرف أجهزة حديثة ومتطورة تتناسب مع سن وطبيعة كل متضرر في المستشفيات.
إلزام الأطباء والمستشفيات بمدى احتياج المتضرر للحصول على تأمين له عن الأخطاء الطبية.
تحويل المتضرر إلى مؤسسات أخرى للحصول على المساعدات.
جـ- خدمات طبية وصحية:

يعتبر تكثيف جهود الأطباء لتحقيق الإصلاح بالمستشفى، وذلك من خلال مشاركة أعضاء الفريق الطبي المعالج، ولكي تتحقق المساعدة للمتضرر فعلى الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات المساهمة بالاشتراك مع الفريق الطبي ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

إجراء الطبيب الفحوصات والمتابعة الدورية لحالة المريض حتى يتم شفاءه بالمستشفى.
الاستعانة بالفريق الطبي من أطباء متخصصين وممرضين مع ملاحظة الصيدلي مدى توافق الوصفة من أدوية متوافقة مع حالة المريض والمساهمة في الإسعافات الأولية.
تقديم الرعاية الصحية المنزلية للمرضى في الحالات التي تستدعى ذلك لتعزيز شعورهم بالأمان.
د- خدمات نفسية:

ينبغي عندما تتجاوز الضغوط مستوياتها ضرورة التخلص من الأعراض السلبية الناتجة عن أثار الخطأ الطبي للمتضرر وأسرهم والمجتمع المحيط سواء كان الشعور بالقلق.. وغيرها، لكي تتحقق عملية المساعدة فيتطلب مساهمة الأخصائي الاجتماعي مع الفريق الطبي في المستشفيات، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

المساهمة في قبول المتضرر للواقع ومعايشته كما هو وتنمية الشعور بالرضا له ولأسرته.
الاستعانة بمتخصصين للتدريب والتثقيف النفسي للمتضرر ولأسرته من خارج المستشفى.
تكوين جماعات علاجية بمشاركة الممرضين بالمستشفى. (28)
هـ- خدمات مهنية:

تستخدم في حالة توفير فرص العمل البديلة بعد المرور بكل المراحل السابقة، ومن ثم يتطلب الاهتمام لدعم تقديم الخدمة للمتضرر، ولكي تتحقق المساعدة فعلى الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات بالمساهمة، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

تقديم المشورة حول المستقبل المهني الذي يتيح للمتضرر الفرصة للنمو المهني، ومن ثم تحقيق الاندماج مع المجتمع، وتزويد المتضرر بالمعلومات والخبرات في حياته المهنية.
تدريب المتضرر بالمنزل لمن يجد صعوبة في الانتقال إلى مركز التدريب المهني حتى يكتسب القدرات التدريبية لتحقيق العمل والإنتاج. (29)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة بضرورة أن يهتم الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات بتقديم الرعاية للمتضرر من الخطأ الطبي وأسرته بتدعيم الثقة والشعور بالاطمئنان، والقدرة على وضع خطة لإتمام شفائه، مما ينعكس على الأسرة وتكيفها والاستعانة بالمتخصصين النفسيين بالمستشفى للمساهمة في تخطيط وتنفيذ برنامج تثقيفي، ولكن قد تواجه جميع أنساق المتضررين العديد من المعوقات التي تحول له الحصول على الخدمات من المستشفيات والإجابة هي محور النقطة التالية:

سابعًا: المعوقات التي تواجه تقديم الخدمات للمتضررين من الأخطاء الطبية:

يواجه المتضررين من الأخطاء الطبية العديد من المعوقات التي تحول دون تقديم الخدمات لهم في المستشفيات، ومن أثار تلك المعوقات صعوبة إثبات وقوع الأخطاء الطبية. كما أن المتضررين لا يحصلون عل أبسط حقوقهم للحصول على احتياجاتهم أو أن بعض المعوقات تحول دون استفادة المتضرر من المستشفيات لضعف إمكانياتها وقدرات مواردها البشرية، وقد ترجع إلى معوقات خاصة بالنسق الفردي للمتضرر والنسق الأسري والنسق المجتمعي، ويمكن عرض أهم المعوقات، فيما يلي:

معوقات خاصة بالنسق الفردي المتضرر:
فقدان المتضرر لأحد أعضائه، مما ينتج عنه إصابته بمشاعر النقص.
إصابة المتضرر بانفعال زائد عند التعامل مع الآخرين ورفضه استكمال العلاج.
إصابة المتضرر ببعض المخاوف المرضية مما ينتج عنها فقدان الثقة في الفريق الطبي.
حدوث عاهة مستديمة وفقدانه العمل الوظيفي، مما يؤدي إلى رفض تعديل الخطأ الطبي بسبب التكلفة.
دخول المتضرر نتيجة الخطأ في غيبوبة وقد تؤدي إلى تدهور الحالة إلى الوفاة
معوقات خاصة بالنسق الأسري المتضرر:
زيادة العبء المادي على أسرة المتضرر لمساعدة المتضرر للتخلص من أثار الخطأ الطبي.
انعزال أسرة المتضرر عن الأقارب في المناسبات الاجتماعية المختلفة لسوء ظروفهم.
نقص الرعاية الوالدية لباقي أفراد الأسرة بسبب ظروف المتضرر ومحاولة الاستعانة بأحد أفراد العائلة لمساعدة أسرة المتضرر، مما يساعد على استقرار الحياة الأسرية.
ضعف اقتناع الأسرة بالخدمات الطبية المقدمة من الفريق الطبي للمتضرر.
تعرض الأسرة لضغوط نفسية مما يؤثر على ضياع وقتًا طويلًا على الأسرة لمحاولة تعديل ما ترتب على الخطأ الطبي.
جـ- معوقات خاصة بالنسق المجتمعي المتضرر:

ضعف ثقة العديد من أفراد المجتمع ضد الفريق الطبي المعالج نتيجة كثرة القضايا والشكاوى المقدمة وضعف اللياقة الطبية.
نقص الإمكانيات البشرية للمتخصصين من الأطباء والصيادلة والممرضين في المستشفيات بما يقابله من عدد العملاء المصابين.
تعقد وضعف ثقة أفراد المجتمع في إجراءات الجهاز الإداري بالمستشفى والروتين المعقد وصولًا إلى الحكم في قضايا الأخطاء الطبية.
ضعف ثقة المجتمع في جهود مهنة الخدمة الاجتماعية الطبية في التعامل مع المشكلات الناتجة عن أثار الخطأ الطبي.
اضطرار الكثيرين للسفر إلى الخارج بسبب عدم وجود أدوات وأجهزة متطورة لممارسة العمل الطبي. (30)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن تعدد المعوقات التي تواجه تقديم الخدمات للمتضررين من الأخطاء الطبية منها ما يرجع للنسق الفردي للمتضرر ذاته بحدوث عاهة مستديمة وفقدانه العمل الوظيفي، ومن ثم يؤدي إلى رفض تعديل الخطأ الطبي بسبب ضعف ثقة أفراد المجتمع في الجهاز الإداري بالمستشفى أو غير ذلك، ولعل هذه المعوقات تمثل بالفعل عوائق ينتج عنها معوقات أخرى على المستوى الأسري وعلى المستوى المجتمعي، ومن واقع ملاحظة الباحثة إلا أنها قد تمثل حجة ربما للسفر للخارج لجودة الخدمات بالخارج، ولمواجهة هذه المعوقات هناك العديد من المقترحات للتخفيف من حدتها والإجابة هي محور النقطة التالية.


ثامنًا: المقترحات التي يمكن من خلالها مواجهة المعوقات التي تواجه تقديم الخدمات للمتضررين من الأخطاء الطبية:

في ضوء ما تقدم يمكن الانطلاق لوضع مقترحات للتغلب على المعوقات التي تقف أمام تقديم الخدمات للمتضررين، ومن هنا ينبغي التأكيد على دعم دور الجهاز الإداري والمعالج بالمستشفيات لتحقيق الخدمات المختلفة وتحسين أدائها؛ ويتحقق ذلك من خلال نظرة تكاملية تشمل كافة جهود ومستويات الرعاية المجتمعية، لتقديم ودعم المساعدات للمتضررين من الأخطاء الطبية، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

مقترحات خاصة بالنسق الفردي للمتضرر:
مساعدة المتضرر من الخطأ الطبي بأهمية البدء في العلاج وله الحق في تقديم الخدمات.
مساعدة المتضرر على تقبل واقع حالته المرضية واستثمار قدراته في حل مشكلاته بنفسه.
تخفيف حدة التوتر والقلق لدى المتضرر بعد الإصابة بالعجز ومساعدته على الموافقة على استكمال العلاج.
تشجيع الدعم النفسي للمتضرر لمواجهة الشعور بالنقص والقيام بأدواره داخل أسرته. (31)
مقترحات خاصة بالنسق الأسري المتضرر:
محاولة إقناع الأسرة بالخدمات الطبية المقدمة من الفريق الطبي لمعالجة حالات الأخطاء الطبية.
مساعدة الأسرة لفهم الخطأ الطبي وتوضيح أساليب التعامل الصحيحة للأسرة مع الفرد المتضرر.
توفير التقارير الاجتماعية والصحية والاقتصادية لمساعدة أسرة المتضرر لتوفير العلاج المناسب.
مساعدة الأسرة على التوجيه بدور الهيئة التأديبية الابتدائية للأطباء لاتخاذ الإجراءات لمرتكب الأخطاء الطبية.
توضيح دور الشئون القانونية بالمستشفى لمساعدة أسرة المتضرر للحصول على الحقوق.
مساعدة الأسرة على تبادل الخبرات مع غيرها من الأسر لتحقيق الاستفادة المتبادلة وتشجيع الدعم النفسي للأسرة لمساعدتها على مواجهة الضغوط التي تواجهها. (32)
جـ- مقترحات خاصة بالنسق المجتمعي:

يعتبر الرجوع إلى الوجه الاجتماعي للطب من شأنه للأطباء علاقات متنوعة مع المجتمع ومحيطه، مما يتعين على الأطباء البحث عن الوسائل الملائمة لحماية وتوفير الموارد الصحية بهدف تحقيق الصحة العامة لمصلحة المتضرر من أثار الأخطاء الطبية، وعلاوة على ذلك يمكن تحديد مقترحات خاصة بالنسق المجتمعي، فيما يلي:

التوعية بالتعاون وتحسين علاقة الأطباء مع الفريق الطبي لتقدير الكرامة الإنسانية للمتضرر.
توعية المسؤولين من الأطباء المهنيين بمراعاة المعايير والقيم الأخلاقية الطبية عن تصرفات خطيرة أو منافية للأخلاقيات المهنية.
التركيز على عمل البحوث الاجتماعية لتوعية المجتمع بالخدمات المتاحة للمتضررين.
تنظيم ندوات وعقد الاجتماعات الدورية لمواجهة المشكلات الناتجة عن الأخطاء الطبية وتوجيههم إلى الجمعيات الأهلية لمساعدة المتضرر في شغل أوقاته بالبرامج المفيدة.
اهتمام الفريق الطبي في جهاز المستشفيات بعد التشهير بأسرار مرضاهم ولحمايتهم وتوعية المجتمع بالإجراءات المتبعة عند وقوع الأخطاء الطبية.
الاهتمام بزيادة ثقة أفراد المجتمع بالإمكانيات الطبية البشرية العاملة في المجال الطبي مع تقديم مساعدات مالية لمساعدة المتضررين من الأخطاء الطبية.
دعوة المسؤولين إلى سن تشريعات جديدة تضمن حصول المتضررين من الأخطاء الطبية على حقوقهم المختلفة.
الدعوة لإنشاء مراكز متخصصة للتعامل المهني مع المشكلات الناتجة عن أثار الأخطاء الطبية. (33)
تعقيب:

من واقع الطرح السابق ترى الباحثة أن المقترحات المقدمة بهدف مراعاة وتدعيم تقديم الخدمات للمتضررين من أثار الأخطاء الطبية، يضاف إلى ذلك مساعدتهم على إعادة جدولة حياتهم، وفي إطار ما عرض يتطلب الاهتمام بإنشاء هيئة محايدة لمتابعة ومراقبة الجودة الصحية، ويجب أن تديرها كوادر ذات مؤهلات عالية تجمع بين العلوم الطبية والعلوم القانونية والعلوم الاجتماعية لتأمين خدمات بيئية آمنة لوضع الإجراءات الصحية التي تضمن استمرار المحافظة على سلامة المتضرر من الخدمات الصحية والحصول على الحقوق اللازمة.

خاتمة
من واقع الفصل السابق تبين أن الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية قلة خبرة الفريق الطبي وتواضع أجهزة التشخيص وطرق العلاج وعدم الالتزام بالسياسات والإجراءات والتي تعد السب الرئيسي للأخطاء الطبية، وما ينتج عنها من أنواع وأضرار الأخطاء الطبية التي تواجه المتضررين، ومن ثم ظهور العديد من المعوقات منها خاصة بالنسق الفردي والنسق الأسري والنسق المجتمعي؛ ولذا تعددت المقترحات التي من خلالها يمكن مواجهة المعوقات السابقة، ومن هنا يتطلب الوعي المجتمعي بحقوق المتضرر من فرض عقوبات رادعة وصارمة على مرتكبي الأخطاء الطبية وهو ما سوف يتم توضيحه في الفصل القادم.

ولعل الفصل السابق يطرح عدة تساؤلات وهي:

ما هي مسئوليات الفريق الطبي عن الأخطاء الطبية في المستشفيات؟
ما هي الآثار والمشكلات الناتجة عن الأخطاء الطبية في المستشفيات؟
ما هي الخدمات المقدمة لمواجهة الآثار الناتجة عن الأخطاء الطبية؟
ما هي المعوقات التي تواجه تقديم الخدمات للمتضررين من الأخطاء الطبية؟
ما هي المقترحات التي يمكن من خلالها مواجهة المعوقات التي تواجه تقديم الخدمات للمتضررين من الأخطاء الطبية؟
ما تود الباحثة أن تؤكد عليه أن عناصر الفصل وحدة واحدة وأن فصلها لغرض الشرح والتوضيح فقط؟


قا ئمة المراجع
الشريف الطباخ: جرائم الخطأ الطبي والتعويض عنها، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2009.
منير البعلبكي: موسوعة الموارد، بيروت، دار العلم للملايين، 2007.
Paul A. Kurzman: professional liability and malpractice, in Encyclopedia of Social Work (Washington: N. A. S. W) press, 19th Edition. Vol. 1995.
Robert I Barker: the social work dictionary, 2nd edition Washington (NASW, press, 1991.
منصور عمر المعايطة: المسؤولية والجنائية في الأخطاء الطبية، الرياض، مركز الدراسات والبحوث، مكتبة الملك فهد الوطنية، 2004.
منير رياض حنا: النظرية العامة للمسئولية الطبية في التشريعات المدنية ودعوى التعويض الناشئة عنها. الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2011.
فيصل عبد اللطيف الناصر: الخطأ الطبي منظور تاريخي، جامعة الخليج العربي، الأمين العام بالجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي، بدون سنة.
محمد حسن قاسم: إثبات الخطأ في المجال الطبي، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، 2006.
محمد حسين منصور: المسؤولية الطبية والمسؤولية المدنية لكل من الأطباء الجراحين وأطباء الأسنان والصيادلة، المستشفيات العامة والخاصة الممرضين، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006.




-
ملف التعليمات
- كيف تفتح موقع
متطور  خاص للكتاب
والكاتبات أوالمؤسسات
والاحزاب في الفيسبوك

 مدموج
بموقعكم الفرعي
في الحوار المتمدن
في دقائق معدودة
ومضاعفة عدد زوارك
بشكل قياسي  -
نرجو
الاطلاع على الفلم
التوضيحي






-->








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع