الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

صالح جبار

2007 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الأقراص

أيقن ألان إن لا مجال له في إن يحيا على ذات النمط الذي ألفه فقد كان يخشى على حياته .
الكثير من الأمور قد تغيرت ولم يعد احد يرغب في رويته لأنه دائما يذكرهم بالماسي التي مرت بهم ..
إما هو فكان يتلذذ بتلك الصور المرعبة بل انه كان مندفعا لأجل إن ينجزها على أكمل وجه ..
أصبح ألان سجين داره ولم يعد يزوره احد ..

لم يعد احد معه سوى زوجته التي صارت تعامله بخشونة ..
فكر وهو يتطلع في بمرآة غرفة نومه حين كانت النساء يأتين لأجل التوسل به لإنجاز أمورهن المستعصية
أو لدفع ضرر ما ..

كانت أمورا تافهة لأنه بحكم موقعه كان يستطيع إن ينجز الكثير لكنه لم يبال لمشاكلهم العديدة ..
لم يعد يسيطر على احد ألان لقد اختفت مظاهر سلطانه ولا غير هذه الزوجة القميئة التي لم تعد تصغي إليه ..
جال بخاطره وهو يمضي بين غرف الدار التي أصبحت سجنه ..
كيف إن الوقت يسحقه ببطء والملل يتسرب الى زوايا روحه ..
لم يكن هناك ما يملي به الساعات الطوال وهو جالس في غرفة نومه يواجه خزانة الملابس التي تحتوي بدلاته العديدة ..

حاول إن يتذكر متى كانت أخر مرة ارتدى فيها ( بدلته الزيتونية ) ؟
لم تسعفه الذاكرة تألم كثيرا , أحس إن ذاكرته تخونه وانه لن يستطيع بعد ألان تذكر ماضيه الذي يجتره
طوال فترة الخواء التي يعيش فيها ؟!!
وفي الليل لا يؤنسه شيء سوى التلفاز وهذا الجهاز الغريب الذي ينقل له صور الدنيا لكنه ابدا لم يعر برغبة المسامرة في هذه الآلة ..

فالصور التي يراها ألان تختلف عن تلك التي أدمن عليها لأعوام عديدة ..
لم تكن مجرد صور تبث على آلة جامدة ..
أنها بالنسبة له حياة كاملة تتفاعل مع وجدانه المستمر مع هذه المشاهد ..
التي تطل وهو يرى بطله الذي يفتعل الضحكات المتشنجة ..
ومع مرور الوقت كانت تلك الجلسات الطويلة جزءا من تكوين نسيجه ..
فقام بتسجيلها على اقراص مدمجة وحين انتبه نهض نحو خزانة الملابس راح يبحث بلهفة عن اقراصه
المخباة بين طيات الثياب ..
وحين لم يعثر عليها صرخ بغضب :- اين هي .. ؟!
وقفت المراة التي ذبل وجهها من فرط المعاناة .. لتقول له :-
ما الذي تبحث عنه .. ؟!

احتاج الى ان يتنفس بعمق , كاد ان يغمى عليه من فرط غضبه ليسالها :-
اين الاقراص ؟ وقبل ان يكمل اجابت , لقد وضعتها فوق الخزانة .
احتاج الى ان يكلمها بهدوء ..
وحزم تعلمهما جيدا من ماضيه المندثر:
لماذا فعلت ذلك .. ؟؟ ألا تخافين أن يأتي أ حدهم ويعثر عليها .. ماذا سيكون موقفنا ... ألم تفكري أن الامور , ستزداد سوءا .. ثم لم لم تخبريني بهذا الامر ؟؟!!
كان يبدوا أنه يمارس سلطته التي يفتقدها كثيرا , أنها جزء من تكوينه الخاص , الذي حرص لفترة طويلة أن يحافظ عليها ...





نظرت أليه , المرأة القميئة ,بعد أن وضعت كرسيا ,أمام الخزنة لتطل على سطحها , لأجل جلب الاقراص التي خبئت هناك , قائلة وهي تمسك برزمة منها :
هذه أقراصك العزيزة .. ولا داعي لأن تكلمني , بمثل هذا الحذر والخوف .. لقد مضى زمان بطلك اللعين , وأردفت وهي تهبط من الكرسي
لقد تغير كل شيء

أمسك الاقراص بلهفة وكأنه لم يسمع ما قالته زوجته .. وضع القرص الفضي في جهاز التسجيل وأنتظر محدقا في الشاشة الملونة أمامه .. وبعد لحظة ظهر بطله , وقد أحاط به رجال غلاظ .. أحس براحة عميقة , تسري في بدنه وأحتاج , الى أن يشعل لفافة تبغ , وهو يتابع الصور المتحركة أمامه ... ونسى نفسه منغمسا في ملكوته .. كان الوقت يمضي وهو لايزال يقبع مكانه كمومياء ..








صالح جبار محمد
لديه مجموعة قصصية بعنوان صلاة الليل القاص من مواليد بغداد 1954
يرجو مراسلته على البريد الالكتروني E _ [email protected] ,ولديه رواية قصيرة بعنوان سأمضي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة