الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما وراء جدار الأعظمية؟

محمد مصطفى علوش

2007 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ليس غريباً انه بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي للعراق وتوصيته للمالكي بضرورة الانفتاح على السنة أن يعقبها الإعلان عن الجدار الذي سيلف حي الأعظمية ذات الأغلبية السنية من بغداد بعد مضي عشرة أيام من العمل على بنائه من قبل القوات الأمريكية والعراقية في جنح الليل ..لكن السؤال الذي يطرح نفسه..لماذا يتم إنشاء هذه الجدار حول هذا الحي بالذات ؟

الأعظمية تاريخياً أخذت اسمها من الإمام أبو حنيفة النعمان أحد كبار علماء السنة والذي تتلمذ على يد الإمام جعفر الصادق أحد الأئمة المعتمدين لدى الطائفة الإثنا عشرية من الشيعة .هذا الحي مساحته نحو‏27‏ كيلو مترا مربعا ويسكنه نحو نصف مليون نسمة وهو يقع على امتداد الشاطئ الشرقي لنهر دجلة شمالي بغداد وهو يفصلها عن حي الكاظمية الذي يضم ضريحي الإمامين موسي بن جعفر الكاظم وحفيده محمد جواد الكاظم‏.‏

لقد لعبت الأعظمية دوراً هاماً ومنذ اليوم الأول للاحتلال في ريادة المقاومة العراقية لا سيما السنة منهم حيث تعرضت ، وفي سبيل قمع المقاومة الخارجة منها ، لقصف جوي أمريكي متواصل عدة مرات ثم لمداهمات واعتقالات مستمرة حتى اليوم، فضلاً عن هجوم الميلشيات الشيعية المستمر عليها بتهمة تفريخ وتخريج إرهابيين .

وعن دور الأعظمية في المقاومة قالت مجلة ‏ ‏ نيوزويك‏ ‏ الأمريكية في عددها الأخير بأنها‏ ‏ تحتل أولوية قصوى في ظل وجود قوات لواء عراقي كامل ومعظم أفراد كتيبة أمريكية امتلأت بأفرادها البيوت السكنية المدنية‏ ‏ التي تم تهجير أصحابها والاستيلاء عليها‏، ‏ وأضافت المجلة‏:‏ إن الأعظمية تشكل نقطة ساخنة للتمرد السني المقاومة منذ أبريل‏2003‏ ولن تكون العاصمة آمنة حتى تتم السيطرة عليها‏.‏

وتتابع المجلة الأمريكية أن" التمرد" هو السمة المشتركة بين أهل هذا الحي وتنقل عن مصادر في الاستخبارات الأمريكية أن المتمردين السنة في الحي يدفعون ستمائة دولار مقابل زراعة كل عبوة ناسفة‏، ويمكن لطفل أن يكسب مائة دولار مقابل إلقاء قنبلة داخل عربة هامفي بنجاح‏.

وفي سبيل ضبط المتردين السنة داخل الأعظمية أقامت الحكومة العراقية ذات الصبغة الطائفية خمسين نقطة تفتيش ثابتة في الحي وعلي جميع مداخله ومخارجه بالإضافة إلي دوريات ليلية مشتركة لاعتقال الرجال والصبيان حتى غصت بهم السجون إلي درجة أن المجلة الأمريكية ذاتها تعترف بأن‏ ‏ سجن لواء الأعظمية العسكري ممتلئ حتى يكاد يفيض بمن فيه من معتقلين كأي سجن آخر في بغداد‏

المشروع في حقيقته ليس إلا تكريس للفرز الطائفي بين العراقيين حيث أن السياسة الأمريكية المعتمدة حتى قبل احتلال بغداد على يد القوات الأمريكية الغازية طالما كانت تردد بأن حقوق الشيعة والأكراد مهضومة في العراق وكأن صدام حسين كان يحابي طائفة على أخرى. فها هو" خير الدين حسيب" الكاتب العراقي المعروف يقول :"إذا كان لنظام صدام من مزية تذكر له فهو عدله في الظلم مع جميع العراقيين"، إلا أن الأمريكان وعلى عادتهم يثيرون النعرات الطائفية ويظهرون بمظهر المدافع عن حقوق الأقليات. فمنذ دخولهم بغداد وهم يكرسون الفرز الطائفي بين العراقيين وقد عينوا حكومات ذات صبغة طائفية واضحة ، وفضلا عن هذا فقد استطاعت الميلشيات وفرق الموت الشيعية من اختراق هذه الحكومات المتعاقبة في أكثر من جهاز الأمر الذي جعل السنة متوحدين في تبني نهج المقاومة وإظهار التعاطف مع تنظيم القاعدة قبل أن يتراجعوا عن ذلك في الفترة الأخيرة حين بدأ باغتيال بعد شيوخ العشائر وقادة المقاومين ومحاولة بناء إمارة تكرس تجزئة العراق التي تتماها مع المشروع التقسيمي لفرق الموت الشيعية وكذلك للأكراد.

أهداف السور المزمع استكماله حول حي الأعظمية

• فهو أولاً بداية لخطة معتمدة سوف تعتمد في عدة مناطق وأحياء ذات صبغة دينية أو عرقية لزيادة الشرخ بين العراقيين بحيث يصبح التقسيم أمر واقع.فقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في عددها الصادر في 21ابريل 2007 أن الأمريكيين حاولوا في الماضي بناء سور حول منطقة الدورة السنية مشابه للسور الذي يقام الآن حول الأعظمية ، وإذا كان ما ذكره صلاح التكمجي مركز شبكة مرصد العراقي صحيحاً في أن القوات الأمريكية فشلت في بناء سور سابقاً حول مدينة الصدرية بعد أن انتفاض أهلها مهددين بإسقاط حكومة المالكي فهذا يعني أن الأمريكيين يعتمدون ذلك إستراتجية .

• يهدف الجدار لحصر مداخل ومخارج عدة مناطق في بغداد وربما في مدن عراقية أخرى لتسهيل عملية التفتيش التي ستطلع بها الأجهزة العراقية التي لا يخفى على أحد أنها مخترقة لصلح الميلشيات الطائفية؟ الأمر الذي يجعل من اليسير ارتكاب أكبر عدد من المجازر بحق الأبرياء والعزل من جميع الطوائف.

• تسهيل نقل المهام الأمنية للحكومة العراقية وبالتالي تخفيف الضغط عن القوات الأمريكية وتقليل خسائرها في الأنفس والعتاد.

• تصوير الوضع الأمني المتردي في العراق على انه حرب أهلية بين العراقيين لا دخل للقوات الأمريكية فيه وبالتالي إظهار نفسها أمام الرأس العام العالمي بمظهر المنقذ للمجتمع العراقي من الإبادة العرقية والطائفية وذلك في تحسين صورتها التي ساءت عالمياً بعد غزوها للعراق.

• أما من الناحية الاقتصادية فان الجدار سيعمل على خنق الأعظمية اقتصادياً في حين لن يحل الأزمة الأمنية بل سيفاقمها لأنه سيضيف لها بعداً جديداً وفي هذا يقول عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق السنية العراقية:"إن بناء هذا الجدار يعني خنق هذه المنطقة وعزلها عن بقية المناطق تجاريا واقتصاديا واجتماعيا ما يسبب ضررا لساكنيها".

وقد يتوهم البعض بأن بناء السور الذي جاء الإعلان عنه عقب زيارة وزير الدفاع الأمريكي للعراق وانسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان هو نهج جديد للحكومة في سبيل المصالحة الوطنية وخصوصا تجاه السنة من خلال المحافظة على ما تبقى منهم في بغداد علما أن الإحصائيات تقول انه لم يبق من السنة في بغداد سوى 17% منهم بعد عمليات القتل والتهجير على يد الميلشيات الشيعية . لكن في الحقيقة الأمر لم يكن كذلك فلا المالكي تخلى عن أنصاره الطائفيين الذين أوصلوه لرئاسة الحكومة ضد منافسه المعوم من عبد العزيز الحكيم ولا مقتدى الصدر تخلى كلياً عن حكومة المالكي الطائفية وإلا لسحب كتلته النيابية من البرلمان العراقي.

يقول "ريتشارد إينغل" رئيس مكتب الشرق الأوسط في مجلة نيوزويك 19 أبـريل 2007 أن المسؤولين المقربين من الصدر أطلعوه أن عدم جدولة الانسحاب الأمريكية من العراق ليست السبب الحقيقي وراء انسحاب الوزراء الصدريين الستة من الحكومة وإنما السبب الحقيقي هو "مخالفة المالكي لاتفاق سبق له التوصل إليه مع الصدر، وتجاوزه خطوط "حمر" معينة بإلقاء القبض على عدد كثير من أنصار الصدر".فمع بدء تنفيذ خطة بغداد الأمنية قبل بضعة أشهر بدعم من القوات الإضافية الأمريكية، توصل أتباع الصدر إلى تفاهم مع المالكي يقضي بعدم استهداف مقاتليهم، أي ما يسمى بجيش المهدي إلا أن حكومة المالكي أخلفت وعدها حيث ألقت القبض على 800 عنصر من التيار الصدري في الأشهر القليلة الماضية، من بينهم أحد كبار القادة في التيار الصدري، قيس الخازلي حيث ضبطت معه جهاز حاسوب محمول يحتوي على معلومات حساسة حول ميليشيا الصدر.

في اعتقادي لو كانت الولايات المتحدة تريد منع أي حرب أهلية بين العراقيين لحاولت نزع فتيل الأزمة من خلال إعادة تشكيل الجيش والقوى الأمنية العراقية على أسس صحيحة وإعادة النظر في قانون النفط العراقي وقبل هذا وذاك تترك للشعب العراقي أن يختار الدستور المناسب له والذي يحمي كافة الطوائف والأعراق ويضمن الفرص لجميع فئاته في تشكيل المشهد السياسي العراقي.

هكذا يكون الحل..وليس عبر أسوار تشيد حول المدن التي من المؤكد أنها لن تحمي ساكنيها من صواريخ الكاتيوشا وغيرها . وإذا كانت القوات الأمريكية تخشى على السنة من هجمات الميلشيات الشيعية فهل الحل بمحاصرة المقتول وليس القاتل؟ ثم أليست هذه الأسوار تصور السنة العراقيين كأنهم أقليات أو غرباء داخل بلدهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو