الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية إيلات من المستفيد من رسائلها؟

محمد مصطفى علوش

2007 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤكد أن العملية الفدائية التي وقعت في إيلات ، والتي أودت بحياة ثلاثة إسرائيليين ، إضافة إلى عدد من الجرحى في منطقة تعتبر من أكثر المناطق الإسرائيلية تحصناً لأهميتها الإستراتجية الكامنة في إطلالها على البحر الأحمر من ناحية ولمتاخمتها لكل من الحدود الأردنية والمصرية من ناحية أخرى ، فضلاً عن أن المُنفذ لها جاء من قطاع غزة ، الذي يحيط به أسلاك شائكة ، من خلفها مناطق عازلة زرعت بالألغام ، وذلك تحسباً لعمل من هذا النوع، في وقت يعيش الفلسطينيون اقتتالاً داخلياً غير مسبوق حلمت أكثر من دلالة وأرسلت أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه .

لقد جاءت "عملية إيلات" بعد 9 أشهر من توقف العمليات الفدائية داخل إسرائيل ، كما أنها الأولى من نوعها، في عام 2007م، بعد التفجير الذي استهدف محطة الحافلات المركزية، وأوقع عددًا من القتلى والجرحى "الإسرائيليين" في نيسان/ أبريل الماضي. كما تأتي بعد شهرين من هجومين ، نفذتهما سيدتان في قطاع غزة. في ظل هذه المعطيات فإن الرسائل التي حملتها العملية كانت ساخنة وكثيفة من أهمها:

الرسالة الأولى : تبني حركة الجهاد الإسلامي لها بعد عمليتها الأخيرة في نيسان/ابريل الماضي يعني أن الحركة لا تزال غير معنية في الهدنة الموقعة في غزة ، التي اتفقت عليها إسرائيل وجماعات النشطاء في نوفمبر/ تشرين الأول . وقد كانت الحركة طالبت بأن تمتد الهدنة لتشمل الضفة الغربية حيث تشن القوات الإسرائيلية غارات لاعتقال نشطاء لها.

الرسالة الثانية : أن الاقتتال الداخلي الذي أشعلت أواره إسرائيل لن يجعلها في مأمن عن ضربات المقاومة . وقد أكد ذلك المتحدث باسم سرايا القدس ، أن العملية هي الأولى في إطار ما أسماها بعمليات "ذوبان الجليد الاستشهادية"، والتي جاءت ردًا على الخروقات "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين وعمليات الاغتيال لناشطي "الجهاد الإسلامي" و"كتائب الأقصى" في الضفة وغزة ، متوعداً بتنفيذ سلسلة من العمليات النوعية التي قال إن "إسرائيل" لم تشهدها من قبل، وحذرها من مغبة تصعيدها ضد الفلسطينيين.

الرسالة الثالثة: هي للداخل الفلسطيني ، الذي يعيش الآن على أنغام الاقتتال الداخلي الذي راح ضحيته أكثر من 33 شهيد فلسطيني خلال أربعة أيام ، بأن النضال الفلسطيني لا يكون بالتصارع بين فتح وحماس على سلطة وهمية لا وجود لها . فقد دعا المتحدث السابق في بيانه، فصائل المقاومة إلى التوقف الفوري عن الاقتتال الداخلي وتوجيه البندقية نحو "العدو الإسرائيلي"

الرسالة الرابعة: رسالة مزدوجة ، وجهها الأول أن المقاومة ليست حكراً على المتصارعين من فتح وحماس باسم النضال الفلسطيني ، وأن العالم العربي ينبغي أن يسمع لأصوات أخرى غيرهما . أما وجهها الثاني فهي موجهة للمجتمع العربي والدولي المتفرج على ما يحدث داخل الشعب الفلسطيني من اقتتال، لأن ضرب إسرائيل سوف يحرك المساعي العربية والغربية للتحرك فوراً.

الرسالة الخامسة: أن سياسة التجويع الاقتصادي ، التي تمارس على الشعب الفلسطيني برغبة أمريكية وتواطؤ عربي واضح أدى إلى عدم المركزية في القرار داخل الشارع الفلسطيني ، وأن قيادتي حماس وفتح غير قادرتين على ضبط كوادرهما في عدم خرق الهدنة، وأن الحل هو الإسراع في فك الحصار .

العملية تنقذ حماس وتربك السلطة

حماس الذي تحارب من الداخل والخارج ، رأت في العملية تخفيف من الضغط الذي يمارس عليها. إذ قالت على لسان متحدثها إسماعيل رضوان أن عملية ايلات تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال المتصاعدة من حصار للشعب الفلسطيني واجتياحات واغتيالات واعتقالات في الضفة الغربية وقطاع غزة"، وبحسب المتحدث فإن "المسؤول عن تصاعد الوضع الميداني على الساحة الفلسطينية إنما هو العدو الصهيوني ".

أضف ، أن هناك ثمة قرار مركزي لحركة فتح في الانقلاب على الانتخابات التي أوصلت حماس للسلطة ، سواء بالقوة ، أو بالضغط على حماس من أجل ترك ثوابتها تمهيداً لإقصائها في جولة قادمة، من خلال الضغط على حماس لتشكيل "حكومة قادرة على فك الحصار"، أي حكومة تعترف بالشروط الرباعية الدولية الداعية إلى الاعتراف بإسرائيل ونبذ السلاح في الحصول على الحقوق المسلوبة.

لقد جاءت العملية لتلفت النظر عن الاقتتال الداخلي ، وتحوله إلى الصراع الأساسي ، وبالتالي تدفع في الضغط على المجتمع الدولي لفك الحصار عن الفلسطينيين ، الهادف أصلاً إلى إقصاء حكومة حماس غير المرغوب فيها دولياً لما تحمل من اتجاهات إسلامية ولقربها من إيران فضلاً عن عنادها المستميت في عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة قائمة ، وعدم الرغبة في سلام دائم معها في إطار حل شامل للمنطقة. فالعملية التي قال مسلحون في مؤتمر صحفي إن التخطيط لها استمر سبعة أشهر، جاءت لتصب في مصلحة حماس خلال ساعات.

لا شك أن "عملية إيلات" أربكت السلطة الفلسطينية أمام "اللجنة الرباعية" التي سوف تلتئم خلال أيام . وقد ظهر الامتعاض على لسان نمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني الذي أدان عملية "إيلات" قائلاً :" إن موقف السلطة معروف وهو إدانة العمليات التي تستهدف مدنيين، واعتبرها لا تخدم النضال الفلسطيني رغم التضحية التي قدمها الشاب منفذ الهجوم"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" ستستغلها مبررًا لمزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين.

كما أن "اللجنة الرباعية" المعنية بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، والذي ينتقد أعضاؤها السلطة الفلسطينية باعتبارها المسئولة الأولى عن اتفاق الهدنة مع اسرئيل ، أظهرت امتعاضها في تصريحات أدان الفارو دي سوتو مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط الذي قال "انه كان هجوما على أشخاص عاديين كانوا يقومون بنشاطهم اليومي وهذا أمر لا يمكن تبريره". في حين دعت موسكو السلطات الفلسطينية إلى "بذل كل ما يمكن من اجل احتواء مظاهر التطرف التي لا مبرر لها والتي لا تفيد مصالح الشعب الفلسطيني على الأمد الطويل".. أما المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو العملية في بيان وقال إن "الإخفاق في التحرك ضد الإرهاب سيؤثر لا محالة على العلاقات بين تلك الحكومة والمجتمع الدولي ويقوض طموحات الفلسطينيين بإقامة دولة لهم".


الرد الإسرائيلي

على الرغم من توعد اولمرت بشن "حرب بلا هوادة" ضد من أسماهم "الإرهابيين وقادتهم" عقب العملية ، فضلاً عما أكدته وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أن "إسرائيل أظهرت ضبط نفس استثنائيا من أجل منح الفلسطينيين فرصة لمكافحة الإرهاب ووقف الهجمات. وللأسف فقد فشل الفلسطينيون في وقفها" فإن إسرائيل برأيي لن تقدم على شن حملة واسعة، وإنما إذا أرادت أن ترد فإنها سوف تستهدف تصفية قيادات في حركة الجهاد في عمليات محدودة لأسباب عديدة من بينها

- إسرائيل تعلم جيداُ أنها لم تنجح في وقف العلميات الاستشهادية بالقوة العسكرية وخصوصا مع تغير الحكومات الإسرائيلية بين القصور والحمائم كما يسمونهم.
- ما تعيشه اسرئيل اليوم من صراعات داخلية أهمها فضحية الرئيس الجنسية وفضائح التحقيق بالإخفاق العسكري على لبنان إضافة إلى استقالة بعض الوزراء المحتملين عقب استقالة حالوتس، والتنازع الحاصل بين أولمرت وفريق حكومته .
يبدو مما سبق ، أن حكومة أولمرت الضعيفة التي من هدفها الابتعاد عن أي عمل يوحد الفلسطينيين سوف تؤجل أي رد واسع على عملية إيلات وستظل تصب الزيت على النار في مزيد من الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين حتى لا توحد الفلسطينيين في مواجهتها ضد أي رد محتمل لها من جهة ولتعطي صورة للغرب أن المجتمع الفلسطيني غير قادر على حكم نفسه بنفسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي