الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوزيف سماحه : العابر من اليومى إلى التاريخى

عبد المجيد راشد

2007 / 2 / 28
الصحافة والاعلام


هل رأى أحدكم عقلا عابرا من المغلق الى المفتوح ، من اللحظة الى الأبد ،من الضيق الى الواسع ، من المنفرالى المبشر ، من العسير الى اليسير ، من زنزانه الذات الى حضن الجموع ؟

هل رأى أحدكم قلما يستخلص اليومى ليضعه فى مكانه من التاريخى ؟
هل رأى أحدكم عقلا يكثف التفاصيل ليضعها فى مكانها من المجرد ؟
يستنطق من الخاص ما يضعه فى موقعه من العام
هل رأى أحدكم فكرا يتجاوز العقائدى الضيق الى الجماهيرى الواسع ؟
من لم ير فعليه أن يذهب الى أى مكتبة ليمتلك تلك الثروة القادرة على جعله يخطو أولى خطوات الرؤية و مبتدأ التأسيس لطريقة أخرى فى التفكير و التدبر و التأمل و التحليل و الإستنطاق و الاستنتاج و الوصول الى حيث المحل المختار لليقين فى سويداء القلب و للإدراك البصير المبصر فى بؤرة من بؤر الذهن .
فقط يسأل صاحب المكتبة :
هل لديك ما أنتجته قريحة و دم ووجدان و ذهن كاتب اسمه جوزيف سماحه ؟
و كن على ثقة فسوف يجيبك :
و هل توجد مكتبة معتبرة فى أمتنا من محيطها الثائر إلى خليجها الهادر ، و من جبال طرطوس إلى كردفان لا تزين أرففها صفحات من عصارة أفكار تحمل توقيع جوزيف سماحه ؟
مؤكد أنك بعد قراءة بعضها ستبحث عن أحد ما لتجده يجيبك :
جوزيف سماحه .. يا الله ..
سأروى لك بعضا مما يقرب الصورة و ينفذ بك الى الجوهر .. فى الثلث الثانى من تسعينات القرن الماضى ، كانت الأمة تعيش تحت سماء ملبدة بغيوم مفاوضات السلام و التى ولدت جنينا مشوها مختلطافى نسبه إسمه
" اتفاق غزة - أريحا أولا " ، و تحت ضغط زلزال انهيار الاتحاد السوفيتى و انفراد أمريكا بالهيمنة على العالم كما تصورت و خططت و دبرت ، و خاصة بعد تدمير العراق فى حرب الخليج الثانية .. و سادت ثقافة ما يسمى بالسلام .. و امتلأت صحافة العرب و اذاعاتهم بالمحللين الذين يحللون لأمريكا ما ترغب فى نشره و تعميمه .. و ينشئون جماعات لما أسموه السلام مع العدو الصهيونى و الاندماج معه فى مشروع شيمون بيريز للشرق الأوسط الجديد تلعب فيه ( إسرائيل ) دور القاطرة و القيادة ، و تلعب دول النفط الأسود فى الخليج الذى ينبغى أن يعود عربيا دور الممول ، أما الأيدى العاملة فهى ( زى الرز ) فى مصر ..
و إذا بجوزيف سماحه يدفع الى المطابع بكلمات و سطور تتلقفها أعين و عقول ووجدان نخب الأمة من كل قواها الحية .. حملت السطور عنوان " سلام عابر ".
انطلق فيه من الهزيمة الى العناد .
من أقواله فى الكتاب :
" الدعوة الى التمسك بالبديهيات و الأساسيات هى نوع من مخاطبة النفس ، يحادث المرء نفسه فى الليل ليتأكد أنه ليس ووحيدا "
و إقرأ معى :
" النقد الذاتى بعد كل هزيمة ضرورى ، الأمة مهزومة ، تختتم قرنا من المقاومة مستسلمة لأعدائها ، فيما لا يبدو أن المشهد العام يتيح مكانا لمن يريد التأسيس على وعى الأسباب العميقة للإندحار من أجل إستئناف المواجهة .
سيجرىتقديم النقد ، هذه المرة ، بصفته عودة للوعى .لن يطاول لماذا حصل ما حصل ، بل الأسباب التى دفعت العرب الى " الوجود " أصلا فى موقع الصراع "
و سنقرأ أيضا :
" المفاوض الجيد لا يكلّ عن المطالبة و لا يشبع من الأخذ و يستميت حتى لا يعطى شيئا . انه ، فى آن معا ، التجسيد المطلق لحق قومه و الناطق بإسم إضطرارهم المأساوى إلى " التفريط ".
المفاوض الجيد هو من تراوده فكرة الإنتحار بعد التسوية مهما كانت عادلة ، لأن التسوية ، تعريفا ، تخضع لضوابط الممكن و المتاح .
إنه حال نزاع دائم بين وجدان دينى و عقل تجارى
و سنقرأ أيضا :
" يتوجب على العرب ، فى زمن المفاوضات ، التمسك قدر الإمكان بتعريف للصهيونية لا يكون خاضعا للمساومة .
إنها حركة عدوان على العرب .
تطال الفلسطينيين منهم فى وجودهم فوق أرضهم ثم فى سائر حقوقهم الأخرى فتبددهم و تحرمهم من التعبير الوطنى المستقل عن هويتهم و تطاردهم و تسعى الى محو شخصيتهم و ثقافتهم . و تطال العرب الأخرين فى تطلعهم الى بناء مصيرهم و مستقبلهم بحرية . هذه هى الحركة الصهيونية تكوينيا . كوت الفلسطينيين عرضا من أجل إمتلاك موقع لإيذاء العرب جميعا "
و ستقرأ من سطوره ما يلى :
إن التناقض بين الأمة العربية و اسرائيل هو تناقض غير قابل للحسم إلا بإنتصار أحد الطرفين . سيمتد الصراع و تتغير أشكاله و تتحول و تتكيف . يمكن لهدنات أن تحصل و لوقف إطلاق نار أن ينفذ و ل " سلام " أن يعيش بعض الوقت .لكن هذه محطات لا تغير من الأمر شيئا . لا مجال للتعايش بين تصورين للمنطقة "
وتقرأ أيضا :
" إسرائيل كيان ودور . قد يكون التعايش مع الكيان صعبا بعض الشيىء إلا أنه ممكن . أما التعايش مع الدور فهو مستحيل لأنه بالضبط ، دور عدوانى ، لا يهدف إلى التوسع الجغرافى فحسب ، بل أساسا ، إلى تجيير المحيط العربى لصالح قوى أجنبية و تركه مستباحا أمامها .
و ان شئت الوضوح الأكثر فستتأمل كلماته التى يقول فيها :
- إن القضية الأولى و المركزية للعرب هى التدرج نحو الوحدة العربية ، هذا هو ردهم الكبير على المشروع المضاد لهم و الذى تتقاطع عنده قضاياهم : التنمية ، التحديث ، الإستقلال الفعلى ، الإلغاء العقلانى و الطوعى للحدود المفتعلة الفاصلة بينهم ، دخولهم العصر.... الخ
و تأسيسا على ذلك ، يمكن القول أن القضية الفعلية التى تواجههم ليست القضية الفلسطينية بل " القضية الاسرائيلية . و ذلك لأن الوجود الصهيونى فى فلسطين يختلف ، جذريا ، عما تقدم . إنه يتذرع بإيجاد " وطن قومى "يهودى من أجل أن يلعب دورا محوريا فى إعاقة التقدم العربى و منعه بالقوة و ربط المنطقة و مصالحها بعجلة المشاريع الإستعمارية و مطامعها .
و إن شئت التصوير الذهنى لمشهد الأمة كما يراد لها فستصطدم بكلماته تلك :
- حان وقت الحصاد . العرب مدعوّون إلى توليف خساراتهم الماضية كلها فى هزيمة تاريخية عظمى . الإسم الفنى هو : النظام الإقليمى الجديد . تهندس الولايات المتحدة الأمريكية البناء . حجر الزاوية فيه التفوق الإسرائيلى النوعى . العرب مادته . يتشكلون كما يراد لهم التشكل . جسم مائع . سائل بالأحرى ، يأخذ شكل الوعاء الذى يحتويه . وظيفة هذا النظام التأسيس لحقبة مقبلة و إفراز المؤسسات و الأطر و العلاقات الداخلية التى تحمى موازين القوى الناشئة .
و لو كنت ممن ينفذون الى ماينبغى فسوف تقرأ كلماته و هو يقول :
- " ليست الأولوية ، فى المرحلة الجديدة ، للنقد . الأولوية هى للعناد . لمنع سيل الهزيمة الجارف من أن يطيح كل شيىء .. الأولوية هى ، أيضا ، للمؤاساة و الاستنهاض . لقد كنا ، إجمالا ، على حق و ما يجرى لنا محطة فى مسيرة طويلة ."
- " وعى الهزيمة شيىء آخر تماما . إنه مزيج من تشاؤم عقلانى و تفاؤل إرادوى . الحاضر أسود ، الأفق أبيض لا لشيىء إلا لأنه أفقنا . ولأن هذه طبيعة الأمور . السواد الحالى سواد نفق . الخروج منه حتمى شرط أن نحاول . لن تمر الهزيمة فوقنا وتذهب . علينا أن نعبرها ، أى أن نبنى موازيين القوى التى تلغيها . التمسك بالأهداف البعيدة شرط الإستمرار . أما تكييف أساليب العمل و الإرتضاء بما هو مرحلى ( حتى لو كان مجرد تحديد للخسارة ) فمن الأمور البديهية . ألف باء الخيانة هى التخلى عن طموحات الحد الأقصى ، و الحماقة هى رفض التعاطى مع الوضع الراهن ، و السياسة ، بالمعنى النبيل للكلمة ، هى الزواج السعيد بين الإفراط فى التشاؤم و الإفراط فى التفاؤل "
هذه بعض من علامات جوزيف سماحة على طريق الفهم و الوعى و الإدراك و العمق .
تقرأه لتقرأ دفتر الحياة من باب الحكمة و الجوهر و الدهشه لقدرة العقل على استنطاق المغزى من المعنى و العميق من السطحى و الباطن من الظاهر و الحق من الحقائق .
وهذا هو بالتحديد جوزيف سماحه
من أراد أن يعرفه حقا فليقرأ ما تيسر من ثروة إستأمنها عقول و قلوب المهمومين من طلائع الأمة .
رحم الله جوزيف سماحه
و نفعنا بما تركه لنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو