الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي شريك في جرائم الاحتلال وحلفائه_الجزء الثالث!

توما حميد
كاتب وناشط سياسي

2007 / 5 / 2
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها



مرحلة ما بعد الحرب

بعد الحرب مباشرة دعى الحزب الشيوعي الى تدخل الامم المتحدة لتحل محل الاحتلال وتقوم بتنظيم مؤتمر "للقوى الوطنية الديمقراطية" لتشكل حكومة "وطنية" انتقالية ذات صلاحيات. لقد وضح هذا الموقف في البيان المشترك للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني – العراق، في يوم 10 نيسان 2003 حيث يقول البيان.


"وهذا يعني في مقدمة ما يعني، ان نضع في حسابنا مهمة الانهاء السريع للاحتلال والحكم العسكري في بلادنا، وتسليم السلطة الى ادارة دولية مؤقتة تشرف عليها الامم المتحدة، وتهيء لتشكيل حكومة ديمقراطية ائتلافية انتقالية من ممثلي القوى السياسية الوطنية العراقية، مهمتها الاساسية اعداد الدستور الجديد والتحضير لاجراء انتخابات برلمانية حرة". واصر الحزب على هذا المطلب في كل المناسبات.وقد وجد في تشكيل "حكومة عراقية مستقلة، تدير شؤون بلد ذو سيادة وطنية، ويكون لها حق التصرف بثروات العراق النفطية ولمصلحة شعب العراق وسيلة لانهاء الوجود الامريكي-البريطاني الذي اعتبره احتلالا". وقد عارض الحزب الشيوعي العراقي قرار مجلس الامن رقم 1483 الذي اعتبر الوجود الامريكي احتلالا لان هذا القرار حسب الحزب الشيوعي يقيم سلطة الاحتلال ويعطيها سلطات كاملة بينما يعطي للعراقيين دور استشاري."
ولكن مرة اخرى لم يكن الحزب الشيوعي العراقي جادا ومبدئيا في هذا الموقف وكان ذلك واضحا من الالتحاق بمجلس الحكم.
ولكن مشكلة الحزب الشيوعي العراقي الاساسية كانت تكمن في القوى التي كان يعتبرها " القوى السياسية الوطنية" التي يتوجب على المجتمع الدولي دعمها والتي كان من المفترض ان تشكل "حكومة ديمقراطية ائتلافية انتقالية".
لقد كانت نفس القوى الطائفية والقومية والعشائرية والملالي وعملاء ال CIA الذين تبنتهم امريكا وتبنوا مشروع امريكا والذي اوصل العراق الى ماوصل اليه.
ففي حديث لابي داود الى "صوت الشعب العراقي - اذاعة الحزب الشيوعي العراقي"، بثته يوم الجمعة (25/ 4/ 2003) ومنشور على صفحة الحزب جاء:
"واكد على الحاجة الى التجاوز السريع لهذا الوضع غير الطبيعي، وقال ان السبيل الى ذلك يمر عبر العمل على عقد مؤتمر وطني عراقي، يجمع اطياف المجتمع العراقي كلها، وفي الاساس ممثلي القوى والاحزاب السياسية الوطنية المعروفة، وممثلي الاطراف القومية والدينية والطوائف، من الشمال والجنوب والوسط، ومن الداخل والخارج. واضاف ان من الضروري ان تتوفر لهذا المؤتمر مستلزمات التعبير عن ارادته الحقيقية، وبما يؤمّن له القدرة والصلاحية."
"وقال ان لدينا شعبا ذا تجربة سياسية، واحزابا ذات خبرة ومعرفة، وشخصيات لها باع طويل في العمل السياسي وفي مقارعة الدكتاتورية. وهؤلاء جميعا يجب ان يوحدوا طاقاتهم وجهودهم لخلق الواقع المطلوب، والمسنود جماهيريا بارادة الملايين."


وجاء في نفس المقابلة: "وبيّن ان ذلك لايعني استجداء الارادة من الآخرين، بل يعني ممارسة الاطراف العراقية المعنية حقها الطبيعي، فغالبيتها تتمتع بالتزكية الوطنية، وبالمبرر الضروري لرفع صوتها والدفاع عن حقوقها ووجهات نظرها، وليس هناك من يطعن في وطنيتها وفي نضالها ضد الدكتاتورية المنهارة.

هنا يتبين دور الحزب الشيوعي في ترسخ الطائفية والقومية التي نراها اليوم وكيف تبنى نفس السياسات الرجعية التي تبنتها امريكا والقوى الطائفية والقومية التي استندت على تقسيم المجتمع الى طوائف واقوام واثنيات وعشائر ومن ثم تنصيب قوى وافراد مغرقة في الرجعية ممثلين لهم. حسب هذا الرأي الرجعي كان الجعفري وباقر الحكيم والصدر ممثلين عن الجماهير في الجنوب والمشهداني والهاشمي ووفيق السامرائي وغيرهم عن الجماهير في الوسط والطلباني والبرزاني عن كردستان العراق وهكذا. هذه المواقف والسياسات وضعت الحزب الشيوعي عمليا في خندق امريكا والاسلام السياسي والقومية الكردية بالضد من الجماهير وجعلته شريكا في الحرب الطائفية رغم كل ادعاءاته.
وليس لم يقف الحزب الشيوعي العراقي في اي مرحلة ضد النزعة و المحاصصة الطائفية والقومية التي كانت المعارضة الرجعية تعمل وفقها وتعمل على فرضها على المجتمع والتي كانت نواة للحرب الاهلية التي تحاول تلك القوى اشعالها في العراق فحسب بل قام بانكارها و تبريرها عن طريق اتهام الانظمة السابقة.
ففي مقابلته مع شبكة العراق للجميع، نشر خبر عنها في جريدة الزمان بتاريخ 23-1-2003 قال حميد مجيد موسى بصدد مسألة " المحاصصة المذهبية والطائفية " التي سادت مؤتمر لندن (إن لنا قناعة معروفة مفادها أن الخلاف الأساس سياسي وبسبب النظم السياسية الدكتاتورية والرجعية تفاقمت القضايا القومية والقضايا الطائفية أو القضايا الدينية، واستخدم الحكام الرجعيون والدكتاتوريين وغيرهم هذه المسائل للاستقواء بها لتقوية أنظمة حكمهم ضد الشعب وضد المعارضة الوطنية متنوعة الهويات )."

وظل الحزب الشيوعي العراقي يقدم تلك القوى المغرقة في الرجعية ومجرمين مثل الجلبي وعلاوي وباقر الحكيم ووفيق السامرائي وجلال الطلباني والجعفري وغيرهم كممثلي الجماهير العراقية بعد تقسيمهم الى اثنيات وقوميات وطوائف وكمنقذيهم واصر على احقيتهم لحكم العراق لانهم "حاربوا الدكتاتورية".
ولايعتقد حميد موسى بان تلك القوى تمثل تطلعات "الشعب" العراقي فحسب بل احيانا كان لايفصل بين هذه القوى والجماهير حيث يقول:
"وفي جانب آخر من حديثه اكد الرفيق حميد موسى ان الديمقراطية لا تُمنح او توهب، وهي ليست منّة من حاكم او محتل. وان حق الشعب في ادارة شؤونه بنفسه، ولمصلحته، وعن طريق قواه السياسية، هو حق ينتزع بالاساليب المناسبة والمشروعة. وان ذلك ممكن خصوصا عندما تأخذ جماهير الشعب قضيتها بأيديها، وتطالب بحقوقها، وتعمل وصولا الى ذلك، وبعيدا عن المنافسات الحزبية الضيقة والمناورات واللعب السياسية، على تكوين حالة شعبية على الارض، قادرة على جعل الاطراف الاخرى تقبل بها كارادة وكواقع ملموس ماثل."

كما اصرر على ان تلك القوى كانت قوى ديمقراطية وكانت بصدد اقامة نظام ديمقراطي في العراق.
اذ قال في نفس حديثه الاذاعي ل "صوت الشعب العراقي - اذاعة الحزب الشيوعي العراقي":
ان ما تمسّ اليه الحاجة في بلادنا اليوم هو اعادة الامن والاستقرار والطمأنينة، وتأمين الغذاء والدواء والماء والكهرباء والخدمات البلدية والعامة لملايين العراقيين المحرومين، الى جانب ملء الفراغ السياسي الناشيء، ببديل ديمقراطي يمثل ارادة العراقيين وائتلاف قواهم واحزابهم الوطنية المعروفة ببرامجها وتوجهاتها الديمقراطية."

"وقال مستطردا ان ما كان يوحد الاحزاب والقوى السياسية سابقا، هو التطلع للخلاص من الدكتاتورية. لكنها اختلفت حول كيفية تحقيق ذلك، حول آلية التغيير. حيث رأي البعض ان الحرب هي السبيل الى ذلك، فيما رفض الآخرون الحرب - لا حبا بالنظام والدكتاتورية، بل حبا بالشعب والبلاد. ولكن حتى الراضين بالحرب، كانوا يشددون قبل نشوبها واثناءها، انهم يوافقون عليها لتخليص الشعب العراقي من الدكتاتورية واقامة الحكم الديمقراطي، وليس لاحتلال العراق وفرض حكم عسكري عليه. ويمكن ان نجد هذا الطرح واضحا في بيان مؤتمر لندن، الذي لم يشترك حزبنا فيه، كما يمكن ان نقرأه في اجتماع صلاح الدين.
ومن هنا يمكن القول ان الجميع، من رفضوا الحرب وما ينجم عنها ومن ايدوها، يتفقون في معارضة الاحتلال والحكم العسكري. فهناك اذن قاعدة توافق في الخطاب السياسي - هذا طبعا اذا لم يجر التخلي عن المواقف المذكورة.
وتساءل الرفيق حميد مجيد موسى، وهو يشير الى قاعدة التوافق المذكورة، والاتفاق على ان البديل المطلوب هو البديل الديمقراطي الذي يمثل ارادة الشعب، عن سبب التردد في الاقدام على الخطوة الصحيحة الجريئة، في اتجاه عقد المؤتمر الوطني الواسع، داعيا الى تشكيل لجنة تحضيرية موسعة له، تضم القوى الرئيسية المعروفة في الداخل والخارج."
وفي الرسالة التي وجهتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بتاريخ 21/4/2003 الى كافة "الاحزاب والمنظمات الشقيقة والصديقة" تقول "وللوصول الى الحكم الديمقراطي لا بد من تشكيل حكومة وطنية ديمقراطية ائتلافية واسعة التمثيل لقوى شعبنا واحزابه الوطنية ، التي ناضلت طويلا ضد الدكتاتورية ولتحقيق البديل الديمقراطي ."
وحتى يكون واضحا بان الحزب الشيوعي العراقي عندما كان يتحدث عن القوى "الوطنية" التي كانت بصدد بناء الديمقراطية في العراق كان يقصد تلك القوى المعروفة التي اوصلت العراق الى الوضع الحالي نورد هذا المقطع في مقابلة لحميد مجيد موسى مع صحيفة المانيفيستو الايطالية:
" الان نحن بصدد تشكيل جبهة لقوى سياسية تمتلك مواقف مشتركة بشأن تشكيل الحكومة.
حكومة واسعة تنبثق عن مؤتمر وطني الذي يجب أن يتمثل فيه كل أطياف المجتمع العراقي والأحزاب السياسية العراقية التي ناضلت ضد الدكتاتورية والطغيان. الآن الإتفاق يتعلق ب: أزالة كل ماتبقى من النظام الدكتاتوري, العمل من أجل اعادة بناء المؤسسات العراقية وكل البلاد بعد الدمار الذي حل بسبب الحرب, العمل على صياغة قوانين جديدة والتهيئة لانتخابات حرة برعاية الأمم المتحدة لتأكيد شكل الحكومة التي يتوجب أن تكون مؤقتة لمدة عام. والتحضير لدستور جديد واجراء استفتاء شعبي عليه, وثم اجراء مفاوضات بشأن وجود القوى الأجنبية ومغادرتهم من البلاد.بهذا السبيل يمكن للبلاد أن تعود الى الحياة الحقيقية.
ماهي الأحزاب التي تتفق مع هذا البرنامج؟
-الحزب الديمقراطي الكردستاني( البارزاني), الاتحاد الوطني الكردستاني( الطالباني), المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق(الحكيم), الباججي ( تجمع الديمقراطيين المستقلين), حزب الدعوة، الحركة الإشتراكية العربية, الحزب الإسلامي العراقي( محسن عبد الحميد), الحركة الديمقراطية الآشورية( مسيحيون), الحزب الشيوعي العراقي وغيرهم من التنظيمات والشخصيات الوطنية. كلنا متفقون على هذا البرنامج ولكن ليس على شكل الحكومة."
كما ان الحزب الشيوعي ادعى احيانا بان امريكا كانت بصدد بناء الديمقراطية في العراق. فمن جهة قال ابو داود في حديثه مع اذاعة صوت الشعب بان الديمقراطية تأخذ ولاتعطى وهي ليست منّة من حاكم او محتل وهوحق ينتزع بالاساليب المناسبة والمشروعة وهو مظهر لصراع الارادات ادعى بان امريكا كانت بصدد بناء الديمقراطية في العراق حيث يقول في سياق الدعوة الى تدخل الامم المتحدة:
" وزاد يقول ان ذلك لا يعني ان الولايات المتحدة ستفقد دورها في العراق، فالكل يعرف المكانة التي تحتلها، ومعها بريطانيا، في الامم المتحدة وفي مجلس الامن تحديدا. لهذا فلا مبرر للخشية من الدور الذي ينبغي ان تلعبه الامم المتحدة في العراق اليوم، وهو دور ضروري لاضفاء الشرعية على عملية الانتقال الى الديمقراطية في بلادنا، ولضمان مساهمة المجتمع الدولي بكل امكانياته وطاقاته، وجميع اطرافه، في ارساء الديمقراطية في بلادنا، ومساعدة شعبنا على اعادة بنائها واعمارها."
من يقرأ مذكرات بول بريمر يجده اكثر واقعية وجدية وصدقا في وصف القوى التي سميت بالمعارضة العراقية والتي جلبتها امريكا الى الحكم في العراق، من الحزب الشيوعي العراقي. هل هذا يعني ان بول بريمير كان يعرف تلك القوى بينما الحزب الشيوعي العراقي لم يكن يعرف حقيقتها؟ الجواب بالطبع هو لا، ولكن الحزب الشيوعي املت عليه الانتهازية ان يصورها بشكل مختلف عن حقيقتها.

العودة الى احضان امريكا والمعارضة الرجعية

كما قلنا لقد عبر الحزب الشيوعي في كل المنسبات عن استعداده للعمل مع تلك القوى والعودة الى احضانها بعد الغياب الذي فرض عليه قبل الحرب في مؤتمر لدن وصلاح الدين.
ففي حديث حميد مجيد موسى مع اذاعة صوت الشعب جاء "وفي شأن العلاقات القائمة اليوم بين القوى الوطنية (اطراف المعارضة سابقا)، قال انها جيدة، وتحدث عن قنوات اتصال وحوار في ما بينها، وعن تفهم متبادل للطروحات والمواقف. لكنه اكد، ارتباطا بالاوضاع الراهنة، ضرورة تفعيل الاتصالات، وتنسيق التحركات، بما يتيح التعجيل في وضع مطالب الشعب موضع التنفيذ.
وقال: اننا في الحزب الشيوعي العراقي نملك القناعة والارادة والاستعداد للعمل من اجل وحدة القوى والاحزاب الوطنية العراقية، ولن نبخل بجهد في سبيل تحقيق ذلك. وسيكون الانفتاح والمرونة والواقعية والجدية ما يميّز سعينا لتخليص شعبنا من الازمة المطبقة عليه.
ويرد ابو داود سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على سؤال جريدة روسية:
الرفيق ابو داود، لماذا لايشارك الشيوعيون اليوم بنشاط في اجتماعات المجموعات العراقية بصدد تشكيلة الحكومة العراقية المقبلة?
- نحن نجري مشاورات، ولكن المفاوضات الاساسية تشترك فيها المجموعات والاحزاب التي ايدت الحرب منذ البداية

وفي حواره مع صحيفة التآخي الصادرة في بغداد، يوم الخميس 19/06/2003 – العدد 4012 يرد حميد مجيد موسى:
-
"هل تم اتخاذ قرار من قبل الجماعات السبع لتوسيع قاعدتها؟
- نعم .. هناك دعوات من : الديمقراطي الكردستاني ، الاتحاد الوطني الكردستاني، المجلس الاعلى للثورة الاسلامية، الدعوة ، المؤتمر الوطني، الوفاق.. لعقد مشاورات واتفاق اولي .. ولكن لم يتخذ قرار بعد لضم خمسة احزاب هي: الشيوعي، التجمع ، الديمقراطيون المستقلون، الاسلامي العراقي، الحركة الاشتراكية، ممثل عن الكلدان، الحركة الاشورية، الحركة التركمانية.

* واين تضع الموقف الراهن للحزب الشيوعي ؟
- نحن على استعداد للتعاون وبذل كل الجهود التي تستهدف اعلاء كلمة العراقيين وابراز دورهم في تقرير مصير بلادهم."


ولم تكن عودة الحزب الشيوعي العراقي الرسمية الى صفوف تلك المعارضة ودخوله مجلس الحكم صدفة وبعد اقتراح امريكي او بسبب كون الحزب الشيوعي قوة سياسية ذات حضور ملموس بحيث لم يكن بامكان الاخرين تجاهله كمايدعون بل ان الحزب عمل بجد من اجل هذه العودة.
وقد نزل قرار مجلس الامن رقم 1483 الذي اعتبر الوجود الامريكي احتلالا من السماء لكي يعود الى صف المعارضة الرجعية.
فيرد حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على سؤال لصحيفة" الشرق الاوسط " يوم 23/6/2003:
" هل نلمس مما سبق انكم تريدون القول بأن الاطراف السياسية التي شاركت في مؤتمرات لندن وصلاح الدين والناصرية، وغيرها، اوصلت، من حيث تدري او لا تدري، الجانب الاميركي ـ البريطاني، الى اعلان الاحتلال رسميا..؟
ـ هناك شقان.. الاول، كما اشرت في جوابي على السؤال السابق، هو ان بعض الاطراف، وهي قوى كبيرة ومؤثرة في الساحة السياسة العراقية، كانت ترى أن لا خلاص من النظام الا بالاستعانة بالحرب الخارجية، ولكن في نفس الوقت كانت ترفض الاحتلال.. اما وان الامور قد حسمت، فالجدل قد انتهى.. فلا نحن تمكنا من منع الحرب ولا هم تمكنوا من منع الاحتلال. الآن نحن امام حالة جديدة.. حالة واقعية.. الاميركيون انفسهم وبقرار من الشرعية الدولية اعتبروا الحالة القائمة احتلالا.
ويرد حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على صحيفة" الشراع " البغدادية يوم 2/6/2003:

"ما موقفكم من اللجنة السباعية ؟ ولماذا استبعد الحزب الشيوعي منها؟- نحن الان في حوار جاد قطع اشواط متقدمة، وهذا الخلل سيعالج فهناك توجه جاد من قبل مجموعة السبعة وقريبا جدا ستتوسع هذه القيادة، ويمكن ان اشير الى مجموعة عناوين: الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاسلامي العراقي، والحركة الاشتراكية العربية، والتجمع الديمقراطي للمستقلين، والحركة الاشورية.
* وماذا عن هذه العقوبة؟
لا لم اقل عقوبة، قلت خلل وهذا الخلل له جذور سابقة. نحن تباينًا ولم يكن محرما او ممنوعا، ولكن اختلافنا هو الذي جعلنا خارج هذه القيادة، وبرضانا ايضا، ولكن بعد ان انتهت الخلافات ودخلنا في مرحلة جديدة، فان الامر الواقع فرض نفسه. نحن كنا ضد الحرب وضد الكتاتورية، كنا نريد تغييرا بوسائل اخرى، ولم نستطع ان نمنع الحرب ، ولا الذين راهنوا على الحرب استطاعوا ان يدرأوا الاحتلال والغزو، لا هذا حصل ولا ذاك. اذن نحن امام حالة جديدة سميناها حالة الكارثة الوطنية. تحتاج علاجات جديدة ، هذه الحالة تحتاج اساليب في العمل جديدة."

بينما اصر الحزب الشيوعي العراقي بان امريكا خدعت المعارضة العراقية وتنصلت عن الوعود التي قطعتها في مؤتمر لندن وصلاح الدين و رغم كل الذي قاله عن قرار 1483 و اعطاء دور استشاري للعراقيين قبل على نفسه ان تخدعه امريكا من خلال دخوله الى مجلس الحكم حتى يساعد "في اعلاء كلمة العراقي وتوسيع سلطة مجلس الحكم". حيث يقول حميد مجيد موسى لجريدة "الساعة"
"ان الحزب يسعى من خلال مشاركته في مجلس الحكم الى اعلاء كلمة العراقي ودوره في الدفاع عن مصالحه واستثمار الفترة الانتقالية لتعجيل وضع الحكم بايدي العراقيين ومباشرتهم حكم انفسهم وادارة شؤون بلادهم بانفسهم."
والاكثر من ذلك، اصر حميد مجيد موسى على ان مجلس الحكم الطائفي والاثني كان ديمقراطيا وكان نقلة نوعية في حياة البلد وكان وسيلة لبناء الديمقراطية. الرد التالي هو لحميد مجيد موسى على سؤال لجريدة القبس.

"هل انتم ديموقراطيون داخل الاجتماعات؟

ـ حقا هناك ممارسة ديموقراطية في المجلس.

> بم شعرتم شخصيا في الجلسة الافتتاحية لمجلس الحكم؟

ـ كل سياسي لديه تقييماته واعتبر أن ما حدث انعطافة سياسية في حياة البلد، فتحت طريقا جديدا مملوءاً، بالتعقيدات ومحفوفا بالمخاطر والصعوبات، ولكن لا مناص من ولوج هذا الطريق ونعمل وفق قواعده خدمة لهدف واحد أساسي هو خدمة البلد الوطن، من أجل الوصول الى الشرعية والديموقراطية." وظل الحزب الشيوعي العراقي يصر بان مجلس الحكم كان وسيلة لوضع السلطة في يد " الشعب" وتحرير العراق من الاحتلال!
فهل هناك عاقل يمكنه ان يعتقد بان مجلس الحكم كان وسيلة للنضال من اجل انهاء الاحتلال؟

كما قلت من قبل ان نقدي للحزب الشيوعي العراقي هو من منطلق ادعائه بانه حزب اصلاحي يسعى الى تحسين وضع الجماهير، ولكن اي من الحقوق يدافع عنها الحزب الشيوعي العراقي؟ هل هو حق المراة او الطفل او حق الحياة او حقوق العمال او حقوق الاقليات ؟ تجد في ادبيات الحزب الكثير من الادعاءات الديماغوجية ولكن عمليا يقف الى جانب الرجعية والحاكم ضد كل الحقوق التي ذكرتها.

لقد هلل الحزب الشيوعي العراقي لعملية كتابة الدستور التي انتهت الى فرض دستور طائفي وقومي على الجماهير يعتبر حسب كل المقاييس دستور في غاية الرجعية. بتأييده لهذا الدستور والمشاركة في فرضه على البلاد ومن خلال تملقه للدين والقومية والقبلية والتقاليد والشعائر الرجعية والبالية والمساهمة في تقوية نفوذها لقد ساهم في تحويل المرأة الى عبد ومواطن من الدرجة الثالثة.

الرد التالي كان لحميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على سؤال لصحيفة" الشرق الاوسط " يوم 23/6/2003:
.
"* هناك شيء ملاحظ في توجهاتكم.. وهو انفتاحكم على القوى القومية والدينية وغيرها، وانفتاح هذه القوى عليكم.. كيف تفسرون ذلك..؟
ـ هذا الانفتاح المتبادل شيء طبيعي جدا بين العراقيين بكل فئاتهم، وهناك اجواء ايجابية في علاقاتنا مع الآخرين انطلاقا من كون الحزب الشيوعي يحترم الاديان والقوميات ويحترم كل تقاليد المجتمع، ولا يمكن ان يكون في منهجه الا ضمن هذه التقاليد والخصائص.. نحن نحترم القوميات، ونحترم الدين، ونحترم مشاعر الناس الدينية وطقوسهم وحريتهم في الاعتقاد.. وهذا من مواقف الحزب الشيوعي المبدئية والاصلية والثابتة.. نحن مع كل ما هو ايجابي من تقاليد واعراف في مجتمعنا.. فنحن ابناء هذا الشعب، وابناء هذا البلد.. فما له لنا.. وما عليه علينا.. ومن هنا جاءت علاقتنا المتينة مع القوى الاسلامية، وكذلك مع القوى القومية.. ومع كل فئات المجتمع. "
من المعلوم ان النضال من اجل ابسط حق من الحقوق الفردية والمدنية هو النضال ضد الدين والنزعة القومية والتقاليد والطقوس والاعراف البالية والرجعية. فهل يبقى لحزب هذا تصريح سكرتيره من مجال للتحدث عن الاصلاح وعن حقوق المراة والطفل وحقوق الافراد الفردية والمدنية. وماذا يميز صاحب هذا التصريح عن ملالي الازهر او النجف او قم؟

وأيد الحزب الشيوعي العراقي مشاريع مثل الفيدرالية الادارية للعراق والفيدرالية القومية لكردستان والتي كانت مشاريع في غاية الرجعية يهدف منها تسليم مصير الجماهير الى عصابات اسلامية وقومية وسيطرتها على مقدرات البلد وثروته وتقسيمها فيما بين هذه العصابات. وساهم في بث الاوهام بان العراق كان بصدد التحول الى فدرالية مماثلة لفيدراليات مستقرة ومزدهرة مثل بلجيكا وسويسرا وكندا.
و كما شارك الحزب الشيوعي العراقي في تعميق التقسيم القومي في كركوك عن طريق تبني مشروع القوى القومية حول هذه المدينة.
و قام بتشكل نقابة صفراء مكرسة لخدمة الحكومة ومعاداة مصالح الطبقة العاملة خاصة في عهد حكومة اياد علاوي التي لم تدم طويلا. ولا اجد اي ضرورة للتحدث بالتفصيل عن دور الحزب الهدام منذ دخوله في مجلس الحكم ومشاركته في كل مراحل العملية السياسية لامريكا وحلفائها لحد اليوم.

الخاتمة
لقد بذل الحزب الشيوعي العراقي كل ما في وسعه لان تقبل به المعارضة العراقية اليمينية قبل واثناء وبعد الحرب. لم يكن وقوفه ضد الحرب موقفا مبدئيا بقدر ما كان نتيجة تشككه بنوايا امريكا وموقف مفروض عليه وقد عاد الى صف هذه المعارضة عندما اتيحت له الفرصة. لقد عمل الحزب الشيوعي كل ما في وسعه للعودة الى موقعه الطبيعي بين العصابات القومية والطائفية والمجرمين وعملاء ال CIA . وتم ذلك بدخوله الى مجلس الحكم. ومنذ ذلك الوقت كان جزء من الدعاية والعملية التي اوصلت المجتمع العراقي الى الوضع الحالي.
ان المسألة الاساسية في موقف الحزب الشيوعي العراقي لم تكن مشاركته في مجلس الحكم ومن ثم سلطات الاحتلال المتعاقبة فحسب بل كان في الادعاء بان امريكا كانت بصدد بناء ديمقراطية في العراق وبان العصابات الطائفية والقومية وحثالات السياسية التي اوصلت العراق الى الوضع الحالي كانت قوى ديمقراطية و تقدمية تمثل مصالح الجماهير العراقية وكانت بصدد بناء نظام ديمقراطي في هذا البلد. وقام الحزب الشيوعي العراقي بكل ما في وسعه لترويج وتثبيت السياسات الرجعية لامريكا والقوى المحلية اليمينية المغرقة في الرجعية الموالية لها. لقد اشترك في تثبيت سياسة الهوية" Identity politics “ القذرة التي روج لها اليمين الرجعي بعد الحرب الباردة وتصوير المجتمعات كمكونات قومية وعرقية وطائفية وقبلية. وقام بتصوير المجتمع العراقي على اساس كونه مجتمع غير طبقي. وساهم في سيادة الدين والنزعة القومية والتقاليد والقيم الرجعية في المجتمع. وبذلك عمليا وقف الحزب الشيوعي العراقي ضد كل الحقوق الفردية والمدنية المعروفة. لم يبقى لهذا الحزب شيئا يفتخر به بل حتى انه لم يعد يعتبر قوة سياسية ذات شأن في العراق. ان اي شخصية تقدمية تخصص نفسها لحق من الحقوق المعروفة في المجتمع سوف يكون لها تاثيرا ايجابيا على المجتمع اكثر من الحزب الشيوعي العراقي المشغول بالالعاب السياسية والتملق للرجعية بكل اشكالها.
وفي النهاية يجب ان اذكر بان الحزب الشيوعي العراقي لم يكن شاهدا على الجرائم الناتجة عن سياسات الاحتلال وحلفائه فحسب بل كان شريكا فيها. وقد برهن الوقت ان كل ما قاله وتوقعه الحزب الشيوعي العراقي بخصوص العراق كان خاطئا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة