الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستشراق الإيديولوجي .. وصداه العربي!! !

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2020 / 7 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الاستشراق الإيديولوجي .. يعنــــــــــي :
أن المستشرق الإيديولوجي عندما يبحث وينقب في تاريخ وحياة الأمم والشعوب الأخرى وحضاراتها وجوهر معتقداتها وقيمها الدينية والاجتماعية ، فهو لا يبحثها بعيون العالم النزية المحايد الذي يبحث عن الحقيقة وحدها ، إنما بعيون إيديولوجية تتوافق مع عقيدته الدينية ورؤياه السياسية والشخصية وخلفيته العنصرية!
وغالباً ما يترصد هذا المستشرق الإيديولوجي ويتصيد النواقص والأخطاء ، أو التي يراها هو كنواقص واخطاء عند الشعوب الأخرى حسب منظور ثقافته الغربية ، ويقيسها ـ دون النظر إلى الفروقات الجوهرية بين ثقافات الشعوب ـ بمقاييس ومسطرة تلك الثقافة الغربية وحدها ، ثم يوظف نتائجها في خدمة اهداف ومشاريع استعمارية ، ربما تكون معدة مسبقاً لكل فرع من فروع ثقافة ومعتقدات وقيم الشعوب والأمم الأخرى ، لتستخدم لاحقاً لأغراض الهيمنة الاستعمارية الإمبريالية عليها والاستحواذ على خيراتها من ناحية ، ولهيمنة ثقافته الغربية على جميع ثقافات الشعوب والأمم الأخرى من ناحية ثانية!

فالمستشرق الإيديولوجي حينما يدرس تاريخ العرب والمسلمين وحضارتهم مثلاً :
فهو يدرسها (بمنظاره الإيديولوجي) هذا ، ويوظف دراساته لأهداف تدميرية مادية ومعنوية متعددة الوجوه للعرب والمسلمين ، كما فعل المستشرق برنار ليفي مثلاً.
ففي البداية يقوم المستشرق الإيديولوجي بالاستخفاف وتزيف ميراث العرب والمسلمين وعقائدهم وحقائق تاريخهم وقيمهم ودورهم ودور حضارتهم في بناء حضارة الإنسان ، ثم يصوغها جميها لاحقاً ويرتبها وفق مسطرة ايديولوجيته وقيم ثقافته الغربية ، يضعها جميعها في خدمة صانع القرار الأمريكي الصهيوني الغربي ـ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ـ لتحقيق أهدافهم اطماعهم المعروفة في الوطن العربي والعالم الاسلامي!
*****
وقد شن هذا الاستشراق الإيديولوجي حملة مزدوجة ضارية تناولت الاسلام كدين والعرب كبشر ، وكجنس من الأجناس البشرية . فهو عندما درس الاسلام أو أحد فروعه ، كمسألة المتشابهات من القصص والعقائد المشتركة بين الأديان السماوية أو الإبراهيمية مثلاً:
فهو منذ البداية قد وضع لها قاعدة عقلية عامة تبدو معقولة وكأنها لا تخص أحداً أو ديناً بعينه ، ثم استخرج نتائج قاعدته هذه بطريقة ملتوية ، ووظفها لاحقاً لوظائف تخدم أهدافه النهائية المصممة مسبقاً ، فلما يخص الاسلام كدين والعرب كمجموعة بشرية!

وهذه القاعدة العقلية يمكن استنباطها من النتائج ـ المجسدة على الأرض ـ إن لم يكن بالقول الصريح ، وأن قاعدته العقلية العامة تلك كانت تقول :
إن الدين السابق في التاريخ هو الأصل ، وباقي الأديان التي جاءت من بعده بما يشبه عقائده وقصصه وفروضه ، فإنها قد استنسخت من عقائد ذلك الدين ، أو تمت سرقاتها من ذلك الدين الأصلي السابق عليها ، أي أن، الدين اللاحق قد سطا على عقائد الدين الأصلي الذي سبقه وانتحلها لنفسه!
وحسب هذه القاعدة العامة يكون أصل جميع الأديان السماوية ـ وهنا جوهر الموضوع ـ هو "الدين اليهودي" وحده ، لأنه سابق في التاريخ لجميع الأديان السماوية أو الابراهيمية الأخرى ، التي قد جاءت تاريخياً من بعده!
وهذا يعني ـ وهذا ما قالوه فعلاً ـ أن جميع الأديان التي جاءت بعد الديانة اليهودية ـ والدين الاسلامي منها بالخصوص ـ هي مجرد "سرقات دينية" " وشعوذات ودجل ، واستغفال لبسطاء الناس!

وهذا هو بالضبط الذي يوحون به بصورة مباشرة وغير مباشرة عن الاسلام ، ويقولون أن (محمداً ومساعدوه) هم الذين "اخترعوا الإسلام" وهم واضعو أو سارقو جميع حكاياته وقصصه ومعتقداته" .. ويضيفون : أن أولئك الذين (اخترعوا الاسلام) لم يكتفوا بما سرقوه أو دبجوه عن اليهودية ، إنما أضافوا إليه كذبة كبرى زعموا فيها :
"أن الإسلام هو آخر الأديان السماوية " و "أن محمداً هو آخر الانبياء والرسل الذين بعثهم الله للبشرية"!

وبناءاً على تلك (القاعدة العقلية العامة) التي وضوعها هم بأنفسهم ، وشيدوا بها عالماً من الأكاذيب حول الاسلام ونبيه وقرآنه وحول العرب والمسلمين . فالإسلام يتهم عندهم دائماً ، بأنه قد أخذ المعتقد الفلاني أو السورة أو الآية الفلانية أو سرق مضمونها من هذا الدين أو ذك ، أو من المعتقد الفلاني السابق عليه زمنياً........الخ!

وطبعاً كانت النتيجة المنطقية لتلك (القاعدة العقلية) التي اخترعوها وعمموها ، كانت لصالح "الديانة اليهودية" وحدها ، واعتبروها ـ أي اليهودية ـ هي الأصل وهي (الدين السماوي الوحيد المنزل من الله) ، وباقي الأديان جميعها مجرد "دجل وشعوذات وسرقات دينية"!
ومن المنطقي ووفق هذه القاعدة ـ وحسب منطقها الداخلي نفسه ـ فإنها لا تنطبق على الدين الاسلامي وحده ، إنما على الديانة المسيحية أيضاً ، وهو (بالضبط) ما يقوله اليهود وتتبناه الصهيونية العالمية ، وما يقوله الإنجيليون الصهاينة الجدد تقريباً .. لكن بصورة غامضة ومموهة !

وبهذا المنطق الاستشراقي الإيديولوجي المخاتل ، درسوا الاسلام بجميع فروعه وتفرعاته وسخفوها ـ وحكموا عليه مسبقاً ـ وقالوا عن جميع عقائده وفروضه ومعتقداته بأنها جملة "سرقات دينية" ، وشنوا حملة واسعة ضارية مزدوجة على الاسلام والمسلمين وعلى حملة رسالته العرب بصورة خاصة ، من خلال عشرات الكتب والدوريات المتخصصة!
*****
وكالعادة طبعاً ، وكما جرى منذ الخليقة إلى اليوم ، بتقليد الضعيف المتخلف للقوي للمتقدم ، وتقليداً لكل ما يقوله الغرب المتقدم يتلقفه (المتخلفون) أمثلنا في عالمنا الثالث ومنه وطننا العربي ، فقد وجدت هذه الحملة المزدوجة الضارية صداها الكبير عند بعض الكتاب العرب ـ هواة ومحترفون ـ فتطوعوا من تلقاء أنفسهم لتعميم جميع هذه المقولات والأفكار الاستشراقية في الوطن العربي والعالم ، وأخذو هم بدورهم يشنون حملتهم الخاصة على الاسلام والعرب والمسلمين وينشرونها ، على مئات المواقع والصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي والنوادي الثقافية والسياسية والاجتماعية بشكل يومي ، يعجز المرأ عن متابعته واحصائه أو اللحاق به!!
فكان هئولاء صدىً أميناً لذلك الاستشراق الإيديولوجي ، ولغاياته المعروفة بـ [شيطنة الاسلام والعرب والمسلمين] ـ والعرب منهم بالخصوص ـ واعتبارهم إراهبيين دوليين وبشرغير ناضجين وغير صالحين للحياة على ظهر هذا الكوكب ، في هذا العصر الحديث بالذات ، وتبريراً لضربهم أو معاقبتهم أو احتلال أرضهم والاستيلاء على خيراتهم!
وهذا ما حصل بالفعل وطبق على أرض الواقع بحذافيره ، فقد نجحت تلك الحملة المزدوجة الظالمة ـ على العرب والاسلام ـ في نشر جميع هذه المقولات والأفكار وتعميمها على العالم أجمع ، وقد صدقهم هذا العالم بما فيهم البعض من العرب والمسلمين أنفسهم!
*****
وإذا أردنا أن نؤرخ لبداية هذه الحملة المزدوجة الواسعة ، على الاسلام والعرب والمسلمين وتشويههم ، يمكن القول دون تردد:
أن هذه الحملة الاستشراقية الجديدة هي امتداد لروح "الحملات الصليبية" القديمة ، لكنها تنفذ اليوم بوسائل أخرى!
لأن هذا الاستشراق الإيديولوجي الحديث :
يمتلك جميع المواصفات التاريخية وجميع صفات تلك الحملات الصليبية القديمة ، لكنها تنفذ اليوم بوسائل أخرى غير السلاح ، وإن استخدم فيها السلاح بطرائق ملتوية: بعناوين "جهادية واسلاموية" مشبوهة ، وبعناوين "مكافحة الإرهاب" الذي صنعوه هم أنسهم!؟
فهذا هذا الاستشراق الإيديولوجي الحديث .. بالتحديد :
يحمل [روح الحروب الصليبية وأهدافها القديمة نفسها / ومشبع بروح خرافة هرمجدون ومعركتها الفاصلة / وبأنفاس الإنجيليين الصهاينة الجدد / ومقولات المحافظين الجدد / وبجوهر الإمبريالية والصهيونية العالمية ]......... بمعنى:
أنه صليبياً يريد : ـ كالحملات الصليبية القديمة ـ تدمير العرب وإبادتهم ومحوهم من خارطة الوجود ، والقضاء التام عليهم وعلى دينهم الإسلامي... كما قال المستشرق برنار ليفي صراحة!
وإمبرياليا : يريد الهيمنة على أرض العرب ونهب ثرواتهم وامتلاك أرضهم وسمائهم وموقعهم الاستراتيجي الخطير في قلب العالم ، واعادة احتلال بلادهم من جديد .. وقد تم له بالفعل اعادة احتلال المشرق العربي بكامله تقريباً ، بذريعة مكافحة الارهاب الذي صنعه هئولاء الامبريالييون أنفسهم ، وجعل من تلك الخلوقات الخرافية المتخلفة ـ بإثارة غرائزهم البدائية ـ تحمل السلاح بالنيابة عــــــــنــــــــــه!

أما التأريخ الزمني المحدد لهذا الاستشراق الإيديولوجي في العصر الحديث ـ إذا ما تجاوزنا ـ بعض ما اشاعه المستشرقون القدامى في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .............. أمثال :
المستشرق القس (جورج بوش) : الجد الأكبر للرئيسيين الأمريكيين جورج بوش وجورج بوش الأبن .
والمستشرق بروكلمان (1868 ـ 1956 م) .
والمستشرق رينولد نيكلسون (1868 - 1945م) .
فأن هذه الحملة الجديدة قد بدأت تحديداً في سبعينات القرن العشرين الماضي ، مع ما يعق (بالاستشراق الأيديولوجي) ، فقد مثله مستشرقون جدد كثيرون .. منهم :
o المستشرق اليهودي المعروف (برنارد ليفي) : صاحب مشروع ونظرية تقسيم الأقطار العربية والقضاء على العرب وابادتهم إبادة التامة ، مسترشداً بآراء المستشرقين الذين سبقوه والذين عاصروه من المستشرقين الإيديولوجيين الجدد الآخرين (واغلبهم متوفون ) اليوم! ..
وهئولاء المستشرقون الإيديولوجيون الجدد يمثلون قائمة طويلة ، فبالإضافة إلى الى المستشرق (برنارد ليفي) هناك :
أولاً : المستشرق جون وانسبرو ( 2002-1928 م) : صاحب كتاب : «الدراسات القرآنية: مصادر ومناهج تفسير النصوص المقدسة» عام 1977 ، ويُعَدّ كتابة هذا واحداً من أهم الدراسات الاستشراقية الإيديولوجية حول الاسلام .. فقد فتح هذا الكتاب اوسع الأبواب للفكر الإيديولوجي الاستشراقي العنصري الحديث الذي يستهدف الإسلام ، فأصبح له بهذا الكتاب تلامذة كثيرون يتبعون خطاه !

ثانياً : المستشرقة باتريشيا كرون (2015-1945 م) : وكتابها الخطير : ((الهاجرية: صناعة العالم الإسلامي)) عام 1977م وهو انتاج مشترك مع المستشرق (مايكل كوك) ، وكتابها الثاني «تجارة مكة» (1987م) . فهي صاحبة أفكار مثيرة حول الاسلام وتاريخه ومبدأ نشوئه ، وافكارها هذه شائعة اليوم جداً ـ سنأتي على ذكرها مستقبلاً ـ بين اوساط المستشرقين الإيديولوجيين الآخرين وتلامذتهم العرب .. كقولها :
أن الاسلام نشأ في القرن التاسع وليس القرن السادس الميلادي ، ونفيها لنشوء الاسلام في مكة إنما في العراق وبلاد الشام ، ولها أفكار ونظريات كثيرة غيرها حول الاسلام والقرآن ......الخ

ثالثاً : المستشرق مايكل كوك (1940ت م) : وكتابه: ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي)) ، وكتابه الثاني المنوه عنه مع المستشرقة (باتريشيا كرون) .

رابعاً : المستشرق (ستيفن همفريز): وكتابه : ((التاريخ الإسلامي؛ إطار للتحقيق)) صدر ( 1988م) .

وغير هئولاء المستشرقون الإيديولوجيون ، هناك مستشرقون كثيرون غيرهم ، كتبوا عن الاسلام بنفس روح الاستشراق الايديولوجي هذا ، وطرحوا آراًءً وأفكاراً تشكك بالإسلام وقرأنه ونبيه وتاريخه.. أمثال :
o المستشرق يهودا نيفو (ت 1992م) !
o والمستشرق نورمان كالدر (ت 1998م) !
o والمستشرق أندرو ريبن ( ت2016 م) !
o والمستشرق كونتر لولنغ (ت 2014م) !
o والمستشرق ج ر هوتنغ: (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) !
o والمستشرق كريستوف لوكسينبرغ (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) ! ....................الخ من مستشرقين!
[ينبع]
وفي الجزء الثاني من هذه الدراسة سنأتي على ذكر كتب وأعمال وافكار واقوال هئولاء المستشرقين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة