الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة 19

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2020 / 7 / 2
الطب , والعلوم


The vast universe and narrow minds 19

مازال الكثير منّا يعاني من أهل الإدّعاء الدينيّ أكثر مما يعاني من غيرهم حيث يتطرّقون الى مقالات لا علاقة لها بالتديّن الحقّ، وبالتالي أوجدوا لنا مشاكل عديدة حينما زجّوا بكلّ ماهو علميّ في إطار دينيّ ضيّق وضيّقوا فكر الدين وهدفه! فمنهم من كان ينادي ومازال، بأنّ كلّ مايجري في الكون هو ممّن أراده المولى ضمن قانون يحدّده صاحبنا لا المولى نفسه عزّ إسمه. فالجاذبيّة والنسبيّة والمطلقيّة وقوانين وظواهر عديدة قد جيّروها لصالح ما يفكرون به وبإسلوب أقلّ ما يقال عنه ساذج الى درجة الإشمئزاز!
أيّها الناس كلّ شيء في هذا الوجود منظّم، ولكنّه ليس بالضرورة يخضع لما تريد أنتَ (أو أنتِ) من قوانين محدودة التطبيق ضمن فترة ومكان معيّنين، وكثير من ذلك كثير.
في الحلقة 18 تطرّقت إلى القانون الثاني للديناميكا الحراريّة بشيء من التصوّر،والدور المهمّ لنظريّة الموت الحراريّ للكون. والتّوازن الحراريّ في الكون وقلنا أنّه يحدث وفق التصوّرات والفرضيّات بل وبعض النظريّات، وكذلك الزّمن النفسيّ! وقد ذكرت عن الزّمن في الحدود الضيّقة!ووضع الثقب الأسود في بعض خواصّه. وقد أثرت بعض الأسئلة فيما يتعلّق بالزّمن:هل يتأثر بمتغيّرات أخرى؟ إذا تأثّر، كيف سيكون هذا التّأثير؟ هل له تأثير، ذاتيّاً، بالمحيط ومتعلّقاته ممّا يؤثّر عليه من شكل، ولون، وإحساس؟ وهكذا أثرت العديد من المواضيع الفرعيّة المتعلّقة بالموضوع الأساس. والآن الى الحلقة 19 على بركة الله تعالى.
سؤال ربّما يطرح من قبل ذوي العقول هو: بينما أثرنا موضوع توسّع الكون وإستمراريّته من خلال نظريّة مهمّة هي تلك النظريّة التي ذكرناها في عدد من الحلقات. السؤال الآن هل بالإمكان فرض جديد يقول بتوقّف توسّعه؟! وأقصد بذلك السلوك المذكور متضمّنا كلّ ما يترتب عليه من تفاعلات أو غير ذلك. من ذلك أنّه لا يمكن أن يحصل التوقّف إلّا من خلال تباطؤ وتغيّر في التوزيع الحراريّ وغير ذلك والتغيّرات التي تحصل في الإنتروبيّ وما الى ذلك من تغييرات أخرى. وهنا تلعب الجاذبيّة الذاتيّة (أقصد بها جاذبيّة الجسم نفسه والموجودة كميزة من مميّزات التّركيب لذلك الجسم!) لكلّ منظومة دوراً مهمّا بالإضافة الى المنظومة الكليّة للكون ولأيّ سبب من الأسباب، وهنا تضعف الجاذبيّة إفتراضاً (والجاذبيّة ليس المقصود بها ذلك القانون المدروس والمعروف لنيوتن، إنّما المقصود به مسمّى الجاذبيّة عموما بين أيّ جسمين وليس فقط بين جسم ما والأرض كجسم كبير على أنّها الجاذبيّة التي يطلق عليها خطأ بالأرضيّة! لانّ المنظومة تتعرّض لجاذبيّتين من جسمين وليس الأرض لوحدها وإنْ أهملنا جاذبيّة الجسم الصغير فلا ينبغي أن يطلق عليها بالجاذبيّة الأرضيّة التي توحي الى القارئ على أنّ المنظومة تخضع لجاذبيّة أحدهما!وهي الأرض) والثاني هل لهذا الكون من فرض في إنتهاء توسّعه لأيّ سبب من الأسباب؟ وهنا ينبغي القول بالفرض الأوّل الذي يمكن لي أن أفرضه وأقيس على غراره كي أتحدّث عن الزّمن الذي يمتلك الخواصّ التي وضعنا جزءاً منها وفق فرض إستقلاليّته. حيث أنّ الجاذبيّة تلعب الدور الكبير بل الأكبر في توسّع وتقلّص الكون، وبإعتبار أنّ الجاذبيّة لا يعرف لها تعريف واضح،فسيتمّ الحديث عن خاصيّة مفترَضة التفسير.
تلعب الجاذبيّة دوراً كبيراً بل يكاد يكون الدور الأكبر في وضع النجوم حين نشوئها وحين خفوتها وتلاشيها. فالتوجّه الى مركز جاذبيّة النّجم دليل على قوّة هذا الفعل الذي يؤدّي الى إختصار الكثير من المميّزات حينما يبدأ بالتأثير. وفي النتيجة ينشأ الثقب الأسود بالمميّزات الغريبة الى حدّ كبير (أريد أن أشير للتّشويق لا أكثر، أنّ ما يحدث في النجوم شبيه لما يحدث لقطرة ماء بلا جاذبيّة أو بجاذبيّة ضعيفة حينما ندرس وضع الماء تحت تأثير ما نطلق عليه بالجاذبيّة الدقيقة
microgravity
حيث تكون القوّة المؤثرة هنا هي قوّة التوتّر السّطحيّ.
surface tension
فلو قمنا بدراسة سلوك قطرة من الماء لغرض توضيح مثال النّجم على وجه التّشابه ما بينه وبين قطرة الماء، نلاحظ الكثير الذي لا يمكنني أن أثيره هنا بشكل كامل! ولكن أقول:سيكون لدينا في قطرات الماء، جزيئات ماء تسحب بشكل متساو في جميع الإتّجاهات من الجزيئات المحيطة بقطرة الماء. إلّا أنّ جزيئات السّطح ليس لها جزيئات ساحبة في كلّ الإتّجاهات بل في إتّجاه الى داخل القطرة فقط، وبالفعل ستسحب تلك الجزيئات الى الدّاخل بإتّجاه مركز القطرة. فيخلق هذا اللاتوازن في القوى ضغطًا داخليّاً يدفع الجزيئات إلى شكل يحتوي على الحدّ الأدنى من مساحة سطحيّة مع الحفاظ على سطح متماسك. وهذا الوضع هو الذي يجعل القطرات مستديرة، ولا يخفى أنّ الشكل الكرويّ يقلّل من التوتّر السّطحيّ المطلوب، كما هو موضّح في قانون لابلاس. إنّ تأثيرات هذه القوّة على الأرض ضعيفة نسبيًا لأنّ الجاذبيّة تتعارض معها بقوّة. بينما في الفضاء يمكن أن يكون الأمر مختلفاً. حيث يكون للتوتّر السّطحيّ تأثير بحدّ ذاته. وفي مثال النّجم يكون هناك الشدّ بتأثير جاذبيّ من نوع آخر كما هو واضح!). أعود الى حديثي حول النّجم وأقول: أنّ (الانهيار الذي يحدث للنجم الضخم في نهاية وجوده يضغط بشدة على النّجم ويدمّر مادته تماما. ونتيجة لذلك يظهر مكان النّجم حقل جاذبيّة مغلق بحجم صغير لا متناهٍ. ويميل انحناء الزمكان بالقرب من مثل هذا الحقل الى ما لا نهاية أيضا وفي أواخر عام 1967 كان العالم الفيزيائيّ الأمريكي جون آرتنشبالد أوّل من وصف مثل هذه النهاية لمثل هذا الإنهيار النّجمي بالثقب الأسود)
هل تعلم أنّ الجاذبيّة صاحبة الدور الكبير في التغييرات والتعامل مع الزّمن واللازمن لا يقلّلها وجود عامل آخر هو الحرارة والتي تتضامن مع زميلتها الجاذبيّة وتلعب بنا كلعب السيرك! حيث بالإختلاف ما بين الشمس أو النجوم الأخرى ومابين بقيّة الكون يكون دافعاً مهمّا للسعي وراء ظاهرة الموت الحراريّ للكون؟ لكن هل فكّرنا بما سيحدث للجاذبيّة حين وصول الكون الى تلك الظاهرة؟ الجواب لن يكون أيّ شيء مثيراً لإهتمامنا حين بلوغ الكون موته الحراريّ. وإن كان الأمر هكذا فلِمَ نركّز على الجاذبيّة كعامل مهمّ ولا نعطي للإختلاف الحراريّ حقّه علينا؟!
يجب أن لا نغفل شيئا آخر هو: هل الموت الحراريّ هو الطريق الوحيد لإنهاء الكون بعد تقلّصه أو إنكماشه؟ الجواب لا بالطبع. لكنّ المهمّ لدينا هو معرفتنا بما سيحدث حينما نصل الى موضوع الموت الحراريّ للكون من خلال ما متوفّر لدينا من قوانين تتطرق الى ماهيّة هذا الموت أو بمعنى آخر التعادل الحراريّ لكلّ أجزاء الكون حيث تموت النجوم حينما تنتهي عملية الإندماج النوويّ الحراريّ والتي تتحفّز بالطاقة الحراريّة أو الحركيّة الحراريّة التي تؤدّي الى تقارب النويّات الخفيفة وإندماجها ونهاية الأمر هكذا. وحين موت النجوم تتحلّل كلّ المواد تقريبا إلّا من جسيمات متناثرة وإشعاعات مختلفة والتي ستنتهي بعد ذلك الى حالة جديدة يكون فيها الوجود الكونيّ عبارة عن أجزاء بحرارة ضئيلة فوق درجة الصّفر المطلق. أي يكون الكون قد دخل في مرحلة الإنجماد الأعظم وما يترتب عنه من موت كامل لحياة المجرّات والمكوّنات (تتحرّك هذه فعلياًّ بالطاقة التي تتولّد كلّها من هذا الإختلاف في درجات الحرارة الذي يكون معينا لما يحصل في الكون.
لا أستطيع الإقتناع بقول أنّ الموت الحراريّ للكون هو الطريقة الوحيدة لنهاية الكون. حيث ومن خلال النظريّة النسبيّة العامّة نفسها نستطيع وضع برنامج مهمّ للفهم بعيدا قليلا عن الموت الحراريّ. فلو تتبعنا قولاً مهمّا يقول أنّ الجاذبيّة ميزة أساسيّة من مميّزات تركيب المادّة ولا يمكن القول بوجود مادّة بدونها! حينها ندرك أن الجاذبيّة متلازمة مع المادّة رغم سرّها في المفهوم والتفسير!لا تستغرب فأنا لا اتكلم الان عن فلسفة وانما عن علم مهمّ يتعلق بوجود المادّة علميّا حيث تكون الجاذبيّة من مميّزاتها التي لا تنفصم عنها.

الجاذبيّة ونهاية الكون

لقد عرفنا أنّ الكون في توسّعه يؤدّي بالمجرّات الى أن تبتعد عنّا وقد لوحظ أنّ المجرّات الأبعد تتحرّك بسرع أكبر من تلك الأقرب إلينا! وإذا كان الأمر كذلك لمَ لا تقوم الجاذبيّة بإبطاء سرعة المجرّات بتأثيراتها الملازمة للمادّة؟! وهناك تساؤل مهمّ للغاية لماذا هذا التسارع رغم وجود الجاذبيّة في المواد المتسارعة والمتمدّدة بعيدا عنّا؟! بعض الإجابات مقنعة وبعضها لا! فالباحثون أطلقوا على الطاقة التي تلعب الدور الكبير في التمدّد برغم تأثير الجاذبيّة بالطاقة المظلمة والغامضة! والتي باتت شغلا شاغلا للعلماء في هذا المجال بل حتى في مجال الدراسات للجسيمات عالية الطاقة والتي تلعب دورها في الكشف عن الكثير من مكنونات الكون وتوسّعه وتمدّده أو في حالة إنكماشه، كلّ هذا يحتّم الولوج الى عالم هذه الجّسيمات. المهمّ نقول أنّ الطاقة المظلمة تشكّل النسبة الأكبر من المحتوى الكونيّ. والسّؤال الآن بدل أن نحلّ التساؤلات ونجيب عليها أدخلنا القدر في دهاليز مظلمة لا نرى فيها شيئا ظاهراً!
إذن أين الجاذبيّة وأين نهاية الكون بها؟
تمهّل قليلا! لو كانت هناك طاقة مظلمة بهذا الوضع اللغز (وهي كذلك!) إذن بلا شكّ سيكون فيها ومعها ما تحتويه هذه المادّة التي لها هذه الطاقة المظلمة! وبما أن الجاذبيّة متلازمة للمادّة فستكون لهذه المادّة التي تنبثق عنها الطاقة المظلمة ميزة مهمّة وهي التأثير المباشر على توسّع أو إنكماش الكون (هذا إذا إعتمدنا على تصوّراتنا الموجودة والتي نستخدمها في أبحاثنا! أمّا إذا كانت التصوّرات بعيدة وإفتراضيّة فسيكون بالتأكيد مؤشّرات أخرى وتفسيرات بعد الإفتراضات الجديدة بشكل آخر!).
هل التمدّد الحاصل للكون ينتهي بالضّرورة الى التباطؤ والموت الحراريّ أو التجمّد دون تأثير آخر؟ أقول كما ذكرت آنفا أنّ التصوّرات لدينا تقتضي أن نقول ذلك! لكنّني مازلت أقول أنّ هناك ألغازاً مثيرة حول الطاقة المظلمة لا علاقة لها بالموت الحراريّ للكون أي أنّ الجاذبيّة التي تتوفّر في الطاقة المظلمة والتي توسّع الكون الى ما لانعرف! ربّما تؤدي الى اللاموت حراريّ للكون وإنّما الى حالة جديدة من المواصفات التي تنشأ بتأثير إرتفاع حراريّ لا موت حراريّ بل تحوّل حراريّ كبير سيكشف عنه حين الكشف عن مكنون المادّة المظلمة التي لم تحدّد معالمها إلّا من خلال بعض الإشعاعات الصّادرة عنها!
كيف يكون التمدّد للكون ولا ينتهي بالضّرورة الى موت حراريّ؟! وسؤال آخر:هل سيتوقف الكون في النهاية عن التوسّع؟
خذ نفساً عميقاً وتعال معي مع فنجان قهوة عربيّة مرّة بلا أخبار عن كورونا ومآسيها!ولا عن أخبار القضاء العربيّ الذي يلعب بالشعوب حسب مزاج السّاسة!
إذا سرحنا قليلا وفكّرنا فيما نفكّر فيه للوصول الى نتائج تخدمنا في أسئلتنا حول توقّف الكون عن التوسّع أو نهاية الكون من خلال عملية إنكماش، تحصل بعد التوقّف عن التوسّع. ونطرح سؤالا وارداً في ذهن الكثير من المتدبّرين في هذا الأمر: هل سيصل الكون الى نهاية ثابتة أو نهاية بوضع محدّد؟ هل سينقلب التوسّع الى صورة جديدة من صور التغيّر كأن يكون التوسّع بإحداثيّات غير تلك المعروفة وبالتالي تتغيّر مفاهيم التوسّع أو مفهوم التوسّع (وهو بالإحداثيّات الثلاثة) أم أنّ التوسّع في مفهوم عام بإحداثيّات إفتراضيّة يتوسّع كلّما إكتشفنا شيئا جديداً في هذا الإطار؟ وأريد أن أقول أنّ التعدديّة في الخيارات واردة أيضاً! أي في مفاهيمنا التي نعرف، ندرك ما المقصود أمّا فيمن أو فيما موجود في عوالم أخرى ربّما يكون التوسّع شيئا غريباً في المفهوم أو في التصوّر. أي حينما نتحدّث عن نهاية للكون بأي طريقة من الطرق يجب أن ندرك العديد من الإحتمالات أو الخيارات لنهايته أو لطرق نهايته.
لقد أثرت العديد من التساؤلات كغيري من الباحثين في شأن الكون أو ما يتعلّق به من زمن (أو لا زمن كما أتصوّره!). وقد أثرت بعض التأثيرات على شأن الكون من مدلولات فيزيائيّة معروفة ومنها غير معروف إلّا إفتراضاً! فنظرة بسيطة على الحرارة وتأثيراتها تلاحظ تصوّراً كيف يمكن لهذا الكون أن يتصرّف (أو يُتصرّف به) حينما ينتهي مارّاً بالإنكماش! أو بغيره من السلوكيّات الأخرى خارج إفتراضات معروفة في الفيزياء! (لا تتصوّرني أداعب الكلمات بسهولة! أقول لو إستطعنا أن نصل الى مفهوم واضح للزمن ولذلك اللازمن حينها نستطيع ان نضع مفهوما للكثير من المسمّيات).

لقد أثار فريدمان سؤالا مهمّا وهو هل سيتوقف الكون في النهاية عن التوسّع والبدء في التعقّد أم أنّه سيتوسّع الى الأبد. وهنا سنحتاج الى أن نعرف معدّل التوسّع في الكون (وهنا يتمّ الحديث عن الوضع الحجميّ خلال زمن محدّد، والحديث عن الزّمن هذا لا علاقة له بالزّمن المستقل!)، ويحتاج الى متوسّط الكثافة وعلاقتها بقيمة الكثافة الحرجة. نذكر جواباً مقتضباً حول الموضوع من وجهة نظر قانون أو مبدأ السببيّة على ما يذكره الأستاذ يحيى محمد:
يفترض قانون السببيّة الذي ذكرناه سابقاً، أنّ السببيّة لا يحقّ لها أن تتواجد في كلّ زمن ولا في كلّ مكان عموماً. إذا قلنا بالإتّجاه العقليّ كما يذكره الأستاذ يحيى محمد# عن منطق أرسطو. فهناك الإتّجاه الحسيّ التجريبيّ عند جون لوك وديفيد هيوم ## في الإتّجاه الأوّل ينبغي لي أن أفهم ما الغاية أو ما الضّرورة لوجود مثل هذا الحدث في هذا الزّمن أو في غيره من الأزمان. وإن كان من الضّروريّ وجوده هل بالإمكان إستمراريّته على نفس النمط أم بنمط آخر! ولا أريد أن أسترسل مع الأستاذ يحيى في مقالته حول الإتّجاهين فسأتحوّل الى موضوع يتعلّق بهذا، ومن يريد أن يراجع المقال للأستاذ الكريم فله ذلك كي يتوسّع في فهمه لما أقول.
ككلّ الأجسام والأشياء التي تحتويها الطبيعة هناك فوتونات الضّوء التي تلعب الدور الكبير في تمييز الكثير من السلوكيّات الفيزيائيّة بالمقارنة معها. هل هذه الأجسام تخضع لقوانين الجاذبيّة أم لا؟ هل هذه الجسيمات أو الأشياء تخضع لمتغيّرات المحيط الذي يحيط بها أم لا؟ ثم تأتي المقارنة مع الضّوء وخواصّه من سرعة وسلوك في التركيب الدّقيق وغير ذلك. ومن الضّوء تتشكّل الكثير من الأجسام الجرميّة من النّجوم والمجرّات وغير ذلك، إمّا تركيباً أو ناتجاً يكون الضّوء فيها والأصحّ ذلك الشّعاع الذي يثير شجون العلماء ومازال. لكن يبقى السؤال المعتاد الذي نضايق به الباحثين! ما تركيب هذا الشّعاع في أجرام أخرى وهل تركيب هذا الشّعاع في أجوائنا كما هو في الأجواء الأخرى؟ أي هل أنّ هذا التركيب الذي نتحدّث عنه هو نفس التّركيب عند الشّعاع في المكان الآخر؟ هنا فوتونات معروفة المنشأ وما تتفاعل معه أو يتفاعل معها, فهل ما يتفاعل مع ذلك هو نفس الذي يتفاعل مع هذا؟ وهكذا من الأسئلة المتعدّدة التي تضايق الباحث العلميّ حين ورودها على عواهنها بلا تفكير أو بنقل، بتفكير بسيط لا يكون له معنى أحياناً!
عودة الى أولغا كليشينكا
لقد أثارت أولغا كليشينكا الموضوع بصور متعدّدة وبأساليب متعدّدة، منها:
(أنّ بعض الأجرام النّجميّة من الممكن أن تتحوّل الى مصائد للضّوء بسبب حقل الجاذبيّة القويّ وسبقت هذه النظريّة الزّمن كثيراً لأنّ الفيزيائيين كانوا الى حدّ القرن العشرين يعتبرون الضّوء ذبذبات للأثير وموجات، وبالتالي فإنّ وجود النجوم غير المرئيّة كان يتعارض ونظريّة الضّوء المتعارف عليها). وتقول فيما يخصّ تشكّل الثقوب السود الضّخمة (أنّ هذه المسألة لا تزال طيّ المجهول)! ويلعب حجم الثقب الأسود دوراً مهمّا في زيادة أو نقصان الجاذبيّة المصاحبة لمميّزات هذا الثقب. حيث إكتشفت ثقوب سود ضخمة في مركز المجرّات، وبدأت تخمينات العلماء في وضع تفسير مناسب لهذا الوجود وبهذه الصّورة، حيث (إفترضوا مثلا أنّ في مركز مجرّة ما توجد نجمة ضخمة جدّاً، كتلتها أكبر من كتلة الشّمس بمئة مرّة أمّا مركز المجرّة فهو مركز الجاذبيّة مكان متميّز يجذب كثيراً من أجرام المجرّات، وعلى سبيل المثال قد تسقط نجمة في مركز المجرّة والى هذا المركز يتدفّق غاز داخليّ أي من داخل المجرّة وبذلك صارت النّجمة الموجودة في هذا المركز تكتسب كتلة متزايدة من الحجم تدريجيّا وما كاد العلماء يكتشفون الثقوب السّود هائلة الحجم هذه حتى ظنّوا أنّهم قادرون بالإستناد الى الإفتراض السّابق على تفسير تشكّل الثقوب السّود الكبيرة في مراكز المجرّات التي تشكّلت على مدى عمر الكون أي خلال أربعة عشر مليار من السنين تقريبا ولكن وجهة النظر هذه لم تصمد طويلاً). كما تقول الأستاذة أولغا###
ثم تتطرّق الى حجم أحد الثقوب السّود بالقول (هناك ثقب أسود بالقرب من المجرة 87 وزن هذا الثقب يعادل ستة مليارات كتلة شمسيّة وأنّ هذا الثقب لم يستغرق زمنا طويلاً من عمليّة التطوّر ليغدو عملاقا بهذه الضخامة الهائلة). وربما يخطر في ذهنك أيها العزيز:وماذا يعني هذا الحديث عن حجم الثقب الأسود وعن موضوعنا عن الزّمن واللازمن؟ الى أين وصلنا؟! أقول:لقد أثار هوكينغ موضوعا مهمّا وهو أنّ الحرارة الهائلة بفعل الإنفجار الكبير الذي على أثره بدأ الكون بالنشوء، تؤدي الى حالة من الحالات التي تكون ميزة مهمّة للزمكان وهي أنّ هذه الحرارة تعدم الإختلاف ما بين الزمان والمكان حيث يصبح الزمان بعداً مكانياُ. حينها (يفقد الزّمن الصفة الأساسيّة للحركة بإتجاه المستقبل)! وقد أشرت الى شيء من هذا في إحدى الحلقات من هذا الموضوع لكنّ الجديد هنا هو:(أنّ الزّمن يرتدّ إلى الوراء في ظروف خاصّة: يحدث هذاعندما يكفّ الكون المتحدّد حاليًا عن النّمو ويبدأ بالتقلّص) إنتبه الى هذا! يعني أن الزّمن في إتّجاهه الى الأمام بإستمراريذة الحدث (رغم أنّ الأمام لا معنى له في حالة التعامل مع الوضع الجديد مكانياً!). ولا أخفي سرّاً إذا قلت أنّ الفصل ما بين الزّمان والمكان أمراً حيّاً في المجال الذهنيّ الذي تعوّد على وضع النظريتين المعروفتين النظريّة النسبيّة العامّة ونظريّة الكم والتي تتعلّق بالعالم الدقيق عالم الذرّة بالأبعاد الصغيرة والدقيقة.
حينما تتعامل مع الزّمن وتأثير الجاذبيّة عليه (تخميناً ولكنّ التأثير في الزمكان واضحا ومعروفاً كما لاحظنا في خواصّ الثقب الأسود وعالمه الغريب علينا في العديد من الدّراسات النظريّة والرياضيّة). حيث يكون الزّمن ببعض الصفات المفترضة والمقبولة غريبا على من لا يتصوّر جوهر الزّمن كبقية المسميات غير المعروفة للكثير من الناس. ولا ننسى أن ننتبه الى ما تقول النسبيّة العامّة الى أنّ المادّة والطاقة تشوّهان الزمكان (وقد أشرت الى ذلك في إحدى الحلقات حيث قلنا في نسبيّة أنشتاين إمكانيّة طيّ وإعوجاج وتشوّه الزّمن بالمادّة والطاقة التي في الكون وبالتالي يكون الزّمن متشكّلا بالكون. أي التشوّه الواقع على الزّمن هو بالضرورة تشوّه في الزمكان بلا شكّ!)
جاذبيّة الثقب الأسود والزّمن
حينما تطرّقنا الى النظريّة الوتريّة أو نظريّة الأوتار في الحلقة 12 من هذا البحث. قلنا أنّ الجاذبيّة الكميّة لا وجود نظريّاً لها بشكل مقبول (ولم يؤكّد أيّ شخص من خلال التجربة وجود مثل هذه النظريّة، إلاّ أنّ المعروف أنّ هناك نظريّة الأوتار التي تلعب دورا مهمّا في هذا المجال، هكذا!). والآن أتطرّق الى إتّجاه آخر من هذا الموضوع. تلعب الجاذبيّة دورا مهمّا وكبيرا داخل الثقب الأسود، حيث ليس هناك ما يمكن أن ينفذ من هذا التأثير حين الوصول الى مجال الجذب المؤثّر. حينها تقوم الجاذبيّة بدورها على الزّمن حيث يتمدّد الزّمن تحت تأثير الجاذبيّة فيما يعرف ب
تمدّد زمن الجاذبيّة أو
Gravitational Time Dilation
ووفق نظريّة الاوتار سيكون لدي أزمان وليس زمن واحد. إن كان هذا الموضوع مطروقا لم العودة؟ سأقول لك لماذا العودة: إنّ تعدد الأكوان الذي تذكره نظريّة الأوتار والذي يقترح أنّ قوّة الجاذبيّة بمعزل عن القوى الأخرى قد تتسرّب (هكذا!) ما بين الأوتار المفترضة المذكورة والتي تضعف دوناً عن القوى الأخرى.وكما تقول ليزا راندال من جامعة هارفارد:إذا إنتشرت الجاذبيّة عبر أبعاد إضافيّة كبيرة، فسوف تضعف قوّتها. سنعود الى ذلك في حلقة أخرى إن شاء الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
# يحيى محمد في بحثه السببية والزّمن الفيزيائي.
## نفس المصدر اعلاه.
### في لقائها مع قناة أي آر تي الروسية في برنامج من الذاكرة لخالد الرشد
https://www.youtube.com/watch?v=pjICY77eRPE








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب


.. معاناة شاب جزائري تتحول للفتة إنسانية تجمع مشاهير ومؤثري موا




.. صور الأقمار الصناعية بقاعدة أصفهان لا تظهر حفرا ناجمة عن الا


.. بظل شح المساعدات.. مبادرة لتوفير مياه الشرب في رفح




.. تعمير - خالد محمود يوضح كيف سيتم الربط بين المنطقة الصناعية