الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما التأثيرات السلبية لغياب موازنة 2020 على الاقتصاد العراقي ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2020 / 7 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اصبح الاقتصاد العراقي يضرب به المثل , لكون العراق اغنى بلدان العالم بثرواته المتنوعة الا ان شعبه افقر الشعوب بسبب تفشي الفساد بأنواعه وسوء الادارة وغياب الرؤى الاستراتيجية واعتماد نهج المحاصصة الطائفية - الاثنية الذي ساهم المحتلون في ترسيخه والمستفيدون منه في ادامته . وعلى مدى سبعة عشر عاما منذ 2003 لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من معالجة مشاكل البلد المتعددة ولا من منع استفحالها مع تجاهل مبدأ المواطنة وغياب العدالة الاجتماعية . واصبحت الهويات الفرعية والمذهبية والحزبية الضيقة هي الغالبة على مصالح الوطن والشعب .
واشار تقرير سابق لصندوق النقد الدولي الى ان تدهور اسعار النفط لا يزال يشكل تهديدا لمستقبل العراق لا يقل خطورة عن التحديات الأمنية والسياسية التي تفاقمت منذ سنوات واخفاق الحكومات منذ 2003 وحتى اليوم في تسخير موارد اضافية لتمويل الموازنة واتساع دائرة الفساد المالي والاداري وضعف الرقابة والقانون , زاد من محنة الحكومة في تمويل الاحتياجات الانسانية والعسكرية المترتبة على استكمال تحرير البلد من بقايا داعش. وقد زادت محنة الحكومة الحالية بسبب تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي وانخفاض اسعار النفط الخام الذي يعتمد عليه العراق كليا , وبالتالي انخفاض العائدات المالية النفطية للعراق حيث لا يملك العراق موارد مالية اخرى عدا النفط مما يعكس ذلك هشاشة الوضع الاقتصادي للبلاد وسوء الادارة وغياب الرؤى الاستراتيجية للقوى المتنفذة الحاكمة .
فمازالت مشكلة الاقتصاد الريعي الوحيد الجانب قائمة وعدم تنويع قاعدة الانتاج الوطني , اضافة الى مشكلة الموازنة العامة الاتحادية والتي هي اداة رئيسة لتنفيذ التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة للدولة , كما ان الانفاق الحكومي يتميز بارتفاعه على جوانب استهلاكية ترفيه. وتمثل طريقة اعداد الموازنة وهيكلية بناءها احد مظاهر سوء ادارة المال العام وغياب الرؤية الاقتصادية والمالية الواضحة للدولة منذ 2003 والى اليوم . وتميزت موازنات العراق بوجود عجز مخطط اضافة الى غياب الشفافية فيما يتعلق بصرف الاموال المتبقية وغير المنفقة والفروقات في اسعار النفط الخام بين سعر الموازنة والسعر الفعلي في الاسواق العالمية الذي يكون دائما اعلى من السعر المخطط .
كما تدور مشكلة الاقتصاد العراقي حول السياسة المالية في العراق ومدى قابليتها للاستمرار في ظل تقلبات اسعار النفط الدولية وانخفاضها في ظل جائحة كورونا التي تسبب العجز المالي . ويقصد بالسياسة المالية تحديد الدولة لمصادر دخلها واوجه الصرف لهذا الدخل اي بإيضاح اكثر من اين يأتي الدخل واي المصادر اهم واين يصرف واي القنوات للصرف اهم هذا باختصار بسيط طبعاً ويتم ذلك من اجل تحقيق الدولة لأهدافها الاقتصادية والاجتماعية وانجاح سياستها الاقتصادية المتبعة. ومن المعلوم طبعاً ان الصرف هو (الانفاق الحكومي).
وعند النظر لمصادر الدخل فإنها تتنوع من دولة الى اخرى وتختلف اهميتها النسبية ايضاً من دولة الى اخرى حيث بعض الدول تعتمد بشكل كبير على دخلها من الضرائب ولذلك تشكل الضرائب اهمية بالنسبة لها بينما دول كالسعودية يشكل البترول بالنسبة لها اهمية اكبر لأنه مصدر دخلها الاكبر .
وكذلك الصرف او الانفاق فانه يشتمل على رواتب موظفين واجور عاملين في القطاعات الحكومية ومشاريع انمائه والصرف او الانفاق على البنا الاساسية مثل الطرق والكباري والمياه والكهرباء والمرافق بصفة عامة وغيرة حتى المساعدات التي تدفعها للدول الاخرى .
وعندما يتم حساب مجمل هذه العمليات في النهاية فانه اذا كانت مصروفات الدولة اكثر من دخلها فانه يحدث ما يعرف بعجز اما اذا كانت المصروفات اقل من الدخل فبالتأكيد يكون هناك فائض في الميزانية .
وفي حال حدوث عجز فان الحكومة تقوم بتغطيته او تمويله من خلال الاقتراض من المؤسسات المالية الداخلية او الخارجية وفي الداخل تقوم الحكومة بإصدار ما يعرف بالسندات الحكومية وبيعها على مواطنين او مؤسسات ماليه مثلاً وهو ما يسمى بالدين العام.
يشكل الانفاق الداخلي اكبر نسبة في الانفاق الحكومي ويكون للرواتب والمصروفات العامة والانفاق على البنية الاساسية والإنشاءات والاستهلاكات العامة وكذلك مساهمات الحكومة في الشركات المحلية والمؤسسات المالية.
ان انخفاض القدرة المالية العامة في تحقيق الكفاءة في الانفاق يعود الى تأثير الجانب السياسي في الموازنة فضلا عن عدم اتباع معايير الكفاءة في الانفاق واعتماد الاقتصاد العراقي على الايرادات النفطية بنسبة تتخطى حاجز 90% مما يعرضه الى الصدمات المالية وارتفاع حجم الدين العام وبالتالي عدم الاستدامة المالية .
وفي العراق يلاحظ ان جميع موازنات ما بعد 2003 ان السياسات المالية لم تقم على اساس تنمية الاقتصاد الكلي وانما في جانب كبير منها توجه الموارد للجانب التشغيلي في الموازنة العامة . ويمكن ملاحظة تأثير الموازنة على الناتج المحلي الاجمالي عبر ما تعكسه نسب القطاعين الزراعي والصناعي المتردية .
وبالنسبة لموازنة العراق لعام 2020 التي لم تقر لحد الان ونحن في الشهر السابع من السنة , فان عدم اقرارها يعني عدم اقامة مشاريع استثمارية جديدة وعم التمكن من انجاز المشاريع القائمة , كما انه سيعطي اشارة سلبية للمستثمرين في القطاع الخاص للشروع باستثماراتهم . كما ان توقف اقرار الموازنة وتعثر الانفاق الاستثماري المخطط او الجديد سيقودان الى تزايد معدلات البطالة وارتفاع نسب الفقر بسبب تزايد عدد السكان والقوى العاملة التي تتطلع الى العمل , وبهذا ستتعطل الكثير من المصالح المعتمدة على الانفاق الاستثماري ولا سيما الحكومي الذي سيقود الى الركود . وان عدم اقرار موازنة 2020 سيعطل التنمية عموما وسيضر بالبلاد .
ومن العوامل التي ساهمت بارتفاع نسبة العجز في الموازنة لعام 2020 وكان ذلك احد اسباب عدم اقرار الموازنة لحد الان هي :
1) الفوائد المرتفعة للقروض الداخلية والخارجية , حيث تشير التصريحات الى تخصيص مبلغ يتراوح بين 15 – 20 مليار دولار لتسديد مستحقات وفوائد ديون خارجية بذمة الدولة العراقية . والبلاد اليوم في وضع اقتصادي هش لا يتحمل مزيد من الاقتراض الخارجي , الا ان البرلمان صادق مؤخرا على اقتراض 5 مليار دولار قرض خارجي و15 تريليون دينار قرض داخلي لمواجهة ازمته المالية .
2) ارتفاع نسبة الموازنة التشغيلية بحيث اصبح هناك الترهل الوظيفي والبطالة المقنعة
3) عدم تسليم اقليم كردستان ايرادات النفط الى بغداد بمخالفة للقانون والدستور العراقي .
4) عدم تنويع العراق لمصادر دخله واعتماده على الريع النفطي فقط .
5) ان عدم اقرار الموازنة لعام 2020 ادى الى ايقاف التعيينات ( عدا تعينات درجة القربى والمحسوبية والمنسوبية ) حيث تجاوز الخريجين العاطلين عن العمل الالاف بما فيهم اصحاب الشهادات العليا وكان ذلك احد الاسباب التي ادت الى انتفاضة الجماهير .
6) اضافة الى ضعف القطاع الخاص العراقي , وتفشي الفساد وتأثيراته السلبية على هدر الموارد المالية وتأثيرات الارهاب والحرب ضده واستهلاكها للموارد التي كان يمكن ان توظف لمصلحة البناء والاعمار .
7) ان عدم اقرار الموازنة يؤثر على اعمار المناطق المحررة وعودة المهجرين الى ديارهم وهذه تعتبر اهم التحديات التي تواجه النظام السياسي في العراق وتطوير البنى التحتية للدولة .

الخروج من الأزمة الاقتصادية:
وللخروج من الأزمة الاقتصادية للبلاد يرى الحزب الشيوعي العراقي كما اعلن ذلك في وثائقه ضرورة تفعيل الدور الاقتصادي للدولة على المستوى التنظيمي والتحفيزي والانتاجي من اجل توفير شروط اعادة تنشيط قطاع الصناعة التحويلية والزراعة عبر تأمين الحماية للمنتج المحلي وتوفير التمويل الضروري وتحقيق الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي لتحديث الشركات المملوكة للدولة وتوسيع القاعدة الانتاجية وتنويعها . ولا يمكن انجاز تنمية مستدامة في غياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في المجال الاجتماعي – الاقتصادي وفي ظل تردي البنى التحتية اللازمة ولا سيما الطاقة الكهربائية وشبكات الماء والصرف الصحي والموارد البشرية المتخصصة والكفؤة .وقبل هذا وذاك في غياب مستوى مناسب من الاستقرار السياسي والأمني . الى جانب الاهتمام بالقطاع النفطي وبإنشاء روابط امامية وخلفية له مع القطاعات الاقتصادية الاخرى مع الاهتمام بعمليات تصنيع النفط والغاز. مؤكدا على توفير سياسة اقتصادية يكون محورها وهدفها الأساس هو توفير شروط تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة , عبر اصلاح قطاع الدولة والارتقاء بكفاءته وادائه وتحديث آليات عمله واعتماد معايير النزاهة والكفاءة والخبرة في من يتولون مسؤوليات ادارته القيادية , وان تتم تعبئة موارد الدولة وترشيد استخدامها وتوجيهها نحو تطوير البنى التحتية وتأمين خدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي والنهوض بقطاعات التعليم والصحة والنقل وتنشيط القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية لتنويع هيكلية الاقتصاد العراقي الى جانب تقليص الانفاق الاستهلاكي والبذخي الحكومي والخاص واصلاح النظام المصرفي ومراجعة آليات عمل البنك المركزي في توجيه وادارة السياسة النقدية خصوصا آلية مزاد العملة والارتقاء بدور البنك التنظيمي والرقابي وتأمين بيئة جاذبة للاستثمار ومحفزة لنشاط القطاع الخاص . اضافة الى ضرورة تطوير آليات اعداد الموازنة العامة واعتماد معايير الشفافية وتطبيقها عند وضعها وتنفيذها وتعديل بنيتها لصالح الانفاق الاستثماري وتنويع مصادر تمويلها عبر تحسين الجباية واللجوء الى الضرائب التصاعدية الأكثر عدلا على ذوي الدخول العالية من العاملين في الدولة والقطاع الخاص وتقليص العجز والحد من المديونية والسعي الى خفضها . مع اقامة نظام ضمان اجتماعي شامل تحقيقا للعدالة الاجتماعية وتطوير انظمة التقاعد وشمول العاملين في القطاع الخاص بها والعمل على توفير الخدمات العامة والانتاج وتقليص الروتين ورفع الانتاجية وتعزيز الرقابة والشفافية . اضافة الى تأكيده على محاربة الفساد وفضح ومحاسبة رؤوسه حيث اعتبر ذلك عنصرا رئيسا في الاصلاح والتغيير المطلوبين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة