الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات نازح سنجاري ٤

صلاح حسن رفو
(Salah)

2020 / 8 / 9
حقوق الانسان


20.08.2014

جاءني رجلٌ خمسيني متعب مع طفلٍ لم يتجاوز العاشرة ترافقهما طفلة صغيرة خَجِلة ، كان الرجل قد حصل أخيراً على بطاقة تعريفية من أجل حصوله على حصته من المواد الغذائية التي نوزعها، أعطاني أوراقه ،فأخبرته فوراً أن لا حاجة لجلب أطفاله من أجل إعطائه حصته، لكنهُ رد بأسى متردداً : لهؤلاء الأطفالِ أيضاً بطاقتهم العائلية الخاصة بهم ، فهما الوحيدان مِمَّن تبقوا من عائلة أخي المفقودة!

21.08.2014
بعد سجال ،وشدٍجذب أعدنا علبة من المواد الجافة من نازح كان قد أخذها وأعطيناها لنازحٍ آخر في الطابور، كان المسؤول الفرنسي دقيقاً في عمله ،ومزعجاً في نظر أغلبنا ،لكونه يجادل كثيرا ًليتم التوزيع بشكلٍ عادل وكي يحصل كل فردٍ على كميتهِ المخصصة له .
صار وقت الظهيرة ،وفي زحمة هياكل البناء العشوائية التي أصبحت ملاذاً للسنجاريين، أتى نازح يُدعى " خليفة باجو" ،كان النازحون هناك قد انتخبوه ممثلاً عنهم، وأخبرنا بعد رؤيتنا لصحون الأكل المقدمة : لقد جهزنا الغداء لكم ،ونتمنى أن تتفضلوا هنا ، وتأكلوا وتستريحوا بعد تعبكم الشديد معنا ومع معاناتنا، ترجمنا لمجموعتنا فحوى الكلام فرد أحدهم باختصار :why should I pay fort hat
"لماذا أدفع مالاً من أجل طعامٍ لم أطلبه"
أخبرناهم بأن الطعام المُقدَم مجاني ،وهم يرون في الأمر واجباً عليهم.
خَجلِتِ المجموعة قبول الدعوة ومن ضمنهم نحن ،فأردف صديقنا الفرنسي المحبط بسخرية قائلا : نحاسبهم منذ ساعات على كيلو غرام من الأكل ويقدمون الآن حصتهم لنا ! وقبل خروجنا علّق زميلٌ آخر: يا ترى ماذا كانوا سيقدمون لنا لو كانوا في بيوتهم حقا ولو كانوا في حال أفضل .

22.08.2014
حملها والدها بهدوء وتأنٍ وأخرجها بعيداً ، بعدما أُغمي عليها نتيجة الصخب ،والضوضاء لوجودنا بنفس التوقيت الذي تواجدت فيه منظمة أجنبية تقوم هي الأخرى بتوزيع الملابس. الفتاة انهارت بسبب الضجيج القوي الذي أحدثه الحديث والتجمهر من أجل الحصول على بعض الحاجات، التقينا بعدها بوالد الفتاة للأستفسار عن أسباب ومرض ابنته، فأجاب : لقد شاهدتَ معي جثثاً كثيرة وسمعت أصوات إطلاقات نارٍ قوية أثناء فترة هروبنا من القرية إلى الجبل وصولاً لكوردستان، وقد أصابها " الهلع"، فيغمى عليها في حالات الفرح والحزن ،والخوف ،وحال إبعادها عن هذه الأجواء وما أن يسود الهدوء والسكينة تعود لحالتها الطبيعية.
سألت السيدة سيلين الرجل إن كان قد راجع أطباء نفسيين ، فابتسم مع خيبة واضحة : إننا هنا في الطابور من أجل الحصول على فراش نوم لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقف الأونروا عن تقديم خدماتها يفاقم معاناة الفلسطينيين في ق


.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت




.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل