الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى كمال سبتي ..احتفاء بهيبة الشعر

ابراهيم سبتي

2007 / 5 / 8
الادب والفن


الناصرية العراقية ، مدينة الالفة والمحبة والابداع ، احتفت بالشاعر العراقي كمال سبتي في ذكرى رحيله .. عام مر على رحيله وهو لم يرحل عنا .. قصائده وضحكته المدوية وصوته الصادح تدور بيننا ..
الشاعر الذي بحث عن حريته في ركام الخسارات التي مني بها بلده منذ ان تركه مرغما .. بلاده المضببة السنين والمظلمة المصير كانت .. فصار عليه ان يذكره ذلك الالم بكل جراحات محنتنا وبكل اخفاقات دولتنا !
الشاعر.. طفل مدلل وديع .. يقول ما لا يمكن لاحد آخر ان يقوله .. يحبو على جراحاته بصليل كلماته ..
كمال .. سليل الابهة الناصرية العتيقة البادئة منذ اول حروف الشعر والواصلة حد الافق السماوي للطيبة والخذلان في آن .. السائر في ازقتها حاملا دفاتر الوجد السومري الباذخ .. صار مع العابرين الى خلود الحرف وليس آخرهم في هذا الزمن البليد الرابض على ذاكرتنا ، نجتره كلما داهمتنا الحرب التي صارت قرينتنا .. الحروب عناوين لنا والحصارات بؤسنا الذي اوغل فينا معنى الاندحارات .. عاش في ربيع كلماته المقوصدة .. كلمات ظلت تتابع خطانا في كل عبور نحو الزمان الذي نريد .. كلمات هي عصارة منفى وقهر ومهاجر باردة في اصقاع الدنيا .. فلا مكان في البلاد كان يتسع لها رغم طول البلاد وعرضها .. المتقافزون على الكلمات والمتحايلون على الشعر و المقامرون في حب الحكام ، كانوا يقفون في الطابور كل صباح امام شباك الحاجب الذي يعطي ما يهبه الحاكم المبجل في قلعته .. والشعراء الفقراء رفقاء حصران المقاهي وصانعوا خبز الكلام ، كانوا يتكأون على عكازات لانهم عبثوا باقدامهم ولم يبيعوا كلماتهم ولم يعبثوا بمنجزهم .. وآخرون هاموا في غربة موحشة في ارض الله ليبقوا على هيبة الشعر ..
البلاد .. ما كانت سوى نجمة في ليل الشاعر ينظر اليها كلما تذكر قصيدته ..
المنافي .. جرح آخر اضيف الى ارث الشاعر المتجدد .. ثمة من يكسر حاجز الغربة باهمالها .. ولكن كمال جمع انين الغربة ووجع البلاد فكان ان ترجل من فرسه مبكرا في اوج عطاياه في الشعر .. فهو يقول :
(بريدٌ عاجِلٌ لي ، وآخَرُ للموتى.
هذا تعريفٌ بي ، كلماتٌ أنسبُها لنفسي ، بعدَ الهربِ من البلاد. وهي لي ، عرفتُها قبلَكَ ، قبلَ أنْ أحملَ مخطوطتَكَ معي.
لم أشأْ مخاطبتَكَ قبلاً ، وما أنا بمخاطبكَ الآن.
اسمعْ : أنتَ لستَ بطلاً أو شهيداً.. ربما كنتهما معاً، لكنكَ لستهما.
مثلكَ مثلُ منْ أبقيتُهم ندامى الشارعِ المسوَّرِ والحديقةِ الخربة. وإنْ سألتَ : لماذا ؟ فلأنّكَ كنتَ تأخذُ على الشعراءِ خديعة البطولات ، ولأنّكَ كنتَ تقولُ: الشاعرُ مؤنثٌ كالوردة.
فدعْ ما للشعراءِ للشعراءِ ، ولا تتدخّلْ في تاريخِهم. لكَ تاريخُكَ الروحيُّ الذي يجمعُ ما يبدو نقائض. اِبقَ فيه، لا تغادرْهُ . لا تغادرْ تلكَ القبيلةَ من الفلاسفةِ والمتصوّفةِ والشعراءِ المصلوبينَ والقادةِ المسمومينَ والمساقينَ إلى الحربِ ، الذينَ لا تصلُ أخبارُهم تماماً كالبلادِ في المنفى. )

في امسية الناصرية .. كان كمال حاضرا لم يغب .. صورته الكبيرة المضيئة ، ينظر الى الحضور وثمة ابتسامة خفية والم غائر قرأناه في عينيه ..
الشعراء قرأوا وكمال ينظر اليهم مبتسما ..
الحشد الطيب في القاعة المكتظة تبادل نظرات المحبة والاسى مع الصورة المضيئة ..
الشعراء الذين لم يقرأوا ، زعلوا على الوقت ولكنهم كانوا يوزعزن قصائدهم وكأني ارى كمالا يشكرهم واسمعه يناديهم .. اخوتي عامي القادم لكم صدارة القول .. فلا تذهبوا وانتم حزانى ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع