الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نُزهة قاتلة

هاشم تايه

2007 / 2 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


في بستان مغمور من البساتين الواقعة على مشارف إحدى مدننا الباكية، ختم (جند السماء) رحلتهم الغامضة الملتبسة بخاتمة دراماتيكيّة..
لقد قدموا، كما أخرجهم مخرجهم في فلمنا غير السعيد، كعائلة منتحرين ممثلين للماضي المُحبَط السّاخط الذي عانى قلبُهُ المكلوم من حطام أهوائه التي قُتِلَتْ فيه القتل الشنيع المعروف، واختاروا لحظة الماضي الحاضرة بيننا اليوم بدماء صرعاها، وبأثوابها وكلماتها القديمة، وبشوقها الجارف للقصاص..
إنّ معظمهم ضحايا الماضي اختطفهم الحاضر الماكر وأخرجهم لغاياته بأسلحته الفاتكة الحديثة، بعد أن عثر عليهم ببياض قلوبهم في سواد أيّامهم بلا احتراس ولا حصانة ذاتيتيْن محرومين من البصيرة - ليس بأسبابهم- ويسهل السير بهم حتى على طريق الانتحار والموت...
وفي البستان، الذي تمّ حصادهم فيه يمكن للمرء أن يكتشف بين الصرعى الذين أغرقتهم الدماء، عراقيين من القاع البائس المحروم من كلّ نعمة، ولا بدّ أنّ هؤلاء قد جرى التغرير بهم واختطاف قلوبهم بأحلام وبأوهام وربما بأشياء أخرى لا أعرفها، ولا بدّ أنّ من قادوهم في نزهتهم غير المريحة قد استفادوا من الظلام الذي تتخبّط فيه حياتهم اليائسة... حياة هي بأشدّ الحاجة إلى تحريرها من الفقر المادي والروحي، ومن الخرافة، ومن سطوة الماضي وكوابيسه، ومن كلماته ورموزه التي لا يمكن زراعتها في بستان عصرنا...
ومادمنا ممزَّقين بمصالح ضيّقة، وبأهواء حمقاء لا تلين، ومادام العقل فينا مدحوراً، وما دمنا نجترّ الماضي، ونضع بأيديه مفاتيح أيّامنا ، فإنّ هذا الماضي الذي يعجّ بالسجناء والمُحبَطين من كلّ لون سوف يُتحفنا بالمزيد من الجند الذين سيرهقون حياتنا المتورّمة أصلاً بأثقال جديدة، وسوف يلصقون بها ذيولاً تنتمي إليهم ، فتصبح كائناً خرافيّاً تصعب إعادته إلى صورة طبيعية مقبولة بجراحة لا نمتلك أدواتها، وليس عجيباً أن نستقبل في أيّامنا القادمات على أرضنا المترنّحة المخبولة، جند البحر، وجند الجبال، وجند الهواء، وجند كلّ طبيعة عنيفة...
وحيث جرى تحطيم نزهتهم الخطرة في بستانهم الدامي تلقّى جند السماء المصروعون اللّمسةَ الحانية المتأخرة التي حُرِموا منها طويلاً من لدن سماحة السيّد السيستاني، حين أوصى بدفنهم سريعاً... أكانت تلك اللّمسة التي لم يسعْهم استقبالها تعبيراً عن أسفه لمصيرهم ؟
أكانت إمضاءً مقدَّساً على قبورهم، ونهايتهم التي يحسن دفنها بسرعة ؟
أهيَ اعتراف بأنّ أكثرهم عراقيون خطاة ينتمون إلينا في النهاية ؟
أم أنّها توجيه بأنّ الحكمة كانت تقتضي الذهاب إليهم حيث كانوا يقيمون أحياء، والتعرّف على أسبابهم، ومحاورتهم فيها، ومن أجل بذل كلّ جهد من شأنه إنقاذ المُغَرَّر منهم، في الأقل، بتحريرهم من أرباب المشاريع المنتحرة الذين يجب عزلهم أوّلاً وأخيراً ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران