الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حضرة المتهم النظام

لبنى حسن

2006 / 11 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم أفاجأ بنبأ الحكم على النائب المعارض طلعت السادات بسنة مع الشغل من قبل محكمة عسكرية لا استئناف أو نقض لأحكامها, فقد كان أمراً متوقعا حيث دأب النظام في الآونة الأخيرة على مطاردة المعارضين وتصفية البارزين منهم, و لعل المتابع للأحداث يلاحظ أن ما سجن بسببه طلعت السادات هي تصريحات مكررة سبق و أدلى بها منذ أكثر من عام و لم يحرك أحد ساكناً, فالنائب لم يأتي بجديد بل نقل ما كان يدور في الشارع و ما يتناقله العامة في حوارتهم, و لكن الآن و في ظل الاحتقان السياسي و التوجه الرئاسي لإعادة تعديل المادة 76 أصبحت الحاجة ملحة للتخلص من المعارضين أصحاب الأصوات العالية خاصة إن كان لهم أنصار في الشارع بحجم أنصار طلعت السادات الذي لا تكاد تراه في مناسبة أو حتى ماراً في شارع إلا و قد تجمع حوله المئات, فاتفقنا أو اختلفنا مع مواقفه و تصريحاته لا نستطيع إنكار انه معارض من نوع خاص و نادر, له كاريزما و قبول شعبي يجعل منه هدف للقنوات التلفزيونية التي ما أن تستضيفه حتى تنهال عليها الإعلانات و اتصالات المشاهدين الذين ينبهروا بجرأته في التعبير عن ما يدور في أذهانهم بلا مواربة أو تزيين.

التصاعد الدرامي للأحداث و سرعة رفع الحصانة البرلمانية عنه (يوم عطلة رسمية) و مشهد التفاف الجماهير نحوه و هتافاتهم و هو في طريقة للمحكمة العسكرية و ما صاحب ذلك من نشر لحشود أمنية خارج و داخل قاعة المحكمة أعاد للأذهان مشهد التخلص من المعارض أيمن نور, فهو أيضا من نوعيه المعارضين الذين يتمتعون بشعبية في الشارع المصري, فيكفى وقوف احدهم – السادات أو نور- في مكان حتى يتجمع الناس و تبدأ الهتافات و بالطبع تلك تعد أكثر النوعيات المعارضة خطورة بالنسبة للنظام السياسي, و بالتالي فقد توقع الجميع نتيجة المحاكمة.

لقد اعتبرت تصريحات النائب المعارض عن اغتيال الرئيس السادات و خاصة تلك التي أذيعت عبر شبكة أوربيت مهينة للقوات المسلحة و ماسة بالأمن القومي مما دفع المسئولين في أجهزة الدولة للتكاتف و التحرك بسرعة البرق لوضع حد لتلك الكارثة القومية التي من شأنها الأضرار بالمواطنين الأبرياء و زعزعة أمن واستقرار و سلامة البلاد, في التوقيت الذي لم يعتبر أحد هؤلاء المسئولين الأفاضل ما حدث من تحرش جنسي جماعي بالنساء في وسط البلد ماسا بالأمن القومي و لا مهينا لمصر بأكملها لا لأحد قطاعتها فحسب, فلم ُيعتبر ما نقلته صور و تسجيلات كاميرات الموبايل من بشاعة مئات الوحوش الآدمية و هي تنهش في جسد النساء أساءه لمصر, أو شعبها أو يشكل أدنى خطرا على سلامة المواطنين, و بالتالي لم تتحرك أجهزة الدولة, و لم نسمع من أجهزة الأمن الكثيرة التي تلتهم قدر ضخم من ميزانية البلاد و يفترض أن مهمتها الأساسية هي حماية المواطن و تأمين الشارع, ولم نرى وزارة الداخلية تمنع الجريمة قبل وقوعها و لم تحمى الضحايا بعدها و تلاحق الجناة بل و حتى لم تكترث بإصدار بيان رسمي و لو للشجب و الاستنكار.

و لكن هذا أيضا كان متوقع و ليس بمفاجأة على الإطلاق, فهولاء البلطجية و الحيوانات البشرية ليسوا بأغراب بل أحباب استُخدموا من قبل في الانتخابات و الاستفتاءات و يجاملوا في كل المناسبات وإذا كانوا قد ُتركوا بدون عمل لفترة فكان لهم العيد فرصة لممارسة ما تدربوا عليه و احترفوه حتى لا يفقدوا لياقتهم المعتادة خاصة و نحن ننتظر المزيد من الانتخابات في مختلف المستويات.

و أين عنصر المفاجأة و أجهزة الدولة نفسها أدمنت التحرش بالشعب و تبارك ما يحدث من انتهاكات للمواطنين بل و أعضاء اكبر أحزابها هم أول من ابتدع تقليد الاستعانة بالبلطجية و السوابق الإجرامية و المتحرشين, الذين سبق و سمح لهم بممارسة مهامهم القذرة أمام أعين الشرطة في موسم الانتخابات و يوم الاستفتاء على تعديل المادة 76, هذا اليوم الأسود الذي شهد مهازل أخلاقية بدت و كأنها تتم بمباركة الدولة التي لم تبالي أجهزتها المختلفة بشهادة الشهود العيان و لا بتسجيلات الفيديو و ما نقلته الفضائيات العربية و الأجنبية من مشاهد للتحرش و الاغتصاب في عرض الشارع, فحفظت التحقيقات و قيدت الواقعة ضد مجهولين ! و بالتالي كان من الطبيعي و المنطقي جدا أن ينضم أعضاء جدد لنادى المتحرشين حاملي السنج و المطاوي, خاصة و هم لا يمسون الأمن السياسي فيتمتعون بحرية التجمع بالمئات- أو قل الآلاف- في ظل قانون طوارىء يحظر تجمع أكثر ن ثلاثة أشخاص قد يحملون فكراً.

و هنا لن أحلل أسباب السعار الذي أصاب وسط القاهرة, و لن أتحدث عن ما سبق و تناولته ببراعة أقلام كثيرة خاصة المدونين من أبعاد و مؤشرات لتلك التحرشات الجنسية, لأنها ببساطة تعد مجرد حلقة في سلسلة التردي و الإحباط الذي نعيشه في بلد بات العدل فيه محبوس و مات الحق فيه مظلوم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة