الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب أولاً والعلماء ثانياً

عبدالامير آل حاوي

2020 / 7 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


على مر العصور والحقب التاريخية التي مرت على الشعوب العربية كانت الحكومات بمختلف تسمياتها وعناوينها الأولية تشكل عبئاً ثقيلاُ على الدولة والشعب من خلال أستنزافها لخيرات الأمة وأموال البلاد والعباد والاستئثار بها دون وجه حق كأصحاب ملكية خاصة يتصرقون بها كيفما يحلو لهم وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد بل يتعدى الى قيام الخليفة أوالرئيس أو الملك مع بطانته من الوزراء بأعداد قوانين ودساتير تضمن لهم حق التصرف كيفما شاءوا بكل شيء بما فيها القيم والعادات الأجتماعية فبدلاً من بناء الأوطان وخدمة الناس حولوا بلدانهم الى خراب وشعوبهم الى عبيد يستثنى من ذلك الى حد ما الفترة من منتصف القرن الرابع الهجري الى منتصف القرن الخامس الهجري التي أمتازت بانتشار العلوم والمعرفة وأزدهار وتطور العمران وبناء المدن الكبيرة العامرة ولعل هذه الحقيقة أول من أشار اليها مؤسس علم الأجتماع الحديث الباحث والمؤرخ الكبير أبن خلدون (هو عبد الرحمن بن محمد أبو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، وهو مؤرّخ تونسي المولد، أندلسي حضرمي الأصل) في مقولته التي أثارت حفيظة المتعصبين للقومية العربية "أن العرب إذا تغلبوا على الأوطان أسرع أليها الخراب" .
أن نظرة متفحصة سريعة للتاريخ العربي نستثني منها فترة صدر الأسلام الأولى نتلمس بشكل واضح حجم الأقتتال والأحتراب والتصفيات الجسدية المروعة والتنكيل بين أفراد الأسرة الواحدة من أجل انتزاع كرسي الحكم والسلطة والأستئثار بها ولو كان ذلك على بحر من الدماء وأكداس من الجماجم ....وبالرغم من تعاقب القرون والتطور المنقطع النظيروغير المسبوق لوسائل ونظم الحياة في مشارق ومغارب الأرض ألا أن الواقع العربي يختلف عن بلدان العالم فنادراً ما ترى وتسمع عن حاكم عربي تخلى عن المنصب وسلم مقاليد الحكم طوعاً نزولاً عند رغبة وأرادة الجماهير وخدمةً للمصلحة الوطنية بل لابد من أكراهه على ذلك بالقوة وبالوسائل المسلحة رغم الشعارات الديمقراطية الخالية من أي محتوى حقيقي والتي يغلفون بها أنظمة الحكم لدى البعض أو الصبغة الدينية والأنتساب للنبوة للبعض الأخر .
العرب مهووسين بالسيادة والقيادة باعتبارها رتبة ودرجة وهي تشريف لديهم لا تكليف فانشغلوا بالحرب والجيش والأمارة وتركوا لغيرهم العلوم والثقافة والأدب بأعتبارها وظائف أقل رتبة فتسيدها غير العرب من الأعاجم وبمراجعة سريعة لتاريخ الحضارة العربية تجد أن اعلام اللغة والأدب والفقه وكبار العلماء بالطب والرياضيات وغيرها من بلاد فارس وخوارزم وبخارى وعلى سبيل المثال لا الحصر(سيبويه ،الحسن بن الهيثم ،الرازي ،الخوارزمي ، أبن سينا ،الفارابي، أبن البيطار ،أبن المقفع)وتطول القائمة فحينما بين ذلك المؤرخ أبن خلدون في مقدمته شنت عليه حرب شعواء من قبل الكثير من الأقلام القومية المتعصبة ولا أعلم على ماذا يتعصبون فكتاب بعنوان(عروبة العلماء المنسوبين الى البلدان الأعجمية) لمؤلفه ناجي معلوف كرد وتفنيد لما أورده أبن خلدون حيث حاول جاهداً أثبات أن حمله العلم في الأسلام جلهم من العرب ومن القبائل الأصيلة وبعض الأسر أنتشرت في المشرق أثتاء القتح الأسلامي وبعده ...وضمن نفس السياق يقول الكاتب محمد حبيب المرزوقي (ابو يعرب) في كتابه الموسوم (الأعاجم ،كيف نفهم دورهم العلمي في الأسلام ) بحث فيه محاولاً أيجاد مخرج للأشكال الذي أثاره أبن خلدون في قولته الشهيرة والرأي للمرزوقي أن العلماء المسلمين في شتى العلوم والأداب هم من أصول عربية وليست أعجمية مبرراً ذلك على أن علوم الملة ترجع الى القرآن والسنة والتي ترجمت على شكل سلوك يومي للصحابة وتابعيهم حتى تحولت العلوم الناجمة عن ذلك كالفقه والتفسير واللغة وغيرها الى صنعة يحترفها الصحابة والتابعين وحينما تحولت هذه العلوم الى حرفة أصبحت لا تليق ياصحاب الرتب العليا وبذلك وطبقاً للتقسيمات الأجتماعية أصبح لدينا قادة وأمراء وملوك من العصبة القبلية العربية يليهم رتبة من أمتهن العلم والأدب وصولاً للحرفين أصحاب الصناعات البسيطة وعلى هذا الأساس لم يكن للموالي سبيل أخر للأرتقاء في السلم الأجتماعي غير طريق العلوم والادب وهذا هو تفصيل لرأي أبن خلدون فما الجديد في ذلك !!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر