الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأجندة الخفية للقوات الدولية في لبنان

محمد مصطفى علوش

2006 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن القوات الدولية التي قدمت الى لبنان عقب القرار 1701 ولتشرف على تطبيقه لها أجندة خفية غير معلن عنها كان قد تم التخطيط لها في كل من تل أبيب وباريس وألمانيا وواشنطن والسبب الذي يدعونا إلى مثل هذا الظن هو تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني إلى مجلة ألمانية بداية الشهر الحالي أن القرار 1701 صيغ في مكتبها قبل أن يعرض على مجلس الأمن وبأتي هذا التصريح بالتزامن مع كلام أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية بأن القوات الدولية جاءت إلى لبنان لحماية الحدود الإسرائيلية . والسؤال الآن هل هذه الأجندة الخفية تكمن في نزع سلاح حزب الله فقط بعد أن تكشف مؤخرا الحوار الذي دار بين البطريرك صفير الزعيم الروحي للمسيحيين في لبنان وأحد كبار المسئولين في البيت الأبيض حين طلب البطرك صفير وقف الحرب على لبنان أجابه الأخير بغضب شديد قائلا له: لقد أخرجنا لكم سوريا من لبنان مقابل نزع سلاح حزب الله ولم تقوموا بنزعه حتى الساعة ، أم أن الأجندة الخفية للقوات الدولية في لبنان تتعدى موضوع سلاح حزب الله حتى تصل إلى سلاح الفلسطينيين في المخيمات مع ضعف الدولة اللبنانية في حل هذا السلاح ؟

أم أن الأجندة الخفية من قدوم القوات الدولية تأسيس قاعدة لحف شمال الأطلسي في لبنان ومراقبة الحدود البحرية حيث يمثل لبنان موقع استراتجي بحري خطير في ملف الحرب على الإرهاب بعد صدور عدة تقارير تشير إلى أن القاعدة في طريقها إلى لبنان وسوريا والأردن بعد كتابة أحد رموزها وهو أبو مصعب السوري كتابا يزيد عن 1000صفحة يتوقع فيه أن المعركة القادمة بين الإسلاميين والأمريكيين ومن لف لفهم بعد غزو أفغانستان والعراق هي في بلاد الشام داعما نظريته بحديث نبوي يشير فيه النبي عليه الصلاة والسلام على اجتماع 80 راية من رايات الشرك لتقاتل المسلمين في بلاد الشام .

أم أن وجودها - أي القوات الدولية - لاستكمال ولادة طبيعية لشرق أوسط جديد يعاد فيه ترتيب المنطقة بما يتفق مع منظومة المصالح الغربية خصوصا بعد صدور تقرير في مجلة القوات المسلحة تشير فيه إلى إعادة رسم خريطة للمنطقة تولد فيه دول جديدة تكون مع إسرائيل من أكثر الدول حماية للمصالح الغربية وهي دولة كردستان الكبيرة والتي من خلال هذا التقسيم سيصبح وجود إسرائيل في الجسم العربي أو الشرق أوسطي طبيعي بعد ولادة دول ذات طبيعة عرقية أو طائفية .

لقد صرح داليما رئيس وزراء إيطاليا، الدولة التي تقود القوات الدولية في لبنان بأن إيطاليا ستشارك بفاعلية في السياسة الدولية ولن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يحدث في المنطقة ومن هنا أرادت إيطاليا استضافة أول لقاء حصل بين الحكومة اللبنانية وإسرائيل بحضور سعودي فرنسي لبحث مشكلة الحرب على لبنان في الوقت الذي كانت طائرات وبوارج إسرائيل تضرب الحجر والبشر وكان لها ما أرادت حيث استطاعت أن تقود القوات الدولية القادمة إلى لبنان مع صدور القرار 1701 ، كما أن فرنسا الدولة الأوروبية التي كانت خلف القرار 1559 القاضي بنزع سلاح الميلشيا وحلها وإخراج القوات الأجنبية من لبنان في إشارة صريحة إلى سوريا بعد أن تأزمت الأوضاع بين فرنسا وسوريا قبيل اغتيال الحريري وحتى الآن كان لها الدور البارز في الإعداد لقدوم قوات دولية إلى لبنان البلد الذي استعمرته فرنسا طويلا وتعتبر نفسها راعية للمسيحيين فيه والساهرة على حقوقهم في بلد تتعدد فيه الطوائف أكثر مما تتعدد فيه الكيلومترات من مساحته .

في الوقت الذي تعزز فيه الولايات المتحدة الأمريكية وجودها في المناطق القريبة من النفوذ الفرنسي في أفريقيا لا سيما في القرن الإفريقي وأفريقيا الوسطى وبعد صدور القرار 1706 الخاص بدارفور ترى فرنسا أن وجودها مهدد داخل القارة السمراء حتى أن عدد قواعدها العسكرية التي كانت تتعدى المائة قاعدة انحسرت ليبقى منها ست قواعد فقط متواجدة في السنغال وساحل العاج والجابون وتشاد وجيبوتي والكاميرون كانت عين فرنسا تقع على بقية مستعمراتها السابقة والجميع يعلم كم أن فرنسا تسعى لتعزيز الفرانكفونية في العالم بكل ما تملك من الوسائل وفي ظل هذا المناخ كان لبنان يحتل موقعا مرموقا لفرنسا على هذه الإستراتجية حيث يعتبر البوابة التي من خلالها تستطيع فرنسا أن تدخل وبقوة إلى سائر الدول العربية لا سيما سوريا. كان لا بد من صفقة أمريكية فرنسية تتمثل في إطلاق يد فرنسا في لبنان من خلال الإتحاد الأوروبي مقابل فتح المجال قليلا للولايات المتحدة في توسيع نفوذها في القارة السمراء وبما أن معظم الطوائف اللبنانية ينظرون بعين الريبة تجاه فرنسا لتاريخها المخزي في لبنان كان لا بد أن تكون القوات الدولية تحت إمرة غير فرنسية من حيث الظاهر تمثلت بإيطاليا في الوقت الذي تحرك جميع الخيوط القوات الفرنسية فيما يتعلق بدور القوات الدولية.

كما أن لهؤلاء مصالح في لبنان فإن لتركيا المشاركة في القوات الدولية مصالح أيضا ولكن في مكان آخر فقد كشف تقرير صدر مؤخرا يؤكد أن اتفاقا تم بين تركيا من جانب والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جانب آخر على أن تقوم تركيا بمراقبة الطائرات الإيرانية المتوجهة عبر أراضيها إلى كل من لبنان وسوريا مقابل غض الطرف عن ملاحقة تركيا لحزب العمال الكردستاني بعد أن تبين حسب صحيفة «يو إس توداي» أن صوراً عالية التقنية التقطت لجنود إيرانيين في قاعدة جوية إيرانية وهم ينقلون ثمانية صواريخ سي 802 المضادة للسفن ويشحنوها على متن طائرات شحن إيرانية توجهت في ما بعد إلى سورية. ما دفع الإدارة الأميركية إلى القبول بالصفقة التركية بعدم السماح للطائرات بعبور أجوائها إلا بعد القيام بتفتيشها مقابل إطلاق يدها في ملف حزب العمال الكردستاني.

أما بالنسبة لمصر فقد كانت المكافأة لها في إنجاح هذا المشروع هو السماح لها في تطوير أبحاثها النووية حيث أكدت الولايات المتحدة الأمريكية قبل يومين أنها لا تمانع من أن تساعد مصر في استعمال التكنولوجيا النووية والتي كان الرد المصري غير الرسمي على لسان جمال مبارك نجل الرئيس المصري الذي تناول لأول مرة موضوع الطاقة في مصر وأن مصر ينبغي أن تطور من موارد الطاقة لديها بما فيها الطاقة النووية والسبب في هذا التطور الغريب لموقف الولايات المتحدة من موضوع التكنولوجيا النووية لدولة عربية مع سكوت مطبق لإسرائيل حول الموضوع أن الولايات المتحدة وبعد قصور أجهزة المخابرات والتجسس لديها في معرفة النقطة التي وصل إليها برنامج إيران النووي والتي تشير كثير من التقارير إلى أن إيران وصلت إلى نقطة اللاعودة في برنامجها النووي ولا يستطيع أحد أن يوقفها عن دخول النادي النووي كان لا بد من إيجاد منافس لها غير إسرائيل وكانت مصر الدولة المرشحة للعب هكذا دور . فالولايات المتحدة توهم العرب أن سلاح إيران النووي هو لمواجهة العرب وليس لمواجهة إسرائيل فإيران لها مطامع كبيرة في النفط العربي في الخليج وأن دورها في سرقة العراق لا يخفى على أحد
أما بالنسبة لإسرائيل فإن قدوم القوات الدولية خطوة مهمة جدا لها في مرحلة تغير الجغرافيا السياسية للمنطقة حيث تخشى أن تتعرض لهجمات عديدة من قبل حركات مقاومة وقد بدا هذا القلق في تصاريح عدة مسئولين كآرييل شارون وبنيامين نتنياهو حول أن إسرائيل تعيش في «جوار خشن» حيث لا يستمع أعداؤها سوى لمنطق القوة. كما أن ما كشفه التقرير السنوي للمخابرات الإسرائيلية بأن العام 2007 سيكون الأقسى من الناحية الأمنية, مع احتمالات فتح جبهة جديدة هي الجبهة السورية إلى جانب الجبهة الشمالية في لبنان ما يجعلها بحاجة لمن يحمي ظهرها من صواريخ المقاومة اللبنانية وهجمات القاعدة التي بدأت الاحتمالات تزداد بقرب توجهها من الأهداف الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية. ولمواجهة هذا السيناريو كان لإسرائيل رغبة في إنشاء منطقة عازلة في جنوب الليطاني لفصل لبنان ولو شكلاً في هذه المرحلة عن الصراع العربي¬ الإسرائيلي عسكرياً وامنيا دون أن يحد من النشاط الإسرائيلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي المصلحة المشتركة لكل هذه الدول على الأراضي اللبنانية بدأً من إسرائيل ومرورا بالعالم الغربي وانتهاء بالدول العربية لا سيما مصر والأردن

الجواب نجده ماثلا غاية الوضوح في تصاريح جميع زعماء هذه الدول من خلال حديثهم عن الإرهاب الإسلامي والذي يهدد كل عروش هؤلاء بدأً بالأنظمة العربية وانتهاء بإسرائيل .إنه يراد غسل دماغ هذه الشعوب المغلوبة على أمرها من الداخل والخارج من التفكير بمقاومة أي مشروع يفرض عليها ولا يتم ذلك إلا بالقضاء على الحركات المقاومة كحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين والقضاء على تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق وفي كل الدول العربية في إطار صفقة تقوم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بغض النظر عن التجاوزات اللاأخلاقية للأنظمة العربية في قمع شعوبها مقابل المحافظة على المصالح الغربية في البلدان العربية ولكن للأسف فإن الدول العربية أو بالأحرى الأنظمة العربية لا تقرأ التاريخ جيدا فقد قامت بريطانيا بلعب هذا الدور مع الشريف حسين في مكة لمقاتلة الدولة العثمانية مقابل مساعدته في بسط يده على الدول العربية إلا أن البريطانيين فعلوا عكس ذلك فجعلوا الدول العربية كلها تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني وفق اتفاق سايكس بيكو فهل يا ترى يقوم المستعمر الجديد بلعب نفس الدور لا سيما أن التاريخ يعيد نفسه؟

نعم صدر القرار الدولي 1701 وكان شديد الغموض فالقرار يحتمل تأويلات وتفسيرات عديدة تصل حد التناقض ويبدو أن القرار كان قد صيغ بعناية في مكتب وزيرة الخارجية الإسرائيلية قبل أن تضع عليه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا اللمسات الأخيرة حتى يكون القنبلة الموقوتة التي تفجر الأزمات اللاحقة كما الأمر مع كثير من القرارات الدولية التي يرعاها ويصوغها الكبار كالولايات المتحدة ولا أدل على ذلك من البند 15 من القرار الدولي 1701 الذي يدعو «كل الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية للحؤول دون ان يتم من خلال مواطنيها أو انطلاقاً من أراضيها أو عبر استخدام مراكبها أو طائراتها بيع أي كيان أو فرد في لبنان أو تزويده بأسلحة ومواد ذات صلة من اي نوع ولا سيما منها أسلحة وذخائر ومعدات شبه عسكرية, باستثناء ما تسمح به الحكومة اللبنانية أو اليونيفيل».

أما بالنسبة للدولة اللبنانية فهمها الوحيد كيف تمارس حكما في لبنان وهاجسها نزع سلاح حزب الله وتحويل لبنان إلى منتجع سياحي وعنصر جذب لكل ما هو غربي ولا يعنيها بحال ما إذا كانت هناك أجندة خفية للقوات الدولية أم لا...فالسيادة اللبنانية غائبة أصلا ولم تكن في يوم من الأيام منذ 30 سنة أي منذ دخول قوات الردع العربي السوري إلى لبنان في عام 1975 .

لقد قدمت القوات الدولية بعد صراع طويل في مجلس الأمن أعلن خلاله الوفد العربي نجاح دبلوماسيته في جعل القرار الدولي 1701 تحت البند السادس الذي يجعل من القوات الدولية ذو طبيعة ردعية وليس طبيعة هجومية إلا أن الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل تناول هذا الأمر بالسخرية وقال معلقا على القرار إن تفسيره يحتمل وضع القوات الدولية تحت الفصل السابع أكثر مما يحتمل وضعها تحت الفصل السادس والإشكالية هنا لم تكن من قبل الحكومة اللبنانية بل من قبل حزب الله لأنه لا يرغب أن تقوم القوات الدولية بالتجسس على تحركاته ومن ثم تقوم بنزع سلاحه بحجة تطبيق القرار الدولي وبعد شهرين من صدور القرار تقريبا بدأت تتكشف الحقائق والمؤامرات وأن القرار وجد ليكون عبأ على حزب الله وحماية للحدود الشمالية لإسرائيل وربما في المستقبل أن تقوم القوات الدولية بنزع سلاح حزب الله نيابة عن إسرائيل وإلا كيف نفسر استقدام فرنسا فوج المدفعية 57 إلى لبنان، المجهزة بالأسلحة المضادة للجو نظام قذيفة فرانكو الألماني أرض - جو قصير المدى، وقذيفة المسترال تحت الحمراء أرض - جو، بالإضافة إلى دبابة Leclerc، التي تعتبر آخر التكنولوجيات العسكرية بدلا من الدبابة الكلاسيكية هذه المعدات التي صنعت أصلا للعمليات الهجومية وليس للردع فقط ...ثم كيف نفسر الإحتياطات الأمنية المبالغ فيها والتي اتخذتها القوات الفرنسية في بلد آمن أصلا إن لم يكن هناك أجندة خفية غير المعلن عنها ؟

لقد جاءت القوات الدولية الى لبنان مع وجود اكثر من 250 جهاز تنصت حديثاً متطوراً في البحر قادر على التقاط كل المكالمات الهاتفية الثابتة والخلوية واللاسلكية, فضلاً عن مراقبة البريد الالكتروني والفاكس, وذلك باللغة العربية واللغات الاجنبية كافة وخصوصا الفرنسية والايطالية والانكليزية والاسبانية. ويقوم بتشغيل اجهزة التنصت هذه مهندسون في الاتصالات ومتخصصون في تفكيك الشيفرة والرموز والرسائل المرمزة. ومن تجهيزات القوات الفرنسية التابعة للقوات الدولية, عدد من الشاحنات التي تحمل رادارات متنقلة قادرة على تحديد مصدر اطلاق الصواريخ.

وما يزيد الشكوك أكثر حول طبيعة مهمة القوات الدولية في لبنان تجميد عمل المدير العام للأمن العام منذ أيام لمدة عشرين يوم - وهو رجل شيعي قريب من توجهات أمل وحزب الله - من قبل وزارة الداخلية والتي يسيطر عليها تيار المستقبل الذي أصر على قدوم القوات الدولية الى لبنان كان على أثر اشكال بدأ يتفاعل في الآونة الأخيرة في جنوب الليطاني بين قيادة القوات الدولية وقيادة الأمن العام على خلفية مسعى دولي غير معلن يقوده الجنرال آلان بيللغريني لاقفال مركز الامن العام الحدودي بين لبنان واسرائيل في الناقورة, وهو ما ابلغه قائد القوات الدولية آلان بيللغريني عبر رسالة الى قيادة الامن العام طالبا اقفال المركز وسحب عناصره بذريعة انه معرض للخطر من جانب الاسرائيليين, بما في ذلك خطر اطلاق النار وان الأمم المتحدة لا تريد ان تتحمل المسؤولية, واشارت الى ان جواب الامن العام بعد مراجعات رسمية قضى بالابقاء على المركز, لا بل تعزيزه وتحمل تبعات ذلك.

لقد تحولت شواطئ لبنان ميداناً للسفن الحربية الغربية في خضم التحولات الجغرافية السياسية لمحاصرة سوريا ، ووجود هذه الاساطيل قرب الشواطئ اللبنانية جوهره اشراك أوروبا في اعادة رسم المنطقة العربية امتدادا الى «الشرق الاوسط الجديد» الذي يشمل ايران وتركيا وافغانستان وباكستان, اضافة الى شمال افريقيا العربية وصولاً الى السودان كما هو واضح وجلي لكل ذي لب او لمن له عينيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير