الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أورتزاغ بين الرفض و الخضوع

عماد العزابي

2020 / 7 / 10
المجتمع المدني


أور تزاغ بين الرفض و الخضوع
مند بروز وباء كوفيد19 بالمملكة و السياقات في دينامية متحركة و متسارعة على مختلف المجالات و الأصعدة، حتى ظهر خطاب جديد و بروباغندا إعلامية مُجيشة بذباب إلكتروني فتَاك يؤسس لمتلازمة جديدة وهي أن مغرب الجائحة أو ما بعدها ليس كسابقيه بل هو مغرب أكثر عدالة وأكثر مساواة بين أفراده، فسارت البوتيكات السياسية و الجمعيات الانتهازية على نفس النهج من تطبيل وزغاريد تؤثث الأرضية لاستغلال أكبر سواء بوعي أو بدون وعي، بحيث تم التخلي عن المتلازمة السابقة التي كان فحواه أن المخزن بترسانته القمعية يعمل دائما على ضبط مجاله وفرض سيطرته سواء بنهج سياسة الأعيان أو عبر لغة الحديد و النار، وقد اكتويت بنارها في إحدى القضايا ليس لشيء فقط لكوننا كنا ندافع عن إنسانية الإنسان.
بمجد قيامنا بحفر أنتروبولوجي للمنطقة إلا وتظهر بقايا الاستعمار و المستعمر سواء في شاكلته التقليدية أو الحديثة، بحيث إن تحوَلت إلى باحث في علم النفس الاجتماعي ستظهر لك حقيقة الممارسات التي يقوم بها المواطنين وخلفياتها ومرجعيتها التاريخية المستقاة منها، إذ دائما ما كانت موازين القوى في كر وفر إلى أن اهتدى المخزن بآلته الفتاكة مستغل ثنائيات سوسيوثقافية وأيضا الموروث الشعبي، جعل معه المجال المحلي يتخذ صيغة طبقية بامتياز إذ يستفيد من يملك ويهمش من لا يملك، فيكفي أن تقوم بزيارة لهذا المجال لتلاحظ الفوارق الطبقية بين أفراده إذ تتركز الثروات في يد الأعيان وحاشية السلطة بينما المواطن يظل في ارتباط وثيق بالأرض التي تمثل له الشرف الذي ينبغي الحفاظ عليه رغم فتك عرضه بشكل رمزي، كل هذه المقومات هي من تؤسس بنية المجال المذكور.
في بحثنا التاريخي بالمنطقة وجدنا أنه كان هناك قائد اسمه" بل العربي" لا زالت هيبته وجبروته حاضرة في نفوس الساكنة إلى اليوم، أكثر من ذلك هناك من يتغنى بممارساته ويتذكر تعذيبه للأفراد حتى أصبحت رواية شفهية تتناقل بين لأجيال، كل هذا كان ضمن صيرورة مجتمعية طويلة المدى، حتى أصبحت التلاوين السياسية تستحضر أعمال المخزن وديمقراطيته في نقاشاتها ودعايتها، لا ندري هل هي محاباة للمخزن؟ أم أن ضعفها النظري و التأطيري جعل منها خاضعة للنسق العام بغير وعي؟ لكن هذا لا يهمنا الآن بحكم أن كتابتنا هذه ارتأينا أن تكون ذات طابع وصفي ممزوجة بتحرير حر ونزيه.
إن السمة البارزة التي يتميز بها المجال الترابي لجماعة الورتزاغ هو أنه يغني كل زائر على هذه المنطقة سواء أكان قائد أو دركي أو رئيس جماعة...، فلا ربما بركة الأجداد موجهة إلى هؤلاء الأشخاص دون غيرهم، أو ربما المصباح السحري يظهر في أحلامهم هم فقط، انتصارا للمثل الشعبي القائل" خبز الدار يعرف ليه البرانى" حتى أصبحت عادة تتوارث بين كل إطار يزور هذا المكان المقدس بمختلف درجاتهم وأيضا مهامهم، لكن ما لم يكن في الحسبان هو المد الذي بدأ يطفوا إلى السطح في الآونة الأخيرة وخاصة مع بروز طاقات شبابية كثيرة انتظمت في العمل الحقوقي المدني، هنا سنشير إلى "جمعية العنصر للتنمية المندمجة" ليس لشيء فقط لمشروعها النبيل ورؤيتها الإستراتيجية بالمنطقة وأيضا لكون عمودها الفقري يظم 80% من الشباب بالإضافة إلى أننا رصدنا كمتتبعين للشأن المحلي ما تعرضت له من تضيق و ممارسات تخريبية، لهذا تسمية الأشياء و الاعتراف بها يعد بمثابة شهادة حق أمام التاريخ، وخاصة الحدث الغريب الذي رصده أعضائها في توزيع قفة رمضان.
فصول لأولى الحكايات بدأت بالخروقات التي شهذتها عملية توزيع قفة رمضان التابعة "لمؤسسة محمد الخامس للتضامن"، بحيث تم تسجيل العديد من التجاوزات في هذه العملية باستفادة فئة دون فئة إلى درجة قيام بعض الدواوير بوقفات احتجاجية أمام مقر قيادة الورتزاغ للتنديد بهكذا ممارسات وما رافقها من معطيات وفضح للحقائق، و التواطؤ المشبوه بين المجلس الجماعي و منتخبيه وحاشيتهم، هدا الشيء لم يتوقف هنا ففي عز الجائحة ستطفو قضية أخرى وهي قضية الطالب المعنف من طرف قائد القيادة، إذ انتشرت القضية كانتشار النار في الهشيم، وأصبحت قضية رأي عام ليتم بعدها ثم إحالة القائد على مجلس تأديبي، وبعد أخد وجدب و كولسة كبيرة سيتم إعادة القائد إلى مهامه على رأس القيادة...، وما هي إلا أيام قليلة حتى بدأت احتجاجات ومسيرات من مختلف المناطق و الدواوير تتقاطر على مقر القيادة و الجماعة الترابية، هنا وجب الإشارة إلى أنه هناك هوة كبيرة بين السلطات المحلية و الساكنة بحيث أصبحت العلاقة في توتر دائم وفي استعراض للعضلات من كلى الطرفين.
وصلت موجة حر حارقة نتيجة للتغيرات المناخية ومع ستصل موجة أخرى ومن نوع أخر وهي قيام "دوار العزيين" بالخروج في مسيرات نحو مقر الجماعة و القيادة بغية المطالبة بالماء و الكهرباء، فإذا كان الدستور المغربي في فصله 31 يقر بحق التزود بالماء و الكهرباء فأي هم هؤلاء من هذا الحق؟ حيث تناولت مختلف المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي مقاطع صوتية وصور توثق لهذه المطالب، وأن الغريب في الأمر هو التموقع الجغرافي للمحتجين، إذ أنها تتمركز على بعد أمتار من أكبر حقينة وأكبر خزاني مائي في المغرب،" سد الوحدة" مما يدعونا الاستغراب حيال هذا الأمر هل هي حقيقة أم خيال التواجد على ضفاف سد الوحدة و المعاناة من العطش، حتى في الأفلام و المسلسلات التركية لن تجد سيناريوهات مثل هذا الواقع الذي تحول إلى قوة مادية وفرض نفسه بقوة على كل متتبع للشأن المحلي أو فاعل في النسق الخاص.
الاحتجاجات الأخيرة بدأت تتخذ طابع سياسيا بامتياز بكون قادة هذه الاحتجاجات لهم انتماء سياسي واضح وأفكار يدافعون عنها، وهي ليست كباقي الاحتجاجات السابقة لأن طبيعة ومرجعية المؤطرين لهده الاحتجاجات هي إصلاحية لها مواقف عديدة ضد حكم المخزن، وحتى لا نسقط في الايدولوجيا أو في تحديد طبيعتها وصفتها وفق منظورنا الخاص كان لزاما علينا وانسجاما وحيادنا التام، أن نستعير توصيف "اليسار" ونسقطها عليها لكونها تدعي التقدمية وتتبنى بعض أفكار اليسار، الشيء الذي أعاد بذاكرتنا إلى الصراع الأبدي في مراحل من التاريخ بين اليسار و النظام أو المخزن، مما يجعل هذا الصراع وهذا المظهر يتخذ نفس المرجعية إذ يمكن تفسير الهجوم الذي تعرض له المناضل" م.ز" بمثابة تجسيد مبسط للعلاقة التاريخية بين المخزن معارضيه، بحيث أنه عندما تتجاوز الحدود المسموح بها يكون القمع هو الخيار الأبرز لردع كل من سولت نفسه التماطل على نفوذ المخزن في مجاله الترابي.
تعرف منطقة الورتزاغ تنامي الوعي الإدراكي الذي يؤطره المنهج العقلي وبعض الأفكار المنقولة و المترسخة في الجامعات المغربية وخاصة الفكر الماركسي الذي بات بمثابة المرشد لأول لكافة الشباب في نضالا تهم وأيضا في طبيعة احتجاجاتهم، وذلك بحكم أن أغلب الشباب كان لهم تكوين سياسي داخل مربية المناضلين ومدرسة القناعات الفولاذية "أوطم"، لهذا فإن الوعي المنقول إلى صفوف الجماهير الشعبية أصبح قوة مادية تثبت قوتها ميدانية وتتخذ أشكال ثورية إلى حد ما، مما جعل المنطقة تعرف في غضون أربع أشهر أكثر من ثلاث قضايا اتحدت من الرأي العام النصيب الأبرز في التتبع و المواكبة وأيضا التضامن بمختلف أشكاله، أمام هذا المعطيات لا زال الجهاز المخزني متربص ومحافظ على سياسته التقليدية دع المعارك تتأكل لوحدها دون حس للمسؤولية، مع بعض الخرجات النادرة و القليلة و التي في الغالب تكون موجهة إلى الفاعلين الرائسيين في هذه الأحداث و الحركات الاحتجاجية، بينما يجد المواطن المحتج و الرافض لهذا الوضع في مواقع التواصل الاجتماعي ضالته لتفريغ طاقاته النضالية وقهره المنقول عبر الأجيال، كما أنه لا يتوانى بين الفينة و الأخرى في إبراز وجوده كقوة مادية لها ثقلها في تحريك عجلة الصراع، وبين هاتين القوتين: قوة المخزن و قوة الجماهير المحتجة يواصل الصراع حدته لكون التناقض لا زال قائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا