الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزارة التربية والتعليم المصرية تحول المدارس إلي كتاتيب

وحيد حسب الله

2006 / 10 / 18
حقوق الاطفال والشبيبة


في الوقت التي تتعالى فيه الأصوات في مصر من أجل أصلاح منظومة التعليم الحالية وتطهيره من براثن التعصب وكراهية الآخر وذلك بتحييد المدرسة كأداة لبث العلم والمحبة بين الطلاب مسلمين ومسيحيين وكذلك المناداة بتدريس مادة مشتركة عن الأديان يواظب فيها التلاميذ والطلاب لتلقي المعرفة عن الأديان الأخرى بدون الفصل بينهم كما هو يحدث الآن من أجل تدعيم وتكريس وتعميق مبدأ المواطنة والمساواة بين الجميع بهدف الخروج من المأزق الحالي التي يعيشه التلاميذ والطلاب في المدارس ، فاجأنا المسئولين عن الإدارة التعليمية في محافظتي القاهرة والجيزة في جريدة الأهرام بتاريخ 16 أكتوبر 2006 العدد 131 السنة 43778 بالإعلان عن خطة للتوسع في إنشاء المساجد بالمدارس وهو ما يعتبر خطوة خطيرة في اختراق المنهج الوهابي المتزمت لمنظومة التعليم في مصر . وإن كان المسئولين عن التعليم في محافظتي القاهرة والجيزة حاولوا تزيين خطتهم بأهداف في ظاهرها نبيلة ولكن باطنها تكمن السموم التي سوف يبثونها في المؤسسات التعليمية .
الكل يعلم الفشل الواضح وغير المشكوك فيه للقائمين على التعليم في إيجاد نظام تعليمي ناجح ينهض بالتلاميذ والطلاب في مجال العلم والفكر . أن لجوء المسئولين إلي التوسع في بناء مساجد في المدارس يعنى أن المدرسين والطلاب سوف يتركون حصص دروسهم التعليمية لإقامة الشعائر الدينية وكأن المساجد الموجودة حول المدارس لا تكفي . وهنا يجب أن نطرح السؤال الآتي : هل التلاميذ والطلاب هم في حاجة إلي بناء مساجد أم بناء فصول دراسية جديدة تخفف من العدد الكبير المتكدس في الفصول الدراسية الحالية مما يجعل من الصعوبة أن يقوم المدرسين بعملهم التعليمي كما يجب ؟ أن تكريس المسئولين لوقتهم وجهدهم في بناء المساجد في المدارس ما هو إلا هروبهم من فشلهم في حل مشكلات التعليم والبحث عن حلول كفيلة بالنهوض بمستوى التعليم الذي يشكو الشعب المصري منه ! أليس من مهمة وزارة الأوقاف والأزهر الاهتمام بالتربية الدينية للمسلمين وتعريفهم بدينهم من خلال آلاف المساجد الموجودة في جميع أنحاء مصر والبرامج التليفزيونية والصحف وغيرها من وسائل الإعلام الحديثة بدلاً من وزارة التربية والتعليم والذي تتحمل مسئولية إيجاد كل الوسائل اللازمة من مباني ووسائل تعليمية حديثة للتعليم ؟ من سيدفع تكاليف بناء هذه المساجد في المدارس ، وزارة الأوقاف أم وزارة التربية والتعليم ؟ هل اللجوء لبناء المساجد في المدارس هي وسيلة جديدة لمسئولي التعليم للنهب من وراءها ؟
ولكن لم يقل لنا المسئولين كيف سيقومون بتحقيق قولهم هذا " وأوضح ان الخطة التي وضعتها الوزارة شملت أيضا استضافة علماء من الأزهر الشريف علي فترات متقاربة لتزويد الطلاب بالمعلومات الدينية الصحيحة والرد علي أسئلتهم‏,‏ ؟ وإفادتهم دينيا‏,‏ بالإضافة إلي تشجيع الاهتمام بالحصص الدينية الإسلامية‏,‏ والمسيحية بجميع المدارس‏,‏ لترسيخ القيم‏,‏ والمباديء‏,‏ ونشر روح التسامح بين جميع الطلاب‏.‏" على أرض الواقع وماذا سيكون الوضع بالنسبة للتلاميذ والطلاب المسيحيين ؟ هل سيقومون أيضاً بإنشاء أماكن لهم لممارسة شعائرهم الدينية وخاصة أن التعاليم المسيحية تطالب أتباعها بممارسة الصلوات السبع ومنها ما يجب ممارسته أثناء النهار أي في خلال اليوم الدراسي ؟ هل ستدعو الإدارة التعليمية المتخصصين من رجال الدين المسيحي لتزويد الطلاب المسيحيين بالمعلومات الدينية الصحيحة والرد على أسئلتهم أسوة بزملائهم المسلمين ؟ هل ستقوم الإدارة التعليمية بعمل حلقات وندوات مشتركة بين الطلاب المسلمين والمسيحيين يتكلم فيها علماء الأزهر باحترام ووقار عن العقيدة المسيحية وعن المسيحيين كما يطالبون غيرهم باحترام عقيدتهم ودينهم الإسلامي ؟ هل سيتجرأ علماء الأزهر والأستاذة المكلفين بالتعليم الديني الإسلامي بالشرح للطلاب المسلمين أن المسيحيين ليسوا بكافرين ولا هم أولاد القردة والخنازير وليسوا أعداء الإسلام كما هو حادث الآن ؟
لقد أصبحت ضرورة ملحة أن تصبح المدرسة ساحة للعلم وأن يتعلم كل تلميذ وطالب فيها أن له شركاء في الوطن ولكن مختلفين عنه دينياً وهذا لا يمنع أن يعمل الجميع رغم هذا الاختلاف والتنوع من أجل بناء وطنهم وسعادتهم وسعادة الآخرين . لابد أن تبقي المدرسة صرح للعلم والإبداع والاختراع . لكي نصل إلي ذلك لابد لنا أي للدولة أن تقوم بمهامها في صنع المعلم المحايد والذي يترك أفكاره وعقيدته خارج أسوار المدرسة وأن يكون كل همه هو تلقين تلاميذه العلم وحرية الفكر واحترام رأي الآخر وتعليمهم المناقشة والحوار بأسلوب متحضر والبعد عن أكراه الآخر وتهديده كما هو شائع الآن في المجتمع .
من الأفضل أن يبحث المسئولين في الإدارة التعليمية لمحافظتي القاهرة والجيزة عن وسائل أخرى للنهوض بدور المدرسة في المجتمع بدلاً من تحويل المدارس ببناء المساجد فيها إلي بؤرة للتعصب والإرهاب وتهديد المجتمع ! هل سيكون في إمكانية وزارة التربية والتعليم السيطرة على هذه المساجد حتى لا تصبح أداة في أيدي المتعصبين والمتطرفين ؟ من المستحيل أن تسيطر الوزارة على ذلك والمثل الذي يثبت ذلك فشل وزارة الأوقاف في السيطرة على المساجد وما يدور فيها من تجنيد للإرهابيين وتخطيط الهجوم على البنية الأساسية ومصادر الرزق لملايين من المصريين ومخططات خطف البنات القبطيات والهجوم على المصلين في الكنائس؟
من الضروري بل أصبح حتمياً أن تقوم الوزارة بتنقية المناهج الدينية من كل ما يشجع على كراهية الآخر المختلف سواء مسيحياً أو يهودياً أو مفكراً حراً ، فالمشكلة الآن أن ما يلقن للطالب هو كراهية كل من يفكر ليس فقط المسيحي أو اليهودي ولكن كل إنسان يفكر بطريقة تختلف عن ما يتعلمه الطالب في حصص الدين .
لا نعلم كيف سيحقق المسئولين في الإدارة التعليمية لمحافظتي القاهرة والجيزة ذلك الهدف الذي أعلنوه إلا وهو " الاهتمام بالحصص الدينية الإسلامية‏,‏ والمسيحية بجميع المدارس‏,‏ لترسيخ القيم‏,‏ والمباديء‏,‏ ونشر روح التسامح بين جميع الطلاب" بينما يصدر مديري المدارس أوامر بفرض الحجاب على الفتيات جميعاً بلا استثناء ومنهم الفتيات القبطيات وإلا سيتعرضون للطرد من المدارس ؟ بينما هؤلاء يهاجمون الدول الغربية التي ترفض الحجاب كرمز ديني ويقومون بالمظاهرات ويطالبون باحترام حقوق الإنسان وهم في نفس الوقت يمارسون الإرهاب الديني على غير المسلمين في بلادهم وهم مواطنون مثلهم وليسوا غرباء أو أجانب ؟
أن خطورة مشروع الإدارة التعليمية في كل من محافظتي القاهرة والجيزة يكمن فيما يخفيه من خطط إخوانية بتحويل مدارس وزارة التربية والتعليم كما عرفناها في أجيالنا إلي مدارس قرآنية طالبنية في خطوة أخرى نحو التقهقر والتخلف الثقافي والعلمي .
أنني أدق ناقوس الخطر وألفت الأنظار إلي خطورة هذا المشروع الإخواني المدمر للمجتمع المصري .
أخيراً من المضحك المبكي أنه في الوقت الذي بدأت فيه السعودية نفسها منبع الوهابية والتزمت بمراجعة مناهجها وتنقيتها من المواد التي تشجع على التعصب والإرهاب وخاصة بعد أحداث 11/9/2001 ، نقوم نحن في مصر بدس وبث المزيد من المواد التي تشجع على التعصب والإرهاب وصار الكثيرين يزايدون على نشر ذلك وأصبحت لهم مادة مربحة يتاجرون بها .
أليس من الأفضل للمسئولين أن يفكروا في بناء معامل علمية لتشجيع المواهب والاختراعات والاهتمام بالمدرسين وتحسين حياتهم المادية حتى يتفرغوا للتعليم بدلاً من أن يمارسوا أسلوب البلطجة وفرض الدروس الخصوصية حتى يستطيعوا أن يعيشوا بدلاً من بناء مساجد هي من مهمة وزارة الأوقاف والأزهر . لماذا هذا الخلط والتخبط بين مؤسسات الدولة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون