الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير حول ندوة الاسلاميون والحكم في البلدان العربية وتركيا

أبواللوز عبد الحكيم

2007 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صدر مِؤخرا كتاب يحمل عنوان "الإسلاميون والحكم في البلاد العربية وتركيا" جامعا بين دفتيه دراسات وبحوث الندوة الفكرية الأولى التي نظمت بمدينة مراكش المغربية يومي 16 و17 يونيو 2006 من طرف مركز الدراسات الدستورية والسياسية بتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور وبمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين والمهتمين بظاهرة الحركات الإسلامية في العالم العربي وتركيا.
افتتح الكتاب بورقة تقديمية حول موضوع الكتاب، حدد فيها الأستاذ محمد مالكي (مدير مركز الدراسات الدستورية والسياسية) الأسئلة الكبرى التي سعى الباحثون دارستها والإجابة وعليها في هذه الندوة وهي كالتالي:
- لماذا خيار المشاركة: أسسه النظرية ومقاصده السياسية؟
- كيف تتصور الحركات الإسلامية علاقاتها مع الفاعلين السياسيين الذين يختلفون معها في المرجعية السياسية؟
- كيف كانت حصيلة أداء الحركات التي توفرت لها شروط المشاركة سواء من داخل البرلمان، أو من موقع المسؤولية الحكومية؟
- ما هي طبيعة العقبات التي حالت دون إدراكها مقصد المشاركة؟ هل يتعلق الأمر ببنائها الذاتي؟ أم بعوامل موضوعية مرتبطة بالحياة السياسية أم بهما معا؟
- كيف يمكن بناء نموذج عقلاني لمشاركة يسعف الحركات الإسلامية في أن تصبح طرفا فاعلا في الحياة السياسية، ويجنبها الإقصاء بشقيه الذاتي ( الخاص بها) والموضوعي ( المرتبط بالنظم السياسية؟
على خلفية هذه الأسئلة جاءت إسهامات المشاركين محاولة الإجابة من خلال منظورات متعددة. فبداية، حاول الباحث المغربي عبد السلام الطويل في داخلته " قراءة في المسار السياسي لحزب العدالة والتنمية المغربي :دراسة في المفاهيم الحاكمة للمشاركة السياسية " تحديد حصيلة الأداء السياسي ل "حزب العدالة والتنمية" وكذا موقفه وموقف سنده الدعوي المتمثل في " حركة التوحيد والإصلاح"، من جملة القضايا المؤطرة لعملية المشاركة السياسية من قبيل: الموقف من الديمقراطية، والإصلاح الدستوري، والعلمانية أو العلاقة بين الدين والسياسة. كما حاول الباحث تتبع مسار المشاركة السياسية للإسلاميين المغاربة وأثر ذلك على المفاهيم التي يتبناها الحزب وذلك من خلال استعراض لحصيلة العمل التشريعي والرقابي لحزب العدالة والتنمية.
وقد حضيت التجربة المغربية باهتمام الورقة الثانية التي قدمها الباحث المغربي عبد الحكيم أبواللوز فقد حاول هذا الأخير من خلال مداخلته " المشاركة السياسية للإسلاميين المغاربة " القيام بقراءة نقدية في مسار المشاركة السياسية لحزب العدالة والتنمية سواء ذلك الذي صدر من طرف قيادات حزب العدالة والتنمية نفسها، أو تم استنتاجه ومن تحليل المعطيات التي توفرت من حلال تتبع طرق دخول الحزب على المجال السياسي ونوع ممارساته السياسية بعد ذلك الدخول، كما حاولت المداخلة البحث في المشاكل التي نجمت عن هذه المشاركة السياسية والتي اعتبرها الباحث إشكاليات نظرية ما تزال مطروحة على الحركة الإسلامية، ليخلص الباحث على استنتاج درجة رفيعة من التشبع بالديمقراطية في وعي القيادات الإسلامية على الرغم من أن العمل الإسلامي مطالب بنطرة أكثر وديناميكية، تتمثل في إبراز القدرة على التعامل مع الحداثة السياسية باعتبارها مؤطرة لعمل المؤسسات الحديثة، وليس اللجوء إليها لاقتباس التقنية السياسية فقط. وقد طعم هذا البحث بملحق يوضح مسار الممارسة السياسية عند حزب العدالة والتنمية.
وقد اهتمت الورقتين التاليتين بالقطر الجزائري فقد قام التونسي احميد النيفر بقراءة في " تجربة حركة مجتمع السلم الجزائرية " من خلال معالجة المحددات الفكرية و التنظيمية التي تمكن من فهم التوجس الذي عبر عنه بعض المتخوفين من صدقية ما يرفعه الإسلاميون الراغبون في العمل الإسلامي القانوني والانخراط في اللعبة السياسية ، في حين ركزت مداخلة الباحث الجزائري عروس الزبير " الحركات الإسلامية المشاركة في المؤسسات السياسية " عروس الزبير على التقاط أهم محطات المشاركة السياسية للإسلاميين الجزائريين، مستنتجا ما يقوم عليه التيار الإخواني في الجزائر من انقسامية تنظيمية بالرغم من المصدر المعرفي الحركي الواحد والهدف المشترك.
وفي مداخلتها " الإسلاميون بتونس ين المواجهة والمشاركة 1980-2006" قامت الباحثة التونسية أعلية علاني بالتأريخ لظهور وتطور الحركة الإسلامية في تونس، مع التشديد على تطور موقفها من المشاركة السياسية، وإظهار الظروف الذاتية والموضوعية التي دفعت حركة الاتجاه الإسلامي ( حركة النهضة حاليا) إلى المرواحة بين خيار المشاركة وبين اكراهات المواجهة مع النظام الحاكم.
على نفس المنوال عبر الباحث الليبي مصطفى عمر التير في مداخلته " الحركات الإسلامية والسلطة في ليبيا: ماضي مقبول وحاضر مرفوض " على أهمية الرجوع على التاريخ في كل عملية تروم الفهم الواقعي للحركات الدينية، وعلى هذه الخلفية أرجع الباحث نشأت الحركة الدينية هذه الحركات إلى الفرن 19 من خلال ظهور السنوسية التي وجهت نشاطها لمقاومة الاستعمار. في حين كان رصد الباحث للجماعات الدينية المعاصرة (الإخوان- التجمع الإسلامي- الجهاد- التكفير الهجرة- الجماعة الإسلامية المقاتلة- سرايا المجاهدين) من خلال دراسة حالات نموذجية رصد من خلالها تنوع الزعامات والأنشطة والأصل الاجتماعي لأتباع هذه التنظيمات.
" الحركة الإسلامية السودانية والمشاركة السياسية " كانت عنوان الورقة التي تقدم بها الباحث السوداني حيدر إبراهيم علي، فبعد تذكيره بما يميز الحركة الإسلامية السودانية عن بقية الحركات في العلم الإسلامي (كونها نشأت كجزء من الحركة المطالبة بالتحرر الوطني)، قام الباحث بدراسة نقاط الاختلاف والتمايز المسجلة بين صفوف الحركة قبل اعتلاء الحركة للسلطة السياسية، كما تتبع طرق نفاذها إلى السلطة، وذلك قبل أن يخصص القسم الثالث من ورقته لنقد عموم التجربة الإسلامية السودانية، خصوصا وأنها كانت اختبارا واقعيا لنظريات الإسلام السياسي فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وقبول الآخر وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
لقد حضيت التجربة اللبنانية بدورها باهتمام بالغ إذ قدم الباحث عدنان السيد الحسين مداخلة بهذا الصدد تحت عنوان " الحركات الإسلامية والمشاركة في المؤسسات السياسية: الحالة اللبنانية" والتي خصص جزء كبير منها عن تأثير ما يعانيه لبنان ومن تعدد طائفي ومذهبي على الحركة الإسلامية (حزب الله- الجماعة الإسلامية) التي لم تستطع أن تمنع نفسها من الاتصاف بالطائفية، وقد أحال الباحث إلى هذا العامل كثيرا في تفسيره لانجازات الحركة وإخفاقاتها، وفي استنتاج ما يواجهها من تحديات.
أما الباحث السوري عمر كوش فقد تبع مسار المشاركة السياسية للحركة الإسلامية السورية وذلك في مداخلته " الإخوان المسلمون في سوريا وآفاق المشاركة في الحراك الديمقراطي" مذكرا بان الإخوان المسلمين في سوريا عبروا عن أنفسهم بالمشاركة في المؤسسات السياسية في أربعينيات القرن الماضي، أما في الظرف الحالي فهم يشكلون إحدى القوى المهمة المطالبة بعودة الحياة السياسية على طبيعتها العادية في القطر السوري.
وعلى عكس التجربة السورية كانت الحراك السياسي للحركة الإسلامية في الأردن البلد الجار أكثر كثافة، بحيث يرجع تأسيس جمعية الإخوان المسلمين في هذا البلد على 1946 كما شهد بروز حركة أخرى سميت "بحزب جبهة العمل الإسلامي". وهو المسار التي حاولت ورقة الباحث خالد سليمان معالجته من زاوية تحليل حصيلة المشاركة السياسية لهدين القوتين و بيان استراتيجيهما في تجاوز العقبات التي واجهتهما كما وضع الباحث عدة رؤى حول المستقبل السياسي للحركات الإسلامية في الأردن.
وقد كان للحركة الإسلامية في فلسطين نصيب من اهتمام الندوة وذلك من خلال مداخلة الباحث إبراهيم أبراش " حركة حماس والانتخابات الفلسطينية: تحديات خارج السياق" وقد نوه الباحث إلى ما تميز الحالة الفلسطينية من حيث خضوع الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي مما يجعل مما يسمى أحزابا سياسية في الحقيقة فصائل مقاومة مسلحة ومكونات لحركة تحرر وطني، وقد كان هذا العامل أهمية كبيرة في تفسير الباحث لقدرة حماس على تكييف برامجها المعلنة مع مشروع التسوية والالتزامات الدولية. كما اعتمده في سياق الإجابة على تساؤلات أخرى تمحورت حول مدى استعداد حماس لمبدأ تداول السلطة الذي هو جوهر الممارسة الديمقراطية.
أما الباحث نبيل عبد الفتاح فقد اهتم في مداخلته " الإخوان المسامون والانتخابات البرلمانية في مصر 2005" بالمكانة السياسية المهمة التي أصبح يحتلها الإخوان المسلمون في مصر بعد الانتخابات النيابية لعام 2005، والتي خولت لهم الحصول على نسبة 21٪ من المقاعد. وقد سعى الباحث من خلال دراسته على استعراض رصيد الجماعة الذي دخلت به انتخابات 2005، كما استعرض إستراتيجيتها خلال هذا الاستحقاق الانتخابي، ليخلص إلى الاستنتاج بأن قوة الإخوان المسلمين هي محصبة لتحول طويل تناوله الباحث بكثير من الدقة والتفصيل.
كما استقطبت الحالة المصرية أيضا مداخلة الباحث المصري حسام تمام: " تحولات الإخوان المسلمين، كيف أثرت المشاركة السياسية على حركة الإخوان"،ملخصا هذا التحولات في العديد من النقاط من أهمها تماهي المشروع الإخواني في حدود الدولة الوطنية، وبروز روح إخوانية جديدة أساسها التكيف مع الواقع كما هو دون السعي على تغييره كما كان الحال في أدبيات الحركة في فترات سابقة، تم اتساع القاعدة الاجتماعية للحركة حيث أصبح مناضلوها من الطبقة البورجوازية المتدينة وليس من الطبقات الاجتماعية المهشمة اجتماعيا وسياسيا .
وأخيرا فتح المجال للاهتمام بالتجربة التركية من خلال مداخلتي الأستاذين محمد خيري قيرباش أوغلو: " الحركة الإسلامية السياسية التركية في الميزان" و محمد العادل: "قراءة في ابرز النجاحات والإخفاقات في المسيرة السياسية لحركة الإسلامية في تركيا" وقد خلص البحث الأول إلى بيان مدى تأثير اكراهات الوضع الداخلي على الحزبين الإسلاميين (العدالة والتنمية وحزب السعادة)، إلى حد إنهما اضطرا إلى التخلي عن الصفة الإسلامية لصالح تبني هوية سياسية محافظة، وأرجاع سقف المطالبات الإسلامية إلى مجرد إجراء تغييرات على النظام العلماني عوض محاولة تغييره جذريا، مما افقد الحركة الإسلامية القدرة عل صياغة مشروع إيديولوجي متكامل، لصالح المراوحة بين دفتي النظام العلماني بشكل تتفادى معه الصراع القوي مع العقيدة العلمانية المتحكمة في دواليب الدولة. في حين قام محمد العادل بالتحقيب لهذه التحولات ميزت بين المرحلة التي انعدم فيها الوجود الإسلامي في المجتمع، وبين الفترة التي عرفت ظهورا تدريجيا للتيارات الإسلامية، مع دراسة أشكال هذا الوجود وصيغه والتأثير الذي أحدثه على تجربة الحركة الإسلامية في تركيا بشكل عام.
وتحدث الباحث عبد الله تركماني في المداخلة الأخيرة "الإسلام والحداثة السياسية في التجربة التركية" عن أسباب الظهور القوي للتيارات الإسلامية التركية ملخصا إياها عفي عاملين من طبيعة سوسيو انتروبولوجي وهما:1- نشأة معتقدات جديدة لدى الشعب التركي أهمها عدم استعداده لإعطاء النخبة العلمانية فرصة أخرى بعد ثلاثة أرباع القرن من العنف والانقسام الداخلي والتوتر الاقتصادي المستمر 2- الناخب التركي أمل أن يحقق الصعود الإسلامي إلى الحكم إعادة التوازن على إشكالية الهوية والثقافة التي نخرت الجمهورية التركية، وأقامت تلك الهوة العميقة بين الدولة والمجتمع.

عبد الحكيم أبواللوز
باحث في علم الاجتماع الديني
جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص