الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك التماثيل: (( الأنَكرونيكية خطيئة في حق ذكاء الماضي))

بهون محمد

2020 / 7 / 4
حقوق الانسان


أمام >، المؤرخون : جون نويل جاني، منى أوزوف، موريس سارتر، آني سارتر، وميشيل وينوك يدعون >
الحمى غير المعهودة التي سيطرت على عدد من المجموعات التي حملها شغف تحقيق العدالة، اِلى السعي من أجل اِزالة بعض التماثيل لعدد من الوجوه التاريخية، فاِعادة النظر في تسمية أماكن عمومية، تغيير اسم شوارع ومؤسسات مدرسية، ظهرت في البداية مجرد اِنحراف. لكن عدواها ستشكل خطرا على المبادئ الجمهورية.
اٍن سقوط ديكاتاتورية وقيام شعب بشكل عفوي بقلب ومسح ما يمثل الطغاة، هو أكثر من مفهوم، سيفرحنا، غالبا، نرجو أن نظل كذلك غدا، في كل أرجاء المعمور. في المقابل، في الديموقراطية، مثل هكذا مبادرة تعود اٍلى ممثلي الشعب، مهما كان مستوى مسؤوليتهم.
في كل الحالات، يعود للممثلين والحكام الذين هم مسؤولون أمام الرأي، أن يتنبهوا اِلى فكرة بسيطة. ليس فقط من السخافة ولكن من الفادح الوقوع في خطر كبير يعرفه المؤرخون بشكل جيد. وهو الأنَكرونيكية (الاتاريخية). هذه الخطيئة في حق ذكاء الماضي، تتمثل في الِانطلاق من يقينياتنا في الحاضر، لتسليط حكم رجعي على شخصيات الماضي، فبقدر ما هو قاطع هو غير مسؤول.
هيستيريا أخلاقية
لنتحدث بشكل ملموس. ندين اليوم العنصرية، كراهية النساء، فوبيا المثلية، الكهنوت القاتل، المجازر الجماعية.. بالتأكيد لم ننتصر، لكن عالمنا الغربي يبدي على الأقل، نبذا لهذا، بشكل عام ولحسن الحظ. نعم. لكن اذا اِنسقنا بعد ذلك للمظاهرات، لنتصور أنه لن يوجد تكريم يمكن الاِستمرار في تقديمه لعدد كبير من شخصيات الماضي، مشهورة أو معروفة. سواء بالحجر، أو النحاس، أو التسمية من أي نوع.
بريكليس كان يمتلك عبيدا، ولم يمنح وهو يخلق الديموقراطية اليونانية، الحق للنساء في التصويت. يوليوس قيصر أبان في بلاد الغال، عن وحشية رهيبة في حق سكان المدن التي لم ترد الاستسلام طوعا. اِشتراكيون كبار مثل فورييه و برودون كانوا ضد السامية. مؤسسو جمهوريتنا الثالثة كانوا، باِستثناء قلة، كولونياليون.
لنتأمل أنه لو استسلمنا لهاته الهستيريا الأخلاقية، يتعين علينا أن نعيد النظر عاجلا في تسميات ثانوياتنا الباريسية، فشارلمان أغرق الساكسونيين في الدم من أجل اٍدخالهم في المعتقد بالقوة، سان لويس فرض على اليهود رمز الشمس قبل النجمة الصفراء، لويس الأكبر خرب لَفرانش كونتي (من بين أخرى) بوحشية. فولتير صاحب القطعة المشهورة تعصب محمد، كان من ناحية أخرى يعبر صراحة عن فوبيا من اليهودية.
جازون دو سايي، الذي تعرض للخيانة من زوجته، منع في المؤسسة التي أنشأها في بداية القرن التاسع عشر قبول أي فتاة شابة. فيما يخص أسماء الشوارع، في كل مدن وبلدات فرنسا، يمكننا أن نسلك بسهولة نفس الاستدلال. لكل واحد أن يختار مثالا، قريبا من بيته.
بيداغوجيا جمهورية
أما بالنسبة للفكرة المعبر عنها من طرف وزير أول سابق، باِعادة النظر في تسمية صالة كولبير في قصر بوربون، فقد تركَته مندهشا. فليس هناك أكثر خزيا في نظرنا من قانون السود، الذي يعتبر كولبير رجل الدولة الكبير واضعه ( توفي سنة 1663 وقد وقع من طرف اٍبنه سنة 1685). هكذا. لكن كيف يعقل أن لانتذكر أنها كانت محاولة لتأطير وتقنين السلوكات الاِجرامية لعدد من المعمرين والتخفيف قليلا ( آه ! بالتأكيد قليلا جدا) من المصير المروع لمن كانوا الضحايا ؟
"الواجب الأساسي للمكلفين بتكوين
المواطنين هو وضع كل شيئ في اِطاره"
ذلك زمن كان فيه الغرب كله، كما العالم العربي، يقبل العبودية والرق، رغم السوء التي تظهر لنا بها اليوم. كما فعل مؤسسو الولايات المتحدة الأمريكية قرنا بعد ذلك، كلهم كان لديهم عبيد. هل جيفرسون وواشنطن عليهم أن يشعروا في باريس بالخوف على اِرثهم ؟ الائحة بلا نهاية. نقف عند هذا. لنسجل أولا أن التقدير ممنوح اِلى معاصرينا كي يعرضوا بجميع الأوجه الممكنة، دلالات ورموز الاِعجاب لكل الاواتي، والائي، يظهرلنا أن عملهم وأثرهم، في الحاضر، يشرف نظرتنا للخير. هكذا يكون الحال غالبا. فالبانثيون يمكنه أن يستقبل ثلة منهم، باِسم <<الوطن المدين>>.
وبالأخص، علينا التعجيل لقول ما يلزم في نظرنا أن يكون الواجب الرئيسي للذين هم، موجودون في مختلف ميادين البيداغوجيا الجمهورية، في المدرسة، في الجامعة، وفي الاِعلام، أن عليهم عبئ تكوين المواطنين : ليس تمرير التاريخ تحت آلة نمطية بحسرة رجعية، ولكن وضع الكل في سياقه، للتفسير، للتفسير، للتفسير. مع طموح حازم، ضمن التعقيد الشديد للتاريخ، لتأسيس ثقافة مشتركة صالحة لمعارك المستقبل. في صالح القيم التي نخلدها والتي يعود لنا تعزيزها، لنعد أبناءنا ونعلمهم المزاوجة بين الوضوح والشجاعة.
الموقعون: جون نويل جانييه، مؤرخ، رئيس سابق للمكتبة الوطنية الفرنسية؛ منى أوزوف، مؤرخة، مختصة في التربية والثورة الفرنسية؛ موريس سارتر، مؤرخ، مختص في العالم القديم؛ آني سارتر، مؤرخة، مختصة في الكتابات اليونانية والاتينية؛ ميشيل وينوك، مؤرخ، مختص في تاريخ الجمهورية الفرنسية.
المقال الرئيسي على صحيفة "لوموند" «Déboulonnage des statues : « L’anachronisme est un péché contre l’intelligence du passé








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط